بوتين لا يلعب شطرنج مع بايدن.. إنه يلعب جودو!

 


 

 

* تحاول أمريكا والدول الغربية ضم أوكرانيا، المتاخمة لحدود الاتحاد الفدرالي الروسي، لحلف شمال الأطلنطي (الناتو).. وهذا يعني اقتراب الحلف من حدود روسيا الغربية ونصب الصواريخ الباليستية على أعتابها، علاوة على إحياء مفاعل تشيرنوبل الأوكراني لإنتاج القنابل الذرية..

* وخلفية الرئيس الروسي، بوتين، كضابط عظيم سابق في الاستخبارات السوفيتية، تكشف له ما تنويه أمريكا من وراء انضمام أوكرانيا للناتو، والتهديد المباشر لوجود روسيا الفدرالية إذا تم ذلك..

* ولأنه، رجل استخبارات ذو باع طويل في الاستراتيجيات العسكرية، فقد أجرى حساب ربحٍ خسارة أوصله إلى أن الحرب المباشرة ضد أوكرانيا هو السبيل الوحيد لإبعاد حلف الناتو عن احتواء روسيا من حدودها الغربية، وأن الخسارة التي تنتج عن الحرب، مهما كبرت، سوف تكون أكبر، إذا لم يحارب..

* تقول مادلين اولبرايت، وزيرة الخارجية الأميركية الأسبق:-
" رسم السيد بوتين مساره بالتخلي عن التطور الديمقراطي في كتاب قواعد اللعبة الذي وضعه ستالين. لقد جمع القوة السياسية والاقتصادية لنفسه.. بينما كان يدفع لإعادة تأسيس مجال الهيمنة الروسية عبر أجزاء من الاتحاد السوفيتي السابق."..

* وتقول مادلين:-
" يعتقد أن الولايات المتحدة تهيمن على منطقتها بالقوة ، فإنه يعتقد أن لروسيا نفس الحق."..
وأن بوتين إلى حسَّن سمعة بلاده الدولية ، ووسع قوتيها العسكرية والاقتصادية.. وأنه يسعى لإضعاف حلف الناتو ، وتقسيم أوروبا بدق إسفين بينها وبين الولايات المتحدة..

* وأجمل تعبير قالته مادلين عن ما يجري في أوكرانيا حالياً هو أن على أمريكا و الدول الغربية أن تعلم أن ما اختاره بوتين للمنافسة بينها وبينه ليست لعبة الشطرنج، بل اختار لعبة الجودو..

* وتبعاً لما قالته مادلين ألبرايت، فإن بوتين يقاتل أوكرانيا بقواثه المدربة تدريباً عالياً.. لكن بايدن يلعب سياسة واقتصاد، متوعداً بوتين بالويل والثبور وعظائم العقوباتٍ المدمرة للاقتصاد الروسي..

* وقبل خوض الحرب، أعد بوتين عدته لمواجهة أي عقوبات يفرضها بايدن ورهطه الاوروبيين.. وفي علمه أن أمريكا والاوروبيين لن يجرأوا على محاربته بالسلاح طالما في يده الرادع النووي الكفيل بمحو أوروبا كلها من الوجود.. وفي علمه أن العقوبات الاقتصادية ستضيره، بالتأكيد، لكنها، من المؤكد، أن تضير الأوروبيين أيضاً.. و" إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ..."
* ويتحدثون عن حرمان البنوك الروسية من التعامل مع نظام المدفوعات الدولي (سويفت SWIFT).. لكن روسيا تحسبت، سلفاً، لهذا المنع وذلك بانتقال البنك المركزيي الروسي من نظام SWIFT إلى نظام يعادله أسمته SPFS، منذ عام 2014.. وأنشأت شبكة إنترنت خاصة بها، باسم Runet لتنفصل عن شبكة الإنترنت التي تسيطر عليها أمريكا، وتتعامل حوالي 400 مؤسسة مالية مع نظام SPFS اليوم..

* ليس ذلك فحسب، بل، وإعداداً لغير المنظور من العقوبات، توجهت روسيا شرقاً إلى الصين، حيث تستخدم بعض البنوك الروسية الآن نظام المدفوعات الدولي الصيني (CIPS، وهو نظام معادل لنظام SWIFT، وبذلك، قصدت روسيا تعزيز التجارة الثنائية بين الدولتين..

* المؤكد، قطعاً، أن الاقتصاد الروسي سوف يصاب بمواجع اقتصادية كبيرة.. لكن بوتين توجه بعلاقاته الاقتصادية شرقاً، نحو الصين ودول آسيوية أخرى، منذ فترة، تحسباً لما تكره أمريكا والدول الغربية ضد روسيا..

* وروسيا اليوم عضوة في منظمة شنغهاي للتعاون، وتتألف المنظمة من ثمانِ دول، منها الصين والهند... وأربعة دول مراقبة وهي أفغانستان، وإيران، وبيلاروس، ومنغوليا.. وستة دول تسمى ”شركاء حوار“ وهي أرمينيا، وأذربيجان، وتركيا، وسريلانكا، وكمبوديا، ونيبال..

* وتنتمي، كذلك، لمنظمة (أسيان-باسيفيك)، وتضم الدول الآسيوية المشاطئة للمحيط الباسيفيكي..

* كما وأنها عضوة في مجموعة بريكس BRICS التي تضم أكبر خمسة دول ناشئة، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا..

* إن العقوبات الأمريكية تضيق من حجم سطوتها على العالم ونفتح المجال للصين وروسيا، كما حدث عندما عاقبت السودان وسحبت شركاتها منه، فارتمى في حضن الصين وروسيا..

* وحالياً، يحتل الذهب السوداني المنهوب جزءاً من الاحتياطي المركزي في البنك المركزي الروسي، حيث شرع البنك في التخلص من الدولار الأمريكي، والاستعاضة عنه بالذهب والعملات الصعبة الأخرى..

___________________

حاشية:-
- من يتوقعون قرب انكسار الاتحاد الفدرال الروسي واهمون.. فقد قاومت إيران أقصى ما استطاعت أمريكا فرضه من عقوبات عليها، بما في ذلك منع بنوكها من التعامل مع منظومة سويفت SWIFT، مع حرمانها من تصدير نفطها، بينما لم تبلغ العقوبات ضد روسيا حدود منع تصدير نفطها أو غازها إلى أوروبا.. بل ولم يتم منع بنوكها من التعامل مع سويفت إلا منعاً جزئياً..

* ولستُ في حاجة لأقول أن روسيا أغنى من إيران اقتصادياً وأقوى منها، عسكرياً.. ولا أن أقول أنني أتفهم موقف بوتين، لكن بتحفظ!..

osmanabuasad@gmail.com
//////////////////////////

 

آراء