ترحيل الجنوبيين!!

 


 

 


وفقاً لخطط حكومية، وضعت سلفاً، سيحل أبريل المقبل موعداً لترحيل الجنوبيين الباقيين بالشمال إلى الجنوب(قسرًا)، فكلمة ترحيل في قانون العلاقات الدولية تعني ذلك أي أن تقوم الدولة المعنية بترحيل رعايا دولة أخرى إلى دولتهم دون النظر أو اعتبار رغبتهم في البقاء أو المغادرة، ففي تقديري أن ترحيلهم جماعياً سواء بالطائرات إلى مدن الجنوب المختلفة أو عبر البواخر النيلية أو براً في تقديري أنه لا يخدم مستقبل علاقات ودية بين الشمال والجنوب.. هذا في حال إذا أردنا بناء علاقة طيبة بين الدولتين، فوجود الجنوبيين بالشمال وإصرارهم على البقاء دليل على ثقتهم في ثقافة وعادات وتقاليد أهلهم في السودان، فطرد إنسان يريد البقاء معك والعيش معك وفي كنفك لأمر محزن و خطير.. فالسؤال هنا ما الفائدة المثمرة من ترحيلهم، اللهم إلا إذا كان بدوافع سياسية ولا أظن أنها مدروسة بعناية وتركيز جيد، فالحسابات السياسية الصحيحة حسب وجهة نظري تقول: يجب إبقائهم لا طردهم جماعياً ..! فالجنوب هو مجالنا الحيوي بل هو جزء أساسي من جسد السودان فأية قلاقل أو إضرابات تهزه لا محالة تؤثر مباشرة علينا، فخيره وشره هو خير وشر للسودان فطرد هؤلاء الأخوة لا يبذر إلا مزيداً من الكراهية ويباعد بين الشعبين وينسف جسور المودة التي يجب أن تمد وتصان بالتواصل الاجتماعي والشعبي وليس بقطعها بطرد أناس لا ناقة لهم ولا بعير في سوق السياسية فهذا النهج من التعامل ينفر ويفتح باب السخط على السودان وأهله فمن يطرد من بلد ما خاصة إذا ولد فيها وكانت يوماً ما تشكل وما تزال جزءاً من وجدانه لا أظنه سيورث أحفاده أو أبناءه مشاعر إيجابية تجاهنا في السودان لأنه فقط سيقول لهم (طرودوني) دون ذنب أو تهمة فقط اتهموني بأني جنوبي ولا يحق أو استحق البقاء بينهم..! وتبرير كهذا وحده كاف لهدم أي مستقبل ودود بين شعبين ...!
فسياستنا نحو الجنوب، ينبغي أن تكون احتوائية قائمة على إرساء دعائم الأخوة وتغليب مصلحة شعبي البلدين.
نعم لا نختلف مع السلطات المختصة في ضرورة تنظيم وتقنين الوجود الأجنبي لأن المسألة جزء أصيل من هيبة الدولة ولكنكم قد لا تختلفون معي بأن إخوتنا الجنوبيين ليسوا كالأجانب الآخرين فهم رغم الانفصال إلا إنهم كانوا أخوة لنا وما زالوا كذلك فمن مصحتنا الإستراتيجية أن نحضن الجنوبيين لأننا إذا لم نفعل ذلك وقمنا بطردهم نكون قد دفعنا بهم إلى صدر الآخرين وعندما تحتويهم  تلك الصدور نطلق الصراخ بأنهم ارتموا في أحضان الأعداء.
M. Sharafeldin [msharafadin@hotmail.com]

 

آراء