تنظيم الدولة الإســلامية: المرتكزات الفقهية والحــال والمآل .. بقلم صــلاح محمد علي
قــراءة في كتاب عبد الله حمد الأزرق: داعش
بقلم صــلاح محمد علي
بســـم الله الرحمن الرحيم
هذه قراءة عجلى لكتاب السفير عبد الله حمد الأزرق بعنوان " داعش –إدارة التوحش " الذي صدر قبل أيام الذي تناول فيه المرتكزات الفقهية و الفكرية التي يستند عليها تنظيم الدو لة الإسلامية في سوريا و العراق في عمله و الأسباب التأريخية و الأيدلوجية التي ساهمت في قيام التنظيم .
يحمد للأخ الأزرق أنه بذل جهداً كبيراً في تجميع مادة الكتاب كما حاول قصارى جهده أن يتناول هذا الموضوع المثير للجدل بصورة متوازنة و موضوعية و يعطي للتنظيم ما له من مدح و ما عليه من قدح خاصة فيما يتعلق بالفتيا الفقهية التي يستند عليها في تبرير أعماله التي توصف من قبل كثير من المسلمين - و من عدد من الحركات الجهادية الأخرى - بالعنف و التطرف .( أنظر مثلاً باب داعش و العلمـاء ) .
الكتاب غني بالمعلومات الهامة عن تنظيم الدولة التي قلّ أن تتوفر في كتاب واحد و قد جمعها الأزرق - كما أشار – إما من مصادرها الأولية أو من مصادر أخرى تتمتع بالمصداقية حسب تقديره . أما لغة الكتاب فقد جاءت رصينة مباشرة و خالية من الحشو و التقعر .
في الفصل الخامس ( داعش و الغرب ) يتعرض الكتاب لجذور الكراهية المتبادلة – الحقيقية و المتصورة - بين الإسلام و الغرب و المواجد التأريخية للمسلمين على الغرب بدءاً من الحروب الصليبية مروراً بحروب العثمانيين مع أوربا و بغزو نابليون لمصر و الاستعمار الأوربي لبلاد المسلمين في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر التي كان من نتائجها نشؤ الحركات الإسلامية الجهادية المختلفة .
في الفصل الرابع المعنون ( الحياة في ظل الدولة ) يحاول الكتاب أن يعكس طبيعة الدولة و طريقة عملها في المناطق التي تسيطر عليها بطريقة محايدة استناداً على مشاهدات و انطباعات عدد من الصحفيين و المراسلين الغربيين . وفي تقديري إن لم يحو هذا الكتاب – في هذا السياق - سوى شهادة القاضي و النائب البرلماني الألماني يورقن تودنهوفر ( 74 عاماً ) عن الحياة في ظل الدولة الإسلامية بعد زيارته للأراضي التي تحت سيطرتها خلال شهر ديسمبر 2014 م لكان جديراً بالإقتناء و القراءة لأنها شهادة جامعة مانعة تتصف بالصدق و الموضوعية من شخصية غربية من الوزن الثقيل .
يستفاد من المقدمة التي كتبها البروفيسور حسن حاج علي الأزرق عميد كلية الإقتصاد بجامعة الخرطوم للكتاب أن السفير الأزرق قد كتب معظم أجزائه و هو على سرير المرض . فقد ذكر البروف : " رب ضارة نافعة فلولا المرض الذي ألزم السفير الأزرق السرير لشهور لما ظفرنا بهذا الكتاب الممتع الذي يتناول موضوعاً و قضية حاضرة و شائكة . "
و كما قال أحد الخواجات الذي راح عليّ اسمه -:
" Life is too short to be wasted in reading bad books ! "
و الحمد لله فإن هذا الكتاب في تقديري ليس واحداً من تلك الكتب السيئة .
هنيئاً للأخ الأزرق هذا الكتاب المميز الذي جاء في موعده تماماً ليلقي الضوء على حركة جهادية مثيرة للجدل مع أمنياتي الطيبة له بتمام الصحة و العافية و دوام التوفيق – و هنيئاً للمكتبة السودانية بهذا السفر القيّم .
خاتمة :
أعلم أن بعض الإخوة من ( الدبلوماسيين التقليديين ) سيغضبون لتقريظي كتاب الأزرق على خلفية كلماته غير المنصفة و غير الودودة التي قالها عنهم في لقاء صحفي معه أيام كان وكيلاً للخارجية قبل شهور . ردي على هؤلاء الإخوة أنني أتمثل بالهدي القرآني :
{ يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ، ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألاّ تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ، واتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون } المائدة ( 8 )
abasalah45@gmail.com