جامعة حرة ومستقلة أو لا جامعة

 


 

 

بشفافية -
رفضاً واستنكاراً لقرارات البرهان الانقلابية التي تعدت على حرمة الجامعات وحريتها واستقلاليتها، والتي قضت باعفاء مدراء ثلاثين جامعة حكومية وتعيين بدلاء عنهم، نفذ أساتذة الجامعات الحكومية وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، باعتبار تلك القرارات تدخلا في استقلالية الجامعات ومحاولات لكسر شوكة الاساتذة.. وبالفعل كانت تلك القرارات الانقلابية الكارثية، تعد انتهاكا صريحا لاستقلال الجامعات الذي يعتبر حجر الزاوية في نمو وتطور الجامعات وزيادة دورها في النهوض بالمجتمع وتطوره، ومن أهم ركائز هذا الاستقلال هو الاستقلال الاداري والفكري والمالي أيضا، فالجامعات العريقة في كل العالم تفاخر باستقلالها وبالحرية الأكاديمية التي يتمتع بها ليس فقط أعضاء هيئة التدريس بل جميع من يعمل في هذه الجامعات وينتسب اليها،
ولكن للفجيعة بدلا من ان تمضي الجامعات السودانية حثيثا بعد الثورة باتجاه اكتساب حريتها واستقلاليتها الكاملة، وذلك بإعادة النظر في التشريعات الجامعية وتطويرها بحيث يتم وضع قواعد قانونية واضحة تضمن هذا الاستقلال، وتؤدي إلى إطلاق الحرية في التدريس المبدع وحرية البحث العلمي في جو خال من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، اضافة الى وضع معايير موضوعية تعتمد على الكفاءة والخبرة في اختيار القيادات الجامعية ورئيس الجامعة ونوابه وعمداء الكليات وذلك للقضاء على الآفة التي تعصف بالجامعات سواء تمثلت في التدخلات والتغولات السلطوية أو الواسطة والمحسوبية والتي تؤدي إلى ترهل الإدارات الجامعية وتخلق مناخ أكاديمي غير ملائم للنمو المعرفي المبدع وقتل روح الإبداع والانتماء لدى أصحاب الكفاءات، وبامتلاك الجامعات لحريتها واستقلاليتها فان ذلك يدفعها بقوة نحو التميز وتحمل مسؤولية جودة مخرجات التعليم أمام الجميع من خلال دفعها إلى تحديث برامجها وتجديد خططها وتفعليها بما يلبي حاجات مجتمعها ويحقق متطلبات التنمية فيها لتكون قادرة على المنافسة العلمية والفكرية المبدعة في عالم تحكمه المستجدات العلمية والتقنية والمعلوماتية والأفكار المبدعة، نقول بدلا من ان تمضي الجامعات في طريق التحرير والاستقلال ويتم تمكينها لانجاز ذلك، اذا بقرارات البرهان تقطع عليها الطريق وتعيدها الى بيت الطاعة السلطوي كحالها في العهد البائد..
لقد عجبت من لا مبدئية ومكيافيلية الكيزان واشباههم من المتكوزنين الذين هم اشد خطرا منهم (الكوز ولا المتكوزن)، اذ قبلوا بهذا التعدي الذي وقع على حرية الجامعات واستقلالها بل عملوا على تكريسه، ومصدر عجبي ان مخيلتي مازالت تختزن صورة أحد قيادات الكيزان الطلابية بجامعة الخرطوم وأحد خطبائهم المفوهين خلال فترة الثمانينيات، كنا طلابا وقتها وكانت العداوة على أشدها بين كل شرائح الطلاب على مختلف توجهاتهم وإتجاهاتهم وليس فقط الكيزان، وبين النظام المايوي، ففي إحدى المخاطبات العامة التي رتبها الطلاب الكيزان بالجامعة وجمعوا لها وحشدوا واحتشدوا في أجواء أصلا كانت محتشدة بالحماس ومشتعلة بالغضب على النظام خاصة بعد محاولته اقتحام حرم الجامعة واستمرار التحرش بطلابها، والخطيب المفوه يزيدهم حماسا واشتعالا بعباراته النارية التي كان يطلقها كالحمم فترتفع معها حمى التكبيرات والهتافات تشق عنان السماء (جامعة حرة أولا جامعة)، والخطيب يرغي ويزبد ويرعد ويهوم بهم ويطوف وينتقل من قضية الى أخرى ويزداد إزباده وإرعاده بمتوالية هندسية كلما علا هتاف أو شق تكبير عنان السماء، إلى أن قال الجامعة بدخلوها بالبوكسنق ما بالكاكي والدبابات، واضاف والله لو إمتد اصبع إلى داخل أسوار الجامعة لبترناه، ثم زاد وكان الهياج قد إزداد، ولو حاول فلان الفلاني من القيادات الشبابية بحزب مايو الحاكم ذكره بالاسم، المجيء إلى هنا لانتزعنا شاربه ونتفناه شعرة شعرة..ولكن لا عجب فهؤلاء هم الكيزان يلبسون لكل حالة لبوسها..
الجريدة
//////////////////////////////

 

آراء