جدلية الثورة والثقافة

 


 

 

العلاقة بين الثورة والثقافة علاقة جدلية، كلاهما يكمل الآخر، لذلك ليس من اليسير الفصل بين المفهومين.
الثورة بلا ثقافة تصبح ضرب من الهمجية والعشوائية، كما أن الثقافة بلا الثورة في واقع متعفن راكد في براثن الإستبداد والفساد تبقى مجردة فانتازيا، أو ثرثرة فارغة لا قيمة لها.
تندلع الثورة عندما تنسد أبواب الحياة أمام الشعب في الحصول على حقوقه وحاجاته الأساسية.
لكن الثورات التي تنطلق بلا أفق ثقافي سرعان تخمد أو تضل الطريق إلى غايتها الأساسية بعد إسقاط النظام الذي ثارت عليه.
خير مثال على ذلك مصير ثورات الربيع العربي، التي تم إحتواء أغلبها من قوى الردة في الداخل، وأعداء الثورات العربية في المحيط الإقليمي والدولي بالدولار أو بالسلاح.

بينما الثورة السودانية، التي تعرضت لذات التحديات والمخاطر التي واجهت رصيفاتها الأخريات في المنطقة العربية، لكنها ما زالت تقاوم بحماس ثوري قوي، وأفق ثقافي نشط مدرك لتعقيدات المشهد السياسي الداخلي، وتداخلاته الإقليمية والدولية التي تعمل على فرملة عجلة الثورة عبر توظيف الحالة الراهنة بكل تجلياتها لصالح مشروع الترويض الذي حدث مع الثورات العربية في كلا من تونس ومصر وليبيا سوريا واليمن.

لكن الثورة السودانية كانت وما زالت عصية على مخططات التطويع والتركيع، لأنها أكثر تنظيماً ووعياً وإستنارة، في مقابل مشروع الإنقلابيين القائم على التخريب والخيانة والعمالة بغرض أجهاض مشروع الثورة الساعي لبناء دولة القانون والمؤسسات التي ستضع حداً للتدخل الخارجي الذي ظل ينهب في ثروات البلد في ظل واقع لا دولة الذي تسيطر فيه عصابات المال والسلاح والقوة الغاشمة العميلة.!

جدلية الثورة والثقافة عبرت عن عبقرية الثورة السودانية التي تتعامل مع الواقع بكل تجلياته السالبة بعقل ذكي مدرك للعلاقة الخفية بين مشروعي التقويض والترويض.

ومن هنا جاءت، لاءاتها الثلاث:
لا تفاوض لا شراكة لا مساومة.
بناءاً على وعي ثوري متقدم، بمكر وعمالة الإنقلابيين وقوى الردة، ومن خلفها الأجندة الخفية لأصحاب مشاريع ترويض الشعوب.

Eltayeb_Hamdan@hotmail.com
///////////////////////

 

آراء