جمال بن خلدون

 


 

 

 

عابر سبيل

فى زيارتى الاخيره للخرطوم واثناء تجوالى فى المكتبات كالعاده كلما جئت لزيارة بلدى اقوم بجولة فيها لاقتناء ثمرات المطابع ومن ضمن ما اشتريته كتاب ( عابر سبيل – مذكرات – جمال عبد الملك ( ابن خلدون ) وهو يقع فى فى مائة وسبعة وتسعون صفحة من القطع المتوسط مع صورة المؤلف على صفحة الغلاف وهو من منشورات دار عزة للنشر والتوزيع الحقيقيه فأن جيلنا قد استمتع بكتابات الرجل فى الصحف اليوميه ومؤلفاته وقصصه وهو ايضا مترجم بارع وقد عاش حياة قلقله ولم يكمل دراسة الطب حيث شغلته السياسه والكتابه واعتقل عدة مرات فى مصر وهو قبطى مصرى التزم بالفكر الماركسى والتجأ الى السودان هربا من المضايقات السياسيه من الامن وكان ذلك قبل استقلال السودان بعام .
تقلب الرجل فى السودان فى مختلف المهن المرتبطه بالكتابه كصحفى وفى دار جامعة الخرطوم للنشر وتقديم بعض البرامج التحليليه للاخبار العالميه فى التلفزيون ومحاضر فى الجامعات والكليه الحربيه وله مؤلفات فى الاستراتيجيه العسكريه ثم هاجر الى ليبيا حيث تزوج هناك وانجب ولد وبنت وتوفى الولد لاحقا فى سن الشباب فى السودان اما البنت فقد هاجرت وبعد عودته للسودان والاستقرار لفترة ومع مجى الانقاذ والمضايقات هاجر مرة اخرى الى لندن وانتهى الكتاب هنا وتوفى بلندن فى السابع والعشرون من فبراير 2001 .
الكتاي مشوق جدا فى سرده ويحكى فترة الاحزاب والانقلابات العسكريه فى مصر والسودان ولم يحاول ان يخلق لنفسه بطولات او يسىء الى شخص ظلمه او لم يكن على وفاق معه . ولفت نظرى انه لم يوضح كيفية حصوله على الجنسيه السودانيه .
بالنسبه لى فهناك علاقه خاصة ربطتنى به ، اذكر قد حضرت ندوه كانت مخصصه لمناقشة احد رواياته وكان من ضمن المتحدثين الدكتور ( مختار عجوبه ) والذى كان ذائع الصيت فى الثمانينات وله بحث فى القصة القصيره فى السودان ورواية ( عندما يهتز جبل البركل ) وغيرها وقد قسى دكتور ( مختار ) على المؤلف واشار الى ان المؤلف متاثر بجذوره المصريه مما اثار غضب ابن خلدون وكاد يفسد الندوه ، واسم ابن خلدون اطلقه عليه الروائى عثمان نور عندما كان يريد الكتابه فى مجلة القصة باسم مستعار . اما معرفتى بالرجل فقد توطدت بعد الانتفاضه حيث كنت عضوا فى لجنة الحزب الاشتراكى الديمقراطى وكان هو الاب الروحى للحزب ومفكره واصدر عددا من المقالات الهامة فى صحيفة الحزب المسماة راية الشعب وكانت توزع على عدد محدود وتطبع بالرونيو هذا وقد حضرنا اجتماعات لعدة احزاب يساريه صغيره لوضع برنامج سياسى بعيدا من الحزب الشيوعى الذى نادى رئيسه نقد
بفرز الالوان اى عدم التعاون مع الاحزاب الاشتراكيه الاخرى . وقد عقدنا الاجتماع الذى نادى به الرفيق ( طه ميرغنى ) عن الحزب الناصرى فى دار الحزب الناصرى ويقع بعد حديقة القرشى وحضره حزب البعث الاشتراكى جناح سوريا ومثله الرفيق ( التجانى ) والشاذلى ابو الحسن عن حزب العمل واحزاب اخرى لا اتذكرها بالاضافه للاحزاب الجنوبيه ومنهم حزب ( لام اكول ) الاستاذ بجامعة الخرطوم كلية الهندسه وذلك قبل شهور من دخوله الغابه ودكتور ( بيتر ) وغيرهم المهم ان ابن خلدون رفض التوقيع على بيان باسم المجموعه فيه تأييد ( لقرنق ) وقال انه لا يوقع على شيك على بياض مما تسبب فى انسحابنا من تلك المجموعه باكرا
الكتاب زاخر بالذكريات والمغامرات لرجل استثنائى عاش حياته لافكاره وقدم الكثير لمجتمعه فى شمال الوادى وجنوبه والكتاب يستحق الاطلاع .

esmaturabi@yahoo.com

 

آراء