حتي أطفالنا يسألون: متي يعود حمدوك؟

 


 

 

==========
سألني حفيدي (باسل) ذو العشر سنوات ،ببراءته الطفولية، وهو يشاهد علي احدي القنوات السودانية، أناسا ،غبر الوجوه، يتحاورون ،وقد علت أصواتهم، وتداخلت واختلطت لهجاتهم، ويتطاير الشرر من أعينهم قبل افواههم، قائلا: جدو...متي يعود حمدوك؟ وكأنه قد أجري مقارنة ذهنية سريعة بين ما كان ويتأدب به حمدوك من قول ولقاءات عبر حواراته التلفزيونية، علي قلتها، وهؤلاء أصحاب الرؤوس الخاوية الذين يطلون علينا كل يوم وآخر في أحاديث وحوارات سفسطائية مملة وبعيدة تماما عن لب وجوهر المشكلة السودانية.
والطبع، لا أملك لك ،يا صغيري، جوابا..ولكن سؤالك لك مؤشرات تدل علي أن حتي أطفالنا، وهم مولودون ويعيشون خارج الوطن،أصبحوا يدركون ويتألمون لمحنة الوطن الأم.
ثم فاجأني بسؤال آخر، هل هؤلاء الناس من السودان؟ واذا كانوا كذلك،فلماذا يكرهونه ويتكلمون عنه بتلك السخرية واللامبالاة؟
وبطبيعة الحال، بدأت افكر في السؤال الأهم..وأقول: ولماذا لا يعود حمدوك...فقد ضاع الوطن وتاه ، عاد بنا الزمن إلى العصور الوسطي التي عاشتها أوروبا في القرن الخامس وحتي الخامس عشر الميلادي ...قرون مظلمة ومتواصلة حتي جاءها الخلاص بعودة الوعي والاشراق مع تباشير عصر النهضة...وثورة ديسمبر المجيدة وشبابها ( ثورة وعي) ولن تهزمها جحافل الظلام والايدي الشريرة وأولهم الحركات المسلحة ،التي اتضح بما لا يدع مجالا للشك، أنها ( عصابات) مسلحة ليست لها قضايا وطنية تحارب من أجلها.
عودة حمدوك لقيادة الدولة السودانية الحديثة ،ليست بالصعبة أو المستحيلة لو في قلوبنا رأفة او شفقة ومحنة بهذا الوطن الجريح..ولن تجد هذا الشعور والاحساس بالمسؤولية ، لا في هذه الحركات المسلحة ( المتوحشة) ولا في فلول الاحزاب البائدة.. بل وحدها القوات المسلحة النظامية..ولجان المقاومة الباسلةوقوي الثورة المعروفة،اذا تصافت النفوس ، فهي الوحيدة القادرة للقيام بهذا الدور ، حتي تستطيع بالتوافق دعوة حمدوك بالعودة واستلام السلطة المدنية كاملة الدسم والصلاحيات بالضمانات الإقليمية والدولية واعادة تشكيل مجلس السيادة بالتوافق بين هذه الكيانات باعتبار الشراكة التي ساعدت علي نجاح الثورة.
فإذا حدث ذلك الوفاق الوطني ،فلتعد كل الحركات المسلحة( مع نزع سلاحها) من حيث أتت، إن أرادت العودة،او الانخراط في الحياة السياسية المدنية المقبلة ،التي يتم الاعداد لها وتشكيل ملامحها خلال الفترة الانتقالية.
ويبقي سؤال جوهري..وهو لماذا لابد من استيعاب أفراد الحركات المسلحة في بنية القوات المسلحة النظامية؟ فقد كانوا يحاربون نظاما وفقا لأهدافهم.. والآن ذهب النظام وانتهت المهمة شأنهم شأن كل ( الثوار) الآخرين ، فلماذا الاصرار علي استمرار ( الصفة) و( التوصيف) العسكري التي اكتسبوها خلال حرب العصابات التي خاضوها؟
ويبقي السؤال قائما.. متي يرجع حمدوك؟ اعتقد الإجابة عندي القوي الوطنية المخلصة لو أرادوا بالسودان خيرا ..عندها لن يتردد القائد الوطني حمدوك من تلبية نداء الوطن ...
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@ hotmail.com

 

آراء