حرب داحس والغبراء، بل هى حرب الفجار

 


 

محمد فائق
16 July, 2023

 

يمثل اليوم ١٥ يوليو ٢٠٢٣ نهاية الشهر الثالث وبداية الشهر الرابع لحرب داحس والغبراء،بل هى حرب الفجار، السودانية وليس فى الافق ما ينبىء بتوقفها او انتهائها بانتصار احد طرفيها انتصارا ساحقا.
لم يعد الحديث عمن بدأ الحرب مجديا ولا عاد الجدال بين اناس لا للحرب والبلابسة مجديا.ولم يعد للبيانات التى يصدرها الطرفان اى معنى ولم تعد ادعاءاتهما بتحقيق انتصارات هنا او هناك تثير فينا شيئا. ولم نعد نتابع الصور والفيديوهات التى يصدرها انصار الطرفين عن الجغم والبل،بل لم نعد نتابع اخبار الجزيرة والحدث. فما نشاهده باعيننا ابلغ كثيرا من كل هذا.
لقد هاجر من هاجر وانتهكت حرمات المواطنين واستلبت بيوتهم واموالهم بل ولقى الكثيرون حتفهم اما بدوشكات الدعم السريع او صواريخ طيران الجيش لا فرق.
لقد خرجت الحرب من سيطرة الذين يديرونها فالحرب خلقت ايقاعها الخاص واصبحت كحرائق الغابات كل شرارة يطيرها الهواء تتحول الى حريق جديد.
المواطن المغلوب على امره لم يعد يفكر فى الحرب من ايا من هذه الزوايا،هو اصبح مشغولا عنها فى محاولة استمرار حياته وتوفير لقمة عيش لاسرته بعد ان انقطعت سبل كسبه وتحول البعض من لاجىء الى شحاذ يسأل الناس اعطوه او منعوه.الاطفال الذين خرجو مع اسرهم الى اماكن اخرى كانو يظنون انهم فى اجازة او فى زيارة لاقاربهم التقطوا الحديث عن الحرب والان اصبحوا يتسألون عن موعد.عودتهم الى منازلهم والبعض يستفسر ما اذا كان منزلهم قد تم تكسيره ويسألون عن مصير لعبهم التى تركوها خلفهم بعد ان طمأنهم الاهل انها فقط ايام وسوف يعودون.

ولا يظنن احد ان انصراف الناس هذا هو مدعاة للتجاوز عن الجرائم التى ارتكبت فى حقنا وحق بلادنا او العفو عن مرتكبيها فيوم الحساب ات لا ريب.وعندها فسوف يعرف الشعب كيف يقتص من جلاديه.
والذين خططوا لهذه الحرب وأشعلوا نارها يعيشون فى مأمن هم واسرهم اما خارج البلاد او فى اماكن آمنة يصبون الزيت على النار ويدعوننا من هناك لحمل السلاح للدفاع عن اعراضنا وبيوتنا وكاننا لم نكن نعرف ان لنا اعراضا وان لنا بيوتا.من الذى اعطى الفرصة لاعراضنا ان تنتهك ولبيوتنا ان تستباح اليسو هم الذين اشعلوا هذه الحرب التى اصبحوا هم انفسهم يصفونها بالعبثية تارة وبان لا رابح فيها تارة اخرى.
فما المخرج الان
لا يبدو ان الذين على قمة قيادة الطرفين يعيان ما ساقانا اليه او ان حمية الجاهلية وعزة النفس تخالط افكارهما او انهما يرهنان قرارهما الى جهات لا تريد لهذه الحرب ان تتوقف وعليه فمن الواجب ابعاد هؤلاء القادة واسناد القيادة فى الطرفين لمن هم اكثر تعقلا واشفاقا على الوطن ومواطنيه.

يجب ان يذهب البرهان ولجنته الامنية ومجلس سيادته لانهم فشلوا فى ادارة الحرب وادارة الدولة ذلك دون ان ندخل فى محاكمات سوف يأتى اوانها وان يسلموا القيادة لضباط لاشك فى وطنيتهم وحيدتهم يستطيعون ان يديروا الامر بكفاءة وفى جانب الدعم السريع يجب ان تذهب قيادته ايضا لانهم فشلوا فى الوصول الى اهدافهم ان كان لهم اهداف اصلا، وتحولت قواتهم الى عصابات تروع المواطنين وتعتدى على بيوتهم وحرماتهم. ولن نصدق ابدا انهم سوف ياتوننا بديمقراطية فقد جربنا من قبل ذلك النوع من شعارات الديمقراطية الذى تضعه الدبابات فى مقدمتها وما تلبث ان تزيحه بمحرد وصولها الى القصر.
اما السياسيون من كل الاطياف الذين تصدروا المشهد بعد ثورة ديسمبر فنقول لهم، تنحو بلطف نحفظ لكم حسن نواياكم ولا تثريب عليكم فقد كان الامر اكبر منكم كثيرا والحمل اثقل مما تتحمله ظهوركم فلقد اضعتم من اعمارنا سنينا.
يكفينا انكم ستدخلون سجل جينيس للارقام القياسية انكم بعد ثمانية وستون عاما لم تنسوا شيئا ولم تتعلموا شيئا متجاوزين بذلك آل البوربون الذين يضرب بهم المثل.
وعلى القيادات الجديدة ان تجلس الى مائدة التفاوض واضعين نصب اعينهم ان الوطن يسع الجميع وانه لا بد من استعادة الحياة المدنية وان لا مكان بعد اليوم لسلطة يمسك بها العسكر فكل العسكر الى الثكنات ولابد من بناء جيش واحد بعقيدة جديدة اساسها ومحورها الوطن.
وهنا لا بأس من تقديم تنازلات هنا وهناك فعند التفاوض لا يمكنك ان تأخذ كل ما تريد.
كذلك لابد ان يشمل التفاوض ايقاف حرب الهوية التى تدور فى دارفور وان يستمع الى انسان دارفور الذى ظل يعانى لسنوات طويلة هذا اذا كان على الجانبين رجال يملكون الجرأة على اتخاذ مثل هذه القرارات.وفى هذ الشأن لابد من تنادى القيادات الاهلية والناشطون المجتمعيون من ابناء دارفور للتواثق على نبذ الحرب وتسوية الخلافات الجهوية والقبائلية.
ويجب ان تترك ادارة الدولة هذه المرة للتكنوقراط المتخصصين ذوى الخبرة والدراية والوطنية وان يكون واجب الحكومة التى تأتى ان تعيد بناء السودان ليس فقط ما دمرته الحرب بل قبل ذلك اعادة بناء الانسان السودانى بكل ما يعنيه ذلك من تفاصيل يدركها المختصون من اعادة النظر فى مناهج التعليم والتربية الوطنيةوالتوعية المجتمعية.
وعلى الاصدقاء والمسهلين ان يعينونا على ذلك بما لديهم من نفوذ سياسى على الاطراف والا فليتركونا فى حالنا.
واذا لم يتحقق ذلك فلتستعدوا للتدخل الخارجى كان من الامم المتحدة تحت فصلها السابع او من امريكا مباشرة، فامريكا عندما تقرر التدخل فهى تعد مصالحها فقط ولا يعنيها ارقام الفصول ستة او سبعة .فالعالم لن يقف متفرجا عليكم وانتم تدمرون انفسكم وبلدكم فى حرب سميتموها انتم اصحابها بالعبثية ثم تطالبونه بان ينشىء لكم صناديق التعويضات واعادة الاعمار.وليس ادل على اجماع العالم على ضرورة ايقاف هذه الحرب من تعدد الاجتماعات والمبادرات التى كان اخرها اجتماع دول الجوار فى القاهرة الذى ارسل رسالة الى المتحاربين مضمونها ان العالم وخاصة الجوار هم ايضا متضررون من حربكم هذه ولن يتركوكم تعبثون كالاطفال فتدمرون ما حولكم.

الا هل بلغت اللهم فأشهد.

١٥ يوليو ٢٠٢٣

 

آراء