حكم السكوت على ظلم الرعاة

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



يقول علماؤنا الأجلاء , السكوت على ظلم الرعاة يعد ذنبا  عظيما يستوجب عقوبة الله في الآخرة , والعقوبة العاجلة في الدنيا, قال تعالى  )): (( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا   ))  
صدق الله العظيم.
الحديث: 
" إذا رأى الناس الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك أن يعمهم الله بعقاب. "

الاستبداد في الحكم :
ما يجنى الحكام المتسلطون على شعوبهم ؟؟؟.... إن أقلّ ما يجنى هولاء الولاة الطغاة هو تحويل الشعب إلى اناس يسحبون من أمعائهم وشهواتهم , .. لا شخصية لهم : فلا يعارضون , ولا يقفون ضد ما يريده هولاء الطغاة , إذن فانه يتم بأمر هولاء المتسلطين وإصرارهم   , وبذلك فهم يسعون إلى تخريب المجتمع ,وتدمير الإنسان السليم , والقضاء علي شخصيته , وآدميته , وجعله أقرب إلى مطالب جسده , وإشباع شهواته البهيمية دون تحرز لحلال , أو حرام  ,وبالتالي لا يهم ما يجرى على الساحة من أمور سياسية , أو غيرها ولو كان فيها هلاكه , وذريته من بعده ,  لا اعتراض ولا احتجاج , ولكن تسليم واستسلام للذبح والموت كما يراد له  , )) ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام فإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتقى الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد   ((
صدق الله العظيم.

سئل ملك ما أذهب ملكك ؟؟ .. قال: " استبدادي برأيي واغفالى استشارتي  "وقال آخر : " لا تزال الرعية ذات سلطان واحد ما وصلوا إلى سلطانهم.. فإذا احتجب فهناك سلاطين كثيرة !!!! .. لأن الظالم إذا أمن ألاّ يصل المظلوم إلى السلطان ازداد ظلما  "  
وقالوا أيضا  :   " الملك يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم. "   
من علا مات صدق الإيمان المجاهرة بالحق:    إن من أعظم الكلمات الطيبة التي يرفع الله من أجلها عباده الصالحين هي:   " المجاهرة بكلمة الحق. " يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي رواه عنه أبو سعيد الخدرى رضي الله عنه:  " لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه. "  والسكوت عن الباطل يصدر عن ضعف النفس, ووهن الإرادة, وفساد الخلق, وفى هذا الصمت المريب تضيع الحقوق , ويخذل أصحابها , ويرتع الظالمون في ظلمات فسادهم ,  وغيهم وشهواتهم , وتسرى المفاسد والأعمال الضارة , والأقوال المزيفة , وعلامات النفاق تنفس سمومها الضارة في كيان المجتمع فتضعفه وتحطمه , الحديث:  " إن الناس إذا رأوا الظالم قلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده. "..
لا تعرف الحق بالرجال:  
يقول الإمام على كرم الله وجهه:  " لا تعرف الحق بالرجال أعرف الحق تعرف أهله. "   فالرجل مهما علا وارتفع ذكره بين الملأ فلا ينبقى أن يؤخذ كلامه وكأنه وحى منزل لايعتريه الباطل من بين يديه ولامن خلفه بل المسلم الحقيقي لابد أن يوزن كلام وأقوال وأفعال الرجال بميزان الشر ع , فيأخذ ما وافقه , ويدع ما كان غير ذلك : "  فلا معصوم غير المعصوم   "  وفى ذلك يقول الإمام أبى حامد الغزالي: " إن عادة ضعفاء العقول يعرفون الحق بالرجال لا الرجال بالحق, والعاقل يقتدي بقول أمير المؤمنين ( أعلاه ) ثم ينظر في نفس القول, فان كان حقا قبله سواء كان قائله: " مبطلا" أو " محقا " بل ربما يحرص على انتزاع الحق من أقاويل أهل الضلال عالما بأن معدن الذهب الرغام,...... ولا بأس على الصراف إن أدخل يده في كيس الغلاب وانتزع الإبريز الخالص من الزيف والبهرج, مهما كان واثقا من بصيرته فإنما يزجر عن معاملة الغلاب القروي دون الصيرفي البصير, ويمنع من ساحل البحر الأخرق دون السباح الحاذق , ويصد عن مس الحية الصبي دون المعزم البارع. "   

يقول المرحوم الشيخ محمد الغزالى (المصرى   :  
" أنا رجل درست الإسلام وراقبت حكمه في عصره الذهبي واستخلصت منه مبادىء لا أجد مناص من الوقوف إلى, جانبها وهى: عندما يقول الخليفة الأول: " ولّيت عليكم ولست بخيركم. ".... أو يقول: " إن رأئتم خيرا فأعينوني أو رأئتم شرا فقوموني. " .. أو يقول: " أطيعوني ما أطعت الله فيكم فان عصيته فلا طاعة لي عليكم. "... أو يقول:  " الضعيف فيكم قوى حتى آخذ الحق له, والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه. "..... فماذا أفهم من هذه الكلمات ؟؟؟؟ ... أفهم:-

* أفهم أن الحاكم في الإسلام يستمد سلطته منى.
* وأن الحاكم في الإسلام يجعلني رقيبا عليه.
* وأن الإسلام يمكني من محاسبته ومساءلته, .
* بل أنه يقول لي أنه إذا انحرف ليس له حق في الطاعة منى.
* وعليه يأتي التساؤل : لماذا ينكر أحد هذه المبادىء ؟؟؟؟.
* لماذا لا يقف المرء إلى جوارها ليجعل الحاكم يلتزم بها, فلا يقبل من أحد أن يقول: أنا صاحب القرار, أو أنا الدولة أو يكمم الأفواه ؟؟؟؟.
* لماذا لا نمنعه إذا نصر باطلا أو خذل حقا ؟؟؟؟.
* فإذا كان الإسلام ( كتاب وسنة ) وضع الأساس لقيام دولة حرة عادلة مستقيمة, فهل هناك مسوغ لترك هذه المبادىء, إذا قام أحدهم بالمتاجرة بها أو كان طالب منفعة في ظلّها. ؟؟؟؟؟
* المتاجر بالخير رجل مرائي ووزره على أم رأسه ,  أما الخير فيجب أن يبقى في الأرض وأن يكثر حوله الأنصار.
* قطع يد السارق أو جلد الزاني أحكام فرعية في الإسلام تنبثق من دستور أصلى لا بد من صيانته وضمان بقائه.
* لا قيمة   للفرع   إذا كان الأصل غير قايم.
*مثل هذه ( الفروع ) في شريعة الإسلام قطرة من بحر التشريعات التي لا حصر لها.
* ما هو السر في إبراز هذه  ( الفروع ) بالذات والتعويل عليها حتى تصور البعض أنها الإسلام. ؟؟؟
* لماذا ينسى الجو الذى يصنعه الإسلام ابتداءا قبل تنفيذ هذه هذه الأحكام أو المطالبة بها. ؟؟؟؟؟    
ولا يسعنى فى الختام الاّ أن أوجه الخطاب الى ولاة أمرنا , الذين انتزعوا السلطة بليل قهرا , وبقوة السلاح , الأمر الذى يتعارض تماما مع تعاليم ديننا الحنيف , وادعوا أنهم لم يقدموا على ذلك الاّ لأنهم يريدون تطبيق شرع الله , وينزلوا تعاليم الاسلام والرسالة الخاتمة على الأرض , ليراها الناس كل الناس فى  مشارق الأرض الى مغاربها فى سموها وعلوها كما سبق وأنزلت كمثال حى لم تر البشرية له  مثيلا , فماذا كانت النتيجة ؟؟؟ أنزلوا علينا أمرا  آخر , أمر لا يمت بصلة  من قريب , أو بعيد لما ادعوه  , بل جاء بصورة مخالفة , ومغائرة تماما , لما ادعوه  , كيف ذلك ؟؟؟ نعم ,  أنزلوا علينا :  ( الشمولية البغيضة ) وما أدراك ما الشمولية , انها بحق قمة ( الاستبداد فى الحكم ) انها : ( الشر كله ) ومن ثم فانها لا تعدو كونها ردة , رجعت بالبشرية الى الحالة التى كانت عليها سابقا  , حالة ( الجاهلية الجهلاء ) وجاءت الرسالة الخاتمة أصلا لتخليصها , وانقاذها منها , والآن ماذا نرى , وكيف حال  البلاد والعباد ؟؟؟ الأن نحن نعيش فى ظل ذات المآلات المذ كورة آنفا بكل تفاصيلها , كتعبير صادق , ونتيجة  حتمية لمآلات ما نرزح تحت ظله من : ( شمولية بغيضة  ) أى حالة الاستبداد فى الحكم التى نعائشها ,ونكتوى بنيرانها المحرقة المميتة . 
ألم يأن الأوان يا ولات أمرنا , أن تحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فى يوم : (( لا ينفع فيه مال ولا بنون الاّ من آتى الله بقلب سليم ))   صدق الله العظيم   

( اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا اتباعه و وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا اجتنابه . )  

عوض سيداحمد عوض
awadsidahmed@yahoo.com
1/4/2014

 

آراء