يبدو أن المراجع العربية لا تروي غليلاً ، فكثير من مفردات العامّية لها أصول في اللغات المحلية ، وسنورد ذلك عندما يتيسر لنا قبس من أسفار البروفيسور "عون الشريف قاسم "الذي جلس أربعين عامين أو تزيد ، وقد أنجز ما يُمكِّن الآخرين من البُنيان عليه . وما تيسر له من مراجع عن أصل " البُطان " " والمباطنة " وغيرها من الاشتقاقات ،رغم أن للبعض مآخذ على اجتهاد البروفيسور " عون الشريف" ولا يمنع ذلك أن يكون مؤسساً. وقد أفلح من قبل البروفيسور " عبد الطيب " وإن كان همه الأول هو إيجاد أصول عربية للعامية السودانية، في حين أن الدكتور " محمد الواثق " الضليع في تدريس علم العَروض ورئيس مجمع اللغة العربية السابق، قد أعلن في لقاء تلفزيوني في إحدى القنوت السودانية ، أن هنالك جُهد مبذول قيد الإنجاز ، وهو يمهد لفرضية كُبرى ، ترى اللغة العربية الفصيحة ولغة أهل البطانة بجميع أنسابها: هما شقيقتان من أمٍ واحدة ! .
(2)
أهو " البُطان " منسوب لساكني " البُطانة " منذ زمان قديم أم أن لها أصولاً أُخر ؟. سنعود للغة لاحقاً. ولكن الموجز هو فعل في التباري بتحمل ضرب " السياط " على ظهور الرجال . وتتنوع في الأساليب وطرائق هذا الطقس الذي نحن بصدده.
(3)
كتب الأستاذ " نعوم شقير " صاحب سِفر " جغرافية وتاريخ السودان " الذي نشره عام 1903 ، وتجددت طبعته عام 2007 . وقد كتبت مقدمة الطبعة المُجددة : البروفيسور " فدوى عبد الرحمن علي طه " وهي أول سيدة سودانية تنال الدرجة العلمية المذكورة أعلاه في مجال الدراسات الإنسانية ، و كانت أيضا أول سيدة سودانية أكاديمية تتحصل على درجة الدكتوراه الفخرية من خارج السودان ، حيث منحتها جامعة "بيرقن " النرويجية تلك الدرجة في أغسطس عام 2004 م لإسهاماتها في حفريات علم التأريخ . وقد ذكرت أن الأستاذ " نعوم شُقير " قد اتَّبع الأسس العلمية في تدوين التاريخ ، وتعتبر سفره المذكور أعلاه ، هو من المراجع المهمة التي جلس لها صاحبها جلوس أهل الصفوة ، رغم مآخذ عليه أنه رجل الاستخبارات في السودان عند قدومه مع اللورد كتشنر وجيشه لموقعة كرري بأم درمان ، 2 سبتمبر 1898، وما تبع من تاريخه الشخصي.
(4)
كتب الأستاذ " نعوم شُقير " عن ظاهرة البُطان في السودان، وتحدث عن أنها من أشهر عاداتهم التي أصبحت خُلقاً لهم .عادة "البُطان " وهي من نوع "الدولو" عند الإفرنج. وكانت كتابة " نعوم " قد نُشرت عام 1903 في إطار الحديث عمن أطلق عليهم " عرب السودان ".فإذا تنافر شابان لسبب من الأسباب طلب أحدهما الآخر للبُطان ، وإن أبى عُدَّ جباناً ورفضت الفتيات زواجه . وإذا أخذ كل منهما سوطاً وعمدا إلى " عنقريب " ،وجعلوه بينهما و وقف الواحد تجاه الآخر ثم خلع كل منهما ثوبه وتجرد إلى وسطه واجتمع الناس للشهادة ، فيبدأ احدهما بجلد الآخر سوطاً على ظهره ثم يصبر فيجلده رفيقه سوطاً وهكذا يتناوبان ضرب السياط وهما لا يتحركان من مكانيهما ، بل لا يُحركان كتفاً أو جفناً ،إلى أن يقع أحدهما من شدة الضرب فيحمله أقاربه إلى بيته فيزوره مصارعه فيصالحه . وقد رأى " نعوم شُقير " أنها من عوائد العامَّة ،فلا تشترك فيها الخاصة ثم هي محصورة في أولاد " أبو مرخة "دون غيرهم من عرب السودان ، ولكن تناول "رقيقهم "هذه العادة فتفوقوا فيها!! ، حسب ما ذكر " نعوم " . وأهم أسبابها النساء فإذا أحب شاب فتاة فنافسه آخر عليها، و طلبه للبُطان وأخذها الغالب .
وقد ذكر "نعوم شُقير " أن البُطان قد يكون لمجرد المباهاة بالقوة والجَلَد على الضرب، فيدخل فيه إذ ذاك أكثر من اثنين ويكون أثناء إيقاع "الدلُّوكة " فكل من أراد البُطان يأتي إلى النساء اللواتي يضربن "الدلُّوكة "فيهُز السوط فوق رؤوسهنَّ ويقول :" ابشرن بالخير أنا أخو البنات عشرة " ويقف الكل صفاً واحداً ويضرب كل من في الصف سوطاً ويرمي السوط، ثم يبرز آخر فيتناول السوط ويفعل فعل الأول وهكذا حتى يأخذ كل منهم نصيبه ضارباً ومضروباً .
و أورد " نعوم شُقير" أنه إذا أُعجبت فتاة بشاب من الحضور و وقع حبه في قلبها نزعت من معصمها سواراً وألبسته إياه فيأخذ الشاب إذ ذاك سوطه ويهزه فوق رأسها ويقول :" أبشري بالخير أنا أخو البنات عشرة " فإذا كان له بين الحضور منافسٌ في حب الفتاة ،ورأى سوارها في يده ،انبرى له وطلب مبارزته فيقف له حامل السوار واضعاً يده فوق رأسه فيجلده بسوطه إلى أن يكل فيرمي سوطه فيجلده حامل السوار في نوبته بما أُعطي من قوة ويقف المضروب في حالة الضرب صلباً لا يتحرك ولا يطرف له جفن كأنه صخر أصم وَ منْ بدت عليه مظاهر التألُم، أو حتى بدت منه أقل حركة كهزّ الكتف أو طرف الجفن ،لبسه العار ولم يعد له من الفتيات نصيب ! .
وإذا أحب شاب فتاة ولاحظ من أحد الحضور ميلاً إليها تأخذه الغيرة، فيستل سكينه من ذراعه ويأتي إلى حبيبته ويهز السكين فوق رأسها وينادي :" أبشري بالخير أنا أخو البنات عشرة " ثم يشرع في تمزيق ساعده وصدره إلى أن يلطِّخ رأسها وثيابها بالدم، فيأتي أحد الحضور ويمنعه من ذلك. ويأخذ النساء من دمه فيلطخن به جبين حبيبته وهي تتمايل تيهاً ودلالاً معجبة باستهلاك حبيبها في حبها ،فتصدقه الحب ولا تعود تلتفت إلى أحد سواه . ويذكر " نعوم شُقير " أنه قد رأى الكثيرين من الشبان مجرّحي السواعد والصدور بسبب هذا الحُب البربري !!.
وقد ذكر " نعوم شُقير " أنه قد سمع أن عشاق من البادية ، لا يأكلون لحم الغزلان لأنهم يشبّهون حبيباتهم بها فلا يطيقون ذبحها أو تعذيبها. وإذا رأوا غزالة في يد صياد افتدوها بالمال وأطلقوا سراحها . وفارسهم يتكنى باسم حبيبته ويتباهى بحبها وعند اللقاء في الحرب يقتحم غمرات الموت بجواده وسيفه مسلول في يده وهو ينادي :" لعَينَيْ فلانة " ، تماماً كما هو مشهور عند أهل بادية الشام !.
وذكر " نعوم " أن عرب السودان شجعان في الحرب ، أشدّاء لا يهابون الموت ولكن شجاعتهم "همجية " ، قل فيها التدبُّر والحكمة كأسلافهم " الأثيوبيين "!!!. ومن جملة أغانيهم التي تدلّ على شجاعتهم واحتقارهم الموت :
بلال وَد علي أسد الخلا القنَّاتْ
وقت الموت يجئ الـفوق السرير مواتْ
مرحوم الـيموت فوق كوكب الدرقاتْ
(5)
إن نريد أن نفُض الاشتباك في النظر للتاريخ والأرض والبشر والعادات والتقاليد، يتعين علينا أن نتخيل المجتمعات السودانية في الشمال في إطار الزمان ولمكان . ربما العادّة ترِكة من آثار آبائنا أو أجدادنا الذين وُلدوا أوائل القرن العشرين ، وكان " البُطان " لازمة من لوازمعروض الشباب عند مناسبات الأفراح. ولكنها زحفت وتراجعت إلى مناطق أهل البوادي .
أيستحق هذا المسلك أن يصفه " نعوم شُقير " بأنه بربري ؟ .
فإن كان في زمانه كذلك فكيف نُطلق على هذه الظاهرة اليوم ؟!
(6)
البُطان في اللغة العربية :
من المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية وجدنا:
بَطُنَ ـ بَطَناً : أصابه البَطَنُ وتعني أيضاً من كَثُر ماله
بَطَنَ ـ بُطانة : عَظُم بطنه .
بُطُنَ : اعتل بطنه فهو مبطون
أبطَنَ الثوب : جعل له بِطانة
بَطَّنهُ : ضرب بطنه
تبطَّنَ الوادي والكَلأ : توسطه
استبطن الوادي ونحوه : دخَلَه
الأبطن ُ : عِرق يستبطن ذراع الفرس
الباطنُ : اسم من أسماء الله ومعناه العالم بالسرائر
الباطن من الأرض : ما اطمأن وانخفض
الباطنة من الرجل : سريرته
البِطان : حِزام يُشد على البطن ويقال فلان عريض البطان : رَخيُّ البال .
البِطانة : ما يُبطَن به الثوب
البَطن من كل شيء : جوفه
نثرت المرأة بطنها : كثُر ولدها
البُطين : منزل من منازل القمر
المبطان : العظيم البطن
المُبطِن : : الضامر البطن
المِبطان : العظيم البطن
البَطين : يقال : كيس بَطِين : ملآنُ
الباطنية : فرقة من الشيعة
بَطَن الشيء : خَفِيَّ وصار من بطانته وبطن الوادي أو البيت : توسطه.
إذن أين نجد مرادنا ؟ ربما خارج اللغة العربية !
(7)
إن البُطان في عاصمة السودان ،عادة قديمة من عادات وطقوس الأفراح منذ الثلاثينات و الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي .
وانقرضت بل وانزوت في بطون الأرياف ولم تزل بقاياها موجودة اليوم ، ولو أنها عرض مُخفف من الطقس القديم. يتكئ " الفارس " اصطلاحاً على عصاه ، عاري الصدر والظهر ، ويتقبل دون أن ترفّ عيناه ضربات السياط من " العريس " أثناء أغنيات " الحماسة" .ولا يحسّ بالآلام ساعتها ، ولكنه عندما يعود لمسكنه ، ويزول المُخدِر النفسي ، ويعود لحاته الطبيعية، فمن بعد الحفل وإلى الصّباح ، بل ولعدة أشهرٍ ، ينام " الفارس " على بطنه إلى حين تشفى الجروح !. وكان علاجهم الشعبي : الملح أو القَطِران !.
ربما نُلاحظ جميعاً أن أغنيات " السّيْرة " و" أغاني الفروسية " تُثير جماهير الحضور من العامَّة ، ويهبطون الساحة لرقص الفوارس . وتلك من بقايا الأثر النفسي حسب ما أراه من ذلك الطقس القديم . لقد استطاع المُبدع الفنان " محمد وردي " من تلحين أغنية " المرسال "
للشاعر "أبو قطاطي " : مسكين البدا يأمِل .. أملو يغلبو تحقيقو " على إيقاع " الدلوّكة " ، واستثارة تلك العاطفة الشّجية المُتبقية من آثار تراثنا الشعبي في جزء من مناطق شمال ووسط السودان .
(8)
الصحة النفسية :
من المرجع : "سيكولوجية الشذوذ النفسي عند الجنسين " لسيغموند فريد .يقول الطبيب النفسي الانجليزي " ادوار جلوفار " عن الصحيح نفسياً:
" هو الذي يخلو من الأمراض من أعراض الصراع العقلي ، ولهو قدرة مرضية على العمل ويستطيع أن يحب إنساناً آخر إلى جانب حبه لنفسه "، ويقولون : جميعنا عُصابيون إلى حدٍ ما ّ!.
ومن الصحة النفسية :
اكتساب النُضج الانفعالي :" أي التحرر من عبودية العائلة " وتقبل الواقع : " أي العمل والسعي للرزق دون شكوى ". و خلق القدرة على الحُب : " بالبحث عن الحب الموجود في أعماق النفوس والسماح بمشاركة الغير فيه .و إتباع طريقة في التفكير أساسها تقدير كل ما هو طيب وجميل في الحياة . " قد تكون الشجاعة والقسوة دفاعاً عن طيبة القلب والفظاظة دفاعاً عن الوداعة ".
يقولون كلما تعمَّقت في دواخل نفسك، حتى مقاربة المستوى البدائي أو الحيواني ،قلَّ الإحساس ، وكلما ازداد حظك من المدنية وسَمت ثقافتك وتربيتك ازددت إحساسا بالتزاماتك تجاه الناس ، وازدادت فرص إحساسك بالذنب .
(9)
قد يبدو أن الأمر تدوين تاريخ من عادات اجتماعية قُبرت في تاريخ السودان، ولكنه طقس ،لما يزل يُمارس في بعض مناطق السودان ، إلى الآن!. تغيرت الأسلوب وبقي البُطان. يصعب على المرء تصور أن جزءاً من الجالية السودانية في دولة من الدول الشقيقة للسودان ، يمارسها السودانيون الرعاة ،المُنحدرون من الأرياف. وهم في ذات من سلالات الذين أسهموا في ميزانية الدولة السودانية اقتصادياً ، خلال ما لا يقل عن مائتي عام !.لا نعرف أنفخر بهم ، أم نهُز رؤوسنا من تناولهم تلك العادات الاجتماعية التي تزحف إلى العُنف زحفاً ، بمبرر اجتماعي ، لم يأخذ في بصيرته المخاطر المترتبة على الأمراض المنقولة بالدم من اختلاط السياط على الدماء المنسكبة على الظهور ، فُرادى وجماعات ؟!.
(10)
"الخوف والإثارة يرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً "فالمخاطرة تجعل الجسم يفرز " الأدرينالين" ، وبدلاً من أن يشعر " المبطون "بالتوتر ، فإنه يشعر بنشوة وحيوية ، كما يُذهِّل المُشاهد من قدرته على مواجهة الخوف . يشعر بالفخر لأنه تحمّل هذا الفعل عن رضى ، وبفروسية ينتظر " زغاريد " النساء !. وهكذا لا يستطيع هذا الشخص أن يتحكم في مشاعر خوفه ويتغلب عليها، ولكنها تصبح جزأ من الطقس الاجتماعي . وعندما يواجه ذات التحدي بعد ذلك ، ويشعر بمشاعر القلق الجياشة ، فإنه غالباً ما يقيم رابطة ايجابية بين شعور الترقب وبين النشوة التي يحس بها عند انجازه للمهمة أو التّحدي والفوائد الإيجابية من مواجهته الخوف . ويمكن تطبيقها في كل مواقف الحياة، وليس فقط في المواقف التي تؤدي بالجسم لإفراز الأدرينالين
إن الإقدام على المخاطرة تجعل المرء يشعر بخروج العَرَق من راحتي اليد ، وزيادة في النبض وغصَّة في الحلق وجفافاً في الفم، وارتعاشاً في الرجلين وإحساس بالغثيان واضطراب في المعدة وهي الاستجابات الطبيعية للأدرينالين .
(11)
إن أعراض الخوف هي نفس أعراض الإثارة ، فإذا نظرت إلى النتيجة على أنها سارة فستشعر بالإثارة وإذا نظرت على أنها غير ذلك فستشعر بالخوف ، وهذا هو السبب في أنه قد يكون هنالك شخصان ينجزان ذات الشيء ولكن استجابة كل منهما له تختلف تماماً عن الآخر الأدرينالين يمكن أن يكون له استجابات عديدة. والجميع يشعرون بتأثيراته دون استثناء، والفارق الوحيد هو في أسلوب استجاباتنا له، فإما أن نتحكم فيه أو يتحكم هو فينا!.
الخطوة الأولى للاستفادة من الخوف ، هي أن تدرك أن الخوف أمر طبيعي فبالتفكير والمعرفة تستطيع أن تفهم ما يدور حولك عندما تكون خائفاً ، وهذه هي الخطوة الأولى التي تمكنك من تحويل الطاقة الزائدة من الأدرينالين لتحقيق ما تريد من أهداف كالوفاء بالالتزامات أو الفوز في لعبة رياضية أو التفكير في قدميك في ظل إحساسك بالضغط .
" الأدرينالين هو هرمون طبيعي يفرزه الجسم استعداداً للخطر، وهو يُعِد الجسم للهرب أو لمواجهة الموقف.
(12)
لعملية الخوف أربع خطوات :
إفراز الأدرينالين قبل الحدث وهي حالة الخوف ، والضغط والقلق وهي حالة يكون فيها الجسد والذهن في حالة يقظة ، بحيث يصدر المخ مواد كيماوية تسمى ناقلات عصبية تزيد من التركيز الذهني كما تشعر بالتوتر والعصبية ، وإذا استمرت فترة طويلة تتسبب في حالة إرهاق وربما فقدان كلي للطاقة .
التفريغ الأساسي للأدرينالين ، وهذه هي أداة البقاء الأساسية يستعد فيها الجسم من خلالها للتصرف عند وقوع الحدث المخيف فتستقبل الغدد فوق الكلية مثيراً يجعلها تفرغ مقادير هائلة من الأدرينالين داخل الجسم كي يستعد للقيام بنشاط كبير ، وهي عملية سريعة وقوية للغاية ، وتنقبض العضلات استعداداً للصدمة ويزداد نبض القلب ويرتفع معدل التنفس للحصول على مزيد من الأوكسجين و عند الضرورة يتم إفراز بعض الكيماويات داخل الدم لإعطاء الجسم مزيداً من القوة ويتم توجيه الدم بعيداً عن الأجزاء الأقل أهمية .
وتتحول البشرة إلى اللون الفاقع . ويشخص البصر ويفقد المرء كمية هائلة من القدرة على السمع ، و الأشخاص الذين يستطيعون توجيه هذه المرحلة يتفوقون في المواقف المثيرة!.
التفريغ الثانوي للأدرينالين ، وهي جرعة ثانوية تُعطي الإنسان قدرة على التحمُل . وفي هذه المرحلة يتم تفريغ قدر كبير من الأدرينالين ينتج عنه فورة وطاقة ثانوية تزيد من التأثيرات السابق ذكرها ، كما تساعد على عدم الشعور بالألم . وذلك يفسر تحسن مستوى أداء بعض الناس في المباراة أو القتال .
تقطر الأدرينالين بعد الحدث :
بعد الانتهاء من الحدث تستمر الغدد فوق الكلية في إفراز كميات صغيرة من الأدرينالين بما يسمح لك ، بأن تكرر الحدث ذهنياً وتعايش التجربة مرة أخرى . والهدف من هذا هو مساعدة الجسم على إعادة التكيف مع آثار مواقف الضغط ، ولكن استمرار هذه الحالة لفترة أطول يقود للإرهاق الذهني والجسدي .
إن الخوف قد يكون متعة ، مثيرة ومنعشة. عندما يكون بمقدورك التحكم في استجابتك، فقطار الملاهي الذي لا يجعلك تصرخ سيكون خبرة مملة وكئيبة .
(13)
نظرنا الأمر نظرة شبه حيادية ،واطّلعنا على مشاريع متنوعة لتفسير ظاهرة البُطان . منها تناول اختصاصي في علم النفس ليتحدث عن المازوشية كباب يتناول الظاهرة . ومحاذير اختلاط دماء المُتبارين في تحمُل وقع السياط على الجسد وتنقلها عبر السياط من شاب لآخر.
وتحدَّث كثيرون من أهل البُطان مستهجنين الطب وسخريتهم من تناول اختصاصي علم النفس لطقس ظاهرة البُطان، ولكنها حقيقة يتعين على كل الاختصاصيين في علوم الاجتماع وعلم النفس من تناول الظاهرة.
تحدث بعض المُتبارين في الساحة عن أنهم لا يشعرون إلا وأنهم في ساحة مخمورين برغبات متشوقة للضرب بالسياط ، وما يخلفه من حزن وكآبة إن لم يكتمل طقس الجلد! .تحدث بعض ممارسي البطان عن مشاعرهم وهم في حالة أشبه بالغيبوبة .
يبدو أننا بصدد استدراج كل الممكن من علوم النفس البشرية وعلم الفيزيولوجيا وعلم الاجتماع والتاريخ وعلم الفلكلور وعلم الطب وكل ما يتيسر لتناول الظاهرة .
عبد الله الشقليني
15 سبتمبر 2016
alshiglini@gmail.com
\\\\\\\\\\\\\