خليل – متى عودة العقل !؟. … بقلم: آدم خاطر

 


 

أدم خاطر
26 September, 2011

 


هكذا تتوالى الأحداث على ساحتنا الداخلية والاقليمية على الصعيد العربى ويأتى خير الربيع العربى ايجابا على العديد من البلدان والشعوب فى منطقتنا، كما نزلت وأحلت هذه الثورات وبالا شديدا على البعض الآخر كانوا أنظمة أم حكومات أم تمرد ، ولا شك أن السودان هو أكبر مستفيد من هذا الذى جرى ويجرى فى كل من مصر و ليبيا  من تحولات كبيرة ، على صعيد مستقبل الحكم فى هذه البلدان وأمنه القومى وسلامة أراضيه وحدوده المترامية مع هاتين الدولتين !. وبمثل ما شهدنا تداعيات انفصال الجنوب وانتقال بعض الآلام والاحن التى ظلت تفدنا من الجوار القديم ( كينيا – أوغندا – الكنغو الديمقراطية ) الى دولة الجنوب مباشرة لتكتوى بهذه النيران التى ربتها ، وكيف هى الأحوال الآن قد عادت الى طبيعتها عندما استقامت علاقتنا بتشاد وقيادتها ومرد ذلك على الدولتين والشعبين  ، وانعكاساته الأخرى الهامة على مجاميع التمرد فى دارفور ، حيث ظلت خطوط الامداد والدعم والاسناد تقدم الى حركات التمرد عبر حدود هذه الدول ، اضافة الى العون اللوجستى والتدريب ومعسكرات اللجوء ، وخطل المنظمات الأجنبية وسيل الأجندة التى تتدفق من خلال عملها بدعاوى الانخراط فى الشأن الانسانى !. وتواتر الأحداث وارتباطها ببعض تعيده هذه المحاولات اليائسة للمتمردين الحلو وعقار فى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، باقدامهما على الانتحار السياسى وندامة الكسعى عندما سعوا عبر أوهام الحركة الشعبية ومخططات الغرب وأمريكا للانفراد بهذه الولايات وتجييرها لأجندة الخارج فى توجه لانفصال جديد تسربل بالعرقيات والحميات القبلية لمكون هذه المناطق وراهن عليه ، لكن قواتنا الباسلة أجهزت عليه فى بواكيره ورفضت اعادة انتاج نيفاشا ، وقطعت عودة هؤلاء الى سدة الحكم أو المشهد السياسى الى غير رجعة !. ولم نكن من الكهنة أو العرافين لكنا كنا نقرأ ما يجرى من حولنا ومسار العملية السلمية وما يحيط بها من مخاطر فى وقت كانت عقلية التمرد تستبطن تعطيل السلام من الدوحة فى انتظار وعودلا ورجاءات يمكن أن تتحقق !. وقد سبق لى أن كتبت فى وقت سابق أن مغادرة المتمرد خليل ابراهيم  مفاوضات الدوحة ونفض يده عن العملية السلمية التى كانت قد انطلقت وقتها مع حركته ، أن مغادرته ستكون بمثابة الطآمة عليه ، وكتبت وقتها ( خليل دون الدوحة الى مصير مجهول – 23/5/2010م )، والأيام أثبتت صدق ما ذهبت اليه !.
قاد خليل حركته بغايات وشعارات وأهداف شاطحة كان يمنى نفسه بأن يكون الزعيم الأوحد على المشهد السياسى والعسكرى فى دارفور ويفرض مقاصده ، ولكن وتيرة الصراع هناك والتحالفات والمصالح أطاحت بأحلام مناوى قبله ، وجعلت عبد الواحد فى ركن قصى وها هى تفعل الآن بخليل الذى شهدنا كيف تقطعت به السبل فى تشاد وهروبه واحتمائه بليبيا فى ضيافة القذافى وأسرته ، ولكن سرعان ما تبدلت الأيام والظروف وبات المضيف فى حاجة الى من يضيفه ويحميه داخل بلده ، ومن باب أولى أن يحمل خليل حملا للعودة الى تخوم حدودنا  مع ليبيا مكره أخاك لا بطل ، فهو هرب طالبا الأمن والنجاة !. لكن اعلام العدل والمساواة هلل لهذه العودة وأراد أن يصورها بعودة بطل أو زعيم ، وهى اشبه بعوده عرابى المشهورة يجرجر ازيال الهزيمة والعار عندما نعته شوقى فى قصيدته ( صغار فى الذهاب وفى الاياب * أهذا كل شأنك يا عرابى ) !. وقال عرافها فى بيانهم أن خليل وصل الى الصحراء ، ترى ان كان وصل بالفعل فمن أى مكان وصل ؟ وماذا كان يفعل هناك ، ولأى هدف يعود ، وأول لقاء صحفى له لم يغير فيه من ما ظل يردده ويقول به من خطرفات وشطح وطموح واهم وخطاب مريض وهو أضحى خرقة بالية لا تقوى على شيء، ويده فى التصفيات داخل حركته موغلة !. ترى ما الجديد الذى أتى به ، وكيف كان حصاد السنوات التى قضاها فى ضيافة القذافى وما هو عائدها على المواطن فى دارفور ؟. والقذافى المشرد والمختبىء الآن كان أكبر ممول وداعم للخراب والحريق فى دارفور، وكل المصائب التى نزلت ببلادنا كان هذا الرئيس المخلوع جزءً منها !.بمثل ما كان مبارك مصر ، وزعامتهما التى امتدت لأكثر من أربعة عقود تذهب بهم الى السجون والملاجىء ، فكيف هى زعامة خليل للمهمشين ، ومتى أنعقدت له ؟ ومن نصبه وأسبغها عليه أم هذا ما تعلمه فى مدرسة (القائد الأممى) الهارب؟!.
الراجح فى عودة المتمرد خليل أنها لا تمت للسلام بصلة ، وأنه آت بسياسة التخريب وأساليب الترويع والقتل ، وهى ما أدخره لأهله ومواطنى دارفور !. كل ما صدر عنه من وعيد وتهديد بازاحة النظام يؤكد أنه ما يزال سليب العقل والارادة و مفتون بأحلام واهمة ، لم يستفد من الوضع الذى بات فيه ، وليس بمقدوره توحيد صفوف حركته ولا قبيلته التى باتت أيدى سبأ من مواقفه وما ألحقته بهم من ضوائق !. سمعنا بالزعامة التى يلبسها هؤلاء لأنفسهم ، ويدعوهم بها بعض الرجرجة والدهماء من المستفيدين من هذا اللقب ، وعلى نحوها كانت زعامة مناوى التى أوصلته الى رئيس السلطة الاقليمية الانتقالية لدارفور – وكبير مساعدى رئيس الجمهورية ، ولكن العبرة بالنتائج ، أين هو الآن ومن الذى استفاد من زعامته ! وعلى شاكلتها كان عبد الواحد يعبث بمشاعر النازحين فى معسكراتهم وهو لاه فى دعة الفنادق الغربية وأموال المخابرات ومكتبه فى اسرائيل !. وها هو خليل يدعوه أتباعه زعيما أوحدا ، وبعضهم يغازل اسرائيل أن تدعوه ليلبى دعوتها (أحمد حسين) ، وأن السلام الذى شاركوا فى بداياته بالدوحة يحصد ثماره آخرون ليصنعوا به واقعا جديدا من الأمن والطمأنينة والتنمية لأهلهم فى دارفور بعيدا عن حركته ورجاله الذين لم يتشربوا ثقافة السلام بعد !. فخليل لم يتسلل الى الميدان كما يزعم ، ولم نسمع بهروب زعيم ، ومطارد من قبل الثوار فى ليبيا والعدالة فى بلاده  !. وهو ما يزال يدعم مضيفه القذافى ويشير اليه بالزعيم فى احدى أحاديث المنشورة ، ويستخدم لغة المنهزم القذافى لوصف معارضيه بالجرذان والفئران ، وكأنه لا يرى ما يفعله الشعب الليبى بالقذافى وأسرته وكتائبه !. بل يمضى فى التطابق مع القذافى فى وصفه لقطر وهذا يعزز ما بينهما من تحالف فاشل ظل خصما على أمن السودان واستقراره !. ويحاول خليل أن يبدى اختلافا مع عرمان وعبد الواحد وجملة العلمانيين ، وبرغم ذلك فهو يدعو لاسقاط النظام  ولا يملك آليات ذلك ، وفعاله على الأرض متوافقة مع ما يدعو به ثلاثى الحرب (الحلو – عرمان – عقار ) !. هذه الزعامة الخواء التى لا تقرأ الواقع أو تتعظ بمسيرتها المدمرة ، وهى رهينة للأجنبى وأجندته ولا تعمل لأجل مصلحة المواطن وقضاياه وهمومه لا يمكنها أن تحمل هذا الشرف !. ومسيرة السلام فى دارفور ماضية بارادة أهلها فها هو د. الحاج آدم نائبا للرئيس، ود. التجانى السيسى رئسا للسلطة الانتقالية ، وولاة دارفور من أبنائها وكل مؤسساتها الدستورية والتنفيذية بانتخاب حر ومباشر ، فأى مطالب تلك التى يسعى لها ؟ ترى متى يعود العقل لخليل ليلحق بركب  السلام ويجنب بلاده وشعبه المهالك والفتن والحرائق التى ظل يشعلها دزن طائل منذ العام 2002 !!!


adam abakar [adamo56@hotmail.com]

 

آراء