خُمِّي وصُرِّي .. حقِّك راح !! . بقلم: د. ابوبكر يوسف ابراهيم

 


 

 


-          ذهبت لصديقي الأنتيم رجل الأعمال في مكتبه الفخيم  ووجدته  متجهم عابس وكأن عزيز لديه قد مات،  وقد ألححت عليه كي أعرف اسباب كل هذا الهم والغم الذي اعتراه ، وهو الذي لا يعاني من أي مشكلات في العيش بل مرتاح حد الرفاهية - اللهم لا حسد - ، وأخيراً فتح الله فمه وقال: يا أخي أم العيال بلغت الخمسين واصابها نوع من الاكتئاب لاحساسها بأن الشباب قد ولى، والجمال قد صار من الماضي ، ثم واصل،  ظلت على هذه الحال اياما واسابيع تنق وتنكد عيشتي ولم يسلم منها حتى الاولاد . أما اليوم عندما عدت من العمل مهدوداً ، كنت أنتظر منها كالعادة أن تبدأ وصلة الموشحات النكد،  ولكن على العكس وجدتها فرحة مبتسمة سعيدة , استبشرت خيرا وسألتها عن سر هذا التحول الجميل فقالت : اكتشفت ان بأمكاني استعادة نضارة وجهي وشبابي عبر عمليات التجميل .
-          ضحك صاحبنا وقال : اي تجميل يا ولية ؟ خلينا من لهزار البايخ فقد كبرنا على هذا الكلام، وتمتم صوت خافت : "هل يصلح العطار ما أفسد الدهر" حتى لا تسمع زوجته فتصل الأمور إلى ما لا تحمد عبقاه ، غضبت الزوجة وقالت له: انت كبرت آآآي، ولكن انا مازالت في عز شبابي ومن حقي ان استرد جمالي واحافظ على نضاتي!! ، وفي سره طبعاً واصل تمتمته : قال تسترد جمالها قال... !!، هو  منو السلبو أصلاً ؟!..  ، وبَرْطَمْ: والله كان ما العشرة والأولاد كان حيكون لي موقف مختلف!!
-          وبعد اخذ ورد وافق صاحبنا  مغلوبا على امره وذهب مع زوجته إلى عيادة التجميل صاغرا ، وما ان دخل على الطبيب  - " الستيني" ذو  الوجه المكرمش - وبادره غاضبا : يادكتور معقولة اصبح الطب سلعة تجارية تغيرون  بها  اشكال النساء حسب الطلب !؟ .. تكبير  صدور  ونفخ  شفاه وشد وجه وغير  ذلك؟! هذا حرام شرعاً  فلا يجب  العبث بخلقة ربنا عز وجل، فقد خلق الانسان في أحسن تقويم، وكمان يا دكتور – وانت سيد العارفين-  كل مرحلة عمرية لها جاذبيتها !! . رد الطبيب مبتسما وقال : اولا ياسيد نحن لا نجبر احدا على العمليات، وثانيا التجميل ليس للنساء فقط، بل للرجال ايضا!!
-          ضحك صديقي ساخراً وقال : وماذا ستجمل لي؟!، هل ستكبر صدري مثلا ، أو تنفخ خدودي؟! ، رد الطبيب : لا ياعزيزي ، ولكن انت رجل اعمال وبحاجة إلى أن تكون لك طلة في المناسبات، يعني مثلا الشعر الساقط نزرعو تصغر 10 سنين , شد خفيف للوجه يصغر ك كمان عشرة , تقشير للبشرة , شفط دهون وبنخليك  مثل نجوم  السينما والبنات تجري وراك جري!! , وهذه كلها من ضروريات رجال الاعمال ولزوم الحفلات والعلاقات العامة، وجذب الانتباه والانظار من الجنس اللطيف!!.
-          وهنا انتاب القلق زوجة صديقي من هذه التصليحات التي اقترحها الطبيب على زوجها لأنها قد تدفعه للتفكير  بالزواج  مرة اخرى،  فقالت له : خلاص قوماكا غيرت  رأي يللآ نرجع البيت ، ولكن صديقي لم يرد عليها، فقد كان مشغولا مع الطبيب في مناقشة التحسينات التي سيجريها على وجهه وطلته !! ، بالمناسبة صديقي كان قد أوعز  لي بأن سكرتيرته الحسناء ذات الكذا وعشرين ربيعاً بدأت تصدر  منها اشارات اعجاب بشخصيته ، وقد اثنت على رُقِيّه ورقة تعامله ولباقته!! ، بعد كذا شهر  زفت السكرتيرة الحسناء إلى صديقي رجل الأعمال .
-           شفتو  شلاقة النسوان بتودي لي وين؟! .. أها حقك راح .. قال عملية تجميل قال، أها كده استرحتي؟! ، أها  كده لا لميتي في بلح اليمن ولا عنب الشام .. والتسوي بي ايدك يغلب أجاويدك..  والراجل كان كافي خيرو شرو ، يعني كان ضروري تلفتي  انتبهاهو ، أها الفاس وقعت في الراس ، خمّي وصرّي !!!! وأقول لصديقي: كان يا أخي صَبَرْتَ على قِرْدَك ، عشان ما يجيك الأقْرَد منّو!!!، بس خلاص ، سلامتكم
zorayyab@gmail.com
نقلاً عن جريدة الصحافة

 

آراء