دولة القبائل والمشيخات
حيدر المكاشفي
1 March, 2022
1 March, 2022
تحت ضغوط قبلية من مكون قبائلي معين، اتخذ حميدتي قرارا خطيرا قضى بتعديل مهمة اللجنة الفنية العليا، الخاص باعادة ترسيم حدود ولايات شرق السودان، الى تخطيط وتعيين الحدود الإدارية للقبائل والنظارات في ولايات شرق السودان الثلاث، فأصبحت بذلك المهمة المعدلة للجنة هي تفكيك وترسيم الحدود الإدارية للقبائل والمشيخات في ولايات الشرق، وكان أن طلبت اللجنة فعليا من القبائل إعداد وإنتاج خرائط تؤكد ملكيتهم لأراضي الجدود، وكان من الطبيعي مع هذا القرار الذي يمثل (قنبلة موقوتة)، ان تبرز في مناهضته أصوات قوية ومنطقية عديدة، ليس من الشرق فحسب، بل من كل القوى المطالبة بدولة المواطنة ودولة المؤسسات ودولة سيادة القانون، وقولا واحدا تأسيس دولة سودانية حديثة، وليس الارتداد الى عهود المشيخات والكانتونات والسلطنات، فمن المتعارف عليه ان ترسيم أية حدود، سواء كانت بين ولايات، أو بين محليات، يتم على أساس جغرافي ومعايير أخرى ليس من بينها اطلاقا (أراضي الجدود)..
ان بلادنا تعاني أساسا من هشاشة بائنة في وحدتها الوطنية ولحمتها القومية، ولا أجدني مبالغا اذا قلت أننا من نسمي أنفسنا سودانيين ونعيش على هذه الأرض المسماة السودان، مازلنا أمة تحت التكوين ووطن تحت التأسيس ودولة لم تتأسس بعد على أسس الدولة الحديثة، وينتظرنا الكثير على هذا المسار الشاق، ولكن للأسف بدلا من ان تتجه العزائم لانجاز هذا الهدف الكبير، اذا بحميدتي ولجنته لا يبقون البلاد على هشاشة تكوينها القومي، بل يزيدونها ضعفا وتمزقا باعادتها الى تقسيمات المستعمر، الذي قسم البلاد على نهج (فرق تسد) الى ديار للقبائل حتى تسهل له السيطرة على كل قبيلة على حدة، فكانت هناك دار داجو، دارتنجر، دار ميدوب، دار زغاوة، دار كبابيش، دار حمر، دار مسيرية، دار برتي، داربرقد، دار مساليت، الخ الخ، ومثل هذا التقسيم الاستعماري الذي سارت على نهجه (الانقاذ) المدحورة، ويقتفي أثره الآن حميدتي ولجنته، يهزم تماما مفهوم الدولة الوطنية الحديثة التي عرفها العالم وترسخت خلال القرون الأخيرة، وهو مفهوم يقوم على فكرة أن الدولة كيان ضروري لحياة البشر، وأنها تبنى على أساس فكرة جوهرية هي أن الدولة لكل مواطنيها دون تمييز بينهم على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو المستوى الاجتماعي أو المذهب أو أي تباين في أي من الصفات الاجتماعية والسياسية والثقافية، وبلادنا وفقا لهذا المفهوم العصري الحديث، ملك لكل السودانيين، وكل جزء فيها متاح لإقامة وعمل وتملك أي سوداني وسودانية دون تمييز بسبب القبيلة أو العرق أو النوع أو الدين..ان حاجة بلادنا الضرورية والملحة اليوم، هي لتكوين الأمة الواحدة وتأسيس الوطن الواحد وبناء الدولة الحديثة،وأن تتوحد كل الجهود وينصرف الكل بالكلية لاداء هذا الواجب المقدس، الذي يحتاج الى تضافر الجميع وتناغمهم بلا أي نشاز ودون أن يشذ أحد، وهل مثل هذه الغاية الكبرى ستكون موضع خلاف وتنازع، ومن هذا الذي سيجادل ويصارع في أمر بناء وطن متماسك وتأسيس دولة قوية ناهضة وفتية..المؤكد ان لا احد يغالط في هذا الواجب المقدس ولا يتخلف عنه الا متخلف وحميدتي ولجنته المذكورة الذين يعملون على اعادة البلاد الى عهود المشيخات والسلطناتٍ..
الجريدة
ان بلادنا تعاني أساسا من هشاشة بائنة في وحدتها الوطنية ولحمتها القومية، ولا أجدني مبالغا اذا قلت أننا من نسمي أنفسنا سودانيين ونعيش على هذه الأرض المسماة السودان، مازلنا أمة تحت التكوين ووطن تحت التأسيس ودولة لم تتأسس بعد على أسس الدولة الحديثة، وينتظرنا الكثير على هذا المسار الشاق، ولكن للأسف بدلا من ان تتجه العزائم لانجاز هذا الهدف الكبير، اذا بحميدتي ولجنته لا يبقون البلاد على هشاشة تكوينها القومي، بل يزيدونها ضعفا وتمزقا باعادتها الى تقسيمات المستعمر، الذي قسم البلاد على نهج (فرق تسد) الى ديار للقبائل حتى تسهل له السيطرة على كل قبيلة على حدة، فكانت هناك دار داجو، دارتنجر، دار ميدوب، دار زغاوة، دار كبابيش، دار حمر، دار مسيرية، دار برتي، داربرقد، دار مساليت، الخ الخ، ومثل هذا التقسيم الاستعماري الذي سارت على نهجه (الانقاذ) المدحورة، ويقتفي أثره الآن حميدتي ولجنته، يهزم تماما مفهوم الدولة الوطنية الحديثة التي عرفها العالم وترسخت خلال القرون الأخيرة، وهو مفهوم يقوم على فكرة أن الدولة كيان ضروري لحياة البشر، وأنها تبنى على أساس فكرة جوهرية هي أن الدولة لكل مواطنيها دون تمييز بينهم على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو المستوى الاجتماعي أو المذهب أو أي تباين في أي من الصفات الاجتماعية والسياسية والثقافية، وبلادنا وفقا لهذا المفهوم العصري الحديث، ملك لكل السودانيين، وكل جزء فيها متاح لإقامة وعمل وتملك أي سوداني وسودانية دون تمييز بسبب القبيلة أو العرق أو النوع أو الدين..ان حاجة بلادنا الضرورية والملحة اليوم، هي لتكوين الأمة الواحدة وتأسيس الوطن الواحد وبناء الدولة الحديثة،وأن تتوحد كل الجهود وينصرف الكل بالكلية لاداء هذا الواجب المقدس، الذي يحتاج الى تضافر الجميع وتناغمهم بلا أي نشاز ودون أن يشذ أحد، وهل مثل هذه الغاية الكبرى ستكون موضع خلاف وتنازع، ومن هذا الذي سيجادل ويصارع في أمر بناء وطن متماسك وتأسيس دولة قوية ناهضة وفتية..المؤكد ان لا احد يغالط في هذا الواجب المقدس ولا يتخلف عنه الا متخلف وحميدتي ولجنته المذكورة الذين يعملون على اعادة البلاد الى عهود المشيخات والسلطناتٍ..
الجريدة