دولة قطر وسياسة تصدير الثورة الأخوانية
قبل عقد من الزمان نشب خلاف بين مصر وقطر ، وكاد الأمر أن يتحول إلى قطيعة عامة مما جعل عاهل دولة الإمارات السابق يتدخل ، وقد وصف دولة قطر بأنها أشبه بسكان الفندق إذا قارناها بدولة كبيرة مثل مصر ، ولكن ، وفي خلال عشرة سنوات من العمل الإعلامي المنظم نجحت قطر في تكذيب رؤية الشيخ زايد بن نهيان ، قطر الآن ليست دولة صغيرة مثل سكان الفندق الصغير ، قطر الآن يُحسب لها تغيير الوضع في العراق ، مصر ، اليمن ، ليبيا ، وقد أستطاعت أن تنزع من محمود عباس أبو مازن قطاع غزة ولكنها فشلت في الضفة الغربية على الرغم من نشرها لوثائق المفاوضات السرية مع إسرائيل ، وقطر لا توجه سياستها الإعلامية نحو السودان وقطاع غزة وسوريا ، وذلك لقناعاتها التامة بأن هذه الدول حققت الشروط المطلوبة لأنها دول مقاومة وممانعة .
فدولة قطر ليست هي" دوار ونخلتين " كما كان يصفها الرئيس المصري الساخر محمد أنور السادات ، أنها ليست كذلك ، فهي الآن تعلم كل كبيرة وصغيرة في مصر ، وقد سلمها الأخوان كل وثائق جهاز أمن الدولة منذ عهد صلاح نصر ، فهناك من وصف قطر بأنها " كوبا " الستينات ، حيث عمدت الثورة الكوبية إلى دعم حركات التحرر في أنغولاو موزمبيق والكنغو زائير ، فقدت كوبا الثورية عشرة آلاف جندي في أنغولا ، ولم تخسر قطر حتى الآن سوى مراسل واحد في الصحراء الليبية ، كانت كوبا تتبنى مشروع محاربة الإمبريالية والإستعمار وسياسة التفرقة العنصرية ، كانت هذه مشاريع سامية ومهمة وجذابة لكل الذين أحبوا حلم المناضل الأممي تشي جيفارا ، كان فيدل كاسترو يؤكد أنه لا يريد من أفريقيا سوى إستعادة رفات جثامين الشهداء من الجنود الكوبيين وبأنه لا يبحث عن الكوبالت واليورانيوم .
ولا أعرف بالضبط ما هي المشروع السياسي الذي تبشر به قطر ، فهي ليست دولة ثورية أو ديمقراطية ، و كان الناس يعتقدون أن قطر تُبشر بالمشروع الأخواني الكبير ، لكن من خلال متابعتنا للأزمة الليبية ربما يكون الأخوان هم الآداة في تحقيق هذا المشروع لكنهم ليسوا الهدف المنشود ، يزعم القطريون أنهم دعموا عملية غزو ليبيا من أجل حماية الشعب الليبي ، وبأن دعمهم لن يتجاوز هذا الحدود ، ولكن هناك شيئ هام ، فهم لم يقولوا لنا ما هي طبيعة هذا الدعم أو حجمه ، أو من الذين يموّل الصواريخ الأمريكية التي تسقط الآن على رؤوس كل الليبيين ، وقد بدأ مذيعي قناة الجزيرة محرجين يوم أمس ، وقد كانوا يقرأون خبر العدوان الأمريكي على ليبيا بنفس طريقة قناة الحرة الأمريكية، ولا ننسى أن الخط الإعلامي للقناة كما تروّج لنفسها هو التحرر ونصرة القضية الفلسطينية ، ولا أعتقد أن صواريخ التوماهوك سوف توفر الأمن والحرية لمن ينشدون الديمقراطية في ليبيا ، فهناك " كرزاي " أو " مالكي " جديد تريد أن تنصبه أمريكا ليكون حاكماً على ليبيا ، ولا أعلم ما هو موقف الشيخ القرضاوي من هذا الغزو الذي جلبوه لهذا ؟؟ وربما يفكر الأن في طلب الشفاعة لساركوزي وكاميرون وأوباما في يوم القيامة ، فهو يفصل الفتاوي الدينية حسب الظرف السياسي ،واين عزمي بشارة ؟؟ ذلك المحلل الفلسطيني الإسرئيلي الذي عوضاً من محاربة الأحتلال الإسرائيلي في بلاده نجده الآن يشرع للتدخل الأجنبي في ليبيا ، وعلى الشعب الليبي ، والفار من جحيم القذافي ، أن يتهيأ للإستعمار الفرنسي الجديد ، ولماذا نعلم أطفالنا في المدارس بأن الجزائر فقدت مليون شهيد على يد الإستعمار الفرنسي ؟؟ فالمجتمع الدولي مثلاً لم يتدخل في ساحل العاج أو بورما أو حتى السودان ، أنه تدخل من أجل المصالح ، فالغزو الذي يحدث للجماهيرية الليبية الآن تم بطلب من الجامعة العربية ، وربما تكون هذه سابقة فريدة من نوعها ، فكما تكفلت كل من دولتي قطر ودولة الأمارات بدفع تكاليف الغزو ، لكن أين الديمقراطية في قطر والأمارات ؟؟ فهذه الدول تبحث عن ضريبة إعفاء من التحول الدايمقراطي ... لكنه وضعت في كفة الميزان شعب ليبيا وثرواته وسيادته ، ومقاومة تنتظر النصر من صواريخ توماهوك وكروز لا تستحق منا العطف والدعاء ، هذه معارضة عميلة تخرجت من مدرس أحمد الجلبي في العراق .
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]