ذاتُ سوارٍ لا عقل لها ولا دين

 


 

 

 

 ( 1 من 8 )

mohamed ahmed [waqialla1234@yahoo.com]

 

زعمت الدكتورة نوال السعداوي أنها أعظم مفكر نهضوي ظهر في العصور الحديثة، وأنها أعظم من الأستاذ عباس محمود العقاد في عالم الفكر، وأعلم  من الشيخ محمد متولي الشعراوي بتفسير القرآن الكريم، وأبعد أثرا من المفكرين العلمانيين قاسم أمين، وطه حسين!

وتعدادها لهذه الأسماء فيه خلط بيِّنٌ بين صناع الحياة ومدمريها. وهي تنمي إلى الطائفة الثانية بلا ريب، وإن كان مستواها العقلي أدنى بكثير ممن ذكرتهم من ممثلي مدرسة السخط وتدمير الحياة الاجتماعية والثقافية الإسلامية: طه حسين، وقاسم أمين!

سخط السعداوي على قاسم أمين:

ومع أن الأستاذ قاسم أمين هو الأقرب إلى خط نوال السعداوي التدميري، وإن كان متميزا عنها، إلا أنها شديدة الغيرة منه، والكراهية له، والحط من شأنه. وآية ذلك أن التغريبيين المصريين عندما احتفلوا أخيرا بقاسم أمين، وصنعوا مسلسلا تلفازيا، في أربعين حلقة، بمناسبة مرور مائة عام على وفاته، فإن السعداوي لم تسعد بذلك العمل الإعلامي الفني، وهاجمته بعنف، وهاجمت قاسم أمين نفسه، وهاجمت زوجه، وبنتيه. وهاجمت الأميرة نازلي، التي قدمها المسلسل على أنها هي الأخرى رائدة من رواد تحرير المرأة!

وهاجمت الشيخ الإمام محمد عبده، الذي قدمه المسلسل على أنه ربما كان المحرر الحقيقي لكتاب (تحرير المرأة) المنسوب إلى قاسم أمين، وهاجمت الوطني العظيم، الزعيم مصطفى كامل، وهاجمت سعد زغلول.

واتهمتهم جميعا بأنهم كانوا خاضعين لسلطة خديوي مصر توفيق، وأنهم أصحاب: " الحكمة الثعبانية التي تبدو لنا كأنما هي (عين العقل) أو قمة الحكمة, وأنهم حكماء العصر, على حين أن النخب العربية هي التي أوصلت بلادنا إلى ما هي فيه من تدهور، وتخلف وخضوع للقوى الخارجية والداخلية. إنها النخب العربية التي تقف ضد التحرير الحقيقي لبلادنا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا, وهي تقف أيضاً ضد التحرير الحقيقي للنساء والشباب والأطفال, وضد التحديث الحقيقي للتعليم والإعلام والثقافة, على    رغم كل شعاراتها الرنانة عن التحديث وتحرير النساء ".

وهنا جاءت السعداوي بجديد لم نسمع به من قبل على كثرة ما سمعنا من فضائح التغريبيين، التي تطفح بها الكتب ووسائط الإعلام.

الحياة الشخصية لقاسم أمين:

 لقد قالت عمن يسمى برائد تحرير المرأة الأستاذ قاسم أمين إنه قد:" عاش الحياة المزدوجة, وفصل بين الحب والزواج. أحب امرأة فنانة من الشعب الفقير, وكتم هذا الحب وجعله سرا دفينا, في حين أعلن زواجه من ابنة الباشا الغريرة الغبية. هذه الازدواجية الأخلاقية التي يتسم بها النظام الطبقي الأبوي, حيث ينجذب الرجل جسديا وعاطفيا إلى بنات الطبقة الدنيا, في حين ينجذب عقله الى بنات الطبقة العليا ".

ونوال السعداوي كعادتها في الرعونة والتطرف، وكيل التهم كيلا جزافا، لم تتهم قاسم أمين وحده بهذا الفعل الشائن، الذي لا نصدق أنه ارتكبه، وقد يكون الأمر مجرد زواج غير مشهور. وإنما قالت إن هذا كان شأن النخب العربية جميعا، بل شأن النظام الاجتماعي الذي يعيش فيه الناس جميعا، وهو النظام الاجتماعي الإسلامي، الذي تسميه الدكتورة نوال السعداوي انطلاقا من مفاهيمها التحليلية الطبقية الماركسية بالنظام الطبقي الأبوي.

والدكتورة نوال السعداوي لا تنطلق من المسلمات النظرية الماركسية، وحدها، وإنما  تبعثها كذلك غيرتها وغيظها من هذا المسلسل ذي الحلقات الأربعين، والذي عدد أسماء كثيرة أسهمت في فتنة التحرير المزعوم للمرأة،  خلال العقود الأولى والوسطى من القرن الميلادي الماضي، ولم يأت على ذكر اسمها من قريب أو بعيد، وذلك  مع أنها تدعي أنها القطب الأكبر في هذا المشروع المريب :" وتتألق هذه النخب العربية تحت الأضواء كما تألق قاسم أمين تحت الأضواء، في حين يُدفن في التاريخ نساء ورجال كانوا أكثر وعياً بتحرير المرأة وتحديث التعليم من قاسم أمين أو غيره من النخب العربية المتألقة في حاضرنا اليوم ". منهم حضرة الدكتورة نوال السعداوي ولا فخر!!

المصلحة في النص لا في مخالفته:

وكعادة  الدكتورة نوال السعداوي في التبرع بالجهل والتحكُّك بالإسلام، وادعاء العلم به زعمت أن الإسلام  يجعل الخروج على نصوصه أصلا من أصول التشريع، وأدانت قاسم أمين لأنه لم يستفد من هذا الأصل التشريعي المزعوم :" ظهر قاسم أمين في المسلسل التلفزيوني حذراً متردداً, أكثر تردداً من رجال آخرين من الطبقات الشعبية، مثل الشيخ علي يوسف, وزوجته الشجاعة السيدة صفية ابنة الشيخ المتسلط السادات, كما أن الشيخ علي يوسف كان أكثر فهماً لجوهر الإسلام من قاسم أمين الذي كان يردد الآيات القرآنية من دون إدراك لجوهر الفلسفة الإسلامية الذي يقول: (إذا تعارض النص مع المصلحة غلبت المصلحة على النص), لأن المصلحة متغيرة والنص ثابت ".

ولم تذكر لنا الدكتورة من أين أتتنا بهذا النص الذي حرصت أن تضعه بين قوسين، لتدل على أنه نص مقتبس من كتب الفلسفة الإسلامية، كما قالت. والفلسفة الإسلامية تبحث في العقائد والميتافيزيقيا، لا في التشريع والفقه والمسائل الاجتماعية، وهذا من جهل نوال السعداوي، التي لا تعرف أبسط النواحي المنهجية، ومهام العلوم واختصاصاتها، ثم تزعم بعد ذلك أنها أعلم بها من الآخرين، وتزعم أنها أعلم بالفكر من إمام الفكر العقاد، وأعلم بالدين من إمام الدين الشعراوي!

جهل نوال السعداوي بالمنهج والإسلام:

وفي الحقيقة فإنه لا يوجد نص كهذا لا في كتب الحديث، ولا في كتب أصول الفقه، ولا كتب في مفاهيم أصول التشريع، ولا في كتب الفقه، ودع عنك حكاية كتب الفلسفة الإسلامية التي ليس من اختصاصها بحث هذه الأمور!

فهذا نص متوهم، أو مخترع، أو مزور، وهو نص شاذ يخالف أصول الدين، لأن الدين هو الذي يحق المصلحة للعباد، وتلك هي رسالته، ولذلك أرسل الله تعالى الرسل بالهدى والبينات، فالمصلحة تنطوي في النص، ولا تخاف النصوص جاءت المصالح الحقيقية للبشر، ولو جازت قاعدة مثل هذه القاعدة التي زعمتها السعداوي، إلا لانفرط أمر الدين، وصار كل من له مصلحة مشبوهة تتعارض مع النص، سار مع مصلحته وهجر النص القرآني أو الحديثي الذي يتعارض معها.

وهذه حيلة أخرى من حيل أعداء الله المتطرفين من أمثال نوال السعداوي. فمرة يخالفون الدين جهرة ويستهزئون بأحكامه، ومرة يدعون أنهم متدينون، وأنهم يفهمون الإسلام أفضل من المسلمين، وأنهم قادرون على (تأويل) نصوصه، بما يناسب العصر، ويجاري أوضاعه المتغيرة، ومرة يدعون أنهم لا يخالفون الدين، أو في الأحرى يخالفونه، بتقديمهم المصلحة على النص.

 

 

ذاتُ سوارٍ لا عقل لها ولا دين

الأنثى ليست هي الأصل!!

( 2 من 8 )

محمد وقيع الله

 

 

 

لو كان لنوال السعدواي بعض أثارة من وعي أو عقل لألزمت نفسها خطة معتدلة في الدفاع عن بنات جنسها الإناث دون أن تقع في الخطأ المقابل بالقول بانحطاط جنس الرجال.

 ولو كان لها ذرة من فطنة لما طاب لها الخوض في هذا اللغو (العلمي) والاستناد إلى مزاعم منتقاة أو مسروقة من قول عالم غربي عاش في مطالع القرن الماضي يدعى ليستر وورد ذكر ملاحظات ساذجة تجاوز قدرها العلم الحديث.

من عالم النبات والحيوان:

 وقد أبدى هذا العالم ملاحظات من عالم النبات والحيوان، وأراد أن يطبقها على عالم الإنسان، فزعم أن جنس الأنثى في فصائل النبات والحيوان، متقدم على جنس الذكر فيها. وكذلك الحال في عالم الإنسان!

 وكتب يقول:  لو لاحظنا بعض النباتات كالمدقة والسداة لوضح لنا أنه في فصائل النباتات العليا عامة لا يكون الذكر إلا مخصبا للأنثى فحسب. أما الأنثى فتظل وتستمر وتنضج الثمرة. إن ذكور هذه النباتات تذبل وتموت بمجرد أن تفرز مادة الإخصاب فليس لهم وظيفة أخرى.

ويخرج ليستر وورد من ملاحظاته في عالم النباتات والحيوانات أن الوظيفة الأصيلة للذكر في الحياة الأولى، كان مؤقتا وثانويا بالنسبة لوظيفة الأنثى. وهناك بعض أنواع من الذكور لم يكن يحتوي جسمهم إلا على تجويف كبير بداخله الخصية، وأحيانا كان يتضاءل الذكر ليصبح مادة الإخصاب فقط، وأحيانا لا يكون إلا خصبة تعيش طفيليا على الأنثى.

ويكوِّن ليستر وورد نظريته من ملاحظاته الطويلة للحياة الطبيعية بين أشكال الحياة الأولى، ويقول إنه نتيجة لعملية الانتخاب الطبيعي فإن عملية جديدة خرجت إلى الوجود، هي عملية الإخصاب، وقد حدثت أول الأمر بواسطة عضو داخل الكائن ذاته (الخنثى). ثم انفصل هذا العضو عن الكائن الأساسي، وأصبح كائنا صغيرا جديدا يختلف عن الكائن الأصلي. وعاش هذا الكائن الجديد أول الأمر طفيليا على الكائن الأصلي ثم أصبح ملحقاًبه وحمل في كيس تطور لهذا الغرض.

وعلى هذا يقول وورد بعد ملاحظاته في عالم النبات والحيوان الأرقى، إن الأنثى في الحياة منذ نشأتها الأولى هي الأصل، والذكر فرع لها. وهو يتبنى من بعد ذلك نظرية تقول إن الأنثى في الحياة أسمى من الذكر ودورها أكثر أصالة وأهمية.

ويرد وورد على حجة أن بعض ذكور الطيور والحيوانات أكبر حجما من الأنثى وأبهى منظرا وأكثر قوة، أن هذا ليس بسبب سمو الذكر، وإنما هو نتيجة الانتخاب الطبيعي الذي فرض على الذكر بواسطة قوة الأنثى الأصيلة، وقدرتها على الانتخاب واختيار الأحسن فالأحسن من الذكور، ولم يكن أمام الذكر أي اختيار سوى أن يصبح أحسن فأحسن ليرضي متطلبات الأنثى المتزايدة.

الرجال أجبن من النساء:

ويكشف وورد في حقيقة ما سمى بعدوانية الذكر قائلا: " إن المعارك بين الذكور، رغم عنفها، نادرا ما تسبب الوفاة. وليس حقيقيا أن أقوى الذكور تخضع الإناث. إن الأنثى  - حتى وإن كانت أقل من الذكر حجما وقوة - فهي تفرض سيطرتها وتمارس اختيارها بالقوة والإصرار والدقة نفسها كتلك الحالات التي تكون فيها أكثر قوة منه، ولذلك فإني أرفض اصطلاح (التفوق الذكري) من أجل تلك الحالات القليلة نسبيا التي اكتسب فيها الذكر حجماً أو قوة أكثر من الأنثى، أو اكتسب تلك الألوان أو الريشات التي جمّلته بها الأنثى ".

بهذه التخرصات الداروينية المفرطة، أو التخرصات التي تتخطى تخرصات الداروينيين الذين يتحدثون عن انتقال الإنسان من عالم الحيوان، يريد هذا العالم المتقادم أن يلقي في رُوعنا أن المرأة أقوى من الرجل وأنها هي الأصل!

وهذا هو مجمل الأطروحة الرجعية التي سرقتها نوال السعداوي وأقامت عليها كتابها التأسيسي الذي تفرعت منه بقية أفكارها وكتاباتها الخبيثة، وهو كتاب (الأنثى هي الأصل)!

خرافات الأنثروبولوجيا:

وأضافت السعداوي إلى خرافات وورد (العلمية) حكايات شعبية تاريخية أنثروبولوجية أسطورية، يوجد الكثير من حكايات التاريخ والأنثروبولوجيا ما يخالفها وينقضها في الصميم.

تقول نوال السعداوي إن التاريخ يحدثنا عن أن المرأة كانت هي الأصل وربة الأسرة، ولم يكن الرجل سوى تابع يخضع لأنثاه:" ولا تزال بقايا هذه المجتمعات الأموية في بعض القبائل الإفريقية حتى اليوم. إن المرأة في قبيلة أويمبا في شرق إفريقيا هي التي تحدد العلاقة بينها وبين الرجل وهي التي تختاره، وحين تختاره فهو لا يستطيع أن يرفضها. وفوق ذلك فإنها إن لم تنجب منه طفلا خلال السنة الأولى من علاقتهما فهي تطرده وتختار رجلا غيره، وهذه السلطة والحرية أيضاً تتمتع بها المرأة في أوغندة وداهومي حيث تجلس النساء على مثل العرش الذي تجلس عليه نساء أويمبا ".

وهذه دعاوى أنثروبولوجية تالفة، سبق أن تشبث بها الفيلسوف الماركسي فريدريك إنجلز في كتابه (أصل الأسرة والملكية الخاصة والدولة)، وحاول أن يجعل منها سندا لنظريته في الصراع الطبقي، الذي يهدف إلى تحطيم الدولة، لأنها – كما زعم - امتداد لمؤسسة الأسرة، وبالتالي يجب البدء بتحطيم مؤسسة الأسرة!

اكتشاف الرجل لأبوته:

ومن اعتقادات السعداوي الافتراضية الساذجة، أن اكتشاف الرجل لأبوته التي ظلت مجهولة فترة طويلة، هو الذي جعله يحاول تحقيق ذاته، وذلك بأن يثور على المرأة، ويعزلها عن عرشها الذي هيأته لها طبيعتها البيولوجية.

 وتتعلق السعداوي بمزيد من خرافات الأنثروبولوجيا فتقول:" تشير معظم المصادر الأنثربولوجية عن هذه الفترة من تاريخ البشرية إلى تلك الكراهية المبكرة التي يشعر بها الرجل نحو ملكته الأصلية، وهي أمه. وكان على هذه الأم بالطبع أن تفطمه، لأن المستقبل أمامهن كان مفتوحا ليصبحن كأمهاتهن النساء ذوات السلطة والحرية والاختيار. أما الأولاد الذكور الصغار فكانوا على عكس ذلك، يشعرون بوضعهم الطفيلي على الأم، وحاجتهم الشديدة بها لتطعمهم، ولم يكن أمام الذكور إزاء اختيار المرأة القوية الشكيمة العنيدة الممتلئة ثقة بنفسها والتي كانت بغريزتها الطبيعية، لا تختار إلا أقوى ما ينتجه الجنس البشري من ذكور، ولم يكن أمام الذكور في مثل هذه التربة النفسية إلا أن يشعروا بالكراهية والحسد لجنس النساء ".

وقولها إن هذا ما تقوله معظم المصادر الأنثروبولوجية، فكذب وإفك، لأن المصادر الأنثروبولوجية لا تتواطأ على القول بهذا الأمر، وإنما هو قول نادر جاء في بعض هذه المصادر، ولا يصلح للتعميم وبناء النظريات، ولكن نوال السعداوي تأخذ ما يعجبها فقط من المصادر، وتقول إنه الأصل، كما تزعم في كتابها هذا إن الأنثى هي الأصل، وتتجاهل أكثر مصادر الأنثروبولوجيا والتاريخ والدين التي تقول بغير هذا القول.

شيزوفرانيا الرجال:

 وتظن السعداوي أن أسباب تلك الكراهية الدفينة التي يظهرها بعض الرجال من المرضى بالشيزوفرنيا، قد نبتت في أعماق ذاكرة الإنسان إلى هذه الفترة الأولى من حياة البشرية، التي كانت الأنثى فيها هي الأصل.

وأن في هذه التربة النفسية الأولى التي عاشها الذكر، نبتت الجذور الأولى لتلك الظاهرة، التي تسمى في علم النفس باسم (حسد المرأة) أو ذلك الحنين الدفين في نفس الذكر للأمومة، ولأن يكون أنثى تحمل وتلد، والذي يظهره بوضوح بعض الرجال المرضى بالانفصام، أو الأمراض النفسية الأخرى.

 وأيضاً الظاهرة المسماة ظاهرة (كوفاد) وغيرها من الظواهر النفسية التي صادفت معظم أطباء وعلماء النفس بين حالات الرجال حيث يشعر الرجل بالحنين إلى أن يكون امرأة أو يحاول ذلك فعلاً ".

وهكذا تميل السعداوي مرة أخرى إلى التعميم بغير سند، وتصف الرجال بالشيزوفرانيا بعد ان رفضت وصف المرأة بالهستيريا، وحسبك ما في هذا  الوزن المزدوج. والحديث الذي ساقته السعداوي ليس فيه أمانة العلماء ولا أشباههم، فهؤلاء الرجال المرضى الذين تحدثت عنهم تعرفهم الثقافة الشعبية بأنهم رجال خائبون، ولا يمثلون الوسط العام ولا القاعدة المطردة وسط الرجال في أي بلاد.

وتوغل نوال السعداوي في هذا الشطط اللا علمي في تفسير علاقات الرجل بالمرأة فتقول : " منذ البداية لم يكن سعي الرجل إلى المرأة لأخذها بالقوة (أو بالاغتصاب)،

بسبب حبه لها أو حبه في إنجاب الأطفال، بل كان رغبة عدوانية (سادية) للانتقام وانتزاع السلطة منها، ومعنى ذلك أن الدافع إليها لم يكن هو الحب، وإنما كان الحاجة إلى امتلاك هذه السلطة، وقد وجد في الدراسات الأنثروبولوجية أن هذه الآونة بدأت الملكية الخاصة ". حيث امتلك الرجل بعد المرأة الأرض والرقيق والأشياء التي تفيض عن حاجته، وتواصل ظلم الإنسان لأخيه الإنسان بسبب التوسع في الملكية الخاصة، وهذا هو عينه كلام فريدريك إنجلز الذي ألمحنا إليه قبل قليل.

وتزعم السعداوي أنه في ضوء هذا التطور البيولوجي والاجتماعي والاقتصادي نشأت  الأسرة. ليس بدافع حب الرجل للمرأة والأطفال، وإنما نشأت بدافع الاستغلال الاقتصادي والطمع والكراهية، وتظن أن غيرة الرجل على امرأته وفرضه عليها العفة والعذرية والوحدانية في الزواج، لم ينشأ بسبب الحب، وإنما بسبب الرغبة في الامتلاك والسيطرة، وهي تستند في ذلك إلى قرينة واهية جدا، لا قيمة لها، مأخوذة من جذور اللغة اللاتينية، حيث أن كلمة الأسرة تعنى في أصلها اللاتيني الخدم أو العبيد، ولا ترجع إلى جذور الكلمة في اللغات الأخرى، ومنها اللغة العربية التي تهمنا لا اللاتينية، لترى عن كانت تحمل المعنى نفسه أم لا؟

وقد رجعنا إلى أصل الكلمة في اللسان فوجدناه يقول: وعِيَالُ الرَّجُلِ وعَيِّلُه: الذين يَتَكفَّلُ بهم، وقد يكون العَيِّلُ واحداً والجمع عالةٌ... وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: ما وِعاءُ العَشَرة؟ قال: رجُلٌ يُدْخِل على عَشَرةِ عَيِّلٍ وِعاءً من طعام؛ يُريد على عَشَرةِ أَنفسٍ يَعُولُهم؛ العَيِّلُ واحد العِيَال والجمع عَيَائل كَجَيِّد وجِياد وجَيائد، وأَصله عَيْوِلٌ فأَدغم، وقد يقع على الجماعة، ولذلك أَضاف إِليه ". وإذن فأصل كلمة العائلة من التضحية والتكفل، فهذا ما يقوله اللسان العربي وعليه التعويل وليس على ما تجئ به لغة الطليان.

 

ذاتُ سوارٍ لا عقل لها ولا دين

الأنثى ليست هي الأصل!!

( 3 من 8 )

محمد وقيع الله

 

 

لجَّت نوال السعداوي في لغطها اللا علمي وعتت عتوا كبيرا وهي تقاوم نفوذ الرجل لتقيم مقامه نفوذ الأنثى.

ولا أحد يكره الأنثى أو يتحامل عليها أو يستصغر دورها في الحياة، ولكن من سوء الخلائق والطبائع، أن يتنكر المرء إلى سنن الخلق، وسواء الفطرة، ليرجف بالزور ويلبسه ثوب العلم.

وفي كتابها (الأنثى هي الأصل) تقول نوال السعداوي نقلا عن ملهمها ليستر وورد: وهكذا يتضح لنا مهما بدت الأسرة في البلاد المتحضرة، إلا أنها في أصلها ومنشئها لم تكن إلا مؤسسة لاستعباد المرأة والأطفال أكثر فأكثر، لأنها قلبت الأوضاع الطبيعية التي كانت فيها الأم هي الملكة وهي التي تحدد من يكون الأب، وهي التي تحمي الأطفال بحب الأم الذي وجد فيها بالطبيعة لهذا الغرض.وإن الرجل في الأسرة البدائية لم يكن إلا عضوا ذكريا زائدا ومتطفلاً على المجتمع الإنساني!

الرجل لا يصلح أبا:

وتبعا لذلك تعتقد نوال السعداوي، كما يعتقد ملهمها الضال ليستر وورد، أن الرجل لم يؤهل بطبيعته البيولوجية، وبوظيفته الأساسية كمجرد مخصب للأنثى، أن يرتفع إلى إدراك معنى الأبوة نفسيا وإنسانيا، وأنه استطاع فقط باكتسابه لبعض القوة العضلية على الأنثى، أن  يتفوق عليها جسديا ويخضعها لإرادته، ثم استطاع بطمعه الاقتصادي أن يمتلك العبيد وأن ينشئ الأسرة، وكان مدفوعا دائما إلى كل ذلك بأنانيته، ورغبته في السيطرة، وأنه منذ البداية لم يكن لديه أي إدراك عاطفي أو نفسي لمعنى الأبوة، أكثر من إدراك الجرو أو ديك الفراخ لمعنى الأبوة!

بل إن رغباته البيولوجية والجنسية قد فشلت في فتح عينيه على الحاجة إلى الأبوة، وإن هذا الأب البدائي صاحب الأسرة البدائية كان يغضب حين تنشغل امرأته عنه بإطعام طفلها، وكان لا يعنيه إلا أن ترضى المرأة حاجته إلى الطعام أو الجنس، وكان يعتبر الطفل الجديد مخلوقا مفروضا عليه، ومعطلا لأمه عن تلبية مطالبه، ولهذا أضمر له الكراهية وفي بعض الأحيان كان يقتله، وعرف التاريخ تلك الفترة حين كان الأطفال يقتلون بواسطة آبائهم بسبب عدم حاجتهم الاقتصادية إلى هؤلاء الأطفال. وتميل نوال السعداوي إلى الاعتقاد بأن ذلكم هو السبب في الكراهية التي يخفيها أو يظهرها أحيانا بعض الآباء المتحضرين في عالمنا هذا لأطفالهم.

وتزعم  نوال السعداوي أن الأب لا يبدأ في إدراك معنى الأبوة نفسيا وعاطفيا إلا بعد أن يكبر الطفل ويصبح نافعا اقتصاديا. ومعنى هذا أن الأب البدائي لم يكن أبا بالمعنى النفسي والإنساني الصحيح، وأنه تخلف عن المرأة كثيرا نفسيا وإنسانيا، وأنه إذا كان هناك من هو أسمى من الآخر أو أكثر تطورا نفسيا وإنسانيا فإنها المرأة وليس الرجل.

لأن الرجل كان بطيئا في تطوره النفسي كأب، وقد انشغل بنفسه وغرائزه عن أي شيء آخر، ولهذا كان يكره أن تكون المرأة أما، وإنما كان يريدها فحسب لتخدمه وتطعمه وتشبع رغبته الجنسية.

المرأة هي الكائن الأسمى:

وذلك على عكس أمومة المرأة، التي تطورت منذ البداية كشعور عاطفي إنساني، والتي صمدت طويلا بقوة وعنف أمام بطش الرجل بأطفاله، وعدوانه الأناني المتخلف على الجنس البشري ذاته الذي ينتمي إليه. وتدعي السعداوي أنه كان ثمة احتمال قوي بأن ينقرض الجنس البشري بسبب عدوان الذكر، لولا ذلك الصمود من المرأة وقوتها العظيمة السامية في المحافظة على النوع.

وهكذا  فالعلاقة بين الرجل والمرأة، هي علاقة صراع تاريخي وجودي اقتصادي في تفكير نوال السعداوي المأخوذ أساسا من تصورات كارل ماركس الفلسفية للتناقض والصراع المادي الطبقي. ولا تكاد نوال السعداوي تحيد عن هذه التصورات إلا لتميل إلى منهج فريدريك إنجلز في الاستنجاد بمباحث الأنثروبولوجيا الجزئية المنقوصة كما أشرنا إلى ذلك من قبل.

العلاقة علاقة تكامل لا صراع:

ولا يتسع وجدان نوال السعداوي ولا خاطرها لكي تتصور العلاقة بين شقي الإنسانية، كعلاقة الشقين المتساندين المتكاملين، كما لا يتسع فكرها ولا تأملها ولا إدراكها ولا اطلاعها لكي تعرف أنه لا توجد في مجتمعات المسلمين اليوم، وأنه لم يوجد في تاريخهم مشكلة للمرأة على النحو الذي تبالغ وتشتط في تصويره وتحليله.

فالعلاقة بين الرجل والأنثى في التصور الإسلامي، وفي التاريخ الإسلامي، وفي الحياة الإسلامية المعاصرة، ليست علاقة صراع أصولي حاد، على النحو البدائي العنيف الذي تتحدث عنه نوال السعداوي.

وقد لاحظ القارئ أن هذه المنظرة المتطرفة المفتونة لا تنظر إلا إلى التجربة الغربية، ولا تستمد أحكامها إلا منها، ثم تنقلب لتطبقها على البيئات الإسلامية، التي لم تعرف تلك التجارب، لا في الماضي، ولا في الحاضر. فمشكلة المرأة على النحو الذي تتحدث عنه نوال السعداوي، لم يسجل لنا تاريخ الحضارة الإسلامية شيئا مثله ولا قريبا منه.

إفادة مالك بن نبي:

وفي هذا يقول فيلسوف العصر والعصور القادمة سيدنا وإمامنا العلامة الشيخ مالك بن نبي، رحمه الله، في مقال له كان مطويا ونشر حديثا بموقعه الالكتروني الذي أطلقه بعض شباب الجزائر إن مشكلة المرأة ليس لها تاريخ يذكر في عالمنا الإسلامي :" ولكي تكون الفكرة واضحة كما ينبغي، أرى لزاما علي أن أرجع الى أكبر عالم اجتماعي في الوطن العربي، وهو مؤسس علم الاجتماع، وأعني به ابن خلدون رحمه الله، ونحن نعرف دقته وحرصه في تصنيفه لنوع المشكلات الاجتماعية، وطرحها بأسلوب علمي، فلم نر، ولم نجد أثرا في كتابه القيم (المقدمة) ولم يعقد فيه فصلا عنوانه المرأة أو في شيء من هذا القبيل، وهدا دليل قاطع يبين لنا أنه من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عصر ابن خلدون - خلال هده الفترة الزمنية ومدتها عشر قرون تقريبا- لم توجد ولم تعرف هده المشكلة إطلاقا في الفكر الإسلامي ولا في المجتمع الإسلامي، وهذا يغنينا عن كل دليل على أن الإسلام أتى وقدم الحلول لكل أنواع المشكلات المحتملة إن كانت هناك مشكلات لا قدر الله، وحياة سلفنا الصالح هي أكثر من حل وأكثر من نموذج وأكثر من برنامج وأكثر من منهاج إسلامي واضح المعالم والقيم لا يحتاج إلى طعن أو شك أو نظر ". وصدق مالك بن نبي رضي الله عنه، وإذا كانت نوال السعدواي تحب الاستشهاد بأعمال المؤرخين والأنثروبوجيين، فإن مالك بن نبي قد استشهد بأعظم فلاسفة تاريخ الحضارة الإنسانية، على الإطلاق، بشهادة أعظم فلاسفة التاريخ المعاصرين توينبي القائل عن مقدمة ابن خلدون إن: " صاحبها قد تصور وصاغ فلسفة للتاريخ هي بلا شك أعظم عمل من نوعه تمكن عقل إنساني من ابتكاره في أي زمان أو مكان ". وكفى بهذه الشهادة في ابن خلدون شهادة لا ترد، وكفى باستشهاد ابن نبي بابن خلدون شهادة لا ترد، وكفى باستشهادات السعداوى المزورة، أن يردها كل من له ذرة عقل أو حبة خردل من يقين.

تنظير نوال مصطفى:

 وحديثا أحكمت التنظير في هذه المسألة بالذات، إحدى صاحبات العقل النير، والدين المتين، من حفيدات مالك بن نبي، وهي المثقفة الإسلامية الرصينة، الدكتورة نوال مصطفى دفع الله، في قولها إن الله تعالى قد:" خلق الله الكون أزواجاً، ليس بغرض التكاثر أو التوالد لأنه تعالى كان قادرا على أن يجعل الإنسان متكاثرا من نوع واحد شأنه شأن البكتريا بالانقسام أو الانشطار، ولكن الغرض هو التكامل.. هو الاتحاد والتجانس.. هو حيوية التفاعل مع الآخر.. والزوجية ليست حكرا على الإنسان، بل كل مخلوقات الدنيا.. جمادها وأحياؤها.. ساكنها ومتحركها زوجين.. رجل وإمرأة.. ذكر وأنثى.. سالب وموجب كما في الذرة بشحنتيها المتعادلتين.. حتى لا يبغى طرف على طرف، ولا نوع على نوع، ولا كائن على كائن، حتى يتزن العالم (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب) ق 7-8.

 (:(وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج لعلكم تذكرون) الأنعام. (ومن كل شيء خلقنا زوجين) الذاريات  49

أصل الخلق زوجين في الإنسان والحيوان والنبات والجماد.. تكامل وتناسق وتناغم        ليست ثنائية اختلاف وتنافر، بل توحد وترابط وانجذاب غير مخل ولا معيب.

هكذا خلق الله الزوجية وفطرها على الاجتماع والترابط الذي بدونه لا تكون الحياة ولا    يعمر الكون ولا يعبد الله.

وأودع فيها السكينة والمودة والرحمة.. بذر بين الزوجين بذرة الميل والانعطاف في مسيرة خالدة هي خلافة الله في الأرض.. مسيرة تعبد وتنسك وصلاح، ومسيرة لا تتأتى إلا بالمؤازرة والمعاونة والاستئناس: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها). الأعراف 189. من ذات الأصل ومن ذات المصدر بعضا منها، والروح من ذات النفخة الربانية من ذات الأمر الإلهي بذات الخصائص الإنسانية في الوجود   وفي الإرادة والتكليف والمساءلة. فالتكليف ابتداء خوطب الاثنان معا: (أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) البقرة 35. لم يميز خطاب التكليف بين رجل و امرأة ولم يخاطب الله المرأة عبر الرجل بل خاطبهما معاً أوكل لهما ذات المهام والتكاليف.. فهما وحدة واحدة لا تتجزأ ولا تنقسم ولا يستقيم أمرها إلا معاً تكاملاً وتناسقا.. حتى إبليس لم ينفرد بأحدهما بل وسوس لهما الاثنين معا وأقسم لهما معا وأذلهما معا وأخرجهما معا بلا تقديم ولا تأخير. جعل الله الإنسان خليفته في الأرض: (إني جاعل في الأرض خليفة) لم يقل الله إني جاعل آدم خليفة في الأرض بل هما الاثنان معاً تتحقق عبرهما خلافة الله في الأرض، فهي خليفته كما هو خليفته: (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم   فوق بعض درجات) الأنعام 165.

إن الله يتعامل مباشرة معهما معا كلا على حده، يكلفه ويسائله ويجازيه خيرا أو شرا.. خاطب الله في الإنسان عقله وقلبه وحرك بقايا فطرة في الحياة الكريمة الحرة العادلة حرر فيه حواسه ومقدراته وفؤاده من التقيد والتعطيل لينطلق في ملكوت الله يسبحه ويقدسه دون سواه: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولاً) وجعل الله السمع والبصر والفؤاد هي مناط التكليف والمساءلة من بعد هبوط آدم وحواء إلى الأرض جاءت مرحلة ثانية لم يعد فيها آدم وحواء بمفردهما بل تكاثرا وتوالدا وأصبح الاثنان جماعة وجماعات فجاء الخطاب من بعد للجماعة بلا تفصيل: (كان الناس أمة واحدة) البقرة 213. (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون) البقرة4. أو بصفة المفرد الذي يقصد به مفرد جنس البشرية من الرجال والنساء :(والعصر إن الإنسان لفي خسر) (فلينظر الإنسان بما خلق) الطارق 5 (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم) الانفطار6. .. كل تكاليف التدبر والتأمل والإقرار لله بالألوهية والربوبية والوحدانية خوطب بها الإنسان ذكرا أو أنثى.. وكذلك كل تكاليف التعبد والتنسك بالأركان والسنن والفضائل خوطب بها جملة الرجال والنساء إلا من مساحة مخصوصة لكل من الجنسين وما لم يوجب على المرأة من الإنفاق والجهاد وغيره قد يستحيل إلى فرض عين كما في الجهاد إن هجم العدو. كل التكاليف نزلت جملة على النساء والرجال لم يخصص للناس أنبياء من جنسها ولا مساجد منفصلة ولا بيئات معزولة. هكذا كان الخطاب الديني مع كل الأنبياء ومن كل  الأديان ".

فما أفضل هذا التنظير وما أرقاه وما أقربه إلى الفطرة والرشد :" فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ". وما أعقله من تنظير، إذ أنه استمد من القرآن الكريم، ومن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم،  لا من النظر التقليدي الأعمى السقيم، في  تاريخ الآخرين، وأعرافهم وتقاليدهم. وإن هذا لهو النظر الحكيم الذي يهتدي به المسلمون المعاصرون، ويهدون إليه البشرية الضالة في الغرب، التي تقتفي خطاها ربة الضلال والانحلال: نوال السعداوي.

 

 

 

ذات سوار لا عقل لها ولا دين

لماذا نسبت نوال السعداوي أبناءها إليها لا إلى أبيهم؟

( 4 من 8)

محمد وقيع الله

 

 

إذا كنت لا تؤمن بالدين فهذا شأنك. لكن ليس من شأنك أن تتدخل في إيمان الآخرين بدينهم، ولا أن تسب دينهم وتحقره. ولكن نوال السعداوي لا تلتزم بهذه الآداب الحضارية، التي يؤمن بها الناس في الشرق والغرب، ولذا تراها شديدة التلذذ بالإساءة إلى الإسلام وجمهرة المؤمنين به.

 لماذا يكرهها الناس؟

ومع ذلك فإنها تدعي أن الناس يكرهونها وينبذونها بغير ما سبب معقول أو مقبول. وهي لذلك تصف علاقة زواجها بالشيوعي شريف حتاتة بأنها:" كانت بيننا علاقة تضامن ضد مجتمع كان يسئ لنا ".

وعديمة الدين والاحترام هذه لابد أن تزج بالدين في أي مشكلة ليكون سببا فيها. فعندما سألتها الصحفية الفلسطينية ميسون أسدي: لماذا فشل نظام الزواج في أيامنا؟ أجابت تقول إن :" الناس تتزوج لأسباب اقتصادية واجتماعية، وليس لأسباب عاطفية حقيقية، حتى الحب في أيامنا أصبح مزيف، وعلاقات الحب غير سليمة، المرأة في نظر المجتمع أدنى من الرجل فهل يمكن أن يحدث تناسب بين الأعلى والأدنى، الزواج مؤسسة دينية، عقد عمل.

 المرأة تعمل عند زوجها يجب أن تكون هناك استقامة أخلاقية في الزواج، نقيم عهد أخلاص بين الزوجين وإذا حدث مثلا وقلبي تغير تجاه زوجي، وبدأت افقد الشعور بحبه، فأنا أخبر أولا شريكي بمشاعري، وأكون صادقة ولا أمارس علاقة مع شخص آخر، أو ادخل فراش إنسان آخر. الصدق هو أن يصدق الإنسان مع نفسه، ومن يعيش بقربهم، العلاقات يجب أن تبنى على الصدق. فحينما يتفق أثنين (كذا في الأصل!) ويكونوا (كذا في الأصل!) متساويين اقتصاديا وفكريا ورافضين القيم الدينية ويتزوجون (كذا في الأصل!) باتفاقية بينهمن (كذا في الأصل!) وليس حسب عقد الحكومة، أو العقود الدينية فسينجح الزواج".

ومن معنى هذا الكلام أن الزواج إذا قام على أسس دينية شرعية، قويمة، حسب الكتاب والسنة، فإنه لن يقوم على الحب، ولا على الصدق، ولا على العدالة، ولا على المساواة، وسيتخلله الغش، والخداع، والخيانة الزوجية!

وافق شريفٌ طبقة:

وزوجها شريف حتاتة يجاريها في انعدام العقل، بعد أن جاراها في انعدام الدين، وبزها فيه. فهاهو يؤمِّن على كلامها هذا التعميمي الشاطح غير المسؤول، ثم يقول عن حالة زواجهما:" طبعا أي قاعدة لها استثناء، هناك حالات فيها مساواة، أنا وزوجتي لنا حالة مساواة تامة داخل البيت، فهي امرأة عصامية، سافرت لوحدها مستقلة، ومتساويين معا في الحقوق... مؤسسة الزواج هي معضلة قائمة لها سنين طويلة ولم نهتدي (كذا في الأصل!) إلى حل لها حتى الآن، فما زلنا نتمسك بتراث الملكية ". وفحوى كلامه هذا أن مؤسسة الزواج باطلة من الأساس، وربما كان الأصح هو أن نهتدي بتراث ماركس الذي يلغي مؤسسة الزواج، من أساسها،لأنه أساس الملكية الخاصة، التي هي سبب الصراع الطبقي، ومصدر الظلم الاجتماعي والاقتصادي، ومبعث كل الشرور!

وهذا طرف من أقوال زوجها الدكتور شريف حتاتة. وهو باعترافه عديم دين. فعندما سألوه عن الأصولية الإسلامية والهجوم العالمي الشرس على الإسلام والعرب، قال:" أنا إنسان غير مؤمن، ولكن لندع هذه الهجمة .. هناك حاجة للعمل من داخل الحركات الإسلامية لتغيير النظرة عن الإسلام من النظرة الجامدة المتخلفة، وإظهار الجوهر الإسلامي التقدمي. الحركة الإسلامية لها قاعدة واسعة والناس تنضم إليهم، لأنهم فقدوا الثقة بالقيادة الفاشلة، والمجتمع لا يحقق لهم ما يريدون، وكونهم فقراء يلجئون للدين، لأنه يحتوي على قواعد أخلاقية.. أو على أقل تقدير.. ليذهبوا إلى الجنة ".

فهو يريد من الإسلاميين أن يغيروا ويبدلوا في دينهم، حتى يلغوا ثوابته، التي ظل المسلمون يحافظون عليها على مرِّ العصور، وذلك حتى يصبحوا تقدميين مثله ومثل زوجته، وألا يكتفوا باتباع الدين لأنه يضمن لهم الجنة، فأقطاب اليسار لا يؤمنون بالجنة ولا بالآخرة، وإنما بالحياة الدنيا فقط، والجنة عندهم هي الحياة الشيوعية التي تختفي فيها مؤسسة الزواج والأسرة عن الوجود!

تسمية الإبن بأمه:

ومن تخبط ربي هذه الأسرة الضالة اتخاذهما قرارا بنسبة أبنائهما إلى أمهم، لمجرد مخالفة الشرع الإسلامي، وكافة الشرائع والقوانين المعاصرة، التي تنسب الابن إلى أبيه.

وتقول نوال السعداوي في تبرير هذا التصرف:" هناك ضرورة نسب الأبناء إلى أمهم، لأن نسبهم إلى أبيهم فقط فيه ظلم للمرأة، التي قامت بدور يفوق الرجل في ولادة هذا الطفل، لهذا فهي الأحق بنسبهم إليها أو على الأقل يتم نسبهم للأم والأب معا وقد لاقت هذه الدعوة رفضاً قاطعاً من الجميع ". فالأفضل والأولى في فقه السعداوي أن ينسب الابن إلى الأم، ولكن لا مانع من إضافة الأب وإلحاقه بالنسب أو إلحاق النسب إليه.

وأما دليلها على مشروعية هذا الأمر النكر فتزعم أنها استمدته من قول الله تعالى:(ولقد كرَّمنا بني آدم)، فالتكريم يشمل الرجال والنساء معا، ولا يوجد في الشرع ما يمنع ذلك ".

ويتدخل زوجها ليساندها في منطقها ويقول:" إنه لا يوجد مانع من أن يحمل ابنه اسمه واسم زوجته الدكتورة نوال، " فهذا أقرب للعدل لأننا أسهمنا معاً في ميلاد هذا الطفل وتكوينه، وكل واحد منا قام بدور يكمل دور الآخر، ولهذا أطالب بتغيير هذه القوانين لتكون أكثر إنصافاً للمرأة ".

إن نسبة الابن إلى أمه هو الشرع الطبيعي والأفضل في نظر فريدريك إنجلز المؤسس الشريك للمذهب الشيوعي، فهو الذي جادل بذلك في كتابه (أصل الأسرة والملكية الخاصة والدولة). وزعم أن حالة المشاعية الجنسية التي عاشتها البشرية في عصورها الأولى لم تكن تسمح بنسبة الابن إلى أبيه لأن الأب غير معروف، ولما لم يبق معروفا إلا الأم، فقد تمت النسبة إليها، وظل الحال كذلك وظل الناس يعيشون في وئام وسلام، إلى أن ظهرت فكرة الزراعة، واضطر الناس على أن يعيشوا في شكل كتل صغيرة، ليتعاونوا على مشاغلها ومشاقها. ومن هنا انبثقت فكرة الأسرة، والملكية الخاصة، ونشأ الصراع والتقاتل بين الناس، إلى يوم الناس هذا على هذا الأساس، ولا حل إلا بإلغاء فكرة الزواج، وتدمير مؤسسة الأسرة، والعود إلى حال الشيوعية الجنسية الأولى، أي شيوع النساء على الرجال، وإنجاب الأطفال على هذا الأساس، ونسبة الطفل من ثم إلى أمه، لا إلا أبيه غير المعروف!!

هذا هو المنطق الذي ينسد مزاعم الدكتور حتاتة زوج نوال السعداوي، أما زوجه فقد شاءت أن تتخذ مرجعيتها من القرآن الكريم، مع أنها لا تحترمه، ولا تؤمن به، وكثيرا ما تخرج على أحكامه، وتنتقدها، وتصفها بالتخلف، والظلم، وغير ذلك من الأوصاف الشائنة. فلماذا شاءت أن ترجع إليه في هذا الحين وتستند إليه؟!

إنها قد شاءت أن ترجع إلى القرآن الكريم وتستند إليه، لغرض آخر، يتصل بطبيعتها في التعالم، وادعائها أنها تفهم أي شيئ أفضل من أربابه وذويه. ولكنها لسوء حظها قد كشفت عن جهلها الوافر حين انزلقت في هذا المنزلق. فالآية التي أوردت طرفا منها لا تدل على ما قالت وهي ذات طبيعة عمومية، مفادها أن الله تعالى كرم الإنسان بالعقل، والاستخلاف في الأرض، ولا تتعلق هذه الآية بفقه الأسرة وما يسمى بالأحوال الشخصية بشكل ظاهر مباشر.

وأما الآية التي تتناول هذا الأمر فهي تدل على خلاف ما ترمي إليه نوال، وهي التي تنص على وجوب نسبة الأبناء إلى آبائهم وليس إلى أمهاتهم ولا بالاشتراك. يقول الله تعالى (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ *ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ)[الأحزاب: 3-4].

 

 

ذاتُ سوارٍ لا عقل لها ولا دين

لماذا ارتكبت نوال السعداوي جريمة قتل؟

( 4 من 8 )

محمد وقيع الله

 

كان الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو يقول إن تشبث الإنسان الفارغ بالآيديولوجيا الفاسدة  قد يقوده إلى ارتكاب جرائم القتل. قال ذلك في كتابه شديد التأثير (المتمرد) وكان يعني به النازيين والفاشيين والشيوعيين والمتعصبين الدينيين وأشباههم.

 ولكنه ما أشار فيه من قريب أو بعيد إلى أمثال التشبث الأرعن بالآيديولوجيا الفارغة الذي تدمنه الدكتورة نوال السعداوي والذي قادها يوما إلى ارتكاب جريمة قتل حقيقية بحطة روح نادرة.

كان ذلك لأن زوجها السابق، أو الأسبق، لا ندري، طلب منها طلبا بسيطا مشروعا، وهو أن تهتم بأمر بيتها أولا، ثم تتفرغ بعد ذلك لتفريخ الروايات الأدبية  والبحوث الفطيرة. ولأجل ذلك غاضبته، وأعلنت التمرد عليه، وعلى الشرائع الدينية والتقاليد الاجتماعية التي تقيد حرية المرأة في الإبداع كما زعمت.

زوجة مهمتها كتابة الروايات:

وما لبثت أن رفعت عقيرتها لتعلن:" أدنت العلاقات الزوجية التي تمنع المرأة من الإبداع. وأنا ضد الصيغ النهائية للعلاقات الإنسانية وأنا أجتهد فقط لتحسين الحياة.

 فأنا لم يفلح معي الزواج السلطوي حيث تجمعت السلطات المترابطة على شكل الهرم الأكبر ووضعتني في فراش الزوجية ".

 وقالت إنها أنها قامت بنفسها بتطليق زوجيها الأول والثانى عندما طلبا منها أن تختار بينهما وبين مهنتها:" وذكرت أن الرجال كائنات غريبة فقد كانت علاقتها على سبيل المثال بزوجها الثانى، أستاذ القانون، على خير ما يرام قبل الزواج، ثم سرعان ما تبدل كل شئ عقب ذلك، فقد أراد حيازتها ومنعها من الكتابة الخلاقة التى تتنفس من خلالها" كما زعمت.

وتقول عن هذا الزوج الثاني :" ولم ينجح زواج آخر رغم اختياري، حينما وجدت أن المرأة المبدعة تحظى بزوج يكتئب إذا نجحت، ويسألها عن أفكارها، وأصابني الاختناق من سؤاله: لماذا لم أطبخ وأنا مسروقة ومشدودة للقلم؟ لماذا لم أغسل وأنا أهيم مع وحي الإبداع؟

 ولا تريد نوال السعداوي أن تعترف بأنها كانت تظلم أزواجها، بانصرافها عنهم، إلى كتابة الترهات التي لا تجدي، والتي كان أول من أنكرها هم أقرب الناس إليها، وهو زوجها.

ولم يستقر قرار للسعداوي حتى وجدت الزوج الذي تستطيع أن  تظلمه، ويقبل هو طائعا مختارا بالظلم. وهذا هو اعترافها في هذا المعنى:" ولم يعجبني هذا النمط وجاء زواجي من د. شريف حتاتة وأنا مرتاحة فيه. ولكن لا يعني ذلك توقفي عن تجويده أو عن الشكل الأجود. فمثلا أنا سافرت وحدي وتركت د. شريف لمدة طويلة جدا بمفرده. 

ودائما يقال لي هذه العبارة: ما دمتي ( هكذا في الأصل) تنتقدي ( هكذا في الأصل) النظام الأبوي في الزواج أو زواج الورقة واعتراف الآخرين فما هو البديل؟ واقول ليست هذه وظيفتي. ولكنه لا توجد صيغة نهائية - روشتة علاج - نظام  كاهنوتي للعلاقة الإنسانية أو لما بين الرجل والمرأة- وإن وجد أنا ضده- كيف أصنع معه؟ ".

فهذه هي خلاصة شهادتها في موضوع زواجها وفي موضوع الزواج عموما، وهي تعمم من وحي تجاربها الفاشلة التي تتحمل هي مسؤولية فشلها كما يتضح من أقوالها. فهي  تهمل شؤون الزوجية لأنها مشغولة بالإبداع، أي تسطير الروايات العبثية الفاسدة المفسدة للدين والخلق والاجتماع البشري، وهذا هو ما تعنيه بالإبداع وإلا فأي إبداع لها غير ذلك.

 ولا تسأل نوال السعداوي نفسها هل تزوجها الرجل لكي يفرغها لكتابة هذه الروايات، أم لكي تقوم أولا بأداء أعباء الزوجية المعروفة، ومنها رعاية الزوج، وإنجاب الأطفال – لا إجهاضهم عمدا –  وتربيتهم والعناية بأمرهم.

وقد بدا واضحا في هذه الشهادة تخبط الذي يتخبطه الشيطان من المس، فنوال السعداوي مع ادعائها لتملكها القدرات الذهنية العلمية وسيطرتها على المنهجية العلمية ما تَنِي تتساءل حائرة ما هو السبب في فشل زيجاتها؟ هل لأنها جاءت بلا معرفة؟ أم بسبب ضغط الزوج (السلطوي)؟ أم بسبب ضغط البيئات والعادات؟ فهي تسأل نفسها هذه الأسئلة الحائرة، ولا تهتدي سبيلا ،مع أنها تبحث في  شؤونها في خويصة نفسها، التي هي أدرى بها من الآخرين، فكيف تطمح بعد ذلك في هداية الآخرين وإضاءة الطريق لهم؟

 ضد أي صيغ للزواج:

ومما ورد في هذه الشهادة أنها لا تدري غير أنها امرأة فوضوية متنطعة لاهية تعبث بالشرائع والأعراف. فهي كما تقول بعبارتها المتوقحة ضد زواج الورقة، أي ضد الزواج عن طريق العقد الشرعي، وإلا فما هي هذه الورقة غير العقد الشرعي؟ وهي ضد أي نظام شرعي في شؤون الزواج وهذا هو مؤدى عبارتها التي لا تقل توقحا عن سابقتها :"  لا توجد صيغة نهائية - روشتة علاج- نظام  كاهنوتي للعلاقة الإنسانية أو لما بين الرجل والمرأة- وإن وجد أنا ضده- كيف أصنع معه؟".

 فهي تنكر الشريعة أولا، ثم تعلن عن رفضها لها حتى ولو وجدت، وبأي صيغة وجدت، لأن علاقات الرجل والمرأة ينبغي أن تكون إباحية حرة لا تحكمها الشرائع والأعراف.

نوال السعداوي ترتكب جريمة قتل حقيقية:

ترى هل كان غريبا بعد تنكرها هذا لمؤسسة الأسرة، أن ترتكب جريمة قتل ضد الإنسانية الوليدة. لم يكن ذلك غريبا. وهذا ما اعترفت به على نفسها ولم يتهمها به أحد. لقد قتلت نوال السعداوي مشروع إنسان بإجهاضها لجنينها عمدا.

 وهي تحدثنا عن ذلك مفتخرة فتقول:" هذا الكلام ليس من قبيل المشاهد الروائية ولا الأقوال الرمزية، وإنما هو كلام حقيقي ثابت وعليه شاهد صدق هو الجاني القاتل نفسه، أي نوال السعداوي نفسها التي تبجحت فى حوارها مع سارة مونتجيو، الذي بثته محطة بى.بى.سى الإخبارية البريطانية، ونقلتها وكالة الأنباء الألمانية، بذكر هذه الحقيقة المؤلمة والتفاخر بها حيث قالت إنها قتلت جنينا بريئا مع سبق الإصرار والترصد:"وذكرت أنها أجهضت نفسها لأنها لم ترد الاحتفاظ بالجنين الخاص بطليقها الثانى، والذى كانت قد تزوجته عن غير حب. وأضافت أنها شعرت بالراحة عقب التخلص من هذا الجسم الغريب داخل جسدها".

فما ذنب هذا الجنين القتيل؟ وهل يؤاخذ الجنين بذنب أبيه ويؤخذ به فيقتل؟ وما ذنب الأب الطليق؟ كل ذنبه أنه تزوج نوالا من غير حب. وفي الواقع فإن هذا إن عُدَّ ذنبا فكلا الزوجين شريك فيه، وبالتالي فقد قتلت نوال السعداوي جنينها البرئ بذنب شاركت هي في اقترافه ولم يشارك في اقترافه هذا الجنين البريئ.

نوال السعداوي تفتخر بقتلها لطفلها:

ومن أعجب العجب أن يشعر الإنسان بالراحة عقب تنفيذه لجريمة قتل. وهذا ما شعرت به نوال السعداوي باعترافها، وأعجب من ذلك أن تشعر هذه السيدة التي ما برحت تتحدث عن الإنسانية والتعاطف البشري والرحمة، بأن جنينها هذا ما كان إلا جسما غريبا على جسدها، وكأنه لم ينبت فيه نباتا طبيعيا، ويتغذى بدمها، ويصبح جزءا لا يتجزأ عنها.

هذا التصرف اللا إنساني الإجرامي الفظيع، كان الأحرى بنوال السعداوي أن تعتذر عنه، وتتوب وتستغفر الله تعالى، عسى أن يعفو عنها، وكان الأحرى بها إن لم تفعل ذلك كله أو شيئا منه، أن تخفيه، وتستره، وتستر نفسها، لا أن تتفاخر به لأنه لا فخر فيه على الإطلاق.

 

 

ذات سوار لا عقل لها ولا دين

هل النقاب هو الزي الأمثل للمرأة المسلمة المعاصرة؟!

( 5 من 8 )

محمد وقيع الله

 

 

الصادق المهدي: هاجم النقاب بدون اسباب

إن الذين يسخفون بنقاب المرأة المسلمة، التقية، الورعة، ويهاجمونه، هم أناس أقل ما يوصفون به أنهم أناس معتدون على أذواق الآخرين، وحريتهم، وحقهم في اختيار أزيائهم.

 وقد يوصف هؤلاء المعتدون بقلة (الشَغَلة)، لأنهم  يتدخلون فيما لا يعنيهم من شؤون الآخرين الخاصة. وقد يوصفون بقلة العقل، لأن الإنسان المتسم بالعقل، يتورع عن أن يصف نقاب المرأة المسلمة، بأنه إلغاء لشخصيتها.

فكم من امرأة تلتزم النقاب الكامل المتشدد، تُرى وهي شديدة البأس، قوية الشخصية، ومثلا في الفاعلية والإيجابية، وكم من نساء سافرات، وهن يُرين متهافتات، ضعيفات، لا شأن لهن إلا في التزين، والتجمل، لاستقطاب أنظار الرجال.

فالسفور في حد ذاته ليس فضيلة، والتنقب ليس رذيلة، بل هو الزي الأفضل والأمثل للمرأة المسلمة في هذا العصر.

 ولا نقول هذا لنقول إنه واجب حتمي عليها، وإن الزي الإسلامي المعروف بالحجاب لا يكفيها، ولكنا نتأدب مع أهل الدين وأتباعه المخلصين، من أطيافهم كلها، ولا نهاجم أحدا منهم لأنه اختار هذا الزي أو ذاك، ولا نقبل ما قاله من يدعي أنه إمام عندنا، عندما ادعى أن النقاب يلغي شخصية المرأة المسلمة، وعندما حلا له،  لغير ما مناسبة، ولغير ما سبب ظاهر، أن يهاجمه، ويدعي أنه رداء مشبوه يتخفى وراءه المجرمون.

 وكأن المجرمين إذا انتحلوا ذريعة ما، أو تخفوا يوما في النقاب، أو تخفى فيه بعض السياسيين، أصبح زيا مشبوها مريبا ووجب التخلي عنه!! ويا ليت هذه الدعوى في مهاجمة النقاب، أتتنا من غير من تحلوا به، أو تنكروا به في يوم من الأيام!!

أئمة الورع والتحقيق:

وفي مقابلة هذا الصنف الذميم ممن يهاجمون النقاب، بغير حق ولا تورع، يقف العلماء الراسخون في العلم، الذين اكتفوا بأن كشفوا عن وجه الحقيقة، من دون أن يتورطوا في تنطع دعوى الجامدين، الذين يدعون أن كل ما سوى النقاب حرام، ولا في سخف واستخفاف المنكرين للبس النقاب.

ومن هؤلاء الراسخين في العلم، والفضل، والغيرة على الحق والدين، ذكر الإمام العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، رحمه الله، في كتابه (حجاب المرأة المسلمة) جواز كشف المرأة وجهها، وعلق على معنى الآية الكريمة :" (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..) النور:31. قائلا:" فأمر الله تعالى بِليِّ الخمار على العنق والصدر. فدل على وجوب سترهما لم يأمر بلباسه على الوجه فدل على أنه ليس بعورة ".

واستدل بقول ابن حزم في كتابه (المحلى):" فأمرهن الله تعالى بالضرب بالخمار على الجيوب، وهذا نص على ستر العورة والعنق والصدر، وفيه نص على إباحة كشف الوجه لا يمكن غير ذلك ".

وقد حرر الإمام يوسف عبد الله القرضاوي الخلاف حول وجوب ستر الوجه، ورجح قول المبيحين لكشفه ، واستدل بقول الإمام القرطبي:" لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة وذلك في الصلاة والحج صلح أن يكون الاستثناء راجعا إليهما ".

وما قاله هذان الإمامان الجليلان، ومن نقلا عنهما من أئمة السلف، هو ما ندين به شرعا، ولكنا على سبيل العرف نميل إلى تفضيل النقاب، ولهذا ندافع عنه، ونهاجم من يهاجمه من أعداء الفضيلة، والدين، وأسراب شياطين الإنس المحدثين. ومن هؤلاء وفي ذؤابتهم الدكتورة  نوال السعداوي التي لا هم لها إلا حرب الفضيلة والدين والدعوة إلى نهج الشياطين.

وإذا خلوا إلى شياطينهم:

وهؤلاء الشياطين هم الذين يدفعون نوال السعداوي للتهجم على الدين الإسلامي، وتتودد هي إليهم بالتهجم على الدين الإسلامي. وعندما تخلو إليهم تسرف في الهجوم على هذا الدين. وهذه أحداهن اسمها كاتي كاترين، محررة بمجلة (ماري كلير) الفرنسية، سألتها: هل تعتقدين أن الحرية الجنسية في الغرب، كانت عاملا مهما في تنامي الإسلام الأصولي؟ فأجابت: " اعتقد أن هذا العامل ليس بتلك الأهمية, ولكن السبب أن المتعصبين يخشون العري والاختلاط، إلى الحد الذي يدفعهم إلى البحث عن حماية نسائهم بواسطة النقاب. ونحن نعتبر أن العري والنقاب وجهان لعملة واحدة، إنه يعنى أن المرأة لا وجود لها .. مجرد جسد، والرجل – كما ترين- لا يتعرى ولا يرتدي الحجاب، لأنه صاحب القرار".

هذه هي إجابة السعداوي على سائلتها، وإن المجانين بأنفسهم ليربأون بأنفسهم أن يمعنوا في هذيان مثل هذا. فهي تنفي الأمر ثم تعود وتثبته، فهي تنفي أن الحرية الجنسية في الغرب سبب لتنامي الالتزام بالإسلام، ثم تعود لتقول إن العري دافع لاتجاه المسلمين لستر المرأة وتنقيبها.

 والنقاب عند نوال السعداوي هو تارة أمر كالعري، وتارة أخرى علاج للعري! والنقاب في اعتقاد السعداوي يدل على أن المرأة جسد فقط، أي كائن لا عقل له ولا روح، فما وجه الدلالة في ذلك؟ هذا ما تجيب عنه نوال السعداوي التي تتشدق بالتزام المنطق ولا تلتزمه.

 كما لا تستطيع السعداوي أن تجيب على هذا السؤال الذي يعترض إجابتها، وهو: ألا يكفي الخمار وحده لمعالجة العري؟ ولماذا يصر البعض على ارتداء النقاب؟ وهل هو أيضا لمكافحة العري؟

لا تجيب السعداوي على هذا السؤال، الذي لا يخطر في بالها أن سائلا محتجا على خطل فكرها سيرفعه في وجهها!

 ثم لا تستطيع السعداوي أن تجيب على سؤال آخر، وهو: ألا يمكن أن تتنقب المرأة من تلقاء نفسها، خوفا من الله تعالى، بدون أن تتعرض لضغط من رجل، سواء أكان أبا، ام أخا،أم زوجا؟ بلى. ولكن أمثال السعداوي يجحدون ولا يفقهون.

وأبعد من كل هذا في السخافة قول السعداوي عن الرجل إنه لا يتحجب، ولا يتنقب، لأنه صاحب القرار، الأول والأخير، ولا تستطيع المرأة أن تفرض عليه حجابا أو نقابا.

وهنا لا تستطيع السعداوي أن تسأل نفسها: وما حاجة الرجل، من حيث الأصل، وهو رجل، إلى حجاب أو نقاب؟ فإن طبيعته لا تحوجه إلى نقاب أو حجاب، هذا ما تمليه البداهة يتفهمه كال من له مُسكةُ عقل أو رأي ولكن عديمة العقل والرأي لا تهتدي حتى إلى البدهيات.

الحجاب لمن؟

 ويخون نوال السعداوي المنطق كما تعوزها المعرفة بموضوع الحجاب الذي تاقش حوله فتقول :" الحجاب مفروض للجواري والعبيد، والأسوأ منه حجاب العقل، لأنه لا يمكن لقلة أن تتحكم في الأغلبية دون حجاب العقل، وينطبق نفس الشيء على حجاب الوجه.

ولا ندري لهذا الكلام الملغز أي معنى ولا تدري صاحبته له أي معنى، فهي مجرد ألفاظ مرصوفة، وأقوال مصفوفة ومبثوثة على عواهنها، أوحي بها الانفعال وأثارها الغضب، وإلا فكيف يفرض الحجاب على العبيد، وهم ذكور، بعد أن فرض على الجواري، وهن إناث؟ ذلك مع أن الصحيح أن الحجاب لم يفرض على الجواري (وليس للجواري) وأن الجواري لم يشدد في الماضي عليهن في الحجاب كما شدد على الحرائر، وذلك لسبب معروف، ثم ما هي الصلة الواجبة بين حجاب الوجه وحجاب العقل، ألا يمكن أن تتصف المحجبة بعقل، وإذن فقد حكمت السعداوي على أغلبية نساء بلدها العظيم بالتحديد وأغلبية نساء العالم الإسلامي على التعميم بانحجاب العقل!

 ثم ما هي صلة الحجاب بالديمقراطية أو الدكتاتورية وفرض الآراء؟ وكيف تقوم المحجبات بممارسة الدكتاتورية في المجتمعات؟

 هذه وأمثالها أسئلة، يرفعها سامع هذا القول إلى من قالته، لتجيب عنه إن كانت تعي حقا أو تفقه ما تقول!    

نضال ضد النقاب:

ولقد كنا نقدر نضال نوال السعداوي لو أنها مارسته من أجل الوطن أو الحرية أو العدل الاقتصادي والاجتماعي, ولكن نضال السعداوي مبتذل جدا فقد أصبحت تمارسه ضد خرقة قماش.

وقد ذكرت لتلك الصحفية الفرنسية ذات النزعة التحريضية العدائية طرفا من معارك نضالها في مصر ضد النقاب، وحدثتها عن حادثة كلية الطب الشهيرة التي اعترض عميدها على لبس الطالبات النقاب قائلا: كيف يمكن أن تفحص الطبيبة مريضا من دون أن يرى وجهها؟

وعضدت السعداوي قول هذا العميد قائلة:" إن ذلك لأمر سخيف. في أعقاب ذلك قامت إحدى الطالبات – مدفوعة من الإسلاميين – بالتقدم بشكوى للقضاء قالت فيها إن النقاب يدخل في نطاق الحرية الشخصية، لقد ناضلنا إلى جانب د. هاشم فؤاد ضد هذه الطالبة، ولكنها كسبت الدعوى في النهاية".

والسعداوي لا ترى المرأة المسلمة صاحبة قرار أبدا ولا تراها إلا وهي مدفوعة من قبل الرجل، ولذلك ادعت أن طالبة الطب تلك ما اتجهت من تلقاء نفسها للدفاع عن نفسها إلا بتحريك من الرجال، وهو ادعاء سخيف ليس أسخف منه إلا جهلها وتجاهلها لأصالة الدفع الذي تقدمت به وأقنعت به القاضي وهو الدفع بأن ارتداء النقاب أمر شخصي لا دخل لعميد الطب ولا للسعداوي ولا غيرهما من المتطفلين فيه.

غطاء الشعر والأذان:

إن الغربيين يحترمون الإنسان عندما يكون متسق الفكر، ويكبرون هذه الناحية فيه، وإن اختلفوا معه في الرأي، ولا يحبون الشخص ( الديماغوغي) المتخبط المتناقض الأفكار كالسعداوي، التي كانت في حوارها مع المحررة الفرنسية تنتقد أصول الإسلام، وتسخر من قضاياه، وفرائضه، وعباداته، وعلى رأسها الصلاة، وتأخذ على التلفزيون المصري، أنه يبث الأذان، وصلاة الجمعة، وأنه يجعل من المرأة المثالية تلك التي تغطي شعر رأسها.

 ثم أتت بعد ذلك كله لتقول:" نضع ثقلنا خلف الاتجاه الإسلامي المعارض للتعدد، هنالك نص قرآني يفيد بأن التعدد أمر مستحيل، لأن الزوجات الأربع يجب أن يلقين معاملة متساوية تماما، وذلك بطبيعة الحال مستحيل، الجميع يعرفون استحالة ذلك، في القرآن آيات كثيرة تنصف المرأة ".

إن السعداوي التي هي ضد القرآن من حيث الأصل، أرادت أن تستعين من حيث الفرع، لتدعم نضالها ضد قانون الأحوال الشخصية، الذي يبيح تعدد الزوجات. وكأن علماء الأزهر، وعلماء الإسلام جميعا، لا يعرفون ذلك النص في القرآن.

ولكن ما رأي السعداوي إن قلنا لها إن هنالك نصا آخر في القرآن يبيح تعدد الزوجات؟ هل ستقبله أم ترفضه؟!

وما رأي السعداوي إن قلنا لها أن هذه الآية التي تحتج بها لمنع تعدد الزوجات، فيها الدلالة الكافية على إباحة تعدد الزوجات. فطالما أن العدل المطلق مستحيل، كما تقرر هذه الآية،  فإذن يجوز تعدد الزوجات ولا يجب العدل إلا في حدود الإمكان.

ثم ما هو رأي الدكتورة السعداوي في هؤلاء المسلمين الذين كانوا يمارسون التعدد منذ فجر الإسلام، ومنهم كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ألم يكونوا يفقهون  هذهالآية جيدا، أم كانوا في حاجة إلى كويتبة شيوعية عديمة عقل ودين، اسمها مثلها، تأتي في آخر الزمان تنبه الناس على دلالات القرآن؟!

 

 

ذات سوار لا عقل لها ولا دين

كيف يكون الحج شعيرة وثنية؟

( 7 من 8)

محمد وقيع الله

 

 

 

تجتر  نوال السعداوي ما ورد في كتاب قديم  للقس الأمريكي الدكتور صمويل زويمر، الذي عاش جزءا من حياته في العالم العربي، وأصدر كتابا عن الوثنية في الإسلام، قصد به أن يساعده في مهمته التنصيرية في العالم العربي، بإيهام المسلمين أنهم وثنيون، وإيهام المنصرين كذلك بأن المسلمين وثنيون، وهي الحيل والوسائل الشيطانية الخبيثة التي يتسلح بها أراذل المنصرين الغربيين.

وقد ذكر  زويمر شعائر كثيرة ألصق بها صفة الوثنية، من بينها شعيرة الحج، فأعجبت نوال السعداوي بصفة خاصة بما قاله عن الحج، وتقيأته في بعض لقاءاتها الصحفية، وتقيأته أخيرا على شاشة فضائية الجزيرة لتغيظ  به جموع المسلمين.

هل تقبيل الحجر الأسود بدعة؟!

ولما سألها بعض الصحفيين عما قالت يوم ذاك قائلا:" دكتورة نوال، ما سبب أقوالك الغريبة التي لم يسبق لأحد أن نُطق بها بخصوص أن الحج وتقبيل الحجر الأسود من مظاهر الوثنية؟ ألا يخالف هذا صراحة ما عرفه المسلمون، علماء وعامة من الأزل؟ كما أن قول هذا الكلام يعني اتهامك للرسول صلى الله عليه وسلم شخصيا بأنه مارس مثل هذه الممارسات الوثنية، لما ثبت عنه بأنه قبل الحجر الأسود؟

أجابت قائلة: " أنا أرجو أن يقرأ الناس تاريخ السيرة النبوية والكتب التي شرحت أخبار مكة وما جاء بها من الآثار. اقرأ عن التاريخ الإسلامي لليعقوبي والطبري، وتفسير القرطبي والجامع، والسيرة الحلبية، اقرأ السيرة الشامية للشامي، والسيرة النبوية لابن اسحاق والسيرة النبوية لابن هشام. اقرأ الطبقات الكبرى لابن سعد وكتاب المسالك والممالك. هذه بعض المراجع التي كتبت منها كتبي، يوجد الكثير من المراجع عن التاريخ الإسلامي، وعند قراءتها ستكتشفون أن الكعبة بنيت قبل وجود سيدنا محمد والإسلام بسنوات، ومن قبل جد الرسول وسيدنا إبراهيم.

وهناك تشابه بين الديانة المسيحية والديانة الإسلامية والديانة اليهودية، وكذلك ما قاله الإله أخناتون في العهود القديمة. يجب أن يقرأ الناس حتى يدركوا أن تقبيل الحجر الأسود بدعة، وهناك فقهاء في الإسلام يرفضون تقبيل الحجر الأسود. وعندما قبل الرسول الحجر الأسود كان ذلك لسبب سياسي وهو تجميع القبائل ومنع الفرقة بينهم في الجزيرة العربية.

وهذا الكلام الذي أفاضت فيه نوال السعداوي كلام عام، ولا يجيب عن السؤال الذي تواجهه. وقد ذكرت عددا كبيرا من المراجع، ولكن لم تذكر أي هذه المراجع ورد فيه الزعم الذي نطقت به. وقد من المفروض أن تذكر عنوان المرجع، ورقم المجلد، ورقم الصفحة، التي جاء فيها مثل هذا الكلام المزعوم، حتى يرجع الناس إليها، ولكن لما لم يكن أي من هذه المراجع، قد احتوى شيئا مما قالت، فقد اكتفت بذكر أسماء هذه المراجع اعتباطا، وربما على سبيل التعمية، والتهويش على القارئ، والتهرب من السؤال!

الشيئ الوحيد الذي ذكره السعداوي، ونطمئن إلى وجوده في هذه المراجع، هو أن الكعبة بنيت قبل وجود سيدنا محمد والإسلام بسنوات، ومن قبل جد الرسول وسيدنا إبراهيم. ولكن هذا ليس اكتشافا كما قالت، وإنما هي حقيقة أولية يعرفها كل المسلمين، ولا يحتاجون إلى مراجعتها في بطون كتب التاريخ، وقد وردت هذه الحقيقة مؤكدة في القرآن الكريم. وهو أوثق وأقرب إلى المسلمين. قال تعالى:" إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة....". ومن يقرأ هذه الآية في القرآن لا يحتاج إلى تأكيد لها من قول أي من المؤرخين!

ولابد أن نلحظ أن في في إجابة السعداوي عن السؤال، مزاعم مختلقة، أسندتها زورا إلى هذه المراجع الإسلامية التراثية، التي اكتفت بتعداد أسمائها، منها الزعم بأن تقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم للحجر الأسود، كان من أجل تأليف القبائل ومنع الفرقة في جزيرة العرب، وهو ما لم يرد في أي من هذه المراجع التي عددتها ونعت على الناس عدم اطلاعهم عليها.

وهل ينقل الحجر الأسود الأمراض؟!

وقد استرسلت السعداوي في تنفخها وغيها لتقول:" إذن علينا قراءة التاريخ، فأنا لم قصدي إثارة الناس، ولكن للأسباب السلبية التي تحدث اليوم، مثل التقاتل الذي يحدث في الحج لتقبيل الحجر لكثرة الحجاج. وكثير من الناس هلكت لتصل إلى الحجر، وعندما تصل تجد عليه الكثير من الدماء واللعاب، وهذا يساعد على انتقال الأمراض والجراثيم. الدين الإسلامي لا يقول للناس أن تتقاتل لتقبيل الحجر، فالإسلام دين العقل والعدل ودين الحرية. وعندما تكلمت بهذا الخصوص، كان لأني غيورة على الدين الإسلامي ".

وهذه سلسلة أكاذيب. فليس هنالك فقهاء مسلمون، ولا فقيه مسلم واحد، على امتداد تاريخ الإسلام كله، رفض تقبل الحجر الأسود، إنه كذب شديد الجرأة والتوقح على الفقهاء المسلمين، الذين لم يستنكر واحد منهم تقبيل الحجر الأسود ولا قال ببدعيته.

 وأما زعمها أن كثيرا من الناس ماتوا في التزاحم على تقبيل الحجر الأسود، فهو ما لم يحدث وم يشكل كارثة أو هاجسا للمسلمين. صحيح أن كثيرا من الناس ماتوا في التزاحم على رمي الجمرات، ولكن لم نسمع عن موت كثيف للناس في تقاتل على تقبيل الحجر الأسود، مع ملاحظة أن تقبيل الحجر الأسود ليس فرضا من فروض الحج كرمي الجمرات.

وأما قولها إن الحجر الأسود ملوث بالدماء فهو الآخر قول مختلق بقصد النعي على المسلمين، ونعتهم بالبدائية، وقلة الاكتراث بالنواحي الصحية. ولم نسمع بأي شخص أصيب بعدوى من الحجر الأسود حتى تأتي السعداوي وتتلبس بلبوس الغيرة على المسلمين والإشفاق على صحتهم وتنصحهم بعدم تقبيل الحجر الأسود، وربما قامت بعد ذلك بتقديم التماسها إلى واحدة من المنظمات الدولية المشبوهة، لتغريها ةتدفع بها إلى التدخل في شؤون الحج ونصح المسلمين بعدم تقبيل الحجر الأسود.

الافتراء على العدوية:

ونوال السعداوي تفضح مقاصدها ونواياها بنفسها. فهي ليست ضد تقبيل الحجر الأسود وحسب، وإنما هي ضد شعيرة الحج من حيث الأصل.

 سألها أحد الصحفيين قائلا: وهذا ما يفسر غضبتك حين يقول أحدهم لكي يا حجة؟ فأجابت متخبطة:" نعم .. لا أحب أن يناديني أحد بهذا اللقب، لأنني لم أحج ولن أحج، بإمكاني أن أحج وأنا في شرفة بيتي، وعملي وكتبي هي صلاتي، تقربي لله هو تقربي للعدل والحرية، وليس بالنصوص والتفسيرات، هذه سياسة ".

 ولم تحدثنا ما هو دخل السياسة في الصلاة والحج، وانعطفت كعادتها في نسبة فساد اعتقاداتها للصالحين، فقد جاءت هنا بسيرة رابعة العدوية وهي ناسكة من خيرة السلف. أشهر ما اشتهرت به هو التنسك والتعبد، ولكن السعداوي تأتينا من خبرها بغير ذلك، فتقول إنها لم تكن تصلي أو تحج:" الله يرحم رابعة العدوية.. لم تكن تحج أو تصلى وكانت ضد الشعائر.. وكانت تقول الله هو الحب إنما (مش الله) أروح الكعبة وأبوس الحجر الأسود.. إيه ده.. أنا عقلي لا يسمح أن ألبس الحجاب وأطوف   هذه وثنية.. الحج هو بقايا الوثنية ".

فمن ذا الذي أخبر السعداوي أن العدوية لم تكن تصلي ولا تحج، فإن المصادر التاريخية المعتبرة والمحترمة لا تقول بذلك، بل تقول بعكس ذلك تماما، فالعدوية لم تكن زنديقة مثلها، ومثل محمود محمد طه، فتنكر الصلاة والحج. وأما الأبيات التي تتحدث عن الحب الإلهي والتي نسبت إلى العدوية، وهي الأبيات القائلة:

أحبك حبين حب الهوى       وحباً لأنك أهل لذاكا

فأما الذي هو حب الهوى       فشغلي بذكرك عمن سواكا

وأما الذي أنت أهل له       فكشفك لي الحجب حتى أراكا

فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي       ولكن لك الحمد في ذا وذاكا

فهي لأبي فراس الحمداني، وليست في التصوف، وإنما في الغزل العادي، وهي موجودة في ديوانه، وليس للعدوية ديوان شعر يذكر، ولم تعرف بنظم الشعر.

هل تنكر نوال السعداوي الحج؟!

ومع أن مجمل كلام نوال السعداوي يفضي إلى إنكار فرضية الحج، فإنها على سيبل المغالطة والتهرب، تعود فتزعم أنها لا تنكر فرضية الحج.

فعندما سألها أحد الصحفيين قائلا: وماذا عن إنكارك لفريضة الحج يا دكتورة ؟ أجابت تقول: أنا لم أنكره ، لقد قلت نصا أن الحج...

وعندما واجهها الصحفي قائلا:

ولكنه ركن خامس ؟

قالت: أبدا .. هو اختياري (لمن استطاع إليه سبيلا)، أبي توفى و لم يحج وهذا لا يعني أن إسلامه ناقص، هناك من يصلي دون أن تنفعه صلاته، وهذا ينطبق على الذي يذهب الحج ليقوم بعمل، أو يقبل الحجر الأسود !! إنني أسأل هل تقبيل الحجر الأسود من الإسلام ؟ هذه وثنية !!! الإسلام أتي ليقضي على الوثنية وأنا  أحارب عبادة الأوثان.

وعاد الصحفي ليسألها: وهل يمثلها الإسلام؟

أجابت بالإيجاب وزعمت أن الحج هو التأمل لا الحج الذي يؤديه الناس اليوم، ثم خاضت في كلام طويل لا لزوم له عن الصلاة. وهذا هو نص إجابتها:" بالطريقة التي يقومون بها، نعم. وأنا أيضا ضد الطريقة التي يصلون بها، لقد ذهب جمع من الصحابة لرسول الله و قالوا له فلان يصلي الليل  والنهار، فقال لهم: ومن يعول أسرته، قالوا: كلنا يا رسول الله ، فقال: أنتم خير منه. يا أخي رعاية الأولاد صلاة  وعبادة، الصدق صلاة وعبادة، التعامل الإنساني صلاة وعبادة، ليس أن يذهب إلى الحج ليسرق أو يتاجر أو يصلي وهو أفسق خلق الله، أنا مع المفهوم الصحيح للإسلام، الصلاة ليست مجرد حركة رياضية كما أصبحت حالا، الصلاة هي إحياء الضمير، الحج كذلك ليس زيارة لقبر أو تقبيل لحجر، لأن الإسلام حارب الوثنية، الحج هو التأمل ".

وهذا النص هو خير ما يصور طريقة السعداوي العامية في التفسير. فهي تستنتج من هذا الحديث أن من قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم خير منه أنهم ما يكونوا يصلون، مع أن المقصود من الحديث هو أن على الإنسان ألا يهمل الإنسان مصالح أسرته لا غير.

كما تفترض السعداوي في إجابتها هذه، أن كل من يذهبون إلى الحج يسرقون، وأن كل من يصلون يفسقون، وأن الأفضل لهم أن يتركوا الحج والصلاة، ويكونوا مثلها من المتأملين، ذلك مع أنها أثبتت لنا قبل قليل، أنها لا تحسن حتى التأمل في نص معناه أسطع من شمس النهار!

 

 

 

ذاتُ سوارٍ لا عقل لها ولا دين

أحلام نوال السعداوي بقهر الرجال

( 8 من 8 )

محمد وقيع الله

 

إن أحلام نوال السعداوي لا تتوقف عند حدود التساوي مع الرجل، أو التفوق عليه، أو ذبحه بالحسام البتار. حيث ذكرت مرة، أنها ظلت لزمان طويل، تحلم في منامها، أنها قد استحالت إلى فارس، يمتطي صهوة جواد أبيض، يطير به في الهواء، ويده تنتضي سيفا صقيلا، يجز به رؤوس الرجال!

حلمها أن تكون رئيسة جمهورية:

ولكن أحلام السعداوي في المجد تصل إلى حد بعيد، على حد أن تعتلي سدة الحكم في بلادها. أي أن تصبح رئيسة الجمهورية في مصر. وهي تمهد لذلك بنشر الكتب والروايات، والظهور في الفضائيات، وافتعال المواقف، وتشوب ذلك أحيانا ببعض أعمال الخير، المشوبة بالنوايا السيئة، مثل تشييد المكتبات العامة، التي تشترط أن تحمل اسمها، لتزيدها شهرة على شهرتها.

وهذا أمر لا نتقوله عن السعداوي، وإنما هذه قصة روتها بنفسها، عن مساهمتها في بناء مكتبة عامة:" ساعدت فى بناء مكتبة، كان بناء المكتبة تحديدا حلم حياتى، سألت عن المسئول عن بناء المكتبات ... ذهبت له وعرضت عليه الأمر فقال الشرط أن تكون هناك قطعة أرض، عدت للقرية وكانت هناك مشاكل كثيرة حول هذا، إنما وبتعاون عدد من شباب القرية استطعنا إيجاد الأرض وبنيت المكتبة، قرر أهل قريتى والقرية التى بجوارها والتى تخدمها المكتبة أيضا تسميتها باسمى، مكتبة نوال السعداوى، ورفعوا قرارهم للمجلس الشعبى بمحافظة بنها فوافق وكذلك المحافظ، ذهبت إلى القرية لرفع اللافتة على المكتبة غير أن مديرها اعترض مطالبا بقرار من أنس الفقى رئيس هيئة قصور الثقافة لأن المكتبة تتبعه إداريا، ذهب وفد من القرية إلى الفقى فقال لهم سنرفع الأمر للوزير، سافرت أنا للخارج عند هذا الحد وعندما عدت وسألت عما تم عرفت أن طلب القريتين بوضع اسمى على المكتبة قد رفض، رفضوا وضع اسم نوال السعداوى على مكتبة بذلت فيها مجهود لعدة سنوات حتى تم بناؤها ".

 فهي حريصة إذن على الامتنان على أهل قريتها، وغيرهم، بإصرارها على تسمية تلك المكتبة باسمها، وهي لا تتنازل عن ذلك أبدا، كما لا تتنازل عن مبادئها كما زعمت:" لو أنى تنازلت لكنت وبسهولة وزيرة للصحة أو رئيسة للوزراء، فؤاد محى الدين عقله وشخصيته أقل منى بكثير، ليس بعيدا أنه كان بالإمكان أن أكون رئيسة جمهورية، الأقباط فى أمريكا عملوا اجتماع كبير جدا وانتخبونى فيه رئيسة جمهورية مصر، وعندما كلمونى قلت لهم أنه ليس لدى فكرة عن هذا الموضوع، وإنه شئ يضر الحاكم كثيرا، عندما يعرف أنهم فى الخارج رشحوا امرأة لهذا المنصب ".

 ولم تحدثنا السعداوي لماذا انتخبها أقباط المهجر وحدهم، ولم ينتخبها أقباط الداخل معهم، ودعك من مسلمي المهجر والداخل، وهم أغلبية أهل مصر، الذين لا تعبأ بهم السعداوي، مع أنهم هم الذين، بحكم المبدأ الديمقراطي، يملكون حسم نتائج هذه الانتخابات.

الاعتماد على الدعم الأجنبي:

ويبدو أن نوال السعداوي يائسة تماما من أي دعم تجده في داخل مصر، من مسلميها أو غيرهم، ولذا تعول على الدعم الخارجي. وأسمع إليها وهي تتفاخر بانتشار كتبها خارج مصر وخارج العالم العربي، قائلة:" إن كتبى مقروءة على نطاق واسع، لدى أكثر من 40 كتابا باللغة العربية، رواياتى مترجمة أكثر من نجيب محفوظ ".
وهذا محض افتراء تدليس على القارئ العربي. لأن انتشار كتب هؤلاء الناس في العالم الغربي أمر مشكوك فيه، أشد الشك، فقد عشت عشرين عاما في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان أكثر شغلي فيها في المكتبات الجامعية والعامة، فلم أر لكتب نوال السعداوي أثرا يذكر فيها.

 كل ما هناك هو أن جهات بعينها تطبع تترجم بعض أعمالها وأعمال رصفائها ورصيفاتها، من الأدباء والأديبات اليساريات، من أهل المجون والزندقة. وتطبع منها بضع مئات من النسخ، توزع ولا تباع، لأن أحدا لا يشتريها، ولا يتلف ماله فيها.

 ثم يأتي هولاء (الأدباتية) ليتفاخروا عندنا بأن أدبهم مقروء جيدا، وعلى نطاق واسع في الغرب، ويستشهدون بهذه الترجمات المحدودة التوزيع والآثار.

ترجمة روايات اليساريين السفهاء:

وعن تجربة ترجمة أعمال هؤلاء الأدباء اليساريين، يقول الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي، في حوار له مع جهاد فاضل: إنها تتم عن طريق بعض المليشيات والطوائف والمذاهب ومؤسسات الغزو الثقافي ومن يدفع ولا تروج هذه المؤلفات في الغرب كما لا تروج في الشرق.

وتقول الكاتبة الروائية أليفة رفعت، وهي أديبة مصرية سبق أن خاضت تجربة ترجمة الغربيين لأعمالها الأدبية، وتزوجت أحد هؤلاء المترجمين الغربيين:" كل الكاتبات حيموتوا على الترجمة لأعمالهم.. جنة الترجمة متلهفات عليها، وعلى دخولها. ولكنهن لا يعرفن أن جنة الترجمة لا تدخلها إلا الكتابات الرخيصة، وسوف تصفعهن جميعا مثلما فعلت معي ".

وقد كشفت لنا هذه الكاتبة عن أن الجهات الأجنبية المريبة تشجع بعض الأدباء والأديبات العرب على إنتاج أعمال أدبية مسيئة، حتى يترجموها لهم إلى اللغات الغربية، وأحيانا يقترحون لهم بعض الموضوعات المختلقة المثيرة، لأن الغربيين يحبون أن يقرأوا مثل هذه الأشياء الغريبة، وإن كانت لا تعبر عن واقع حقيقي في بلاد الإسلام .

 تقول الأستاذة ألفت عن بعض تجاربها مع هذه الجهات الفاسدة المفسدة:" مؤسسة غربية طلبت مني أن أكتب رواية عن الشذوذ الجنسي بين النساء في مصر .. قلت لهم هو فيه النوع ده في مصر؟! قالوا لي: إني بعت قصة قصيرة لمجلة (نصف الدنيا) عن حالة من هذا النوع، يمكن أن تكبر وتكون رواية.. إزاي عرفوا ؟! القصة لم تنشر؟! ثم إنها كانت بين رجل وامرأة ".

لقد صدق الناصح النذير المرشد الدكتور محمد محمد حسين, رحمه الله، عندما قال: إن حصوننا مهددة من داخلها. فقد أثبت هؤلاء الأبالسة لهم أعوان من بيننا، يتكلمون بألسنتنا ويكيدون لنا.

وهذه الكاتبة، رحمها الله، كانت تدمن إنتاج الروايات القذرة، ولكنها تابت في آخر عمرها، فنسأل الله تعالى أن يبدل سيئاتها حسنات. وقد حضرت مؤتمرا إسلاميا أعلنت فيه توبتها، وإقلاعها عن سفاهتها، ومناوءتها للدين، وأفصحت عن إعجابها بشرع الله تعالى وبحكمته عز وجل، وقالت في لغتها السوقية:" إن تعدد الزوجات رحمة بنا في زمن الرجل أبو عين زائغة .. بدل الخليلات والخلاعة .. وقلة الحياء.. أيهما أفضل أن تضبطي زوجك مع الخادمة أم تعرفي أن اليوم .. يوم الزوجة الثانية؟ في زمن لا أمان للرجل، يصبح الزواج من امرأة واحدة مستحيل. والحياة مع امرأة واحدة مستحيل طول العمر مستحيل!! لقد سافرت للكعبة وتبت عن الأدب ".

 فهذا اعتراف نبيل، ولكنها وإن تابت عن الأدب، إلا أنها لم تتب عن المبالغة، التي كثيرا ما ترد في أدبيات الحداثيين المنحلين، وإلا فما مصداقية قولها إن الزواج من امرأة واحدة مستحيل، وهو قول باطل يكذبه الواقع حيث أن نمط الزواج من واحدة هو النمط الشائع والسائد في أكثر البلدان.

ماذا تدرِّس نوال السعداوي في الغرب؟!

لقد عنَّ لنا أن نربط بين أحلام نوال السعداوي في نيل مقعد رئاسة بلادها، وبين جهودها المشبوهة في خدمة الأدب والعلم، وبينا كيف أن هذه الجهود مسخرة من أجل تحقيق الحلم الرئاسي العابث بخيالها المريض.

 ولم نبعد عن الحق في هذا القول لأن السعداوي تشير إلى ذلك عندما تتحدث عن قيامها بالتدريس الجامعي خارج مصر وذلك في التمهيد للإجابة عن سؤال عن حلمها الرئاسي.

فعندما سألتها الصحفية الفلسطينية ميسون أسدي: وكيف كان ترشيح نوال السعداوي لرئاسة الجمهورية؟ تحدثت السعداوي أولا عن العمل الذي تفخر به، وهو قيامها بالتدريس الجامعي خارج مصر، وأسهبت في ذلك مصورة نفسها على أنها سخصية فذة طالما استطاعت أن تمارس التدريس الجامعي في الغرب، وبدا لها أن تخيل للقارئ العربي أن هذا عمل خارق لا ينهض به إلا الأفذاذ من أمثالها، وذلك مع أنه عمل عادي ينهض به عشرات الألوف من الأساتذة المصريين والعرب والمسلمين في الغرب، فقالت:" أنا أقوم بعملية التدريس منذ (13) عاما في الجامعات الغربية: أمريكا، أسبانيا، أوربا ".

ويعجب من نال دراسته الجامعية أو العليا في الغرب، أو عمل بالتدريس هناك، كيف تسمح جامعة غربية لشخصية ساذجة هشة ضعيفة التحصيل العلمي كثيرة التهريج مثل نوال السعداوي أن تقوم بالتدريس فيها، حيث يتصف الأساتذة الغربيون عموما بسعة الأفق والبعد عن التعصب، والكف عن الدعوة إلى آرائهم الخاصة، بلْه الإلحاح على ذلك بطريقة مزعجة كطريقتها.

 فالتعليم الجامعي في الغرب يتطلب أن يتجرد الأستاذ عن آرائه العقدية والسياسية والاجتماعية، ويفصل بينها وبين ما يقوله في قاعة الدرس، ولكن عندما علمت ماذا تدرس نوال السعداوي في الجامعات الغربية، انجلى عجبي، فهي لا تدرس شيئا يتصل بتخصصها العلمي، في الطب النفسي، وإنما تستضفها بعض الجامعات لتقدم لطلاب الآداب مادة هامشية (هائفة) تسمى (التمرد والإبداع).

 وهي ليست مادة أكاديمية حتى على صعيد الأدب والنقد، وإنما دراسة حالة أو تجربة حياة هي حياة السعداوي المشاغبة على قيم الحضارة الإسلامية وآدابها وشرائعها، أو ما تدعوه هي التمرد الخالق للإبداع!!

وهذه أمور يحب الغربيون أن يطلعوا عليها، لأنها تمنحهم إيمانا إضافيا بتفوق حضارتهم على الحضارة الإسلامية، التي يعتقدون سلفا، وتؤكد لهم السعداوي مجددا، أنها حضارة تضطهد المرأة، وتؤكد أن ما سجلته مجلدات (ألف ليلة وليلة) التي يولع بقراءتها الغربيون، ويتسلون بها، إنما هي من قبيل الواقع، لا الخيال، وأن مشاهدها التي تتحدث عن الجواري، وتعدد الزوجات، واضطهاد المرأة، وقهرها، لا تزال حية في حواري القاهرة وبقية المدن المصرية والعربية والإسلامية!

بين نوال السعداوي وإدوارد سعيد:

وهنا تقف نوال السعداوي موقف رجعيا انهزاميا. على النقيض من الموقف الشجاع الشريف العظيم، الذي وقفه المفكر الأكاديمي، والمناضل الملتزم، الدكتور إدوارد سعيد، الذي قضى حياته العلمية كلها يناهض أوهام الإستشراق، ويكافح ادعاءات (الميديا) الغربية، وتخرصاته،ا ومحاولاتها المستميتة، لدمغ الشخصية الإسلامية الرجولية، بصفات الجهل والتخلف والإرهاب، ودمغ الشخصية الإسلامية النسائية، بصفات الضعف والسلبية والمذلة والخنوع، وهي ذاتها الصفات التي تدمغ بها أقاصيص (ألف ليلة وليلة) الخيالية المسلمين.

 وقد نجح إدوارد سعيد بقوة علمه، ولغته العالية، وأسلوبه الراقي في السجال، في مقارعة أباطيل الأوساط الفكرية الغربية المعادية للإسلام والمرأة المسلمة، وأكد بأقوى الأدلة زيف تلك ما يقولون عن الإسلام والمسلمين، وأصبح بذلك بطلا رائدا من أبطال الفكر، على مستوى الغرب والعالم أجمع.

 وهذا ما تريد السعداوي أن تثبت عكسه تماما، فتنتصر لمفتريات المستشرقين، ومزاعم الصليبيين، وادعاءات الإعلاميين الزائغين، المناوئين للإسلام.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

آراء