رسالة من محمد أحمد المهدي إلى الجنرال غردون .. ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
رسالة من محمد أحمد المهدي إلى الجنرال غردون
A Letter from the Mahdi Muhammad Ahmad to General C.G. Gordon
George Sverdrup, Jr. جورج سيفردريب، الابن
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذه ترجمة لبعض ما جاء في مقال بقلم جورج سيفردريب، الاب، نشر في العدد الحادي والثلاثين من "مجلة الجمعية الشرقية الأمريكية Journal of the American Oriental Society " الصادرة في عام 1911م. عمل الكاتب أستاذا ورئيسا لمدرسة اوغسبورغ Augsburg Seminary(تسمى الآن كلية اوغسبورغ ) في مينيابولس في ولاية مينيسوتا بالولايات المتحدة ، وهي مدرسة كنسية أسسها في 1869م اللوثريون النرويجيون المهاجرون لأمريكا.
يحوي المقال مقدمة، والنص العربي الكامل لرسالة طويلة نسبيا من المهدي لغردون (ست صفحات)، وترجمة إنجليزية كاملة لها. واختتم الكاتب مقاله بملاحظات عديدة عن بعض التفاصيل المتعلقة برسائل المهدي لغردون ومن حملوها له.
المترجم
********* ********** ********
تم العثور على رسالة المهدي إلى الجنرال غردون ضمن مخطوطات عربية تخص الكونت لاندبيرق (هو العالم والمستشرق السويدي الكونت كارلو فون لاندبيرج، 1848 – 1924م)، أهداها السيد موريس جيسب إلى مكتبة جامعة ييل في عام 1900م. والمخطوطة التي نحن بصددها هي مجموعة من الرسائل (أو بالأحرى نسخ مصورة لتلك الرسائل) التي سطرها المهدي في مناسبات مختلفة. وتوجد بحوزة مكتب المخابرات المصرية أيضا صور من ذات المخطوطات. وتوجد نسخ من المخطوطات المحفوظة في جامعة ييل في ذلك المكتب بالقاهرة، غير أن مخطوطات جامعة ييل تختلف عن مخطوطات القاهرة في أنها لا تحتوي على رسائل كبار الشخصيات (dignitaries) الآخرين مثلما هو موجود في مخطوطات القاهرة. وكان المصريون قد حصلوا على تلك المخطوطات بعد (هزيمة جيش المهدية) في معركة توشكي التي وقعت يوم 3/8/ 1889م. أما كيفية حصول الكونت لاندبيرق على تلك المخطوطات فلا يزال أمرا مجهولا.
رقمت صفحات تلك مخطوطة جامعة ييل حتى صفحة 503، ولكن تفتقد المخطوطة عدة صفحات (من 251 إلى 352). وقد أضاف إليها الكونت لاندبيرق قائمة بالمحتويات.
تحوي المخطوطة 148 من الرسائل والمنشورات، تبدأ كل واحدة منها بعبارة: "بسم الله الرحمن الرحيم" وكتبت في كل صفحات المخطوطة كلمتي "الحمد لله" وأول كلمة في الآيات الواردة في المخطوطة باللون الأحمر. ولم ترتب محتويات المخطوطة ترتيبا زمنيا، ولا توجد في كثير من الرسائل أي إشارة لتاريخ كتابتها، ويشمل هذا رسائل غردون أيضا (والتي توجد في صفحات المخطوطة المرقمة 470 إلى 475).
إن ما كتب عن تاريخ السودان بين عامي 1880 و1900م كثير جدا، خاصة في الدوريات المتخصصة. ولن أشير هنا إلا لبعض ما نعتقد أنه من مهم. وأول تلك المصادر المهمة هو "الكتاب الأزرق" الذي تصدره الحكومة البريطانية. ويأتي بعده "يوميات الجنرال غردون في الخرطوم"، والذي طبع من المخطوطة الأصلية ونشر في بوسطن، بمقدمة وحواشي بقلم أ. إيقمونت هاكي، في عام 1885م، و"رسائل غردون إلى شقيقته م. أ. غردون"، والتي نشرت في لندن عام 1888م، وكتاب رودولف سلاطين "السيف والنار في السودان، بين عامي 1879 – 1895م"، والذي ترجمه وينجت باشا، ونشر في لندن عام 1896م، وكتاب "سجين الخليفة: 12 سنة من الأسر في أم درمان" بقلم شارلس نيوفليد والذي نشر عام 1899م، وكتاب الأب جوزيف اورفالدر المعنون "عشر سنوات من الأسر في معسكر المهدي"، وجزء من كتاب "حياة غردون" بقلم ديميترس بلقر، الصادر في لندن عام 1896م، وكتاب "المهدوية والسودان المصري" من تأليف الميجور وينجت، والذي صدر عام 1891م، و كتاب "مصر الحديثة"، المكون من جزئين، بقلم إيرل كرومر، والذي نشر في نيويورك عام 1908م. ولا ريب أن تقدير كرومر لغردون لم يخل من التحيز الشديد، رغم أنه قد ألقى في ذلك الكتاب ، بكثير من الضوء على كثير من سوء التفاهم بينه وبين غردون. ومن الكتب العربية المهمة في تاريخ السودان في تلك الفترة كتاب نعوم بيه شقير المعنون "تاريخ السودان"، المطبوع في القاهرة في عام 1904م. وكان لنعوم شقير بلا شك دور كبير في جمع المواد التي حواها كتاب وينجت، وكتابهما يتشابهان في الهدف والخطة والمحتوى.
ملاحظات
الملاحظة الأولى. الرسالة غير مؤرخة. نعلم من المصادر المتوفرة أن غردون لم يتلق من المهدي غير ثلاث رسائل رسمية، وليس هنالك أي مرجع لأي رسالة أخرى. ومن تلك الرسائل الثلاث تلقى غردون الرسالة الأولى يوم 22 مارس 1884م. وقد قام بترجمتها كاملة الرائد (السردار الآن) وينجت في كتابه "المهدوية في السودان المصري (1891) الصفحات 111 -115"، وتاريخه (ربما يقصد في ذلك الكتاب) هو 10 مارس 1884م (بينما ذكر بولقر في الجزء الثاني من كتابه "حياة غردون" الصادر في لندن عام 1896م أن المهدي أبدى كامل الاحترام لغردون بإرساله له عند وصوله للخرطوم يوم 18 فبراير 1884م رسالة "سلام").
وأستلم غردون رسالة المهدي الثانية إليه يوم 9 سبتمبر 1884م، قبل يوم واحد من إرسال الباخرة "عباس" عبر النيل جنوبا. وفقدت تلك الرسالة مع غيرها من كثير من الوثائق في حادث تحطم تلك الباخرة. أما الرسالة الثالثة فقد بلغت غردون في يوم 22 أكتوبر 1884م، وهي مترجمة كملحق في "يوميات غردون" المنشورة (ص 453 – 459)، وفيها ذكر لحادث تحطم الباخرة "عباس" يوم 18 سبتمبر 1884م. ولا يستبعد أن تكون هنالك رسائل مفقودة، إلا أن ذلك يحتاج لدليل.
وحمل رسالة المهدي التي بلغت غردون في يوم 9 سبتمبر رجلان مسلمان (هكذا، والمقصود أنهما من المسالمة أي المسيحيين السابقين الذين أسلموا بعد المهدية .المترجم) هما محمد يوسف وجابر، وبعض الدراويش. وحملهم غردون الرد على الرسالة في نفس اليوم. وجابر هذا هو في الواقع الإغريقي جورج كالامنتينو (George Calamantino). أما محمد يوسف فهو في الواقع الرجل الإيطالي قيسبي كوزي (Giuseppe Cuzzi). وكان كوزي قد أسر في بربر عقب سقوطها في 24 مايو 1884م، وأرسل إلى "أبو كرجة Abu Kerjaha" (المقصود هو أبو قرجة. المترجم) الذي كان على رأس قوات المهدي التي كانت تحاصر الخرطوم. وحاول "أبو قرجة" حث غردون على الاستسلام عن طريق وساطة كوزي. ولما أخفق الرجل في مسعاه، بعثه "أبو قرجة" إلى المهدي في الرهد. وهنالك حمله المهدي – مع جورج كالامنتينو- رسائل أخرى لغردون. وسجل غردون في يومياته في 11 سبتمبر ما نصه: "ما أن غادر كوزي متوجها لمعسكر العرب، حتى دخل علي درويشان يحملان رسالة من المهدي". وقد تشير الحقائق إلى أنه عند وصول رسل المهدي إلى معسكر العرب الذين كانوا يحاصرون الخرطوم، أراد كوزي لسبب أو لآخر أن يسبقهم بالوصول للخرطوم قبل تسليمهم للخطاب. وما أن عاد للمعسكر حتى أرسلت الرسالة. غير أن هنالك بعض الإلتباس في يوم وصول كوزي للخرطوم ومقابلته لغردون. فقد سجل غردون في يومياته يوم 11 سبتمبر أن كوزي وصل للخرطوم "بالأمس"، أي يوم 10 سبتمبر، بينما يقول هو أن الرسالة بلغته يوم 9 سبتمبر. وأكد سلاطين في كتابه "السيف والنار في السودان، صفحتي 304 - 305" أن كالامنتينو قد سمح له بدخول المدينة، بينما منع كوزي. وربما يكون غردون قد شك في نوايا كوزي، ولذا رفض إدخاله المدينة في المرة الثانية.
ويقول المهدي في تلك المخطوطة إنه قد خول لإبي قرجة التعامل مع غردون. وسجل غردون في يومياته يوم 13 سبتمبر" عرض المهدي علي أن اقوم بالاستسلام (!) لإبي قُقليز (Abu Gugliz) وهو من أكثر المخالفين لتعاليم الدراويش". وورد في خطاب من غردون لعبد الرحمن التاي: "محمد أحمد أخبرنا بأنه أمر أبا قرجة بتحويلنا إلى دينه". وكان غردون يسمي أبا قرجة في يومياته دوما "أبو قُقليز" (لعل غردون أراد اطلاق الاسم للتحقير والازدراء، أو ببساطة لجهله أو ضعفه في اللغة العربية. المترجم) .
وكتب عبد الرحمن النجومي (الأمير المهدوي الذي كان على رأس القوات المحاصرة للخرطوم، بينما كان أبوقرجة يحاصرها من جهة الشرق في جهة الجريف. المترجم) رسالة استلمها غردون يوم 21 سبتمبر جاء فيها: "لقد كتب إليك الإمام مبينا طريق الحق الذي يؤدي بك إلى الله ... ويخلصك من الضلال ... في هذه الدار الدنيا والآخرة". ولا يمكن معرفة تاريخ كتابة هذه الرسالة، ولكنها لا بد أن تكون قد كتبت بعد يونيو 1884م، وربما قبل مغادرة المهدي للرهد، والتي يقول الأب جوزيف اورفالدر إنها كانت في الثامن أغسطس، بينما يقول سلاطين إنها كانت في يوم 22 أغسطس. وتميزت كتابات اورفالدر وسلاطين بقلة الدقة في تحديد التواريخ.
(ورد أن عبد الرحمن النجومي قد أرسل لغردون خطابا تحذيريا جاء فيه: "اعلم انا ود النجومي أمير امراء المهدية وفاتح كردفان والداير وجئتك بجيوش لا طاقة لك بها ومدافع لا قدرة لك باحتمالها فسلم تسلم ولا تسفك دماء العساكر والاهالي بعنادك والسلام" وقد كان رد غردون باشا على هذا الخطاب جافاً بقوله: "لقد اطلعنا على خطابك وانا لست مباليا بك ولا بسيدك المهدي وسوف يحل بك ما حل بابي قرجة والشيخ العبيد ود بدر وخلى عنك شقشقة اللسان وكسر الهريات وجرب نفسك والسلام". المترجم).
الملاحظة الثانية. لا يعرف ما الذي تشير إليه الرسالة في صفحة 473. قد يكون كوزي عند مقابلته للمهدي قد قدم نفسه كرسول من غردون، وربما يكون قد قال له بأنه مخول من غردون ليخبره بأنه سيستسلم إن وجد الشجاعة لفعل ذلك، غير أن علماء الخرطوم منعوه من ذلك. وكان المهدي يشير إلى كوزي في خطابه لغردون بالقول: "وكيلك ...". ولا يعقل أبدا أن يكون غردون قد عرض على المهدي أن يستسلم له ويسلم على يديه. وربما يكون كوزي قد صور الأمر على ذلك النحو لينال الحظوة عند المهدي. وكتب اورفالدر أن المهدي استقبل كوزي أحسن استقبال، وغمره بالهدايا قبل أن يرجع لغردون حاملا إليه رسالة من المهدي.
وكان قيسبي كوزي يعمل في وظيفة قنصل لبريطانيا في بربر. غير أن السير ايفيلين بارنج (الآن اللورد كرومر) فصله من عمله قبيل سقوط بربر (في 26 مايو 1884م) وذلك لإنتقاده خطة بارنج لفتح طريق بين بربر وسواكن. وهذا ما حمل غردون على الظن بأن كوزي قد خانهم وسلم بربر للعرب انتقاما من فصل بارنج له. غير أن سلاطين أو أورفالدر لم يشيرا في كتابيهما لكوزي على أنه "خائن"، رغم أن هنالك الكثير من الدلائل الظرفية تقف ضده، إذ قام المهديون بإرساله عقب سقوط بربر إلى "أبو قرجة" الذي كان يحاصر الخرطوم. وسارع أبو قرجة ببعثه إلى غردون ليحثه على الاستسلام، غير أن تلك المحاولة لم تفلح مع غردون. ثم بعث به للمهدي، الذي كان به حفيّا. وبعد تسليم كوزي لخطاب المهدي لغردون، آب إلى بربر مرة أخرى، مما يدلل على أنه كان يتمتع بحرية لم يجدها أولرفالدر أو سلاطين. وهنالك من يذهب إلى أن الرجل كان قد دخل الخرطوم بمفرده قبل تسليمه للخطاب، مما يفتح الباب للشك في ولاء مزدوج عنده – ولن يعلم أبدا إن كان كوزي يتآمر ضد الخرطوم (أي غردون) أم كان يسعى ببساطة لينفذ بجلده. وإن كان كوزي بالفعل كذلك، فسيسهل تصديق أنه وقف أمام المهدي بحسبانه كموفد من غردون، وهذا يفسر إعطاء المهدي له رسالة ليحملها لغردون. أما الرسالتين الأخرييْن ، فقد كُتبت كل واحدة منهما لسبب خاصّ. فالأولى منهما كتبها المهدي ردا على خطاب من غردون له بشره فيها بتعيينه سلطانا على كردفان. أما ثانيهما فكان لإخبار غردون باغتنامهم للباخرة "عباس". وربما كانت الرسالة ردا على خطابات سابقة من غردون وردت فيها اقتراحات للمهدي بقبول غردون بتعيينه حاكما لكردفان، وكان ذلك من ضمن السياسة البريطانية – المصرية الشاملة لإخلاء السودان وسحب القوات المصرية منه. وما كان غردون قد بعث للسودان إلا لذلك الغرض.
الملاحظة الثالثة. كانت كلمة "الضعفاء" التي وردت في رسالة غردون للمهدي، تعني النساء والأطفال الذين تركهم المحمديون الذين غادروا المدينة للانضمام إلى المهدي والقتال في صفوفه. وكان ذلك تدبيرا حكيما من قبل هؤلاء الرجال. فإن استطاع المهدي الصمود حتى وصول بعثة الانقاذ البريطانية، فستكون عائلاتهم وممتلكاتهم في أمان، وإن أفلح المهدي في الاستيلاء على الخرطوم، فيمكنهم حينها الاعتماد على اشتراكهم في القتال في صفوف جنود المهدي وإخلاصهم لدعوته في حماية عائلاتهم وممتلكاتهم. وكان اورفالدر قد انتقد غردون في كتابه (ص 152) انتقادا حادا لسماحه للرجال السودانيين في الخرطوم بالالتحاق بجيش المهدي الذي كان يحاصر المدينة، مذكرا بأن أخلاقيات الحرب تختلف جدا عن أخلاقيات السلم، وأنه لو كان غردون قد طرد هؤلاء "الضعفاء" من الخرطوم ، لكان قد وفر بعض الامدادت الغذائية، ولصمد لوقت أطول. غير أن غردون لم يشأ قط أن يمنع خروج من يريد الانضمام للمهدي من المدينة. غير أنه لم يكن يسمح لمن يريد العودة لها بدخولها. ومن خرج من السودانيين من الخرطوم للانضمام لقوات المهدية قد يقولون له أنهم لم يحضروا عائلاتهم معهم هو أن غردون قد حَجَّرَ عليهم ذلك.
وكان غردون قد قبض على بعض السودانيين بالخرطوم في غضون أيام الحصار وأودعهم السجن بتهمة التآمر. وقد تكون كلمة "الضعفاء" تشير إلى هؤلاء (لعل سلاطين (أو غيره) قد ذكر بأن غردون أعدم بعض من شك في خيانتهم من الضباط والجنود ومحاولتهم الإتصال بجيش الأنصار المحاصر للمدينة. المترجم).
الملاحظة الرابعة. في الرسالة وردت اسماء خمس رجال ذكروا بالاسم هم محمد أحمد وود البصير ومحمد يوسف وجابر وأبو قرجة. وكان محمد أحمد وبصير هما من قدما رسالة المهدي في 10 مارس 1884م. إنّ اسم محمد أحمد من الأسماء الشائعة، ولذلك فإنه ليس من السهل التعرف على ذلك الرجل. ولكن هنالك محمد أحمد ود البدري، الذي وصفه اورفالدر في كتابه (ص 10) بأنه أحد أنصار المهدي المقربين القدامى. وكذلك وصف أورفالدر في ذات الكتاب ود البصير (ص 94) بأنه الأنصاري الذي بعث به المهدي للجزيرة (بين النيلين الأبيض والأزرق) لدعوة سكانها للثورة. ووصف سلاطين في كتابه ذات الرجل (ص 280) بأنه صهر للمهدي. وربما كان هذان الرجلان هما من ذكرا في الرسالة.
أما محمد يوسف فهو الرجل الإيطالي قيسبي كوزي، وجابر هو الأغريقي جورج كالامنتينو. وذكر اسم "ابوكرجة Abu Kerjah" بتهجئات مختلفة فهو أحيانا "أبو قرجي Abou Gurgy"، و"أبو قيرجAbu Girgah " و"أبو قرجةAbu Girgah "، ويسمى أيضا "أبو قيقليز Abu Gugliz" (ربما كان غردون هو الوحيد الذي يطلق عليه هذا الاسم. المترجم". واسمه الكامل هو حاج محمد عثمان أبو قرجة. وفي مصر ينطقون حرفي القاف والجيم وكأنها جيم معطَّشة “hard g. أما اسم غردون فيكتبونه "غردون" أو "جوردن".
الملاحظة الخامسة. تدل مخطوطة رسالة المهدي (474 1.16) من الوهلة الأولى على دليل على تاريخ كتابتها. ولكن إن كانت الرسالة قد كتبت قبل مغادرة المهدي للرهد، فإن ذلك يعني أن المهدي كان يتوقع أن يصل للخرطوم بعد يومين من وصول رسله الذين يحملون رسالته إليها. ولا قدرة لنا على تحديد كم من الوقت يلزم للرسل لقطع المسافة بين الخرطوم والرهد والتي تبلغ نحو 200 ميلا (في الواقع تبعد الرهد عن الخرطوم 236 ميلا. المترجم). وربما تكون تلك الرسالة قد كتبت بعد منتصف أغسطس، وهذا يؤيد ما ذكره سلاطين في كتابه عن أن المهدي كان قد غادر الرهد في 22 أغسطس.
الملاحظة السادسة. أورد وينجت في الصفحات 535 – 549 من ملاحق الجزء الثالث من كتابه "المهدوية والسودان المصري" جدولا حوى قائمة برسائل المهدي ومنشوراته، وخليفته عبد الله التعايشي، والتي كان قد حصل عليها الجيش البريطاني – المصري في معركة توشكي يوم 3 أغسطس من عام 1889م. وفي تلك المعركة هزم البريطانيون العرب وقتلوا قائدهم عبد الرحمن النجومي، والذي كان قائدا للقوات التي كانت تحاصر الخرطوم من شهر سبتمر وما بعده. وذكرت في قائمة كتاب وينجت رسالتان من المهدي لغردون (في صفحات 24 – 26 و26 – 28) بتاريخ جُمادی الاَوَّل من عام 1301هـ (الموافق لعام 1885م)، والصحيح بالطبع هو مارس 1884م. ووردت في الرسائل التي ذكرها وينجت في "كتاب الرسائل" الذي تبلغ عدد صفحاته أكثر من 140 صفحة 133رسالة منها 99 رسالة من المهدي. هذا مع ملاحظة أن بعض صفحات هذا الكتاب (مثل صفحات 33 إلى 38) مفقودة. وتاريخ تلك الرسائل يمتد من 1881 إلى 1888م، لكن لم ترتب تلك الرسائل ترتيباً زمنيا.
الملاحظة السابعة. كتب الكونت لاندبيرج في سجله (Registre) باللغة الفرنسية أن تواريخ المخطوطات التي كتبت فيها كلمتا "عليه السلام" عقب اسمه يدلنا على تاريخ وفاة المهدي. غير أن هذا ليس بالدليل الكافي، إذ أن استخدام تلك العبارة بعد اسم المهدي كان شائعا في كثير من الرسائل التي كتبت قبل موته. فعلى سبيل المثال يوجد في ملحق (D) من "يوميات غردون" (ص 379) رد من علماء الخرطوم إلى الشيخ عبد القادر إبراهيم وإلى ود النجومي مؤرخة بتاريخ 23 من ذي القعدة 1301هـ يشتكون فيها من استخدام أنصار المهدي لعبارة "عليه السلام" بعد اسمه. وهنالك رسالة من عبد الرحمن النجومي وعبد الله النور لغردون (ملحق L من "يوميات غردون") استخدما فيها ذات العبارة بعد اسم المهدي. ويمكن أن تجد عشرات الأمثلة الأخرى لتأييد ذلك. واستشهد علماء الخرطوم بكتاب للشيخ عبد الغني النابلسي ورد فيه أنه لا يجوز أن يميز أحد من الناس بعبارة "عليه السلام" سوى الأنبياء، فلا يمكن أن نقول مثلا "علي عليه السلام"، وتنطبق هذه القاعدة على الأحياء والأموات على حد سواء، ما عدا قولك لأحد من الحاضرين "عليك السلام"، يخاطب الجمع بـ "عليكم السلام". وهذه هي صيغة السلام بين الأحياء من المسلمين، وتستخدم أيضا عندما تذكر اسماء الأنبياء كذلك.
****** ****** ********
نص الرسالة (المجموعة العربية – متنوعات – ييل – 543)
يمكن الاطلاع على رسالة المهدي بأكملها (وترجمتها إلى الإنجليزية) في أحد هذه الروابط:
https://archive.org/stream/jstor-3087507/3087507_djvu.txt
أو
https://www.jstor.org/stable/3087507?seq=1#page_scan_tab_contents
أو
http://philpapers.org/rec/SVEALF
alibadreldin@hotmail.com