منصة حرة
الكوارث الطبيعية أحياناً أقوى من قدرات الدول، ومهما كانت البنية التحتية قوية ومتطورة، وتمتلك الدولة إمكانيات ضخمة، نجدها لا تصمد أمام كوارث الطبيعة من سيول، وفيضانات، وأمطار، وأعاصير، ورياح، وفايروسات، ونشاهد ارتفاع أعداد ضحايا هذه الكوارث سنوياً حول العالم.
ولايات أمريكا الساحلية دمرها إعصار "لورا" رغم الاستعدادات المبكرة في لويزيانا وجنوب تكساس لمواجهة الإعصار بوضع أكياس رمل أمام أبواب المنازل وسد النوافذ بإحكام أو إخلاء بيوتهم، ورغم التحذيرات فعلت الطبيعية فعلتها وخلفت خسائر تجاوزت 100 مليار دولار، وأيضاً الإعصار "كاترينا"، الذي دمر ولاية نيو أورلينز قبل 15 عاماً.
أمرت السلطات اليابانية أمس الأول بإجلاء مئات الآلاف من السكان في جزرها الجنوبية، مع اقتراب إعصار "هايشن"، وطلبت من سكان مدينة كاجوشيما من البالغ عددهم 246 ألف نسمة إجلاء منازلهم، ورغم كل هذه الاستعدادات تسببت العاصفة في إلغاء مئات الرحلات الجوية في المنطقة وتعليق خدمات القطارات.
وذات الإعصار "هايشن" ضرب كوريا الجنوبية بعدما اجتاح جنوب اليابان، ورغم الاستعدادات تسبب الإعصار في الغاء مئات رحلات الطيران وبانزلاقات أرضية وتحطم الأشجار والإشارات المرورية في مدينة بوسان الكورية الجنوبية ومحيطها بينما غرقت الشوارع بالمياه وانقطعت الكهرباء عن آلاف المنازل.
وفي نيجيريا جرفت الفيضانات ما لا يقل عن مليوني طن من الأرز، ودمرت نحو 450 ألف هكتار (1.2 مليون فدان) في كيبي، الولاية الرئيسة لزراعة الأرز في البلاد.
وفي باكستان ارتفعت حصيلة ضحايا الأمطار الموسمية الحالية والفيضانات إلى 219 قتيلاً و158 مصاباً، أدت كذلك إلى انهيار 1340 منزلاً بالكامل وتضرر 1040 منزلاً آخر بشكل جزئي، فضلاً عن تضرر الطرق والجسور والمحلات التجارية ومحطات توليد الكهرباء.
وظلت خسائر فايروس كورونا في أمريكا والدول الأوربية هي الأعلى رغم الإمكانيات الكبيرة والبنية التحتية المتطورة، وخسر العالم تريليونات الدولارات بسبب هذه الجائحة.
ومايحدث اليوم في السودان، لم نشهد مثله على الإطلاق، كورونا وسيول وفيضانات وأمطار وأزمة اقتصادية، وكل هذا يحدث خلال حكم انتقالي نتلمس خلاله بناء مؤسسات وطنية، وكتابة دستور دائم، وتوطين الديمقراطية، وسط استهداف يومي من فلول النظام البائد الذين يسيطرون على الثروة، وتدعمهم محاور إقليمية لقطع الطريق أمام هذا التحول الديمقراطي.
ولكن رغم كل هذه الأزمات، نحن السودانيون نتفوق على معظم شعوب العالم بالعمل الجماعي عبر "النفير" و"الفزع" وغيرها من أشكال التكاتف الاجتماعي، ونعلم جميعاً أن الدولة لا تمتلك إمكانيات، والبنية التحتية مدمرة تماماً منذ العهد البائد، ولكن ثروتنا الحقيقية هي "الشباب"، عبرهم وعبر العمل الطوعي في كل الولايات سنتجاوز كل هذه الأزمات، ورغم انشغال الجميع بالتصدي لكوارث الفيضانات والأمطار ومساعدة المتضررين، علينا أن لا ننسى حماية ثورتنا المجيدة، وتذكروا دائماً أن أعظم الدول نهضت من تحت ركام الأزمات، وبالإرادة والاتحاد سنصمد أمام هذه الأزمان، وسنعبر إلى بر الديمقراطية والحرية، وحتماً سننتصر.. حباً ووداً..
الجريدة
نورالدين عثمان
manasathuraa@gmail.com