روايات خاصة :(حفا)!

 


 

 

(1)
فجأة (يصفق) صديقنا (الهادى) بكلتا يديه ويصيح (حفا) ، اى وا اسفاى ، عبارة شديدة التوجع ، كلما تراءت له تلك المشاهد من حياته ، حين اطلت فى لحظة وتبدل كل شىء ، دون ان يدرى من اين نالته السهام ، واتذكره كلما تنساب عبر الاثير روائع المبدع هاشم صديق :
حاجة فيك
تقطع نفس خيل القصائد
تشده أجراس المعابد
توهتنى .. جننتنى
جننت حرف الكلام
وبرضو أدتنى السلام
حاجة فى شُرف المدائن
وفى غرف كل السفائن
جوّة فى عمق المناجم .. والعيون
حاجة زى ماتكون
محلـّق فى العواصف
فجأة .. تهبط فى السكون
حاجة زى نقر الأصابع
لمـّا ترتاح .. لى الموسيقى
لحظة (تنقر) فى الدواخل دون استئذان تقلب كل الموازيين ، تخترق حجب المشاعر والحواس ، وكل اسباب التمنع ، وان كانت اللحظة المدهشة عند استاذنا فضل الله محمد دراما ملحمية ، بين التشويق ، والرهبة ، والخيال ، لحظة تعبر بك مساحة زمن ، تهىء مشاعرك ، وتنفجر فى وجهك:
أي حاجة تمر بخاطركْ
قصة أو أخبار جديدةْ
عندي ليك خبر أهمْ..
جايبه بي أشواق شديدة..
أسمعي وطاوعيني مرّة
أيوة، ما تخليك عنيدهْ
عايز أقول لكْ
ليه أقول لكْ
ما بقولكْ
مش مخير
ساعة مرت ساعة واكتر
والوقت روّح تأخر
زى عنادك عايز اعاند
لكن يظهر ما ح اقدر
امرى لله كنت عايز اقول
بحبك يا وحيدة..
وليال شاعرنا الطاهر بابكر مشحونة بالحزن ، قصة تجاذب العزم والمكابرة ، ومحاولة التجاسر على الجراح:
ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺩﻳﻚ ﻻﻫﺎﻥ ﻋﻠﻲ
ﺃﺭﺿﻰ ﻭﺃﺳﺎﻣﺤﻚ
ﻭﻻ ﻫﺎﻥ على ﺃﻋﺘﺐ ﻋﻠﻴﻚ
ﺷﻠﺖ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﻭﺍﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ..
ﻭﻛﻞ ﺣﺮﻣﺎﻥ ﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ
ﺟﻴﺖ ﺃهنيك ﻭﺃصافحك
ﺟﻴﺖ ﺃﻗﻮﻝ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻋﻠﻴﻚ
ﻭﻣﺪﻳﺖ ﻳﻤﻴﻨﻲ ﺑﻼ
ﻛﻼﻡ ﻣﺎ ﻗﺪﺭﺕ ﻗﺪﺍﻣﻚ ﺃﻗﻴﻒ..
ﻭﺭﺟﻌﺖ ﺣﺎﺑﺲ ادمعى..
والذكرى التى انتابت شاعرنا الصادق ود امنة ، صادرت عقله وهو يقول :
اكبر لي رغيبة الفجر وهي توازي لي..
واتدهور واسج الحمدو ماتمشي لي..
وكت المولى فكه علي ام شديده وكيلي..
كيفي ضمانه في ضراع الكزازي زميلي..
وربما لم يفطن الحردلو فى قصة المطيرق لقول شاعرنا الفيتورى فى واحدة من اجمل قصائد العربية (ياقوت العرش):
دنيا لا يملكُها من يملكُها
أغنى أهليها سادتُها الفقراء..
الخاسرُ من لم ياخذ منها
ما تعطيه على استحياء..
والغافل من ظنَّ الأشياءَ
هى الأشياء..
فلم يقطف شيخ العرب تلك الليلة ، وغافلته عينه بالنوم ، وجاء صاحب الموعد واخذ (المطيرق ) ، عصاه الصغيرة وذهب :
ســرفــة عـيــنـى داك الـلــيـــله مــاهــا مريه أصـبـــح حـــالتى مـثــــل الــدخــلـو الظبطيه أتــرجــــــاك يـــــا ابــو الـــتــــايــه اول سيئه مـا اتــواخــد اكـون فـى حـالـة غـيـر مرضية وظل (يلوك ) مرارة الحزن لضياع اللحظة:
ذكــرتـى بـالـبــنـــات لا عــن مـصوع فاحت ضــايـــق غـلــبــهـــن مـن شـيـنـــتــن بتاحت جــدع ودعــتـن بــالـلــيــم عـلــى مـا طـاحت هـبـــرت كـفــتـى وعـقـب الـمـطـيـرق راحت واللحظات النادرة تلك بكاها بشار بن برد:
قد زرتِنا مرَّة ً في الدّهر واحدة ً
عُودِي ولاتَجْعَلِيها بيضَة َ الدِّيكِ
يا رحمة الله حلِّي في منازلنا
حسبي برائحة ِ الفردوس من فيكِ

(2)

ويصور الوليد بن يزيد ببراعة كيفية حوار لحظات الوداع الودودة تلك ، وهى تدرك ان المغزى ، والدلالات :
ثُمَّ اسْتَبَدَّتْ وقالَتْ وهْـيَ عالِمَـة بِمَا تَقُولُ وشَمْـسُ الرَّاحِ لَمْ تَفِـلِ لاَ تَرْحَلَنَّ فَمَا أَبْقَيْـتَ مِنْ جَلَـدِي مَا أَستَطِيـعُ بِـهِ تَودِيـعَ مُرْتَحِـلِ وَلاَ مِنَ النَّومِ مَا أَلقَـى الخَيَـالَ بِـهِ وَلاَ مِنَ الدَّمْعِ مَا أَبْكِـي عَلَى الطَّلَـلِ ومرارة الرحيل فى وجدان جميل بثينة ، ذات ضجيج ، وعينه تلمح تلك الجموع تبتعد :
تنادى آلُ بثنة َ بالرّواحِ وقد تَرَكوا فؤادَكَ غيرَ صاحِ فيا لكَ منظراً، ومسيرَ ركبٍ شَجاني حينَ أبعدَ في الفَيَاحِ ويا لكَ خلة ً ظفرتْ بعقلي كما ظَفِرَ المُقامِرُ بالقِداحِ أُريدُ صَلاحَها، وتُريدُ قتلي، وشَتّى بينَ قتلي والصّلاحِ ويصور الحردلو اللحظة ، بمحيطها وبيئتها ويوثق لها :
الشم خوخت بردن ليالي الحرة
والبراق برق من منه جاب القرة
شوف عيني الصغير بي جناحه كفت الفرة
تلقاها أم خدود الليلة مرقت برة
ان مفردات شاعرنا اسماعيل حسن ، دائما دقيقة ورقيقة ، تمس عصب الاحساس ، والتصوير عنده شديدة الارتباط بالحياة وتفاصيلها :
اشتقت ليك ساعة المساء فرد الجناح ولملم مصابيح النهار والـكــون شــــرب لــــون الــجــراح والـعـتـمـة نــامــت فــــى الـــــدروب والـلــيــل لــبـــس اجــمـــل وشـــــاح فــــى الـلـحـظــه اشـتــقــت لــيـــك واحـتــجــت لــيـــك فى اللحظه والناس بتسأل عن بلاد اصلو مامعروفـه ويـن ياقلبـى لــى زول بيـئـن حـاضـن الاســىء عـبـر السنـيـن فـى اللحظـه ديـك اشتقـت ليـك شـوق السحـابـة الراحلة فى جوف الشتاء عطشانـه تحلـم بالخريـف بقيـت ضعيـف فـــى اللـحـظـة ديـــك مــديــت مـعـابــر شــوقــى لــيــك وحـــنــــيــــن حــنـــيـــنـــى الـــطــــاغــــى لـــــيـــك كـــــايــــــس مـــجــــيــــك ودايــــــــــــر يــــجــــيــك فـــى اللـحـظـه ديــك اشـتـقـت لـيـك واحـتـجـت لـيـك اللهم ، اجعل لحظاتنا دائما ، طيبة .. واسعد أيامنا يوم لقاك.. وذلك الفوز

ibrahim.sidd.ali@gmail.com
////////////////////////

 

آراء