زفة حزب المؤتمر الوطني والخروج عن النص

 


 

سارة عيسى
15 February, 2010

 

     إغتيال الطالب محمد عبد الله بحر الدين ، وتعذيبه ثم تقطيع جسده إلى أوصال ، هذا يعني أن للمؤسسة الأمنية في السودان أنياب وأظافر  كما قال طيب الذكر غازي سليمان الذي هدأ صوته بعد "كشة " الحركة الشعبية ، فهناك دولة داخل دولة في السودان  ، وهذا يعني أن المواطن في الخرطوم حتى ولو كان طالباً يعيش وهو غير آمن على حياته ، كان الحرم الجامعي مقدساً ، وكل الأنظمة التي تعاقبت على حكم السودان- طبعاً ما عدا الإنقاذ- كانت تحرم دخول قوات الشرطة إلى حرم الجامعات ، في ديسمبر 89 قامت شرطة الإنقاذ بإغتيال الشهيدة/التاية أبو عاقلة  داخل الحرم الجامعي ، هي أيضاً كانت طالبة بكلية التربية جامعة الخرطوم ، وهي أيضاً من بنات الهامش ، من الدندر الذي يضئ الخرطوم بالكهرباء بينما ترقد قراه في الظلام الدامس ، أنها دولة الخوف التي تخاف من القلم والمحبرة ، في عام 91 تمكن جهاز أمن الطلاب من تسديد ضربة الرماية ، الهدف كانهو  قلب الشهيد/طارق أحمد إبراهيم زهري ، شاب في مقتبل الحياة ، يعد أسرته بمستقبل زاهر ، يلاقي ربه قرب كلية القانون ، سالت دماؤه الطاهرة بين كلية القانون ومكتب بريد الجامعة ، منع الأمن بالرصاص الطلاب من إسعاف الفقيد ، نزف حتى الموت ، أنه إعدام اسوأ من النموذج النيجيري ، ماذا فعل الشهيد طارق إبراهيم حتى يُقتل بهذا الأسلوب ،  نعم نحن نعرفهم ، وهم لا يكذبون علينا لأنهم يكررون جرائمهم ، كما قلت أن زفة حزب المؤتمر الوطني وهو يدشن حملته الإعلامية فيها الكثير من الخروج عن النص ، أنتقد اسامة بن لان الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن لأنه غزا أفغانستان بعد قرع أجراس الكنائس ، فإبن لادن لا يعترف بالتسامح في الحياة الإجتماعية ، ولكن الإنقاذ قدمت لنا نقلة كبيرة ، سوف يكون هناك قساوسة يتلون آيات من الإنجيل ، وهذا سوف يقطع لسان السلفيين الذين تحالفوا مع الرئيس البشير ، أنهم أربعون الفاً في ميدان إستاد الهلال بأمدرمان ، تبدو على سيماهم نضرة النعيم ، أنهم جمهور الخدمة المدنية الوفي ، نساء حزب المؤتمر الوطني كن يتشحن بالثياب السويسرية الغالية ، الألوان بين الأبيض والزرعي ، كن أشبه بفرقة عقد الجلاد قبل أن تفرقها الإنقاذ ، في سيارة مكشوفة لمحنا المرشح البشير وهو يتوسط زوجته والدكتور كمال عبيد ، مع تناغم صوت الموسيقى الحماسية والهتافات  فالأمر كأنه ليلة عرس مشهودة ، كان المرشح البشير يلوح للجمهوره العريض ، لا أحد من أبناء دارفور كان قد دُعي لهذا الفرح ، وقتها  كان الشهيد محمد بحر الدين يرقد في مشرحة الخرطوم ، وأشلاؤه تنادي بالقصاص ، لكن كان لهذا الفرح أن يتم ، حتى ولو كان القربان هو طالب من أبناء  دارفور ، فقد قتلنا قبله عشرة آلاف فقط ، ولقد طلبنا من جنودنا أن يحسنوا القتلة ، لا نريد أسرى أو جرحى يمزقون  ميزانيتنا بتكاليف العلاج ، بل كما قال النمرود بن كنعان : أنا أُحي وأُميت ، غاب عن هذه الزفة المستشار الرئاسي الدكتور نافع ، والهمس بين حيطان المدينة يقول أن يتطبب من علة ألمت به ، هذه ليست النهاية  لرجل لم يسعد إنساناً سواء بقول أو فعل ، بالأمس أبكاني السلطان ياسر عرمان ، كيف أن عبد الفضيل الماظ صرف جنوده وقاتل الإنجليز حتى نفذت منه الذخيرة ، أنه المشير عبد الفضيل الماظ ، كانت بادرة طيبة من الأستاذ/ياسر عرمان بأن يرد التاريخ إلي مجراه  الصحيح ، نعم من أجل عودة صحة وعافية بعد المرض  ، نعم لعودة المفصولين للصالح العام ، غير بعيد منا  يجلس الأستاذ/عبد العزيز المبارك ، نغني له ، قولي لا للتعذيب ..قولي لا للبطش والترهيب ..ما تقولي لا للهفة شعب يريد أن يعانق الحرية ، قولي لا للدم المسفوك في دارفور ، سألني أحدهم رأيت الأستاذ/حمد الريح في زفة حزب المؤتمر  الوطني ، نعم أنها الساقية وقد توقفت ، مشروع الجزيرة إسمه الآن " شلعوها الإنقاذ " ، لا أستغرب من موقف فرفور وحمد الريح ، فالإنقاذ أصبحت مهوسة بالعود والكفر ، حمد الريح كان عضواً في المجلس الوطني في آيام طيب الذكر محمد الآمين الخليفة ، وقد أنكر حقه الأدبي عندما قال أن أغنية الساقية لم تكن ضد الرئيس النميري : وقد كنا نردد مع موسيقاه :

تسقط مايو... تسقط مايو

رأس نميري مطلب شعبي

وقتها كان الرئيس النميري يتجول في أنحاء السودان كما يفعل الرئيس البشير ، كان بعضنا يحييه وهو يقول :

مرحب...مرحب بابا نميري

مرحب..مرحب ماما بثينة

كانت إيلينا شاوسيسكو مستغربة من الثوار الجدد ، كيف يقودونها إلى حبل المشنقة وهي تُعتبر أماً لكل الشعب الروماني ، فالطاغية حتى عندما يترك السلطة تطارده نفس الأوهام ، كما قال الأستاذ/ياسر عرمان أنها الفرصة الوحيدة لجمع أهل السودان ، فلو ضيع الشعب السوداني هذه الفرصة سوف يحكمنا الرئيس البشير بشريعة فرعون ، سوف تمتزج أرضنا بالدماء ، والأمهات الثكلى ، والأطفال اليتامي ، فالرجل نعرفه لأنه لم يكذب علينا ، فهل قال لنا يوم الجمعة في يونيو 89 أنهم يمثلون الجبهة الإسلامية ؟؟ 

سارة عيسي

 

sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]

 

آراء