زمن هيمنة أصحاب المقدرات المحدودة

 


 

 

Alain Deneault Sep18/2018. Mediocracy, The Politics of Extreme Centre.
كتابة حول العداء للحزب الشيوعي السوداني!
لا أدرى لماذا تمت ترجمة الجزء الأول من عنوان هذا الكتاب المهم لكاتبه الكندي آلان دونوه بهذه الطريقة ( زمن التفاهة) . لم أقرأ الكتاب المترجم للعربية لكن أري أن الترجمة الصحيحة للجزء الثاني الفعل السياسي للهاربين من الأخلاق و المنطق السليم. بذلك تكون الترجمة الصحيحة للعنوان. زمن هيمنة أصحاب القدرات المحدودة سياسة التهرب من الأخلاق و المنطق السليم.
آلان دونوه كاتب كندي يكتب بالفرنسية و يعيش في محافظة كوبيك. لمن أراد معلومات عنه يمكنه الرجوع للمصدر أدناه.
(Wikipedia, n.d.)
أظن أن ترجمة العنوان علي طريقتي أشارت لمحتوي الكتاب المهم جدا. هذا الكتاب يتكلم عن السياسية و المؤسسات الأكاديمية و مؤسسات العمل و غيرها و يشرح كيف أنها أصبحت تدار عن طريق أصحاب المقدرات المحدودة الذي تسنموا مواقعهم القيادية بسبب النفوذين المالي و السياسي للسلطة الحاكمة بالأمر الواقع عن طريق الإنتخاب. و الكتاب يتكلم عن حالات عدم التسامح مع الإختلاف في وجهات النظر في الفكر عموما أو النوع الإجتماعي أو الدين أو حتي الموقف السياسي. لأننا نعيش في زمن يتم فيه إحترام الأثرياء فقط لأنهم أثرياء، زمن يحدد فيه ما يكنزه الفرد المقام و الأهمية كمثال. و هذا النوع من التفكير شائع هنا في كندا وهو رفض العديد من النجبناء لموسسات الإنتاج الوفير، الأتمتة من ذكاء إصطناعي و غيرها و عموم المنطق الذي يقسم الأشياء المشتراة إلي أشياء نبيلة يكون سعرها عال و أشياء تافهة ببساطة لأنها رخيصة الثمن. الزمن الذي يحقر الحرف و المهن الضرورية لضمان عيش الناس في عالم جميل و متصالح مع البيئة.
كانت هذه المقدمة ضرورية لأبتداء الكلام عن العداء للحزب الشيوعي السوداني من مجموعات كبيرة من المتعلمين الذين كان الأجدر بهم فهم مواقفه. قبل أن تناول موضوع من يكتبون ضد الحزب الشيوعي السوداني لا بد من الإتفاق حول المصطلحات التالية.
أولاً: الهبوط الناعم هو ترجمة لعنوان مبادرة سياسية طرحته دور خبرة منها مركز الأزمات لوصفة سياسية قبلت بها اوربا و امريكا الشمالية لحل مشكلة السودان في أعقاب أعمال القتل البشعة التي تعرض لها المدنيون في هبة سبتمبر 2013م. و كان جوهر هذه السياسة هو تحنيس الكيزان للتنازل عن بعض السلطة للمعارضة في سبيل إجراءات إصلاحية الهدف منها إمتصاص غضب الشارع. و تدجين الكيزان حتي يتعاونوا مع المجتمع الدولي و الثمن حينها كان تعطيل إجراءات محكمة الجنايات الدولية ضد المطلوبين لديها جراء جرائم دارفور.
ثانياً: التسوية السياسة فكرة قديمة جدا في السياسة تهدف لإنجاز صلح مع المستبد المجرم يتحمل فيه تبعات العدالة الإنتقالية من جبر ضرر و تعويضات و جلسات مكاشفة يتم خلالها أن يطلب الجناة الصفح و العفو من الضحايا و ذويهم.
ثالثاً: الخيانة و هي معروفة و مثال لها الكلام نيابة عن الضحايا دون تفويض. اللإلتفاف علي شعارات ثورة ديسمبر التي كانت شعاراتها واضحة و قدّم خلالها بنات و أبناء شعبنا أرواحهم من أجلها.
هذه الكلمات الثلاثة لم يكتشفها الشيوعيون السودانيون. هي كلمات في القاموس السياسي السوداني. ليعلم أنصار قوي الحرية و التغيير المجلس المركزي و عناصر قحت. و ليعلم أيضاً عناصر تنسيقية القوي الديمقراطية و المدنية و أنصارها. أن إستخدام الكُتّاب الشيوعيون لهذه العبارات هو إستخدام في حدود معانيها السياسية و دلالاتها في الفترة من 2019م إلي اليوم. هذه ليست شتائم إنما أوصاف لأفعال و أقوال سياسية قامت بها هذه التحالفات السياسة.
يحتاج الكثيرون فيما يبدو لمراجعة كتاب آلان دونوه و يراجعوا كتابات الدكتور مصطفي حجازي سيكلوجيا الإنسان المقهور و كتاب الإنسان المهدور. لا أحتاج أطلب منهم دراسة الماركسية لأنها ثقيلة علي القلوب الرقيقة. لكنهم كفاعلين سياسيين عليهم قراءة ما يكتبه الحزب الشيوعي السوداني فيما يمكن أن نعرّفه بالخط السياسي و البرامج المرحلي حتي لا يكونوا كمن وصفهم آلا دونوه. لأنه من غير حسن الخلق الكلام عمّا تجهل و أنت تخطب سند الجماهير لما تطرحه سياسياّ.
لا أعيب علي الكيزان حملات عداءهم للحزب السوداني فهذا ما تمليه عليهم مصالحهم الطبقية. يمكنني أن أنشر للناس فهمي للدوافع الطبقية خلف مواقف من يناصبون الحزب الشيوعي من جمهرة المتعلمين الذين يكتبون ، لكن هذا ليس وقته فنحن نبحث عن تحالف قاعدي من أجل لوقف الحرب و التأسيس لمرحلة انتقالية معافاة تعقبها إنتخابات نزيهة و شاملة لبناء سلطة ديمقراطية تنهض بالسودان من وهدته.
كما لا أعيب علي من ينطلقون ضد الحزب السوداني من مواقع الرفض للماركسية نفسها و عموم الفكر الثوري. لكني أقول لهم هذا ليس زمان الصراع الفكري، هذا زمان الوحدة من أجل وقف الحرب و بناء مؤسسات الحكم المدني. فلنتكلم كسياسيين أو لنصمت.
يطلب الكثيرون من الحزب الشيوعي التنازل عن برنامج التغيير الجذري و يطلبون منه اللحاق بتحالفاتهم التي لم يدعوه لها أيام تأسيسها، الحزب الشيوعي السوداني ليست تمومة جرتق يا هؤلاء فلتهفموا هذا جيداً.
و لمن يقولون للحزب الشيوعي أنت حزب صغير و غير مؤثر نقول أمشوا قشة ما تعتر ليكم. الزعل فوق كم.
سيقدم الحزب التنازلات المحسوبة حال تنازلت الأطراف الأخري أيضا تنازلات محسوبة. من يحترم طرف سياسي ما لا يقول له أترك ما عندك وإنضم إليّ بل يقول هذه تنازلاتي و اطلب منك التنازل عن هذا.
و آخر القول الحشاش يملأ شيكتوا. و إذا سكتم عن ألكلام القبيح سنسكت أيضا إحتراما للجماهير.و سيكون التوجيه العام لنا كشيوعيين هو عدم الخوض في هذه الخلافات. لكننا لن نخون الثورة و لا شعاراتها. لن نتكلم بلسان الضحايا دون تفويض منهم و لن نسمع اوامر أجهزة المخابرات و الدول الباحثة و اللاهثة وراء مواردنا و مقدراتنا، و لن نتنازل عن ضرورة إبعاد الجيش عن السياسة وتطهيره من دنس الحركة الإسلامية بالفصل عن الخدمة و المحاسبة. و لن نتازل عن مطالبتنا بحل جميع المليشيات و الإسلامي منها و غيره من دعم سريع و حركات مسلحة، لن نتازل عن المحاسبة عن كل الجرائم المرتكبة ضد الشعب السوداني منذ يوم 30 يونيو 1989م يمكننا أن نقبل بالعدالة الإنتقالية حال قبول الضحايا بها. لن نتنازل عن ضرورة إستراد جميع مال الشعب المنهوب. لن نفعل ببساطة و تنقد الرهيفة. أو كما يقول الناس الفورة مليون.

طه جعفر الخليفة
كندا- اونتاريو
9 ابريل 2024م

taha.e.taha@gmail.com

 

آراء