زيارة جبريل إبراهيم الاستفزازية

 


 

 

نقلا عن الديمقراطي

بعد أكثر من عامين قضاهما جبريل إبراهيم في حماية الجيش ورعايته، باتفاق تحت الطاولة، قرر الخروج من مخبئه، الخرطوم، لزيارة ضحاياه في دارفور، تحت حراسة مشددة، وبلا خجل.
ويبدو أنه ظل كل هذه المدة يجهز نفسه، ويستعد لصناعة الحشود وإعداد المسرحيات وإخراجها، ليتم استقباله كقائد، وهو مجرد تاجر حرب.
وجبريل يعلم تماماً ألا أحد سيخرج لاستقباله من أهل المنطقة الذين تلوثت يداه بدمائهم، ويعلم أنه لن يقتلع منهم اعترافاً ينصبه قائداً مثلما اقتلع أرواحهم وأموالهم، مهما فعل.
ويعلم أنه يزدادون يقيناً أنه عدوهم اللدود، لكنه سيكون سعيداً باستفزاز مشاعرهم، وإحساسهم بالظلم، وليس هناك تفسير آخر.
يزور جبريل دارفور وليس لديه أي برنامج يقدمه لضحاياه، ولا حتى اعتذار. بل كانت زيارة انتقامية بامتياز، كل شيء فيها مستفز. فقد استأجر الحشود من خارج الولاية، وبعضهم جاء من دول مجاورة.
وحسب شهود عيان، فإن بعض المجموعات التي حضرت كانت لا تعرف شوارع نيالا، ويسألون: “أين الاسبتالية”، حيث يقع الميدان الذي أقيمت فيه مراسم الاستقبال، تحت حماية السلطة الانقلابية.
ليست الحشود والحراسة فقط التي صرف عليها جبريل، بل أشياء أخرى. فقد قيل إنه استأجر طائرة خاصة، فالرجل يعيش في حالة رعب وخوف حتى من الهواء.
ومن الملاحظات، أنه حين ألقى كلمته، كان حراسه يراقبون الجماهير بشكل غريب ولصيق، بالرغم من أن غالبيتهم من أهله، أو مُستَأجرين لا يهمهم شيء غير ثمن اليومية.
ذاك كوم، ورتل سيارات الدفع الرباعي التي صاحبت تحركاته كوم آخر. كان المنظر خرافياً، لم يحدث ولن يحدث في أي دولة في العالم.
حقيقية، أمر غريب أن يحاط مجرم بكل تلك الحراسة وأرتال السيارات الفارهة، والبلد تنعدم فيها أبسط حقوق الإنسان.
واضح أن الزيارة كلفت جبريل الكثير من المال، لا أدري كم، ولكنه مبلغ يمكن أن يغطي جزءاً مقدراً من ميزانية الدولة، ويمكن أن يحل مشكلة التعليم نهائياً، إن لم يكن في السودان، ففي دارفور. فما شاهدناه من حشود ورحلة بطائرة خاصة وسيارات وإجراءات أمنية، قيمتها بلا شك تحل مشكلة مستعصية من مشاكل السودان.
زيارة جبريل إلى نيالا قابلها الناس بالرفض والسخط واللعنات، وقد سبقتها دعوات مقاطعة وانتقاد شديدة. فقد أراد أن يقنع الشعب السوداني بأن له جماهير، ولكنه أكد أنه شخص غير مرغوب فيه، ولو لا المؤسسة العسكرية التي تحميه لن يطأ أرض دارفور.
وقد أكدت زيارته أنه ما زال يتاجر بأهل دارفور وقضيتهم، وأن كل أمنياته أن يظل يعيش دور القائد مهما دفع الناس، ومهما بلغ عدد الضحايا.
وهي نفس العقلية والحالة التي يعاني منها البرهان، وقبله البشير، وعدد كبير من أبناء الحركة الإسلامية.
ولن تنتهي هذه المأساة إلا بتغيير ثوري يزيل ثقافة الفساد التي ورثها السودان من النظام المخلوع الذي لم يسقط بعد، والذي تحميه المؤسسة العسكرية، للأسف الشديد.
//////////////////////////

 

آراء