سقوط المثقفاتية

 


 

 

هذه الحرب مهما طال أمدها، وأرجو ألا تطول وتزيد من معاناة السودانيين والسودانيين أكثر مما فعلت حتى الآن، ستكون هي المصفى الذي سوف يستصفي المفكرين والأكاديميين والمثقفين والصحفيين الشرفاء من هذا الخليط المشوش.

د. النور حمد

أسماء عدّة ممن كانوا يمارسون دورا حيويا ومهما في تشكيل الرأي، وتدعيم المواقف الإيجابية لما لهم من ثقافة ثره ورأي سديد، مما أكسبهم وثقة واحترام العامة والخاصة، همهم الأول والأخير وطن معافي، وإنسان يعيش بكرامة في أمن وسلام، الذين كانوا يشكلون صمام الأمان في التماسك الاجتماعي، أسماء كنا نوقرها وننظر لها باحترام وإعجاب، نقرأ لها بشغف، نسمع لها بنهم، كيف لا وهم يمثلون ضمير الأمة، ومرآتها، لم يوهنها النضال ولا كسرت شوكتها السجون ولا أوهنتها المعتقلات، لكنهم يا للأسف بعد بلغوا أرذل العمر، اختاروا سوء الخاتمة، فباعوا ضمائرهم وتاريخهم لقوى الظلام مقابل حفنة فلوس أو الخوف مما هو ممسوك عليه من سقطة أخلاقية.
عرف الإنسان التجسس منذ قيام الحضارات، والأجهزة الأمنية الاستخباراتية، تعمل على اختراق خصومها وأعدائها، بل حتى رعاياها، بأن تغرس أفرادها في وسطهم لمعرفة تحركاتهم والتجسس عليهم، الأجهزة الأمنية خلال سنوات الإنقاذ البئيسة، الذي وحد بين التنظيم والحزب والدولة وحفنة من القيادات، بأن صارت كياناً واحداً، ربطتهم المصالح والرؤى، والمصير الحتمي المشترك، وجمعت بينهم الشهية والنهم للفساد والاستبداد، فهم يتجسسون على الأحزاب الشعب، وعلى المعارضة، وعلى ألد أعدائهم المثقفين والنشطاء، وعملت على استقطاب المبرزين والنابهون واللامعون في المجتمع للعمل في صفوفها، مارست كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ضد خصومها، واستخدمت سياسة الجزرة والعصا، وللأسف نجد أن هناك أقلام كان يشار إليها بالبنان علماً وثقافة ومواقف مشرفة وتاريخ من النضال، تم شراؤها واستمالتها حتى دون استخدام العصا فقد كان معظمهم شهيته منفتحة للجزرة، والبنكنوت الأخضر.
هذه الأسماء التي سقطت في بئر الخيانة، والتي يعرفها العامة والخاصة، كانت، فيما مضى، تنتهج سياسة مستترة، فهي في العلن تعارض الإنقاذ، وتقف ضد التنظيم الإسلاموي، بعضهم وجد طريقة وشارك في المرحلة الانتقالية بموجب تلك الدعاوي، وعمل كالسوس ينخر في عظام المرحلة، حتى قيام انقلاب البرهان عليها في 25 أكتوبر 2021، وظلَّ طوال الفترات السابقة يؤدي بتفاني وإتقان تكليفه الممثل في نقد أحزاب المعارضة وفي قحت، وتقدم، وحمدوك، مهمة يؤدوها في العلن بكل بجاحه وطول لسان، ولم يفتح الله عليهم بكلمة حق في الحركة الإسلاموية ودورها الدموي في تخريب الوطن، وليس لها موقف واضح محدد ضد الحرب، بل أنها تعلن وقوفها مع الجيش على أساس أنه يمثل جيش الوطن وصمام أمان سلامته ووحدته، هكذا يدعون.
في الآونة الأخيرة، وكما يبدو بأن الكفيل، التنظيم الإسلاموي، قد طلب سداد فاتورته كاملة غير منقوصة، صار اللعب على المكشوف، أصبحنا نراهم على شاشات الفضائيات، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وهم يمارسون السقوط الأخلاقي في أبشع صوره، يبخسون الصاح ويمجدون الخطأ، يدعون بأن الحرب فرضت على الجيش، والإسلاميين مجرد مناصرين للجيش، ويطالبون باستمرار الحرب حتى يتم القضاء على آخر جندي في قوات الدعم السريع، ضاربين عرض الحائط بمعرفتهم وعلمهم باستحالة ذلك، وأن الحرب مهما طالت واستطالت، لن تنهي إلا من خلال مائدة المفاوضات ... والتي كلما تم التعجيل بها، كلما قلت معاناة الملايين من النازحين واللاجئين والجائعين، من أفراد الشعب السوداني الممكون.
لقد اتضح أنهم أتضح بأنهم مجرد دمى في يد الحركة الإسلاموية، و(غواصات)، وأناس غاب ضميرها، أولئك ممن قال فيهم شاعر الشعب الراحل المقيم محجوب شريف:
واحد ناضل
آخرتها فاضل
ما بين فكره ومبدأ
وأقرب سكة
تجيب الفكة
غير وش
وبدل وش
وقال ...
خربانة أم بناية قش...

عاطف عبدالله
1 مايو 2024

atifgassim@gmail.com

 

آراء