سوداننا الحبـّوب

 


 

 




رغم عدم معرفتي المسبقة بالعرض المسائي للفيلم الذي عـُرض مساء أول أمس ضمن فعاليات مهرجان الفيلم الأوروبي الرابع وهو نشاط سنوي درجت عليه مفوضية الإتحاد الأوروبي بالسودان وكان لي شرف حضور المهرجانات السابقة ومؤتمراتها الصحفية التي تدشن العروض السينمائية . لقد غّيرت هذه الأفلام وقصصها الكثير من رؤية ورأي الحضور الذي تابع تلك العروض عن المجتمعات الأوروبية ، فالتعقيدات التي تصاحب تطور المجتمعات الإنسانية متشابهة في كل البقاع مع الإحتفاظ المضمون لخصوصية كل مجتمع بتفاصيله الظاهرة منها والخفية ، إلا أن المسح الخاطف الذي تقدمه دراما السينما يمسّ شغفنا المتصل للمعرفة والمحاولات التي تتلمس نقاط التشابه والإختلاف وغيرها من المضامين التي توفرها الدراما السينمائية تحديدا ً . سمة التميز في مهرجان هذا العام هو إحتفاؤه بتقديم ثلاثة أفلام سينمائية وثائقية سودانية إنتاج العام 2010هي : (جيرزيلدا الطيب) من إخراج (الطيب صديق) و(بوح) من إخراج (صدّام صديق) و(سبحة) من إخراج (الشافي إبراهيم الضو). العرض الذي شاهدته ضمن حضور كبير بـ(سطوح) المركز الألماني بالخرطوم هو فيلم سوداني توثيقي للمخرجة السودانية البريطانية (تغريد سنهوري) ، إجمالا ً يمكننا القول أنه في حدود التجربة وما تبعها من إجتهاد ودأب ومثابرة للمخرجة وإصرارها البادي في مساحات الفيلم علي إدخال التنوع في وجهات النظر والمحافظة قدر الإمكان علي موضع الرؤية المحايدة التي تتيح لجميع الأركان الظهور بما يتيح لها التمدد الدرامي والإنطلاق دون تهيّب أو تحفظ . يوثق الفيلم للأحداث التي مرت بالسودان منذ الإستقلال وحتي إستفتاء الجنوب الذي قاد الي الإنفصال وقيام دولة جنوب السودان ، هذه الأحداث الضخمة يتناولها الفيلم عبر قصة (زهرة) المرأة الدينكاوية التي تزوجت من (الريّح) المنتمي الي شمال السودان وإبنتها (أميرة) التي عاشت في الشمال مع والدها وزوجة أبيها (مدينة) وأخواتها من الأب ، هذه المشاهد تحديدا ً تحوّلت الي سرد روائي يعمق معاناة أميرة وأسرتها ، حقيقة نعم ، كوارث الحروب التي عانت منها البلاد بالتأكيد قوّضت أحلام الكثيرين وإنحرفت بآمال وطموح الالاف من الشماليين والجنوبيين معا ًولكن ما أقصده أن قصة هذه الأسرة تستحق فيلما ً لوحدها . إختيار المخرجة لأغنية (حبيبي نحنا إتلاقينا مرة) وخصوصا ً المقطع .. (قصة حلوة وقالو مرة) فهو إستهلال وإن كان مباشر جدا ً ولكنه وضعنا علي التناول الذي سيلتزم به الفيلم ولكن ما لم نستوعبه هو إعادة بثّ الأغنية مرة ثانية بعد عرض المشاهد التي وثقت لإنفصال الجنوب ، فكان تكرارا ً مربكا ً بعض الشئ . تعليق أخير علي الصوت الراوي للأحداث وهو صوت المخرجة نفسها وتبينت ذلك بعد سماعي لصوت المخرجة وهي تلقي كلمة شكرت عبرها كل من تعاون معها في إنتاج الفيلم ، فيا ليتها إستعانت بصوت أقوي لإلقاء السيناريو ، صوت مدّرب علي هذا النوع من الفنون يستطيع أن يعلو ويهبط بأحداث الفيلم من خلال ذبذبات صوته ، هذا لأن صوت الراوي ـ المخرجةـ كان يفتقد الي هذه الصفة وإستمر ّت تموجاته ناعمة (خفيضة) ، حتي ببروز مشاهد شديدة التأثير كمشاهد الإنفصال .

zizetfatah@yahoo.com

 

آراء