شباب السودان .. الثـورة أو الـفـناء

 


 

 




وليس أدل على عنوان هذا المقال من قول شاعــر سوداني شاب بالكاد يغالب دموعه وهو يقول :
فيا وطن المرض والجوع
شنو الــراجينا يوم باكر
نحبك نكتب أوغاد
وحالنا تحنــن الكافــر
شبابك بكرهــك جدا
منو الماحلمو مايهاجر
قدر مانزرع الأحلام
نقاسي المرة ونكابر
بنحصد كوم من الالام
وبنزف جرحك الغائــر
تموت فى دربك الآمال
يظل موج الدموع دافــر
فيا وطن البقاء للخوف
صبح ورد الحنيــن ذابل
شبابك من قساوة الحال
بيسكر أو بيتسطل
يعيش فى عالم التوهان
بشوف لون الدماء أخضر
كرهت الــذل
مبارات الحيط للظل
مرقتا على شوارع الخوف
لقيت فيها الأماني شتــر
فحيح وزحيح
أفاعي كلاب عيونا حمر
بتقـتـل فى وطن تاريخ
وربنا وحدو هو البيستــر
اذا مامتا ورينا
عشان ماساي نظل نصبر
هيا وطن الحقيقة بقيت
مهازل ماشة تتبختــر
......
إن هذه النظرة السوداوية للواقع وللوطـن هي نتاج طبيعي لربع قرن من الحكم  الكارثي للإنقاذ ولأساليبه العقيمة فى إدارة الإقتصاد والحياة السياسية ,,

إن أجيال الإنقاذ عانت كثيـرا فى ظل حكمها حيث واجهت الحرب والبطالة والفقر والإقصاء والتمييز الحزبي

وبعد أن مات الألوف منهم حماية لدولة المشـروع الحضاري المزعومة اكتشفوا انهم كانوا سيكونون فطائس وضحايا لأغــراض حزبية دنيوية ,,

وبعد أن انقضت الحرب وجاء السلام توقــع الشباب انفــراج الأوضاع وتحسن الأحوال ولكن يد الفساد المخضوبة بخضاب الإيمان المزيف أبت إلا أن تمد يدها إلى الأموال العامة فذهبت أحلام الشباب أدراج الرياح ومضوا فى رحلات الهجــرة إلى خارج الوطــن مكرهيــن, ومن لم يستطع الخروج من الواقع الكالح التهمه اليــأس وبار المستقبل فى عينيه تماما كما بارت أراضي مشاريع الجزيــرة والمناقــل وغيرها بفعل سياسات المؤتمر الوطني العمياء ,, وضاعت أمانيه هباء منثورا  كما ضاعت مصانع البلاد ومؤسساتها الخدمية والإنتاجية بيعا ونهبا  لسلطة الفساد المتأسلمة ,,

يهرب الشباب السوداني من يأسه إلى الخمور والبنـقــو والمخدرات وكل مافيه ضياع الحاضـر والمستقبل ,, والحل الوحيد الذي تقدمه له الدولة المتأسلمة هــو إخراج البنقــو من قائمة العقاقيــر المخدرة !! ,,

والشباب السوداني بفعل الغلاء الفاحش والبطالة والفقــر وانعدام الأمل يؤخــر سن الزواج فلا يجد حلا سوى فتاوي شيوخ السلطان ( ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ...

والشباب السوداني يخرج محتجا على الواقع البائس فلا يجد إلا قوات الأمن والشرطة وميليشيا المؤتمر الوطني تضـربه بالعصي وتغرس الرصاص فى قلبه وتسيل الدموع من مآقيه الباكية أصلا ,,

والشباب السوداني وهو ينتفـض لا يجد من رئيسه سوى الشتائم والتحقيــر ,, فهم فى أحسـن الأحوال شذاذ آفاق ومحرشيــن ,,

والشباب السوداني وهو يعاني موات الأحلام وضياع الأماني لا مكان له سوى مواجهة الفناء أو معتقلات التعذيب الإنقاذية ,,

إنه قدره البائس الذي يتم إسقاطه على الوطـن كراهية وبغضا ,,
إنه الفناء ومشاعــر إنعدام الوطنية والإنهـزام أمام الذات  ..

يقول شاعــر شاب آخر مغبون  :
جَتْ استوزروا الكيزان وملَكوا السوق ..
ناسين ساقية الدنيا الدوام بتسوق ..
الصفَّاقة أسه والنقايزة عَسوق ..
ما ببروكَ ساعة جرَّة الواسوق" ..
محمد حسن ابنعوف!

ونقول نحن :
تظاهر الجياع فى شوارع المدينة ..
وجابت الطرقات ..
مواكب حزينة ..
طالبت بلقمة ...
وكسوة...
ومسكن يليق بابـن آدم..
ومدرسة ..
تعلم الأطفال معنى أن تعيش فى الوجود  ..
قالت السلطات :
هذه الأمانى .. مستحيلة ..
عصية جليلة ..
وأصدر السلطان أمره...
أن سيلو الدموع   ..
بالقنابل المسيلة  ..
سيادة الرئيس  ..
وفر القنابل  ..
فهذه المآقى  ..
دموعها تسيل  ..

[maristan1982@gmail.com]

 

آراء