شعبنا الزاهد المسكين

 


 

شهاب طه
8 May, 2023

 

يتميز شعبنا السوداني بالمسكنة والزهد في الحياة وعدم التشبث بحمايتها وبل الرضا بالتفريط في الأرض والحقوق والممتلكات، لا لسبب، إلا لأن الدنيا فانية وآخرها كوم تراب ،ويعود ذلك للنزعة الصوفية التي تشكل وجدان الغالبية وتحض على الزهد المطلق والعفو، إن كان ممكناً، كسمو إنساني، ولذا عندما تحدثنا وكتبنا وحذرنا من تلك الحرب الكارثية التي تفجرت في ١٥ أبريل الفائت وقلنا أن حدوثها مسألة وقت، لم نجد أذناً صاغية، وأنا عن نفس كنت كالذي يؤذن في مالطا، وفي حقيقة الأمر أنا فعلياً وحرفياً أذنت في مالطا في يوم ١٢ يوليو، سنة ٢٠٠٦ وتك رواية سأحكيها بمفردها

منذ سقوط البشير طالبنا بضرورة عودة كل قوات الدعم السريع لدارفور لصنع السلام الحقيقي المطلوب هناك والذي لن يتم ولن يتأصل بغياب أي من العناصر التي حملت السلاح من أجل دارفور، حيث أمان السودان سيبدأ من هناك، وحتى نخفف وتيرة الإرباك السياسي والتنازع في العاصمة والذي، بدوره، ينعكس سلبياً على كل السودان، وأيضاً حتى نفوت الفرصة على الإصطفافات السياسية المدمرة، والتدخلات الخارجية النفعية الخبيثة، وكل ذلك لن يتحقق إلا بالتوافق على الحل الأوحد، والذي لا خيار غيره، وهو عودة الدعم السريع وكل الحركات المسلحة لدارفور

ولكن وللأسف الشديد نحن شعب عجيب وغريب وبعد كل هذا الدمار المهدد لبقاء الوطن سنجد الغالبية منه تعتبرها دعوات عنصرية وبل ستفضل أن يكون هناك المزيد من الحروب والكوارث طالماً كان الحل الأوحد، والمرفوض، هو عودة الدعم السريع والحركات المسلحة لدرافور، وذلك لأننا وكأننا عاهدنا أنفسنا على أن نضحى بالغالي والنفيس من أجل تضميد جراحات العنصرية التي لم نفتحها ولم نكون السبب فيها بل لن ننجح في إشفائها مهما فعلنا لأن أهم موانع إلتآمها هو تواصل نزع تلك السلطات الحاكمية التي كانت متناثرة في ربوع سودان ما قبل الاستعمار حيث كانت كل المجتمعات القديمة تنعم بحكم نفسها بنفسها، وفق ثقافاتها وعاداتها وتقاليدها، ولكن تم ترحيل تلك السلطات، غصباً، لبيئة غير بيئتها وبل اضمحلت بسبب تراكمها في ذلك المركز المنكوب، ولذا فالذي يجب أن يحاسب على كل ذلك هو المحتل البريطاني الذي رحل وترك لنا سوداننا الذي ما هو إلا وليد معوق ومشوه وغير شرعي لذلك المحتل الغاشم حيث جمع كل التنافرات العرقية والثقافية والحضارية وحشرها فيما يسمى بسودان اليوم

٦ مايو ٢٠٢٣
sfmtaha@msn.com

 

آراء