صناعة الصحافة.. ويحِ من غدٍ مظلمٍ!! .. تقرير إخباري: عادل حسون ـ مودة صلاح

 


 

 


دخلت الصحافة السودانية مرحلة الخطر القصوى، فكيف للخبير الإعلامي الجليل بروفيسور علي شمو، أن يتخوف من مستقبل مظلم ينتظر صناعة الصحافة حدد له فترة تراوحت من 3- 5 أشهر قادمة. ومع ذلك ثمة ضوء لاح في الأفق، مسئولية تقويته بيد الدولة لا بيد عمرو، ومن ذلك، الدعم المباشر وإعادة التنظيم المؤسسي، وخروج الحكومة من سوق الإعلانات وإنشاء شركة متخصصة للتوزيع، أو إعادة دار التوزيع المركزية التي كانت فاعلة يوماً ما. صحيح لم تصدر هذه الحلول والمعالجات، على هيئة أوامر رسمية ضحىً، لكن مجلس الصحافة والمطبوعات، الذي جمع ظُهر الأمس شركاء الصناعة الصحافية، ناشرين، طابعين، موزعين، وبالطبع الصحافيين العاملين، لبحث الواقع والمآل، ضمن منتداه الشهري الثاني بعنوان (الصحافة مستقبل مفتوح على احتمالات شتى) بقاعة الشهيد المشير الزبير، بدا وكأنه وعد لينفذ، وهذا من تأكيدات الأمين العام للمجلس الأستاذ العبيد أحمد مروح، على الحوار بداخل الأسرة الصحفية كمناجاة تقوم على الصراحة بين أطراف العملية الصحفية بخاصة وأن الحكومة، ممثلة في الوزيرة الشابة، أستاذة سناء حمد، كانت حاضرة بإهتمام مصغية لشكوى الحال، وقد دعت بدورها إلى الاتفاق على الحد الأدنى لصالح الدولة وليس الحكومة، وهي هنا تلقي بقفاز المبادرة ناحية الناشرين الذين لم يردوا بعد على برنامج للحل سبق واقترحته الحكومة يتلخص في إدماج الصحف مع بعضها البعض. وهو الإدماج الذي أعتبره الناشر رئيس تحرير (الأحداث) الأستاذ عادل الباز، شعار معلق على الهواء ولا رؤية واضحة له، بينما رأى زميله الناشر السابق، الصحافي والمحلل السياسي، الأستاذ محجوب عروة، بوجود صراعات وحسد وطمع لا يجدي معه سوى بقيام اتحاد للناشرين يدافع عن مصالحهم. رأت وزير الدولة بالإعلام، بتفرق الصحافيين أيدي سبأ، وأقرت بأخطاء الحكومة في المراحل السابقة وأكدت على توتر العلاقة تاريخيا بين الحكومة والصحافة وفقدان الثقة بينهما، ودعت إلى كسر الحاجز الزجاجي بين الطرفين. وقالت أن الوزارة اقترحت العلاج قبل خمسة أشهر، بإدماج الصحف، ولكن لم تصل ردود من الناشرين حتى اللحظة. ودعت إلى بداية حقيقية للإصلاح وأكدت على أن مصلحة الدولة في صحافة قوية ومصلحة الحكومة في المهنية العالية، حتى تصبح الصحافة رقيبة على الأداء التنفيذي وتؤدي دورها. ونادت باتفاق للحد الأدنى لصالح الدولة وليس الأشخاص، وأعلنت عن خروج الحكومة من سوق الإعلان، ضمن القرارات الأخيرة المعلنة، وتفعيل الضمان الاجتماعي للصحفيين حتى يصبح حقيقيا لا صوريا. وألقت القفاز للناشرين وقالت ننتظر ردهم على برنامج الوزارة المقترح. رئيس مجلس الصحافة بروفيسور علي شمو، خشي من حدوث انهيار في قطاع الصحافة في غضون فترة من 3- 5 أشهر، وقال بتساؤل هيئة المجلس في اجتماعاتها عن كيفية صمود هذه الصحف. ودعا إلى التوافق على حلول تخرج هذا القطاع الهام من عثراته، وإلى مد الدولة يدها لدعم الصحافة، لحماية مستقبل العاملين بالصحف واستثماراتهم. الأستاذ عادل الباز، قدم دراسة عن واقع ومآل الصحافة السودانية، جاءت متشائمة من جراء التدهور والتراجع المستمر ودلالته في خروج (10) صحف من سوق الصحافة فيما (5) صحف أخرى في صالة المغادرين، بما يعني أن قرابة الـ(10) ألف صحفي سيقذف بهم إلى سوق العطالة. كاشفا عن تدني التوزيع الذي كان في 2006م، لعدد 20 صحيفة توزع 200 ألف نسخة مجتمعة فيما انحسرت إلى 150 ألفا في العام الماضي، وحوالي 100 ألف في الربع الأول من العام الجاري. ورأى الحل في قيام مؤسسات صحفية كبرى بموارد صحفية ضخمة، وتوقع أن يصل سعر الصحيفة بحلول يوليو المقبل إلى، جنيه ونصف، وكذا تناقص التوزيع إلى عدد 50 ألف صحيفة بمعدل صحيفة لكل 400 ألف مواطن. ودعا إلى البحث عن مخرج للجميع، وعدم إهدار مجهود الناشرين والموزعين، وقيام شركة موّحدة للتوزيع يمكن لها أن تربح 300 مليون جنيه شهرياً، وعاب وجود صراعات صغيرة بين الناشرين وفقدان للتضامن، أو الاتفاق على الحد الأدنى لمصالح الناشرين خصوصا في الإعلانات وذلك بتجاوز الصغائر. فيما أعتقد الأستاذ محجوب عروة، في الأثر المباشر لسوء الوضع الاقتصادي على صناعة الصحافة بحكم قيامه على قاعدة العائد المتناقص. ودعا إلى تغيير سياسي يؤدي إلى تطوير النظام وليس تغييره، وخروج الدولة من احتكار توزيع الإعلانات وسن قانون للتنافس الحر في الإعلانات، ووضع أولوية لدعم صناعة الصحافة من التمويل المصرفي، وإنشاء شركة للتوزيع على أن لا يحتكر سوق التوزيع، وأن يصبح الصحافيين شركاء لا أجراء، ويحظوا بعضوية مجالس إدارات الصحف.  ورأى بأن ما ينفذ من مخرجات الورش والندوات بخصوص الصحافة لا يتجاوز 10 %. وتشاءم من انفتاح مستقبل الصحافة على خيارات سيئة. الأستاذ عثمان ميرغني، رئيس تحرير (التيار)، وصف مجتمع الصحفيين بغير الشفاف، ودعا إلى الموازنة بين الرسالة والمهنة، وانتقد عملية توزيع الصحف، مسميا شركات التوزيع بشركات النقل. وأكد على أهمية وضع آلية جديدة للتوزيع تضمن وصول الصحيفة، من المطبعة إلى المستهلك مباشرة، ودعا أيضا إلى التمسك بالمهنية والابتكار والإبداع. عبد الله دفع الله، ممثل الموزعين، انتقد تكسير معتمدي المحليات لأكشاك بيع الصحف، وضرب مثلا بأم درمان حيث تناقصت منافذ البيع من 860 إلى 8. ورأى بعدم قوة الصحافة أو جديتها، وأعتقد في عدم انجذاب القارئ لما يكتب، معيبا على الحكومات المتعاقبة، تحطيم الإعلام وقصره على أفراد معينين. محمد وداعة، ممثل المطابع، صوب إلى تجاهل الحكومة تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 424 بدعم الطباعة والصادر منذ 4 سنوات، وأعتبر أن ضعف توزيع الصحف لا يرجع إلى ضعف ما يكتب فيها، وانتقد توزيع الإعلانات وإهدار أموالها لصالح مستفيدين آخرين وليس الناشرين الذين دعا إلى قيام اتحاد لهم. أما نائب رئيس شركة أقمار الحكومية لتوزيع الإعلانات، أشار إلى أن مندوبي الإعلان بالصحف، غير مؤهلين، ولا وجود لسوق للمنتجات، وبعض موظفي الحكومة يحصلون على نسبة تصل إلى 50% من الإعلان، معتبرا أن سوق الإعلان تمضي بطريقة غير أخلاقية أو راشدة. أحمد إبراهيم عبد الله، ممثل جمعية حماية المستهلك، دعا الناشرين إلى تقديم خدمة صحافية متطورة، وتفعيل قانون المنافسة والاحتكار، وإلى تمويل الصحف من سوق الأوراق المالية. الأستاذ نور الدين مدني، نائب رئيس تحرير (السوداني) انتقد غياب فكرة التضامن بين الصحفيين وحذّر من تسييس المجتمع الصحافي، ورأى أن القارئ لا ذنب له في مواد هابطة تقدم والابتذال بصور المطربات وألعاب التسلية والحظ. فريق د. عمر قدور، رئيس اتحاد الكتاب السودانيين، دعا إلى إقامة صندوق شعبي لرعاية أوضاع الصحفيين، والعمل على إطلاق صناعة صحفية عبر مؤسسات قادرة على الإنتاج. أما رحاب طه، رئيس تحرير (الوفاق) شدد على فقدان الثقة بين الصحافة والحكومة واعتبار كلٌ، عدوٌ للآخر. ولاحظ غياب الرؤية في قوانين الصحافة بخاصة القانون 2009م، ورأى بتقصير كافة أطراف الصناعة الصحفية، فيما دعا مجلس الصحافة إلى خفض الرسوم المحصلة من الصحف.
 adil hassoun [adilhassoun@hotmail.com]

 

آراء