كثير من الشواهد تشير إلى الصورة الكريهة لحالة حقوق الإنسان في السودان ، خاصة وسط الفنانين المسرحيين والسينمائيين والصحفيين والأدباء والكتاب ، وأصبحوا جميعا من شاكلة سيزيف حامل الصخرة المتدحرجة إلى أسفل الجبل . ووفقا للعديد من المصادر الموثوقة لا يزال العشرات من المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي رهن الإحتجاز في سجون النظام السوداني على الرغم من الإنكار المستمر من قبل الحكومة ،إن الاعتقال يمثل انتهاكاً صريحاً لمبادئ الحقوق الاساسية للإنسان، وإنتهاك حرية التعبير والإحتجاج والتنظيم ويتنافى ذلك مع نصوص دستور 2005 الذي صاغته ذات السلطة المنتهكة للحقوق، كما يتناقض مع حق الاحزاب في ممارسة نشاطها السياسي السلمي، الذي يكفله قانون الاحزاب . من جانبه شدد تحالف قوى الاجماع الوطني على مواصلة جهوده بالتضامن مع أسر المعتقلين، والناشطين في مجال حقوق الانسان، من أجل اطلاق سراح كافة المعتقلين. إن من السخرية أن يعرف العالم أجمع أن السلطات السودانية إعتقلت في أبريل الجاري ثلاثة من قادة قوى الإجماع الوطنى المعارض بسبب تنظيمهم وقفة احتجاجية أمام مبانى الأمن بالخرطوم، تطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسين. العالم أصبح قرية صغيرة ، والمعلومة تسابق الريح لكي تصل لكل الناس ولا مجال للإنكار ، وصرح أكثر من قيادي بتحالف قوى الإجماع الوطني إن السلطات مستمرة في إعتقال القيادات السياسية لأسباب واهية وتتداول الأوساط السودانية والخارجية أسماء مثل : محجوب بشير، وصهيب مهدى، وفضل الله رحمه، وعثمان السنجك ، وأدانت الكثير من المنظمات المعنية بالحريات وحقوق الإنسان الإجراء التعسفى بحق قيادات سياسية مارست حقها السياسى ، وطالبت بإطلاق سراح كافة المعتقلين فورًا. وكانت السلطات السودانية قد شنت حملة اعتقالات واسعة طالت سياسيين وناشطين عقب إقرارها زيادات فى الاسعار فى نوفمبر الماضى، واطلقت سراح البعض، بينما لايزال هناك عدد من المعتقلين، فى الوقت الذى تقول فيه الحكومة السودانية أن السجون خالية من المعتقلين السياسيين ، وتفرح وتهلل لرفع العقوبات الأمريكية ، وتمارس لعبة قذرة في علاقاتها الديبلوماسية ، ويكون الضحايا بعض الجهلاء الذين يسيئون لمواطني بعض تلك الدول الأبرياء ، وقدمت الحكومة السودانية في نوفمبر من العام الماضي عدد من المعتقلين السياسيين لمحاكمات، فيما وسع جهاز الامن من حملة اعتقالات ابتدرها بعد اعلان الحكومة تطبيق زيادات على الوقود والكهرباء ضد معارضين طالت قيادات حزب المؤتمر السوداني الذى نشط في مخاطبات ودعوات واسعة بين المواطنين لرفض الزيادات. فيما تعرض ثمانية من الاطباء كانوا قد شاركوا في اضرابات احتجاجا على تردي الخدمات بالمرافق الصحية العامة في البلاد للاعتقال بجانب احتجاجهم على تجاهل الحكومة تعهدات بتحسين هذه الاوضاع. فيما أشار حزب المؤتمر السوداني الى ان عدد معتقليه لدى السلطات الامنية بلغ 20 معتقلا.. وكان الخبير الدولي المستقل المعني بحقوق الإنسان في السودان أريستيد نونوسي قد أثار مع المسؤولين في الخرطوم أوضاع المعتقلين السياسيين وطلب بالسماح له بزيارتهم، داعياً البرلمان إلى مراقبة أي انتهاكات تحدث في البلاد. كما أعلن رغبته في زيارة دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المضطربتين. وعيّن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في العام 2014 أريستيد نونوسي، من دولة بنين للعمل كخبير مستقل معني بأوضاع حقوق الإنسان في السودان. فيما نفذت السلطات السودانية حملة اعتقالات خلال الثلاثة أشهر الماضية، طالت عدداً من السياسين وعلى الرغم من أُطلاق سراح عدد كبير منهم، إلا أن بعضهم لا يزال رهن الإعتقال ، وعلى رأسهم الناشط الحقوقي مضوي ابراهيم، وعضو قيادة تحالف المعارضة، أمين سعد. وأعلن نونوسي عن زيارته المعتقلين السياسيين في السودان للتأكد من أن عملية اعتقالهم قانونية وتمّ وفقاً لتهم وجِهت إليهم أم أن حبسهم تم (تعسفياً)، من دون توجيه أي تهم. وطالب البرلمان بمراقبة ممارسات الحكومة حول تجاوزات حقوق الإنسان في البلاد. وشدد عقب اجتماعه مع لجنة التشريع والعدل في البرلمان ولجنة حقوق الإنسان في مجلس الولايات على ضرورة إجراء محاكمات عادلة للمعتقلين السياسيين. وقال:(بعد زيارتنا للمُعتقلين والوقوف على أوضاعهم في السجون سنحدد مدى التزام الحكومة بحقوق الإنسان في هذا الشأن). ووصف قضية اعتقال السياسيين بالمهمة، مطالباً البرلمان بالاضطلاع بدوره الرقابي حيال أي تجاوزات في مجال حقوق الإنسان من قبل الحكومة. وأوضح أن زيارته إلى السودان تشمل الوقوف على حقيقة الأوضاع في دارفور خاصة منطقة سورنتي في جبل مرة، إضافة إلى زيارة مقار المنظمات وبعثات الأمم المتحدة. وفي يناير الماضي نفذت احتجاجات من قبل أسر المعتقلين السودانيين لدى جهاز الأمن والمخابرات بمعية عدد من ممثلين لتحالف قوى الإجماع الوطني المعارض، وقفة احتجاجية امام مبنى جهاز الأمن للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين. وقال بيان لقوى الإجماع الوطني، إن قوات الأمن والاحتياطي المركزي، تصدت للمحتجين بالهراوات، ومنعتهم تسليم مذكرة لسلطات رئاسة جهاز الأمن وقاموا بالاشتباك مع افراد الأسر، الذين لا يحملون غير اللافتات المعبرة عن مطالبهم المشروعة". وشنت السلطات الأمنية في نوفمبر وديسمبر الماضيين، حملة اعتقالات واسعة ضد قيادات المعارضة ، قبل أن تطلق سراح بعضهم، فيما لا زالت تعتقل العشرات منهم في عدد من الولايات. في وقت نشر فيه ناشطون قائمة بأسماء المعتقلين وتواريخ إعتقالاتهم والمواقع التي تم اعتقالهم منها، وبلغ عدد المعتقلين بحسب القائمة (34) معتقلاً أغلبهم من الخرطوم. واشارت القائمة إلى أن آخرين لم ترد اسمائهم لعدم توفر معلومات حول تواريخ اعتقالهم. وأعلن التحالف المعارض في بيان له، عن اعتقال السلطات الأمنية ثلاثة من ابناء المعتقلين، قبل أن يطلق سراحهم لاحقاً تحت ضغط رؤساء الأحزاب والأسر، والذين رفضوا الممارسة والسلوك الامني وأصروا على عدم المغادرة الا بمصاحبة المعتقلين. وكانت اسرة المعتقل معتز العجيل قد اعربت عن قلقها من اعتقال معتز في التاسع من يناير من مكان عمله بالسوق العربي وتم ترحيله الي سجن دبك ثم الي سجن كوبر، هذا وقد طالت فترة الاعتقال ولم توجه له اي تهمة ولم يقدم الي محاكمة وفي آخر زيارة له بدأ عليه الانهاك والتعب مما يؤكد انه تعرض للتعذيب . وفي فبراير الماضي إتسعت دائرة التضامن مع المعتقلين والحقوقيين والسياسيين والشباب والطلاب، المحتجزين في معتقلات جهاز الأمن والمخابرات في السودان التي أطلقها التحالف العربي من أجل السودان منذ أكثر من عام، بإنضمام مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان العرب، مطالبين بإطلاق سراح جميع المعتقلين دون شروط وإتاحة الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير وحرية التجمهر والتظاهر. وقال حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إننا نعلن عن كامل تضامننا مع النشطاء الحقوقيين والسياسيين وسجناء الرأي، الذين تم القبض عليهم لمطالبتهم بالإصلاح والتغييرواحترام حقوق الإنسان. وناشد السلطات في السودان الإفراج الفوري عن كل المعتقلين والسجناء، وإنشاء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان ودولة تكون لكل السودانيين لاإقصاء ولاتمييز ولاإبعاد ولاسجون ولامعتقلات. وقال راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان "غزة" ورئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالقاهرة، : تابعنا بقلق عميق منذ فترة ما يحدث في السودان، وأٌقلقنا كثيراً مايحدث من إنتهاكات خطرة لحقوق الإنسان بالذات في مجال الحريات، وماتتعرض له فئات المجتمع المختلفة من قمع للنقابات وطلاب ، وهذا ليس ظلم فحسب بل عار لكل من يعتقل وتقييد حرية النشطاء والسياسيين وأضاف: نطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط لكل الحقوقيين وأصحاب الرأي من طلاب وعمال وإعلاميين تم إعتقالهم.
وإعتبر الصوراني أن كل نظام يمارس القمع على حرية الرأي والتعبير على أساس العرق أو الدين هو مدان، ويعتبر هذا السلوك خرق لأسس ومبادئ حقوق الإنسان. ووصف دكتور محمد النشناش عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان المغرب، أن الوضع في العالم العربي مؤسف وقال أن هنالك قمع على الحريات العامة والحق في الحياة والإعتداء على المدنيين، والإعتقالات التعسفية للمدافعين عن حرية الرأي والتعبير، وأضاف: لقد فوجئنا بالإعتقالات التعسفية التي نسمع بها في السودان، والمعتقلين لم يقوموا بأي عمل عدواني أو أي شئ يمس بالأمن والإستقرار في السودان، وتابع: لذلك نحن نعتبر هذه الإعتقالات تعسفية وتمس بالحقوق الأساسية للمدافعين عن حقوق الإنسان. وناشد النشناش السلطات السودانية بالإفراج الفوري عن المدافعين عن حقوق الإنسان وجميع المعتقلين السياسين، والذين يقبعون في السجون لمجرد إختلافهم في الرأي من الشباب والطلاب في الجامعات السودانية المختلفة. وأكد عبدالإله بن عبدالسلام نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على أنه ليس أمام المدافعين عن حقوق الإنسان، إلا التضامن مع المعتقلين في السودان، من نشطاء حقوق الإنسان والسياسيين، وقال نضم صوتنا مع جميع المناصرين لقضايا حقوق الإنسان داعياً للإفراج الفوري عن المعتقلين، وإطلاق الحريات العامة وإحترام قواعد ومبادئ حقوق الإنسان. وإعتبر راسم الأتاسي عضو مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا، أن شرعة حقوق الإنسان وضعت للحفاظ على حرية المواطنين وأعطتهم حقوقهم كاملة وأهم مافيها حرية الرأي والتعبير، وإعتبر أن الإعتقال من أجل رأي أو كلمة يمثل إنتهاكاً لحقوق الإنسان، و طالب السلطات السودانية بسرعة الإفراج الفوري عن المعتقلين من النشطاء الحقوقيين والسياسيين، ودعا الحكومة السودانية بمعالجة القضايا بحكمة للحفاظ على وحدة السودان من التفكك والتقسيم. من جانبه ناشد بشرى قمر حسين المدير التنفيذي لمنظمة "هودو" منظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية والإفريقية، بإيلاء إهتمام لما يجري في السودان وقال أنه لايقل عما يحدث في ليبيا أوسوريا أو اليمن، وإنما إمتداد لما يحدث في تلك المناطق. وأدان قمر القمع الذي تمارسه السلطات السودانية ضد كل النشطاء سواء في الخرطوم أو مناطق النزاعات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وقال أن هنالك قمع ممارس ضد الصحافة والصحفيين إضافة للإعتقالات المتكررة للنشطاء الحقوقيين والسياسين، وقال: إن الوضع في مناطق النزاعات هو الأسواء حيث يطبق فيها قانون الطوارئ الذي أتاح للسلطات العسكرية إعتقال وإختطاف المدنين، وإطلاق يد قوات الدعم السريع أو المليشيات الحكومية، التي ترتكب جرائم الإغتصاب، القتل خارج نطاق القانون، التهجير القسري للمواطنين، حريق القرى، الخطف والإعتقال. وإعتبر مدير منظمة هودو أن كل تلك الإنتهاكات تحدث على مسمع ومرآى المجتمع الإقليمي والدولي، وناشد الإعلام العربي بضرورة تسليط الضوء على مثل هذه الإنتهاكات التي تحدث في السودان عامة وبخاصة مناطق النزاعات. وطالب قمر بضرورة الضغط على نظام الخرطوم من أجل إطلاق سراح جميع المعتقلين دون شروط والسماح للمنظمات الإنسانية لإغاثة النازحين والمتضررين، دعا إلى وقف المحاكم العسكرية للمدنين في ولاية جنوب كردفان. من جهته قال خالد عمار مدير البرامج والمشروعات بالتحالف العربي من أجل السودان أن السلطات السودانية تمارس القمع، على نشطاء حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين وذكر أن الدكتور مضوي إبراهيم آدم تعرض للتعذيب إلى جانب بقية المعتقلين، وحمّل السلطات مسؤولية صحة وسلامة دكتور مضوي الذي دخل في إضراب عن الطعام للمرة الثانية ويمتد لأسبوع مالم تستجيب السلطات لطلبه في الإفراج عنه أو تقديمه لمحاكمة عادلة، وأشار إلى أن السلطات الأمنية تحتطف وتعتقل ومن ثم تنكروجود المعتقلين بزنازينهم، وإعتبر أن ذلك يعكس مدى استهتار النظام بقيم العدالة وحقوق الانسان حيث يتجاوز الاذى النفسي للضحية ليمتد لأسرته، ودعا للكشف عن أماكن تواجد بقية المعتقلين خاصة طلاب دارفور الذين يتعرضون لتعذيب بدني ونفسي قاسي وبشكل ممنهج. وأشار التحالف العربي من أجل السودان إلى أن من بين المعتقلين قيد الإحتجاز بجهاز أمن الدولة، الدكتور مضوي إبراهيم آدم، و مواطن من جنوب كردفان يدعى محمد يونس تجاوز 80 عاماً من العمر، حافظ إدريس، نورا عبيد عثمان، معتز العجيل، تسنيم طه الزاكي، آدم الشيخ، عبدالمنعم عمر ، وجميعهم أكملوا قرابة الشهرين دون أن يتم التحقيق معهم أو توجه لهم تهم.