ظلال من الماضى فى الذكرى الخامسة للأستاذ سامى سالم‏

 


 

 



كتب سامى سالم ...
قبل أسابيع قليله من مسح أركان الدار وشد الرحال من حرارة القاهره الى صقيع كندا هاتفت د.منصور خالد فى أحد صباحات الصيف تأكيدا لموعد سابق يتصل بعمل متعلق بإحدى محطات التلفزيون العربية العاملة فى القاهرة ، فأرجأنى إلى الظهيرة حتى نلتقى الساعة الواحدة فى كافتريا فندق سميراميس نسبة لإرتباط طارىء مع وزارة الخارجية المصرية ، وقبل أن يضع سماعة التلفون طلب منى غشيان إحدى مكتبات الهيئة المصرية العامة للكتاب حتى أحصل على نسختين من الديوان الجديد الذى أصدره الشاعر المصرى أحمد تيمور بعنوان "قافيه بين أمرئى القيس وبينى" فوافقت ثم تعجبت وتساءلت:- كيف يدير د. منصور خالد وقته حتى يفسح مكانا للتنقيب والبحث عن الشعراء الجدد وسط مشاغله السياسية الأخيرة وأسفاره العديده وأستغراقه الدائب فى المتابعة والتأليف فيما يتعلق بالحراك السودانى المعاصر وقضايا التاريخ الفكرى والسياسى والوطنى؟ وزاد من مباعث الحيرة ومثار التساؤلات أن الشاعر تيمور ليس من نوعية تلك الأسماء التى تكتظ بها صفحات الأدب والثقافة وإن كان من الكتاب المعروفين فى بعض الصحف العربية المرموقة ومن الشعراء الذين نالوا إهتماما طيبا من الإنتباهات النقدية وذلك على خلاف العديد من أبناء جيله الشعرى الذين تزدحم الصفحات الأدبية بأخبارهم وصورهم وتعليقاتهم ومعاركهم واوجاعهم وحسكهم . وضاعف من العجب إعتقاد باطنى بأن معظم أبناء جيل منصور خالد قد توقفت معارفهم الشعرية وموروثاتهم الأدبية ، فى مرحلة أحمد شوقى وشاعر القطرين وعباس العقاد وشاعر النيل وأبوالقاسم الشابى والجواهرى وبدوى الجيلى ومحمود حسن اسماعيل والمهندس والياس ابوشبكه ومحمد صالح بحر العلوم ، أما الذين أسعدتهم الحياة بفسحة من الوقت فقد استعانوا على تنقيح هذه الكوكبه بشعراء مجلة (أبولو) ومجلة (شعر) ومجلة (الآداب) فاطلعوا على أعمال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب ويوسف الخال وصلاح عبدالصبور واورنيس ومحد الماغوط وامل دنقل واحمد عبالمعطى حجازى وعبدالوهاب البياتى ومحمد عفيفى مطر ، ثم أردفوا هذه المطالعات بقراءات متقطعه تناولت الرموز الأوربية والأمريكية الكبيرة فى أدب القرن العشرين إضافة إلى الإهتمام  التقليدى عند كل المثقفين العرب
بقرءات البارودى والمتنبى والبحترى والمعرى وابونواس ، وزاد على هذا وذاك ملاحظات نجمت عند متابعة الصحافة الثقافية العربية التى توقفت إهتمامات محرريها عند الأسماء المستقره لشعراء الأربعينات والخمسينات والستينات والسبعينات وأعرضت عن ملاحقة التحققات الجديده والمغامرات المستحدثه لشعراء تبرق أعمالهم ظاهراتيه وترن بالرؤى المستجده .
ولكن منصور خالد ظل – دائما – مختلفا عن أبناء جيله وعن الحالة الثقافية والفكرية السائده فى العالم العربى .وجعل يتماهى فى كل مؤلفاته مع أسماء شعريه تتضمن مختلف التيارات والمدارس والحقب والمراحل التاريخيه  . وتضم متون كتبه مختارات من قصائد المتنبى والجواهرى ومحمد ابودومه ووليم شكسبير وسواهم. وطفا إلى سطح الذاكرة إستذكار قديم فى"مصادرالدراسات السودانية" للأستاذ قاسم عثمان نور أثبت فيه ان منصور خالد كتب دراسه نقديه عن شعر التجانى يوسف بشير فى الأربعينات وكان بذلك من أوائل الكتاب السودانيين الذين آزروا هذه العبقرية الشعرية الفذه بعد"الإستتابة" التى أوقعته مكايدات الصبا بين براثنها فى المعهد العلمى بامدرمان .
لقد بدأ منصور خالد حياته الفكرية بنقد الشعر ومناصرة الحرية الفكرية ورموز الحداثة فى مرحلة بالغة الصعوبة والتعقيد فى حياة المجتمع السودانى ثم إنتقل بعد ذلك إلى نقد الفكر السياسى والاجتماعى والعقل البدوى والعصبيه الأصوليه ومظاهر التخلف كافة .

Ahlam Hassan [ahlamhassan123@live.com]
///////////

 

آراء