عام حزني بموت خديجتي الصغرى سماح (8/17)

 


 

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
علي الكنزي
alkanzali@gmail.com

• 


• 8-17
• صَدَقَ أخي عمر،
• وهو يسألني عبر الهاتف من بلاد المهجر، قائلاً وأنت بيننا آنذاك:
• هل لسماح من توأم على هذه الأرض؟
• فأصابني الصم والبكم،
• وتجمد لساني ما بين فكي الأعلى والأسفل،
• وطفقت واضعاً يدي على شفتيَّ وكأني أقول لنفسي:
• "صه" وأمسك عليك لسانك.
• فسألتُ نفسي وقلتُ لأي شئ يرمي عمر؟
• تذكرتُ تذكرتُ،
• فقد تَزوجتك بعد تخرجك من كلية التمريض العالي بجامعة الجزيرة،
• والتقيتك وأنت تعملين ممرضة بمستشفى الأطباء،
• ولكن بعد زواجنا لم نُقِمْ في بيت واحد بصفة دائمة لأني أعمل في بلد أُوربي حيث لا اعتراف بالزوجة الثانية،
• وكان هذا معلوماً لك ولأهلك قبل زواجنا،
• لهذا رفض ذَووك أن يزوجك لي،
• تأخر زَواجنا لأكثر من عام،
• بل انصرف كل منا لحاله،
• ولكن لأن الله منذ أن خلق الخلق قال:
• (واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم
• قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين).
• كان في من قال: (بلى شهدنا ...) مصطفى وغُفران ومغفرة،
• ذرية جعلها الله في رحمك مني من الأذل،
• فكان لابد أن يتم زواجنا بقصة غريبة وعجيبة،
• تكاد أن تُعدُ كرامة لكلينا أم لأحدنا،
• ليس من المناسب روايتها في ساعة حزني هذه.
• بعد زواجنا لم تُضَيعي وقتاً طويلاً فيما يضيع الناس فيه أوقاتهم.
• فالتحقتِ بجامعة الخرطوم وحصلت على ماجستير التمريض العالي،
• ثم أعقَبْتيه وبِنِفَسِ الجامعة ِبدبلوم في الترجمة من اللغة الإنجليزية للعربية.
• من بعد حصولك على دبلوم الترجمة،
• توجهت شطر جامعة ابن سينا لدراسة الطب،
• وأكملت السنة الرابعة وترقيت للخامسة دون تعثر،
• ولكن أدركك الموت قبل أن تدركين التخرج.
• هذه عدة أوجه لوجهك المضيء المشع نوراً وجمالاً وبهاءً ودلالاً.
• جدير بي أن أتوقف على أعتاب أمومتك،
• فأنا المتبتل الشاكر لِربٍ آثرني على كثير ممن خلق،
• وجعل لي سكناً ثانياً،
• وجعلك بلداً طيباً يخرج نباته بإذن ربه،
• ففي 9 نوفمبر 2006 هَلَ ببلدنا الطيب رحمة ربي ذكر وأنثى،
• 9-17
• محمد المصطفى وغفران.
• ولأنك كنت تتوقين لرؤية أُوربا،
• بالتحديد انجلترا، أو فرنسا أو إحدى دول إِسكندنيفيا،
• فقد سهل الله لك أن تضعي مولودك الثالث (مغفرة)،
• في ٢ أكتوبر ٢٠١٠،
• بِلندن وفي ارقى مشافيها الخاصة،
• حيث وضعت الأميرة ديانا أبنها الأكبر الأمير وليام.
• وطالما جاءت سيرة لندن، فأنا أحس بأنك لن ترضين
• أَن امر عليها مرور الكرام،
• دون ذكر أناس كانوا لك إخوة وأخوات وأهل وعشيرة،
• وعلى صدر هؤلاء تأتي ماجدولين أحمد إبراهيم،
• التي قادتنا step by step للحصول على تأشيرة الدخول لإنجلترا،
• وهي التي ساعدتك للحجز عند طبيب النساء والحجز عند مشفى التوليد،
• كان ذلك قبل الحصول على التأشيرة،
• علاوة على أنها كانت عند رأسك ساعة الوضوع،
• ومعك في كل حين.
• أما أخي بشير وزوجته فيروز وأبناءهم،
• فقد كانوا فعلاً أهل وعشيرة،
• وما أكثر أهلك وعشيرتك في لندن،
• نضال منير وزوجها سيد موسى محمود الذي تَوفى فجأة بلندن يوم الجمعة ٢٣ سبتمبر ٢٠١٧،
• وهو يتهيأُ لصلاة الجمعة، عليه رحمة الله ورضوانه،
• ودكتور نادر خليل فرج الله،
• ابن قريتي وابن حبيبي خليل فرج الله مصطفى حسن، رحمة الله عليهم أجمعين،
• ونسابته رجل الأعمال الشهير صديق وَدعه،
• وبِنتيه، دكتورة اسماء والاستاذة أزاهر،
• ومحمد سراج الدين وزوجته ليلى الفرنسية،
• التي اسلمت وحسن اسلامها،
• وزارت السودان أكثر من مرة واعجبت به وبأهله.
• وشِيماء ابراهيم علي خليفة،
• التي كانت تتوق أن تشاركك السكن عند العودة لندن.
• والقائمة تطول، بِأحمد عثمان وقيع الله،
• وبراءة عثمان مكي وزوجها عبدالخالق عثمان وداعة، ونَاصر ابراهيم، وأشْرف بخيت.
• كل هؤلاء بذلوا ما في وسعهم،
• ليجعلوا من إقامتك في لندن شئ لا يُنْسى،
• وقد نجحوا في ذلك.
• في لندن ظهر لك وجه آخر مَخْفيٌ عن الناس تماماً،
• فكنت تتجولين في قلب المدينة وأطرافها وكأنك بعثت فيها،
• فكنت تَذهبين لطبيبة النساء وحدك،
• ولِطبيب الأسنان وحدك،
• وطبيب الأطفال وحدك،
• وسجلت زيارة تَعَرُفْ للمشفى الذي ستضعين فيه مولودك وحدك،
كل ذلك وأنا غائب عنك بعيداً في مقر عملي

 

آراء