عدم حيادية قوات الدعم السريع في أحداث دارفور هل تحتمل التشكيك؟

 


 

 

لم يعد هنالك شخص في داخل البلاد أو خارجه، يحتاج معرفة من يقتل من في دارفور، أو من يحرق مساكن وممتلكات المواطنين في هذه البقعة الملتهبة من الكرة الأرضية، لدرجة توقعنا، أن ترصد قمة الأرض التي انعقدت مؤخرا بشرم الشيخ، ميزانية لتقليل انبعاثات الكربون من حرائق دارفور، التي تقضي على الأخضر واليابس، ومن ثمّ يتسنى للقتلة، التطهير العرقي، والتهجير القسري، تمهيداً لخلق واقع ديمغرافي عابر للدول.
منذ سقوط نظام المخلوع البشير، واستشراف العهد الانتقالي، تركت السلطات المركزية، الشأن الأمني الدارفوري لقائد قوات الدعم السريع "الفريق" حميدتي، أو هي فرضت نفسها على الحكومات الانتقالية الضعيفة، وظلت المواجهات القبلية تتجدد بوتيرة ثابتة، وبعنف متصاعد، أعادت للأذهان مشاهد الأحداث المروعة في بداياتها قبل عقدين من الزمان، وفي كل مرة يهرع "الفريق" حميدتي، إلى قلب الأحداث بعد اندلاعها، وليس قبل أو أثناء التحشيد لها، يصول ويجول، ويهدد ويتوعد، تهدأ المواجهات خلال تواجده، لتتجدد في مناطق أخرى عقب مغادرته، يكتفي حميدتي في كل مرة، بتوقيع مصالحات قبلية، وتشكيل لجان تحقيق، لا يرجى منها ولا ينتظر نتائج تحقيقاتها أحد.
الجناة في كافة الأحداث معروفين بالأسماء والعناوين، وفي آخر تصريح "للفريق" حميدتي قال "إن الحكومة قادرة على ضبط ومحاكمة المتسببين في أحداث العنف القبلي التي شهدتها قرى في محلية “بليل” بولاية جنوب دارفور مؤخرا." حسب صحيفة الراكوبة الإلكترونية، والأسئلة البديهية، ماذا ولماذا تنتظر الحكومة؟ لماذا لم تضبط الوضع وتمنع عدم تكرار الأحداث؟ ولماذا لم تحاكم المتسببين في الأحداث السابقة في كريندينق وكرينق وجبل مون وزالنجي والسريف بني حسين وكتم ..إلخ؟ لم يكتفي نائب رئيس الحكومة الإنقلابية برفضه لأحداث محلية بليل الأخيرة! هذا ليس كلام رجل دولة يمتلك صلاحيات مطلقة إن كان محايدا، أو جادا!
عدم حيادية قائد قوات الدعم السريع في المواجهات القبلية المتكررة في الإقليم، ألمح إليها بيان صادر مؤخرا من هيئة الدفاع عن محتجزي ولايتي غرب وشمال دارفور، حيث جاء فيه: "إن سلطة الانقلاب الحالية غير مؤهلة أخلاقياً للتحقيق في الجرائم المرتكبة في البلاد."
ويأتي تصريح الهيئة الحقوقية في أعقاب زيارة قائد الدعم السريع محمد حمدان حميدتي، لجنوب دارفور برفقته وفد من النيابة العامة، بغرض التحقيق في انتهاكات قرى شرق نيالا.
وقالت الهيئة في بيان تلقته (الديمقراطي)، إن “زيارات حميدتي وفي معيته أجهزة النيابة العامة كالحاشية السياسية عقب كل حدث، تندرج في العمل السياسي المحض، ونتائجها عبارة عن مظاهرات سياسية تكررت عدة مرات، وساعدت في تقنين حالات إفلات الجناة من الملاحقات الجنائية والعقاب الرادع، ووسعت من نطاق الجرائم المرتكبة وزيادة وتيرتها”.
وذهب البيان الجريء لهيئة الدفاع عن محتجزي دارفور إلى أبعد من ذلك حيث ذكر "أن السلطة الانقلابية لا تصلح للتحقيق في الجرائم المرتكبة في محلية بليل شرقي مدينة نيالا أو غيرها من الجرائم الكبرى الأخرى المرتكبة بواسطة عناصر تستخدم عربات الدفع الرباعي المزودة بكافة أنواع الأسلحة وترتدي الزي الرسمي للقوات النظامية، وذلك لافتقار هذا النظام للجدية والمؤهلات الأخلاقية، وأصابع الاتهام من ذوي الضحايا تشير إلى منسوبيه".
وبالطبع لا وجود حقيقي للسلطات الانقلابية في دارفور سوى قوات الدعم السريع، هي الآمرة والناهية في كل شأن، سيما أن والي جنوب دارفور محسوب عليها.
ومما يشكك في حيادية قوات الدعم السريع، البيان الصادر زعماء الإدارة الأهلية لقبيلة الداجو، بقرى محلية بليل، بجنوب دارفور، والذي يرفضون فيه مقابلة قائدها "الفريق" حميدتي، أثناء زيارته الأخيرة للولايةً، مطالبين بلجنة تحقيق دولية وتقديم الجناة للعدالة.
لا نظن أنّ دفن الرؤوس في الرمال، سيغير الحقيقة الساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار، أنّ قوات الدعم السريع، هي أس المشكلة في دارفور، توفر الحماية، وتشكل الغطاء للتمكين العشائري، ولا ينتظر منها أحد أن تكون هي جزءاً من الحل، وأنّ ادعاءات "الفريق" حميدتي بأنه رجل دولة، ورجل السلام، لا تعدو أن تكون بمثابة تخدير، لكسب الوقت، لخلق واقع ديمغرافي يصعب معالجته، وبالتالي يجب إبعاد قوات الدعم السريع، التي تحمي المعتدين، بل أن بعض منسوبيها مشاركة في الإعتداءات، وتشكيل قوات محايدة من بقية مكونات الشعب السوداني للاضطلاع بالمهام الأمني في دارفور، والتحقيق من تواطؤ هذه القوات في كافة الأحداث التي جرت سابقا.
ebraheemsu@gmail.com

 

آراء