عزيزي ياسر عرمان.. عفواً لم أُغيّر موقفي
tigani60@hotmail.com
ما كان أغنى عزيزي الأستاذ ياسر عرمان عن كل هذا الجدل لو أنه رفع سماعة هاتفه وتحدث إليّ مباشرة دون حاجة لوسطاء واقترح عليّ ما يشاء, فليس هناك ما يمنع ذلك من طرفي, كما ليس هناك ما يدعوني لأن أُخفي شيئاً فأرآئي ومواقفي في الشأن العام معلومةمما ظللت أكتبه ويطلع عليه الناس, وعلاقتي الوثيقة مع الصديق ياسر ظلت متصلة ولطالما تداولنا في هموم السودان المختلفة إبّان وجوده في الخرطوم.
في تعليقه على ملابسات إعلان الحركة الشعبية/شمال لوفدها في مفاوضات أديس أباباهذا الاسبوع وإدراجها لإسمي ضمن الخبراء في فريقها المفاوض قال "وإذامارأىالدكتورخالدالتجانىانيتخذموقفاًآخربعدموافقتهفهذامتاحولكنليسبهذهالطريقة", أقول لصديقي ياسر ببساطة لم أغيّر موقفي للأسباب التالية:
أولاً : إن كل ما ذكره بشأنالافكارالتىظللتأعبرعنهاحولضرورةالإتفاقعلىحلشاملوإعادةتعريفجديدللمشروعالوطنى صحيح, فهذا موقفي سابقاً واليوم وغداً فالحلول الجزئية والصفقات الثنائية التي أدمنها "الحكم الإنقاذي" في تقديريهي المسؤول الأول والأخير عن وصول الأزمة الوطنية إلى المأزق الحالي, ولذلك لن تكون سبيلاً لأي حل حقيقي.
ثانياً : بخصوص طلب الحركة الشعبية مني المشاركة كخبير وردي على ذلك إيجابياً, أقول له شاكراً لثقته وحسن ظنه, تحدث إليّ هاتفياً صديق مشترك, ليس عضواً في الحركة, وكانت بيننا حوارات متصلة وأفكار متوافقة حول حتمية التسوية الشاملة كمخرج وحيد من الأزمة الوطنية الراهنة, وفهمت منه أن الحركة بصدد اقتراح ست شخصيات ذكرهم لي بالإسم كخبراء في المفاوضات, وأنها تستعجل الحصول على الموافقة لرفع الاسماء إلى رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى برئاسة الرئيس ثابو إمبيكي.
وهو ما عنيّ لي أن الدعوة للمشاركة في المفاوضات ستأتي من الوسطاء الإفارقة لخبراء سودانيين, صحيح باقتراح من الحركة لأنها تثق في أنهم سيدفعون بإتجاه تشجيع الوصول إلى تسوية سلمية شاملة في البلاد, ولذلك لم أتردد للحظة في الموافقةعلى هذا الطرح المحدّد, وقلت له بالحرف الواحد إنني في سبيل جهود وقف الحرب وتحقيق السلام مستعد لقبول تسمية الحركة لي كخبير لدى فريق الوساطة ضمن آخرين.
ثالثاً : في مساء الجمعة اتصل بي العديد من الزملاء الصحافيين يسألونني إن كنت عضواً في وفد الحركة الشعبية المفاوض, ولم أكن حتى وقتها اطلعت على البيان الصادر من المتحدث بإسم الحركة, وبالطبع نفيت ذلك وقلت لهم أنني لست عضواً في وفد الحركة الشعبية ببساطة لأنني لست عضواً فيها.
رابعاً: بعدما قرأت البيان اتصلت مباشرة بالصديق المشترك الذي كان نقل لي اقتراح رفع أسماءنا كخبراء للوساطة الأفارقة بتوصية من الحركة, وأوضحت له أنني فوجئت بالذي حدث لأن اتفاقنا لم يكن كذلك, وأنني كنت أتوقع أن تأتي الدعوة لنا من قبل الوسطاء, وليس أن تعتبرنا الحركة الشعبية أعضاء في وفدها, كما نقلت له استغرابي لوجود هذا العدد الكبير من الخبراء في حين كان مانقله لي أنهم ستة شخصيات, فضلاً عن أن بعض هؤلاء الذي أعرف أنهم وافقوا على المشاركة بصفة خبراء اُستبعدت أسماؤهم.
خامساً: وللتأكد أكثر من أن فهمي لسياق الأمور لم يكون مغلوطاً اتصلت أيضاًبصديق آخر ورد اسمه في بيان الحركة, وسألته عن تجلية الأمر فوافقني تماماً في ما ذهبت إليه قائلاً إن فهمه أيضاً هو أن الدعوة ستأتي من الوسطاء كخبراء,نافياً أن يكون مستشاراً في وفد الحركة لأنه ليس عضواً فيها, وأن جوده ضمن فريقها سيكون خصماً على دوره في تعزيز جهود الوساطة. مشيراً في هذا الخصوص إلى تجربة مفاوضات أخرى تضمن استقلالية الخبراء دون أن تؤثر على تواصلهم مع طرفي التفاوض لتقريب وجهات النظر.
سادساً: اتصل بي صحافيون آخرون لإستجلاء الأمر, وشرحت لهم سياق الأحداث كاملاً كما أوردته آنفاً, وهو بكل وضوح انني فعلاً فوجئت بإدراج اسمي ضمن وفد الحركة المفاوض, وأن ما وافقت عليه هو أن تقترح الحركة الشعبية اسمي ضمن آخرين لفريق الوساطة الإفريقي للمشاركة في المفاوضات كخبراء وطنيين يدعمون جهود التسوية الشاملة. وأنني بناءاً على ذلك كنت أنتظر دعوة بهذا الخصوص من طرف فريق إمبيكي. كما قلت إن وجودي كخبير مستقل سيكون له معنى, في حين أن وجودي ضمن طرف الحركة سيكون تحصيل حاصل اللهم إلا إذا كان الغرض منه استعراضاً إعلامياً.
ولذلك عزيزي ياسر فإنني لم أُغيّر موقفي البتّة ولا أزال متمسكاً بموافقتي على المقترح الذي نقله لي الصديق المشترك بهذا الفهم الذي شرحته آنفاً. أما إن حاول البعض استغلال الموقف بغير الذي فصلّته فلا ذنب لي في ذلك.
وإن كان لي من تساؤل لأخي العزيز ياسر حول ما بدا لي استهجاناً بقوله" لكن ليس بالطريقة دي" وكأنني تملّصت مما وعدت به محاولاً إحراج الحركة وهو ما لا أرضاه لنفسي, فلا أدري لماذا خصني بهذه الرسالة مع أن بعض الصحف أوردت في اليوم نفسه أن آخرين وردت أسماؤهم في بيان الحركة كخبيرين نفيا أن يكونا عضوين في وفد الحركة التفاوضي؟.
وأقولي لأخي الاستاذ ياسر إن أزمة السودان اليوم أعمق بكثير من أن نصبّ فوقها المزيد من التعقيدات بالمواقف التكتيكية وتسجيل النقاط, ما نحتاجه فعلاً تضافر الجهود بصورة منهجية وجدية لتأسيس رؤية وطنية استراتيجية جديدة تقود إلى تشكيل نظام سياسي جديد يحقق المساواة والعدالة والتكافوء بين جميع أبناء الوطن يحقق السلام المستدام والاستقرار والديمقراطية والتنمية. فقد ولى عهد المفاوضات الثنائية والتسويات الجزئية والصفقات قصيرة النظر.
وأسال الله لجميع أبناء السودان الرشد لأن يتفقوا على بناء الوطن الذي يستحقونه.
ولك وافر مودتي واحترامي وتقديري
خالد التيجاني النور
الخرطوم في 10 فبراير 2014
khalidtigani@gmail.com