عقبات في خطى سير الغازي صلاح الدين
18 June, 2009
بعد توليه مهمته الجديدة زار الدكتور غازي صلاح الدين أرض دارفور ، تعرّف على جغرافية الإقليم ، وقد شهد بأن حدود السودان مع تشاد متسعة ولا يمكن ضبطها ، هذا أمر لا نزاع فيه ، فطالب الجغرافيا بمرحلة الأساس يستطيع أن يثبت هذه المعلومة ، لكنه قام بتحليل المزاج النفسي هناك وأكتشف أن حجم التأييد للمجموعات المسلحة في دارفور قد إنخفض إلى درجة كبيرة ، مثله ومثل اسعار الدولار والبورصات العالمية ، ولا أعلم ماهية المعايير التي أستخدمها دكتور غازي لتحليل الرأي العام لسكان دارفور والذين يمتدون لمساحة تمثل حجم ثلاثة دول أوربية ، لكنه بالأحرى أعتمد على المقاييس التي أستخدمتها حكومته لتزوير نتائج الإحصاء السكاني ، حيث أنخفض الجنوبيين في الخرطوم وزاد عدد العرب الرحل في جنوب كردفان ودارفور ، وتعتبر مهمة الغازي صلاح الدين في دارفور عسيرة للأسباب التالية :
أولاً أن الرجل حتى وفي أيام الحركة الإسلامية لا تربطه علاقات أو صلات مع أهل دارفور ، وأن هذه المنطقة يعرفها الآن المندوبيين الأمميين أكثر منه ، فهو كان بعيداً عن أزمتها منذ البداية .
ثانياً هناك شق مرهق في أزمة دارفور ، على العكس من قضية الجنوب ، وهو المحكمة الدولية ، فالمطلوب في دارفور هو – قبل التوقيع على إتفاقية سلام -إلغاء أو تأجيل قرارات المحكمة الدولية حتى ولو لمدة عام واحد ، هذا الشرط كان غائباً في مفاوضات نيفاشا حيث كان الهدف وقتذاك تجنيب السودان من غزو محتمل يقوم المحافظين الجمهوريين في البيت الأبيض .
ثالثاً ، هناك ظلال إنتخابات مرتقبة ، فلو مضت من غير تزوير ، ربما يؤدي ذلك إلى صعود قيادة جديدة تعطي أهل دارفور أكثر مما يطالبون به ، ولا ننسى أن العالم الآن يعيش عهد الثورة الأوباموية بكل اشكالها ، وأن سياسات القمع والتعتيم الإعلامي فشلت حتى في إيران ، فالشعب في إيران لأول مرة في تاريخه يتحدى ولاية الفقيه ، فالمطالبة بالحريات والديمقراطية هزمت الخضوع لتوجهات المذهب الطائفي.ولا تملك حكومة الإنقاذ أدوات قمع مثل إيران ، فقواتها لا تتواجد إلا في المدن الكبيرة . فلو وصل القائد سلفاكير إلى سدة الرئاسة سوف يساعد ذلك في إنهاء المظالم والغبن وعدم المساواة ، بالتالي هزيمة الإنقاذ عن طريق صناديق الإقتراع ربما تعطي نتيجة أفضل من العمل المسلح .
رابعاً ، يُعتبر الدكتور غازي من النخبة ، ويعيش على مبادئ الحركة الإسلامية التي تضع خصومها بين المربعين الأبيض والأسود . بهذه العقلية لن يستطيع الدكتور غازي مفاوضات القيادات الشابة في حركات المقاومة في دارفور والتي أكتسبت خبرة خلال خمسة سنوات من تاريخ الحرب ، أما القيادات الإسلامية داخل حركة العدل المساواة ربما تستغل جذوره العرقية لتصفية حساباتها معه ، كما حدث مع وزير الداخلية الحالي إبراهيم محمود عندما وصف الحركة بأنها جمع من التشاديين ، فردت عليه تلك القيادات بنفس خطاب التشكك وكشفت بأنه كان رئيساً لإتحاد الطلبة الإرتريين في مصر . أضف إلى ذلك أن الدكتور غازي تسبب في الأزمة الحالية بين الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني ، وهو كمفاوض سابق لم يكن عليه المبادرة بالتحريض الديني ضد قيادات الحركة الشعبية .
هناك عامل داخل حكومة الإنقاذ ، فهي إن شعرت بكثافة الضغط الدولي فسوف تلجأ لتغيير مفاوضها في دارفور ، ومن المحتمل أن يتولى هذا الملف الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل والذي يتحرق شوقاً للإمساك به ، أو في أسوأ الأحوال ربما يكون المفاوض التالي هو عبد الباسط سبدرات ، فالإنقاذ مع أزمة دارفور تحرص على تجميع الأزمة داخل حلقتها الضيقة من الأشخاص .
سارة عيسي
sara_issa_1@yahoo.com