عقربة في الأسر: دكتور منصور علي حسيب .. ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
A scorpion in Captivity عقربة في الأسر
Dr. Mansour Ali Haseeb دكتور منصور علي حسيب
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: نشرت هذه المذكرة الصغيرة في العدد الثاني والثلاثين من مجلة "السودان في رسائل ومدونات SNR" الصادرة في عام 1951م بقلم الدكتور منصور علي حسيب (1910 – 1973م). وبحسب ما جاء في مقال مترجم منشور للبروفيسور عوض محمد أحمد عن سيرة الدكتور حسيب فقد ولد الرجل في مدينة القطينة لأب كان يعمل قاضيا فيها هو الشيخ علي حسيب، الا أن أصول عائلته تعود إلى شمال السودان حيث كان أجداده يقيمون في بربر ويرتبط نسبهم بمجاذيب الدامر. وتلقى حسيب مراحل تعليمه الأولي في بربر وعطبرة وبورتسودان، ثم كلية غردون التذكارية، المدرسة الثانوية الوحيدة حينها. ثم التحق بكلية كتشنر الطبية، التي تخرج فيها عام 1934م. وبعد تخرجه ولج حسيب مجال الخدمات الطبية حيث عمل في عدة مستشفيات إلى أن ابتعث لإجراء دراسات عليا في مجال الأحياء الدقيقة (وهذا فرع طبي يؤهل صاحبه للعمل في مجال التحاليل الطبية في المختبرات). ولما آب حسيب من البعثة قررالتفرغ لتطوير مجال التحاليل الطبية والصحة العامة، وغدا أول سوداني يتولى منصب مدير معمل استاك بين عامي 1952 و1962م.
المترجم
____ ____ ___ ____ ___
هذه هي بعض الملاحظات عن عقربة صيدت في أم درمان وحفظت في وعاء زجاجي (طوله 20 سم وقطره 6 سم) لمدة 240 يوما.
وصيدت تلك العقربة (التي تسمى علميا Buthus quinquestriatus، وهي من أشهر الأنواع في مدينة أم درمان) في ليل السابع من أغسطس عام 1950م. ووضعت فور صيدها في ذلك الوعاء الزجاجي والذي أغلق بغطاء حديدي له لولوب فليني (metal cork – screw cap). وحدث أن تم خلال التعامل مع العقربة أثناء جمعها ووضعها في الوعاء، أن وضع معها – مصادفة- نحو أوقيتين من التراب. ووضع الوعاء الزجاجي في رف بعيد وآمن من أجل المراقبة. ولم يوضع للعقربة أي طعام أو ماء.
وفي صباح يوم 25 سبتمبر 1950م (أي بعد مرور 48 يوما من العزل) ولدت تلك العقربة 99 من العقارب البيضاء الصغيرة، المكتملات النمو من كل النواحي. وانتشرت تلك الحشرات الوليدة في أنحاء الوعاء الزجاجي، بينما تجمع بعضها على ظهر الأم. ومع مرور الأيام ازداد حجم تلك العقارب الوليدة وتحول لونها من الأبيض إلى الأصفر. وظلت العقربة ومواليدها بصحة جيدة حتى مساء يوم 15/ 10/ 1950م. وفي صباح اليوم التالي اكتشفنا أن كل مواليد العقربة (ذات العشرين يوما) قد اختفت تماما، ولم يبق لها من أثر. ولما كان الوعاء الزجاجي مغلقا بصورة مانعة، فلا بد من الافتراض بأن الأم قد أكلت مواليدها.
وظلت تلك العقربة حبيسة ذلك الوعاء الزجاجي لمدة 175 يوما، بدت فيها في أتم صحة. ولم نلحظ، بالمناسبة، أي نقص في كمية التراب الذي كان في الوعاء الزجاجي. ونفقت العقربة في 9/4/ 1951م.
نخلص من الملاحظات السابقة إلى أن:
1. فترة حمل العقربة المذكورة كانت أكثر من 48 يوما.
2. العقربة تأكل صغارها. فقد أكلت تلك العقربة صغارها الأصحاء المائة إلا واحدة بعد أن بلغوا من العمر خمسة شهور. وهذا ما يخالف الاعتقاد (الشعبي) السوداني والذي يؤمن بأن العقربة تأكل ما تلده فور وضعه.
3. تستطيع العقارب احتمال العطش لثمانية أشهر، حتى في صيف السودان شديد الحرارة. وتستطيع احتمال الجوع لنفس الفترة. وليس صحيحا أن العقارب تأكل التراب، كما يظن بعض السودانيين.
alibadreldin@hotmail.com