علي البرهان التنحي عن العمل السياسي والتحصن داخل اسوار المؤسسة العسكرية بعد هيكلتها

 


 

محمد فضل علي
21 October, 2021

 

لقد اختار البرهان المواجهة في غير مكانها وزمانها عبر وسائل سياسية بدائية ومتخلفة فخسر خسارة كبري واصبح ومن معه تحت حصار داخلي محكم مدعوم من الخارج.
لقد تخلي البرهان ومن معه في قيادة الجيش عن مهنيتهم في اللحظات التي سقط فيها البشير ولم يقوم البرهان ومن معه في قيادة الجيش بتقدير موقف عسكري لمجريات الامور ولم يحتفظ للمؤسسة العسكرية بمسافة بينها وبين القوي السياسية اوالبداية في اعادة قومية الجيش السودان الذي ظلت تديرة الحركة الاسلامية علي مدي ثلاثين عام عمل فيها البرهان وبعض العسكريين الحاليين مجرد موظفين لم يمارسوا فيها العمل السياسي داخل منظومة الحركة الاسلامية العسكرية او السياسية ولم يستفيد البرهان من تلك السانحة التاريخية والفرصة التي منحتها له الاقدار بعد انسحاب العسكريين الاسلاميين من المشهد السياسي تحت ضغط الشارع السوداني في اللحظة سقط فيها النظام وانما وضع نفسه تحت تصرف نفس الجهات السياسية التي وصلت الامور بينها وبينه اليوم الي مراحلة المواجهة وربما الصدام.
لقد ظل الجنرال البرهان خلال الشراكة الانتقالية يقتفي اثر بعض المجموعات السياسية ويقلد خطابها السياسي بل ينافسها خاصة عندما اختار فجاة ان يلتقي رئيس الوزراء الاسرائيلي في تصرف ليس له اي علاقة بمصالح البلاد العليا مع الاستمرار في الحديث عن التطبيع مع اسرائيل الذي لايحتل اي اولوية مفترضة في دولة شبه منهارة خرجت باعجوبة من انفاق وظلام الاسلاميين بعد ثلاثة عقود من الزمان.
لايحق للبرهان بالطبع ان يتحدث عن الضائقة المعيشية والانفلات الامني باعتبارة جزء اصيل في الشراكة الانتقالية التي انقلبت عليه اليوم بطريقة منهجية ومنظمة علي الاصعدة الداخلية والخارجية واحكمت حصاره وتركته ينخبط في ظلام مهزلة الاعتصام ومزاعم التفويض التي اصبحت مادة للسخرية والتهكم .
لقد اصبح البرهان في هذه اللحظات بين امرين لاثالث لهما وهو ان يتحلي بضبط النفس الي اقصي الحدود ويحترم ارادة الشعب السوداني وان يترك السياسة للسياسيين دون ان يتخلي عن مهنيته وواجبه بالحفاظ علي وحدة وتماسك القوات المسلحة السودانية بقرارات شجاعة لرد اعتبار الجيش السوداني والشروع العملي في هيكلته واستباق النوايا الاجنبية المدعومة من البعض لهيكلة الجيش السوداني علي الطريقة العراقية وماحدث في جنوب السودان بعد الانفصال ..
علي البرهان استثمار المتبقي من الوقت لممارسة صلاحياته في مجلس السيادة ومن موقعة في قيادة الجيش بالانسحاب النهائي من السلطة الانتقالية وان لايلزم نفسه او الجيش باي اتفاقيات اجنبية في غياب الشرعية والسلطة الوطنية المنتخبة وان يعمل علي فتح تحقيق بواسطة القضاء العسكري حول ملابسات ما حدث في الثلاثين من يونيو 1989 واذا ما كان ماحدث انقلاب عسكري ام امر اخر وان يمارس حقه القانوني في منع اي محاولة لتهريب الرئيس المعزول عمر البشير الي محكمة لاهاي قبل ان يحاكم علي جرائمة ضد الدولة والانسان وخيانتة قسم الولاء للقوات المسلحة وتسهيل مهمة الحركة الاسلامية في تفكيك الجيش السوداني وقتل العشرات من ضباطه المهنيين وقبرهم احياء.
لقد ارتدت قيادات الاسلاميين ازياء ورتب العسكريين السودانيين دون وجه حق في زمن سقطت فيه هيبة الجيش السوداني خلال عقود طويلة من حكم الانقاذ وحتي هذه اللحظة عبر الفوضي المستمرة وهوس العسكرة ومنح الرتب والالقاب والازياء العسكرية لمن يشاء .
لو لم يحدث ماحدث من تخبط ومهزلة التفويض والاعتصام المزعوم لخرجت نفس الجموع التي ستخرج ضد البرهان والمكون العسكري اليوم ضد نفس الحكومة الانتقالية بسبب الفشل الذريع في ادارة البلاد.
العالم يعيش اليوم في عصر التخبط والفوضي وزمن المقابر الجماعية في بلاد تم تفكيك جيوشها القومية وتسريحها بواسطة نفس الجهات التي تريد بمنتهي الجسارة ان تتبني عملية الهيكلة المزعومة للجيش السوداني ...
ولم يعد امام البرهان غير الارتفاع لمستوي التحدي والشروع الفوري في اعادة هيكلة القوات المسلحة والاستعانة بمجموعة استشارية من العسكريين الذين شردهم زمن الانقاذ ورد اعتبارهم عبر الاستعانة بهم في اعادة بناء القوات المسلحة وفق الضوابط المهنية والمعايير القومية والوطنية بعيدا عن التدخلات السياسية والاجنبية والاكتفاء بمراقبة الاوضاع السياسية والامنية في البلاد والتدخل عند الضرورة بما ينسجم ورغبات ارادة الاغلبية الشعبية علي امل ان تصل البلاد الي مرحلة الانتخابات الديمقراطية ليختار الشعب من يشاء بطريقة تضع حد للتغول علي ارادة الامة وتجاوز الصلاحيات الانتقالية لفرض الامر الواقع علي صعيد التشريع والممارسة السياسية والعلاقات الخارجية ..

 

آراء