عمايل الكيزان

 


 

 

بعد تجربتهم السيئة والمريرة في حكم السودان عبر انقلاب عسكري مستخدمين الحديد والنار لتوطيد أركان سلطتهم طيلة فترة الثلاثين عاماً، لم يركن الشعب لهذه السلطة الزائفة بل قاومها حتى تولدت ثورة شعبية عارمة شهد لها العالم بالبطولة والبسالة استطاعت اقتلاعهم من الحكم "ثورة ديسمبر 2018المجيدة"، ورغم ذلك مازال فلول الأخوان المسلمون في السودان يراوغون عبر عناصرهم المتبقية في مؤسسات الدولة.
فحزب المؤتمر الوطني هو جماعة إسلامية سودانية تمحورت وغيرت أسم الجماعة من المؤتمر الوطني الشعبي بعد الانقسام الذي أحل بالجماعة ما يعرف بالمفاصلة بين البشير والترابي، أسست الجماعة في السودان في أربعينيات القرن العشرين وتعد امتداداً فكريا لجماعة الإخوان المسلمون التي أسسها الشيخ حسن البنا في مصر، ، خرجت من هذه الحركة عدة تنظيمات استقلت عنها تنظيمياً أبرزها الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي.
لقد عانى الشعب السوداني لسنوات طويلة تحت حكم نظام الرئيس السابق عمر البشير وقوى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والذين من خلالهم فرض الاستبداد والظلم على المجتمع السوداني. فقد كانت فترة حكمهم مليئة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والقمع السياسي، والفساد المستشري. للأسف بعد الثورة الناجحة في ديسمبر 2018 التي قادها الشعب السوداني للتحرر من قبضة البشير وسط أجواء من الثورة والنضال، لا يزال هناك تحديات كبيرة تواجه السودان في مسيرته نحو بناء دولة ديمقراطية حقيقية ومستقرة.
فلول الأخوان المسلمون (الكيزان) الذين خدموا نظام البشير واعتبروا العمود الفقري لحكمه، لا يزالون يحاولون البقاء والتأثير في الساحة السياسية السودانية. يحشدون البسطاء ويستغلون تراكم الغضب الشعبي في ظل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها السودان. ومن المعروف أن استراتيجية الأخوان المسلمون تعتمد على استغلال الدين لتمليك الناس وتوجيههم بطرق تخدم مصالحهم الضيقة. يستخدمون أدوات الحشد والدعاية الدينية للتلاعب بعقول الجماهير وتوجيهها نحو أجندتهم الخاصة، متجاهلين رغبات واحتياجات الشعب السوداني الحقيقية.
وها نحن نطالع قرار والي ولاية نهر النيل المكلف إصدار قرار بحل جميع لجان الخدمات والتغيير. وحظر عمل لجان المقاومة. وفي حالة مخالفة القرار السجن لمدة ست أشهر أو الغرامة مليون جنيه وتشديد للعقوبة في حالة تكرار المخالفة. ووجه الوالي المكلف الذي كان يشغل منصب الأمين العام لحكومة الولاية في عهد الفترة الانتقالية ، وجه بأن يتم إعادة تشكيل اللجان من إمام المسجد في كل حي ومسؤول الاستنفار في الحي بالإضافة لممثل من الشباب والمرأة . الأمر الذي أعتبره قيادي بلجان المقاومة في نهر النيل أن الوالي بهذا القرار سلم الولاية تسليم مفتاح للكيزان واعاد لهم ما فقدوه منذ العام 2019.
في ظل هذا الوضع، يجب أن يكون هناك توعية وتثقيف للشعب السوداني لكي يدرك طبيعة الأخوان المسلمين وممارستهم للسياسة. يجب أن يكون هناك تفهم واضح للتاريخ المرير لحكمهم، وكيف أنهم لم يكونوا مع الشعب في أوقات الصعاب، بل كانوا يسعون لتعزيز سلطتهم الذاتية.

*الكيزان كلمة تطلق على (الأخوان المسلمون في السودان)
د. سامر عوض حسين
9 يناير 2024

--
Samir Al Awad, PhD
samir.alawad@gmail.com

 

آراء