غضب النخب من الدعوة المصرية صحوة أم انفعال عاطفي

 


 

 

في البداية الأمر ليس مبادرة وإنما هو دعوة للاجتماع بين الفرقاء السودانيين لمناقشة الازمة السياسية بمصر وهي دعوة نقول في مضمونها حميدة ولكن تعالوا نسأل المناصرين للذهاب لقاهرة المعز هل هناك دولة لا تملك أجندة في الشأن الداخلي لدولة أخري مهما كان حجم المصالح بينهما؟
وأقول الجلوس تحت مسمع وعين القاهرة الرسمية قد يجعل من القاهرة هنا تكون في مقام التحكيم والتأثير علي مجريات التفاوض بل من الممكن جدا أن تدعم حلفاء مصر الرسمية في وضع أفضل من الاخرين وهذا القلق شائع بين كل الفرقاء الذين ليس لديهم علاقات ذات قرب مؤثر مع القاهرة لذلك فأن يقول مصر تود تعطيل الاطاري لأن أغلب قيادات وموقعين الاتفاق الاطاري لا يرون أن القهرة تعمل من أجل مصلحة الاتفاق بل لديها تصور أخر غير الاطاري لحماية الانقلاب وجعله ذا عمر مديد ويبني حكومة مناصرة تدار بمعرفة العسكر وهذا الاعتقاد تسلل اليهم من خلال دوما يكون هو رئيس استخباراتها العامة اللواء عباس كامل بالخرطوم ولماذا لا يكون وزير الخارجية هو الذي يقود جهود مصر لكي تبعد عن الظنون المؤامرة والنوايا التي تقول أن لها أجندة للهيمنة علي الأوضاع الداخلية بالسودان ، ولا تتمثل في أن تكون هناك مشاركة واسعة للقوى السياسية السودانية في الاتفاق السياسي النهائي المرتقب وأن دعت لاستضافة هذه الورشة لبناء أجماع يقود لحوار سوداني- سوداني بين الفرقاء السودانيين, وقد سبق أن أيدت الخارجية المصرية في بيان لها عن الاتفاق الاطاري أمل أن يؤدي إلى إنهاء هذه الأزمة، ومن ثم بالرغم من توضيح الجانب المصري بأن ما قدمته مصر ليس مبادرة إنما هي محاولة لتقريب لوجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية ,والغريب نعلم أن المكون العسكري لم يعلن رأيه حتى الآن في المبادرة المصرية رفضاً أو قبولاً بها، نظراً إلى حساسية الأمر، لكن في رأيي أن ما نادت به هذه المبادرة حسب ما يقول الذين علي مقربة من القاهرة الرسمية يتماشى مع رؤية القوات المسلحة بتوسيع الماعون الخاص بالاتفاق الإطاري لضم بقية القوى السياسية في البلاد ما عدا حزب المؤتمر الوطني لذلك تمسك بها الرافضين للاتفاق لأنها تمثل لهم مخرج محترم من قضية مناصرة الانقلاب والعسكر وهذا ما يتم الترويج له في أواسط الكتلة الديمقراطية , ويقول قيادي بالكتلة الديمقراطية تبرير لهذه الدعوة أن فرصة نجاح المبادرة المصرية أكثر من الاتفاق الإطاري لما للقاهرة من تأثير على معظم القوى السياسية السودانية، إذ ظلت لأكثر من 70 عاماً شريكاً في حكم السودان، فضلاً عما تحظى به من دعم دولي بخاصة من جانب واشنطن، لكن عموماً أياً كانت المبادرات فإذا أسهمت في لم الشمل وتحقيق الاستقرار وتكوين حكومة مدنية تقود لانتخابات عامة، فهو المطلب السياسي الأول الان
ممكن نقول التحرك المصري المتأخر تجاه الأزمة السياسية في السودان، التي نتجت عقب أحداث 25 أكتوبر 2021، التي قام فيها الجيش بالانقلاب على الحرية والتغيير – المجلس المركزي، دون الإشارة إلى أن الانقلاب علي الوثيقة الدستورية عمل ينافي الأعراف الديمقراطية ويشكل خطر علي الاستقرار في المنطقة هذا واحدة من الأشياء التي لا تجعل من مصر في موقع يساعد جهودها في خدمة الاستقرار السياسي في السودان ولقد قامت بتعيين سفير جديد لها في الخرطوم، ديسمبر الماضي وكذلك عودة آخر رئيس وزراء في عهد نظام الإنقاذ السابق، محمد طاهر أيلا، من القاهرة إلى الخرطوم بطائرة مصرية، وبعدها ذلك بشهر عاد رئيس الحزب الاتحادي الأصل، زعيم الطريقة الختمية، السيد محمد عثمان الميرغني من القاهرة مشاهد استقبال تحت رعاية مصرية كاملة ,وهذه الاحداث جعلت البعض يرون أنّ القاهرة غير راضية عن العملية السياسية التي أنتجت الاتفاق الإطاري يرى الزميل عبد الماجد عبد الحميد، أنّ من تنادوا لتدشين ما أسموه بالمرحلة النهائية للعملية السياسية يتجاهلون حقيقة أنهم يمضون في اتجاه بينما تمضي سفينة المشهد السياسي السوداني باتجاه آخر
وأضاف بأنّ المجتمعين في قاعة الصداقة يواجهون عاصفة معارضة شاملة لعملياتهم السياسية، التي قال حميدتي إنها تمضي بضغط مباشر من السفارات الأجنبية بالخرطوم ,وبعيداً عن الصراع السياسي، قد تكون الرؤية المصرية تجاه الأوضاع في السودان من عدة محاور هي في البداية وحدة البلاد، وحدة المؤسسة العسكرية المتمثلة في القوات المسلحة، دمج جميع القوى شبه العسكرية وفق الأسس والقوانين العسكرية في الجيش السوداني، إشراك سائر القوى السياسية في تحديد مستقبل البلاد، والوصول إلى الانتخابات بنهاية فترة انتقالية لتكون هي المحك لإدارة الخلاف والتنوع السياسي وبنظرة أكثر منطقية وواقعية، تستند الحرية والتغيير المجلس المركزي إلى إرث ثورة ديسمبر لنيل شرعية لقيادة الفترة الانتقالية، كما سبق وتولت إدارتها أو بالشراكة مع العسكريين ،وكذلك شاركت معها حركات سلام جوبا، في وضع يتصف بالمحاصصة بامتياز وهم الآن في حالة رعب من فقدان هذه المكاسب ويهددون بالحرب ولكن من يهدد لا يفعلها , وهل تقبل مصر الرسمية بأن يهدد من تناصر الاستقرار في السودان وهو العمق الأهم لمصر
أقول هنا للذين يجلسون علي قيادات الحركات المسلحة عليهم أن يتفهموا وزنهم السياسي والعسكري وكيف جاءوا لهذه المناصب والوضعية الحالية عن طريق هذه الثورة السلمية هم الي الان يرفعون السلاح فينا ويهددون بالسلاح ولكن بالمقابل حكومة الانقلاب لديها القوة الضاربة في الجيش والدعم السريع عليهم أن يعوا أن هذا الخطاب خطر على مستقبلهم السياسي والبلاد مقبلة على انتخابات من سوف يصوت لمن يرفع السلاح لمن يهدد بالدمار في أزمة سياسية , ومصر لها هم خاص في الانتخابات السودانية القادمة وبالتحديد سوف تدعم من ينادي بالاستقرار في وادي النيل ويعمل على بناء علاقة أكثر متانة مع مصر , وعليهم الانخراط مع الكيانات المدنية وإظهار أنهم مع الانتقال الديمقراطي لكي يصفح لهم الشعب عن مناصرتهم للانقلاب وشق صف الثورة وتظل شرعيهم مفقودة سوف تلقي بظلالها على ما سوف يجري في نتائج الانتخابات القادمة التي يمكن أن لا تمنحهم مقاعد في السلطة الديمقراطية بعدها هل سوف يعودون لحمل السلاح في المرحلة الديمقراطية وبالرغم من توصيفها للانتخابات التي حرمتهم من المشاركة بسبب تاريخ دموي واسود بأنها غير نزيهة ولا تعبر عن الأغلبية الحقيقية، دون استناد إلى واقع يعلمونه جيد وهم الابعد من الثورة و الإرث التاريخي للعمل السياسي في السودان
لهذا ترى القاهرة نفس رؤية القوى السياسية العديدة، بضرورة الاتفاق على مرحلة انتقالية محدودة الأهداف، والانتقال لوضع شرعي عبر الانتخابات، يتولى مسؤولية الانتقال الديمقراطي، الذي يتطلب أكثر من عامين لعلاج قضاياه الجوهرية
وهنا نري عدم الفهم السليم من كل شركاء العملية السياسية السودانية لدور مصر الرسمية من خلال مؤسساتها أو ما يناط بها لصالح الشركاء الإقليميين أو أصحاب المشروع الكبير في المنطقة وهنا علينا أن نوازن ما بين الغضب العدمي الذي لا يفضي لشيء ذا قيمة والموقف العاطفي من العلاقات المصرية السودانية بل علينا أعمال العقل والمصالح العليا للسودان والابتعاد عن السقوط في السجال والانقياد الأعمى لأجندة الأصدقاء والجيران

zuhairosman9@gmail.com
////////////////////////////

 

آراء