(عاهدته على ألا يدخل على رجل بعده وأن أربي أحمد تربية تشرفه وهو في قبره، وأن أسير في ذات درب النضال من أجل الفقراء والمضطهدين، حتى ولو أدى بي إلى نفس مصيره ولقد أوفيت بكل ذلك وما زلت) مقولة بسيطة في كلماتها عاهدت بها زوجها ـ وأي زوج كان ـ ولكنها كبيرة وعظيمة المعاني، حيث عملت بها قائلتها ،، وما تزال تلتزم جانبها، حيث قطعت شوطاً بعيداً في تجسيد ما قالته وما التزمت به، بحيث أن "مجموع أقوال الانسان ـ أي إنسان ـ هي مواقفه وأفعاله، وعدا ذلك لا محل له من الاعراب أو الفهم سوى أنه من لغو الحديث وحشوه بما لا يفيد ويليق". هذه هي فاطمة أحمد إبراهيم، دون اللجوء لأي صفات أخرى نلحقها بإسمها الشامخ في حياة المجتمع السوداني للتعريف بها، حيث شخصيتها وحدها مقرونة باسمها تقف شاخصة وهي تسد عين الشمس. نتناول في هذا الجزء ضمن ما خصصناه من سلسلة قراءاتنا لمواقفها التي ستأتي تباعاً، جانباً من محاولات القوى المعادية والتي اجتهدت للي عنق الحقائق، وهي تتناول بعضاً من إفاداتها التي وردت ضمن تعبيرها عن خلافات مع بعض زميلات وزملاء النضال حول وجهات نظر في إطار الخلاف الفكري الطبيعي والمطلوب والمعترف به داخل حزبها، ثم بعض مواقفها ليتم تصويره باعتبار كل ذلك تراجعاً أيدولوجياً ونسخاً لانتمائها السياسي وركلاً لمواقفها السياسية السابقة، بل وتشكيكاً في قدراتها وحنكتها ومحاولات للتقليل من شأنها كرائدة في حقول الدفاع عن حقوق وقضايا المرأة السودانية}. يتواصل الهجوم على شخصية فاطمة أحمد إبراهيم بخشونته ونعومته حسب واقع الحال، من قبل خصومها الفكريين والسياسيين، وقد نالت فاطمة النصيب الأكبر من معسكر الأخوان المسلمين، وكان السبب الأساسي ضمن عدائهم لها هو مساهماتها المتقدمة في فضح أفكارهم إجتماعياً وسياسياً، وهزيمة أطروحاتهم المتعلقة بالموقف تجاه المرأة تحديداً، والسودانية على الوجه الأخص. ففي عام 1954 عندما ارتفع صوت الاتحاد النسائي السوداني مجاجلاً ولأول مرة في الساحة السياسية السودانية مطالباً بحقوق المرأة السياسية وبحقها في الترشيح وخوض غمار المعارك السياسية، إنزعج "الاسلاميون" لأن فاطمة وبقلمها عبرت عن ذلك من المواقع الفكرية للماركسية والاسلام في آن، وركزت حملتها من خلال موقف الاسلام تحديداً من حرية المرأة في الادلاء برأيها، وبالتالي موقف الاسلام الحقيقي من المرأة. حيث كان {الاسلاميون} يمارسون تغييباً للمرأة عن ميدان السياسة وتغبيشاً لموقف الاسلام من هذه القضية، ولم تكن المرأة تعنيهم في خطابهم السياسي ـ وهو أصلاً رجعياً وما يزال ـ حتى تجاه الرجل في المجتمع ككل. توضح فاطمة تلك المعركة قائلة:ـ { فتعرضنا للهجوم من قبل الجبهة الاسلامية، بحجة ان الاسلام لا يسمح بمساواة المرأة وانخراطها في السياسة، ونظمت حملة واسعة ضد الاتحاد النسائي وضدي شخصياً من أئمة المساجد لأن والدي كان إماماً، وقد تعرض كذلك للهجوم، وهذا ما دفعني للرجوع للقرآن الكريم لأثبت أن الاسلام ليس ضد مساواة المرأة، ولا ضد اشتغالها بالسياسة، وكانت تلك الوسيلة الوحيدة لاقناع الجماهير المسلمة، والتي تتلقى معرفتها لاحكام الاسلام من}. وهكذا أُسقط في أياديهم، خاصة عندما تقدم الخطاب السياسي ـ الفكري للجبهة الديمقراطية للطلاب بجامعة الخرطوم في مواقفها تجاه المرأة، وبدأ هذا الموقف يظهر من خلال كافة ميادين الممارسة السياسية بالجامعة، خاصة في جانب الدعاية الانتخابية لهم، حينما بدأت الصور الفوتوغرافية لمرشحات الجبهة الديمقراطية في الإنتخابات لمقاعد اللجنة التنفيذية لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم تتصدر صور زملائهن الطلاب، حينها ـ وعلى استحياء ـ بدأت الدعاية الانتخابية {للاتجاه الاسلامي} تضم مرشحاتهم، ولكن بدون صور فوتوغرافية في بداية الأمر ،، ثم حدث بلا حرج بعد ذلك ،، وهم الذين كانوا يملأون الدنيا صياحاً بأن {صوت وصورة } المرأة عورة. وهكذا يتصاعد هجومهم على فاطنة، حداً وصل بهم الأمر للي عنق الحقائق عند محاولاتهم تصويرها وكأنها معادية للماركسية وأفكارها العلمية، بحث يصورون ذلك باعتباره انتصاراً للدين والعقيدة الاسلامية. وبالطبع فإنهم يخجلون من تسمية الأشياء بأسمائها، وهم الذين يقصدون أفكارهم {هم} وعقيدتهم {هم} في السياسية وفي موقفهم من الكون والمجتمع ككل، وليس للدين والعقيدة الاسلامية بمعانيها المفهومة للناس. وهنا قالوا {بالرغم من حِدة فاطمة أحمد إبراهيم تجاه خصوم الحزب أو الذين يخالفونها في الرأي لكنها لم تكن تتبنى الماركسية بمفهومها العلمي المعروف ولم تكن تميل إلى أدبيات الماركسية بينما كانت تميل إلى المضمون الواسع للشيوعية بحسب ما ترى هي، وهو تحقيق تحرير المرأة وفق مفهوم لا يتقاطع مع الدين والإرث السوداني وتحقيق العدالة الاجتماعية بعيداً عن براثن الطائفية والإقطاع}. فهم حينما يشيرون إلى أن فاطنة { كانت تميل إلى المضمون الواسع للشيوعية بحسب ما ترى هي، وهو تحقيق تحرير المرأة وفق مفهوم لا يتقاطع مع الدين والإرث السوداني وتحقيق العدالة الاجتماعية بعيداً عن براثن الطائفية والإقطاع}. لا يوضحون كيفية تعارض ذلك مع الماركسية بمفهومها العلمي وأدبيات الماركسية التي إدعوا أن فاطنة لا تتبناها أو تميل إلى أدبياتها؟، فقط يرمون بالحديث على عواهنه وهم ليسوا بمعنيين بتبيان نقدهم وما يقصدون من مفاهيم حول ما يدعونه، ليتضح أن كل الأمر وما فيه، ليس سوى أمنيات دفينة في دواخلهم يرجون لها أن تتحقق في أرض الواقع، لتغدو فاطنة أقرب إليهم من حزبها وأيدولوجيته التي يهتدي بها في العمل السياسي من جانب ومن جانب آخر لتفريغ المضامين الفكرية التقدمية التي تتبناها فاطمة ،، لا أكثر ولا أقل!. وهكذا يواصلون مثل هذا اللغو {الفاضي وخمج} ،، ونواصل معهم!. ـــــــــــــــــــــ * عن صحيفة الميدانsudancp.com