فقه المرحلة : الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر !

 


 

 

 

الخيوط رفيعة جدا بين الحق والباطل هذه الأيام ، وتحتاج لمفرزة حساسة ووعي شديد حتى نفرق بين هذا وذاك.

الخيط بين حقوق المرأة في المجتمع وعقوق المرأة على المجتمع وعلى الله جد رفيع ، بحيث لا يفرق الناس بين حقوقها الشرعية الاسلامية الملزمة ، وحقوقها المشروعة الإنسانية المدنية التي يقرها الاسلام وتلك الغربية الغريبة والتي يريد لها الغرب ، ويخلط الناس في هذا كثيرا ، هل هي جزء من صراع ايدولوجي محموم يفت عضد القيم والمثل والاخلاق الاسلامية ، ام تحول طبيعي ومطلوب في مقتضيات التطور ؟ هل هي اوهام من ناتج الحضارة وارتفاع سقف تغيرات الحال والواقع المدني العالمي ، أم هي حق تستحق المرأة ان تمارسه حسب مجريات التحضر في مرحلة قصدت الحضارات الاخرى ، الرد فيه على الحضارة الاسلامية في حوار ، جانبه الغربي المادي ، ناطق ونافذ ومتحرك ونافذ ، وجانبه الديني ثابت وراجف ومتراجع؟
الخيط رفيع جدا بين الحق والباطل للهجمة العالمية العامة على الإسلام ، بحيث لا يعرف الناس ، هل هي حملات صهيونية صليبية مرتبة ومخططة؟ أم هل هي نتاج طبيعي لعراك فكري وحضاري ، كما يحدث بين الحضارات منذ زمان بعيد ، أم هي سنة الهية في دفع الله الناس بعضهم ببعض؟.
الخيط رفيع جدا في الحكم على فشل واخفاقات اونجاح التجربة الإسلامية في السودان ، هل هو فعلا ما تروج له المعارضة و(المعارضة للتجربة في ايدولوجيتها وفي توجهاتها وفي ادارتها للحياة) ، والتفريق بين فشل التجربة من داخلها وانها هي التي يجب ان تتولى التجربة وزر كل ما يحدث ؟، أم تفشيل تجربة من داخلها ومن الخارج دقيق جدا ، والفرق دقيق جدا والخيط رفيع في معرفة ان المعارضة تعمل عمل السوس في الوطن وترمي بالفشل على التجربة الاسلامية ، وبين حق اي معارضة لكشف المخبوء وتشوية صورة الند والترويج الحاصل والذي لم يفرق بين دولة ودورة لحكومة تختلف في الطرح والتوجه وتريد المعارضة ابعادها وإقعادها.
اتخاذ المواقف والقرارت حتى على المستوى الشخصي ناهيك عن مستوى دولة في منطقتنا ، وفي العالم الثالث ، صعب جدا والتفريق بين اتخاذ القرار الشخصي والعام متداخلان جدا في ظل الامواج والرياح العاتية المتغيرة والمتشابكة سياسيا واقتصاديا وتدينيا واجتماعيا ، بحيث لا يستطيع المرء ان يضع خطة ليوم واحد ، ولا تستطيع اقوى الدول في المنطقة وضع خطة لاسبوع واحد او الثبات على لون واحد من التوجهات ، والمرحلة تحتاج لإدارة واعية جدا ، إدارة للنفس وللأسرة وللدول وللمجتمع ، والتفريق بين الصحيح والخطأ دقيق جدا .
فقه هذه المرحلة من عمرنا كمسلمين عبارة عن ميزان حساس جدا ، والصمت عن وضع هذا الفقه والتقدم به دقيق جدا، بحيث لا يقوى فقهاءنا فرادى او مجتمعين اتخاذ قرار وايجاد فقه يستوعب المرحلة بعبثها وجنونها وبفتنتها حتى يستوعب الخير الحضاري المادي والتقني ، ويستوعب تطلعات الناس ويحكم على متطلبات الحياة ، وتغيراتها السريعة ، وقد لاذ فقهاؤنا وعلماؤنا بالصمت واختاروا السلامة ، واعتقد انهم انفسهم يحتاجون لتوعية بهذا الفقه وتوجيه للتحرك العادل السليم في هذه المرحلة ومواجهتها ، بدلا من ان يرتكنوا في ركن قصي وكأن على رؤسهم الطير ، لأن المرحلة تمثل موجة عاتية وانفجارات هنا وهناك، ظهرت "لنا" فجأة ، وتتطلب فقها وحلولا سياسية واقتصادية واجتماعية تحتاج قراءتها واستيعابها لسنين ضوئية عددا حتى يتم التفكير في وضع فقه مناسب لها يستوعب الأصل والثوابت مع المستجد والمتغير.
ظاهرة "شباب توك" نتاج طبيعي جدا لهذه الانفجارات ، وانا لا الومهم ولا الوم الاسلوب الذي واجهونا به ، فهم صنعة واقعية لعالم متطور وعالم متداخل تقنيا مثلت التقنية فيه ، الفقيه والمربي والمعلم والأب والدولة ، طرحت فيه الحوار بين الحضارات على مستوى فردي وجماعي واجتماعي ، فظهرت هذه الظواهر تطرح تلك التساؤلات التي تغزز منها المجتمع ونفرت منها أذن المسلم المتعودة على الحياء والمتأقلمة على قيمنا الايمانية. لكن امر هذا الشباب طبيعي جدا ومتوقع ، ونحن سبب كبير جدا في هذا ، ويجب الا نلومهم ونلوم انفسنا ، لأننا نمنا عن وضع فقه مناسب لهم يتوقع الوان تطلعاتهم ويجد لها اجابة تقنعهم بالثبات على الأصول والمستجدات التي يرتضيها الله والمجتمع المحافظ.
انا اشكر شباب توك على تلك المبادرة واعتذر لهم على عدم فهمنا واستيعابنا لمسببات مواقفهم تلك ، ولكني لا اقر الاسلوب الهجومي المرتب سلفا ، على الحلول الاسلامية والصحيح ان يتقدموا بما يروا في صورة حوار هاديء يطالبون فيه بحقوقهم كاملة والتي كفلها لهم الشارع ايضا وجعل لهم الخيار (الفردي) في كل شيء لدرجة من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، لكن بشرط ان يجد له بلادا غير بلاد الاسلام يكفر فيها حتى لا يؤثر على بقية المجتمع المسلم ، والا يتخذها دعوة مقلوبة على الاسلام وحياضه ومكتسباته ، مستغلا ضعفنا في فقه المرحلة.
لا يملك الفقه الإسلامي لهذه المرحلة أي حلول ولم يقدم ما قبل هذه المرحلة انموذجا وحوارا يرفع عنا غلواء المرحلة التي نحن فيها ، ويرفع عنا صورة الانهزام والتشتت في الفكر والوحدة الاسلامية والتي عن معاول المجاهدة حتى في صورة الدفاع عن النفس وعن الاوطان ، والحكم على هذه المرحلة بأنها تم ترتيبها منذ زمن ، وأن كثير منا شارك في تنفيذها واخراجها بهذه الصورة.
الرفيع بشير الشفيع
rafeibashir@gmail.com
////////////////

 

آراء