siddiqmeheasi7@gmail.com
كثيرون غادروا الدنيا قبل ان يروا زوال كابوس نظام المتأسلمين الذي شارفت سنواته قريبا من سنواته الإستعمار البريطاني , كثيرون كان يخافون من حسرة تصيبهم قبل ان يشهدوا اسدال الستارة علي حالة لم يشهدها السودان حتي في الحقبة العثمانية بإنكشاريتها وباشبوزقها ,ولاحتي في عهد الخليفة وهو يعذب ضحاياه بسلخ باطن اقدامهم ويجبرهم علي المسير فو ق نبات الضريصا, هؤلاء الكثيرون كان فيهم الخاتم عدلان ,وخالد الكد, ومحجوب شريف ,وحميد وعمرالدوش ,واخرهم علي محمود حسنين الذي جثا يقّبل ارض السودان قبل إغماضته الأخيرة ليضمه تراب السودان وهو لم يفرغ بعد من شحذ سكينه للقضاءعلي زعيمهم , كثيرون قبل ذلك كان فيهم المهندس عابدين محيسي شقيقي الذي كان يردد لي دائما انه يخشي ان يفارق الحياة قبل ان يري سقوط عصابة المتأسلمين.
وقبل ان تتحقق امنيته غادر الدنيا ولم يشهد السقوط المدوي لهبلهم وهم ينظرون ولوكان الموتي يحملون الرسائل لكنا دسسننا في كفن احدهم رسالة تقول يا زين العابدين هاهم الذين كّرّست كل عمرك تعمل علي إسقاطهم يختفون كالنمال قبل ان تطأهم جيوش الثوار,ويرتجفون في مهاجعهم يطير النوم من عيونهم بعد ما طيّروا النوم من عيونك في بيت للأشباح في مدينة وادمدني ليكملوا حفلة الأرق في الخرطوم.
كان ذلك بشأن ماجري في العام الأول من حكمهم يركبهم شيطان الهوس الديني يريدون تكسير" الأصنام " في الجزيرة ونشررسالة الإسلام في المدينة التي شهدت مولد مؤتمرالخريجيين ,شمروا من سواعدهم وشرعوا في عد الإعداء واحدا واحد ,وكان عابدين عدوهم الأول هاجمته ثلة من الهمج المقاطيع في مكتبه بالقرب من نادي الإتحاد يحملون الأسلحة يلوحون بها في وجهه, صادروا سيارته , ونهبوا معدات مكتبه الهندسي,واخذوه الي بيت من بيوت اشباحههم بالقرب من السوق الجديد لينضم الي ثلة من الأبطال مهندسين ومحامين,واطباء بينهم صديقه الدكتورالخير ارباب ولما كان عابدين شجاعا وعنيدا لم يخف عليهم شيئا قال لهم انه هوالمسئول السياسي عن فرع التجمع الوطني الديمقراطي في المدينة فزادوا كيلهم ضربا وركلا وهو المريض بالسكري , لم يكتف ابالسة الجن بحفلات التعذيب في المدينة بل رحّلوهم الي الخرطوم كصيد جديد يضاف الي صيد االعاصمة فأذو قهم من فنون التعذيب ,تعصيب العيون , مشي الأرنب ,وصياح الديك , ونباح الكلاب ,تلك الفنون التي جلبوها من ايران و العراق وسوريا, قضي عابدين شهورا صامدا حتي قام مجلس العموم البريطاني والمنظمات الدولية فأفرجوا عن ابطال مدني تلك الحملة التي قادها الراحل الجمهوري سعيد شايب والتي تعرض بسببها بدوره للإعتقال والمراقبة فليرحمه الله , هكذا مواقف الجمهوريين دائما يقفون مع الحق ولايهابون الموت.
في العام الذي يلي عام الإعتقال تصادف وجودي بوجوده في الدوحة كان قادما من السودان وكنت قادما من بريطانيا لحضورعملية قلب مفتوح لشقيقنا الدكتورمحمد صالح ,كانت اعراض المرض بادية عليه , طلب مني ان اساعده في الذهاب الي ارتريا لتوصيل رسالة من فرع التجمع في مدني الي رئاسته في اسمرا فاتصلت بالأصدقاء الاريتريين الا يختمواعلي جوازه عند وصول المطار حتي اذاعاد الي السودان لايواجه مشاكل, واتبعت الإتصال بإتصال اخر مع الصديق المناضل عبد العزيزخالد الذي كان يقود العمل المسلح لقوات التحالف السودانية ضد النظام في السودان, وبالفعل استقبلوه في المطار ومنذ ذلك اليوم صار عابدين عضوا في التحالف وفي ذلك المساء الحزين كان متوجها لحضور اجتماع للمكتب السياسي للحزب في الحلفاية فعاجلته ذبحة قوية فاسلم الروح الي بارئها قبل ان يفرح مع الفرحين بذهاب ريح المتأسلمين ,رحم الله شقيقي عابدين محيسي بقدرما قدم في شأن الوطن من تضحيات ,فقد رحل وهو لايمكلك بيتا وهو المهندس الذي كان يشرف علي تشييد منازل الاخرين .