قضايا التحول الاجتماعي وصراع الأجيال في أدب الطيب صالح
عبد المنعم عجب الفيا
18 April, 2022
18 April, 2022
يلخص الطيب صالح وحدة الفكر في أدبه ودلالات تطوّر البناء الدرامي في قصصه ورواياته بقوله:
"في عرس الزين، العالم متماسك. في موسم الهجرة يدخل عليه شخص غريب، يحمل طاقة عنف فتحدث المأساة في المكان، وتبدأ مظاهر التفكّك في المجتمع. الشخصيّات التي بدأت في عرس الزين مثل محجوب وسعيد عشا البايتات وعبدالحفيظ والطاهر ود الرواسي، عادت مرة أخرى في بندرشاه، بعد عشرين عامًا، يشكون آلام الظهر والمرض، وقد بدأت قبضتهم تضمحل على القرية وتتفكّك الروابط بينهم، بعد أن ظهرت أجيال جديدة أخذت بزمام الأمور وتغيّرت معالم الأشياء".
فلو نظرنا نجد المجتمع في قصة "دومة ود حامد" كان متوحداً مع بيئته ومع ذاته إلى درجة أنّ السكّان كانوا على استعداد تام للموت دفاعًا عن الدومة التي كانت تمثّل انتماءهم الروحي والعقائدي والمكاني.
وفي "عرس الزين" المجتمع هو امتداد لمجتمع "دومة ود حامد". كان متماسكاً ولم تظهر عليه أيّ تصدّعات أو حالة من حالات التفكّك الاجتماعي. كان الوعي الفردي شبه متطابق مع الوعي الجماعي رغم التناقضات الداخليّة التي تعيشها طبقات المجتمع. وكان الزين، رمز الحبّ الذي يوحِّد بين عوالم القرية المختلفة، منسجمًا مع محيطه الاجتماعي ومتوحّدًا مع سيمفونيّة الحياة في "ود حامد".
فقد جعل الطيب صالح، الزين شخصيّة كلّها قلب بلا عقل. فالعقل بذرة انقسام الوعي الإنساني بين الذات والوجود، أو قل بين الفرد والجماعة. وكلّما كان هذا الانقسام حادًّا كلّما أدّى ذلك إلى زيادة الإحساس بالتناقض بين الفرد والمجتمع، وبالتالي إلى الرفض والتمرّد.
وفي "موسم الهجرة إلى الشمال" تبدأ أوّل مظاهر التفكّك في البنية التقليديّة للمجتمع مع دخول المستعمر الإنجليزي وبداية التعليم على الطريقة الغربيّة. وبانتشار التعليم يبدأ الوعي الفردي على مستوى الطلائع في البروز والتمايز عن الوعي الجماعي المحافظ ممهّدًا الطريق لظهور أفكار جديدة.
عند عودة الراوي من أوروبا بعد غيبة امتدت سبع سنوات، يبدأ يستعيد علاقته بالمكان ويتحسّس شعوره بالانتماء إليه "واستيقظت ثاني يوم وصولي وأرخيت أذني للريح، وسمعت هديل القمري. ونظرت خلال النافذة إلى النخلة القائمة في فناء دارنا فعلمت أنّ الحياة لا تزال بخير. أنظر إلى جذعها القوي المعتدل وإلى عروقها الضاربة في الأرض وإلى الجريد الأخضر المنهدل فوق هامتها فأحس بالطمأنينة. أحسّ أنّني لست ريشة في مهب الريح، ولكن مثل تلك النخلة مخلوق له أصل، له جذور، له هدف".
"أسمع طائرًا يغرّد، أو كلبًا ينبح، أو صوت فأس في الحطب، وأحس بالاستقرار. أحسّ بأنّني مهم وأنّني مستمر ومتكامل. لا لست أنا الحجر يُلقى في الماء، ولكنّني البذرة تُبذر في الحقل. وأذهبُ إلى جدي فيحدّثني عن الحياة قبل أربعين عامًا، لا بل ثمانين عامًا، فيقوى إحساسي بالأمن".
"أحسّ بالطمأنينة"، "فيقوى إحساسي بالأمن"، إنّه الخوف من هبوب رياح التغيير. كان يسعى الرّاوي إلى نشدان الطمأنينة في استمرار الحياة واستقرارها من عناصر الطبيعة والتوحّد معها، في رسوخ النخلة ووشوشة الريح وهديل القمري وصوت الفأس في الحطب".
وكان ينشد الأمان كذلك في التعلق بالجد؛ رمز الماضي والثبات والرسوخ في الزمن والمكان. "نحن بمقاييس العالم الصناعي الأوروبي فلاحون فقراء، ولكن حين أعانق جدي أحس بالغنى. كأنني نغمة من دقات قلب الكون الكبير نفسه".
ولكن مع توالي الأحداث وتقدّم السرد من خلال علاقة الراوي بمصطفى سعيد واطلاعه على قصّة حياته في أوروبا، وانخراطه في الوظيفة الحكوميّة، ووقوع تلك الحادثة التي لم تشهد ود حامد نظيرًا لها في التاريخ؛ قتل أرملة مصطفى سعيد، لود الريس وقتلها لنفسها. لم يعد الراوي يحسّ بذلك التوازن والتناغم بينه وبين المكان ومجتمع القرية، فيبدأ الإحساس بضياع ذلك الفردوس، ويبدأ الراوي في التساؤل:
"أين إذن الجذور الضاربة في القدم؟ أين ذكريات الموت والحياة؟ ماذا حدث للقافلة والقبيلة؟ أين راحت زغاريد عشرات الأعراس وفيضانات النيل وهبوب الريح صيفًا وشتاءً من الشمال والجنوب؟".
ويكتمل الإحساس بالفقد في رواية (بندر شاه) بشقيها. حتى أن الطيّب صالح يصف هذه الرواية بأنها "تُصوِّر إلى حدٍّ ما عالمًا مُضَاعًا".
لذلك كان هذا البكاء في الرواية: "أمورنا كانت ماشية في خط مرسوم، ثم من حيث لا ندري لقينا أنفسنا في سكة ما نعلم تودي على وين. لقينا شيء وضاع مننا شيء، داك النهار. ونحن ما ندري البكاء ليش وعلى ايش، على ال لقيناه أو على الذي ضاع؟".
وهذه كما يقول الطيب صالح: "مشكلة التغيير والتقدّم، فنحن بالطبع نريد الأشياء المادّية التي تنتجها الحضارة، ولكنّنا أحيانًا ندفع أكثر ممّا يجب. ورواية ضو البيت - بندرشاه، تبحث عن الثمن الذي ندفعه وهل يستحق!".
حينما تقاعد "محيميد" عن العمل قبل الأوان وترك الخرطوم وعاد ليعيش في القرية، قال له الطاهر ود الرواسي: ماذا جاء بك إلى هذا البلد الفقر. لأنّ الطاهر ود الرواسي تعامل مع القرية كواقع يعايشه، ويرى أنّ تلك القرية تفتقر إلى الخدمات الأساسية التي توجد بالمدن. لذا فهي بالنسبة له بلد فقر. لكن الأمر يختلف مع محيميد الذي هاجر واغترب وزار بلادًا أخرى، وعاد إلى القرية ليكتشف مدى أهمّيتها.
ومحيميد هو قناع المؤلف باعتراف الطيّب صالح نفسه: "مصطفى سعيد له صلة بي، بقدر ما لمحيميد في ضو البيت، من صلة بي".
قال الطاهر ود الرواسي: "تعرفوا يا جماعة الدنيا دي ماشة بالعكس. أنت يا محيميد كنت عاوز تبقى مزارع بقيت أفندي. ومحجوب كان عاوز يبقى أفندي بقى مزارع.. الكلام انت يا محيميد ضيّعت عمرك في التعليم. لفّيت ورجعت لي ود حامد السجم دي بخفي حنين. كأنّك بقيت أفندي بالغلط. من زمان وأنت نفسك في زراعة الرماد دي".
تنهّد محيميد وقال بعد تفكير: "كلامك صحيح. محجوب كان حقّه يمشي في السكة دي، عنده الطموح. عاوز السلطة. أنا عاوز الحقيقة. وشتّان ما بين البحث عن السلطة والبحث عن الحقيقة".
ضحك ود الرواسي ساخرًا وقال: "يعني هسع جيت لي ود حامد المسجمة دي على شان فيها الحقيقة؟ والله حكاية".
ولكن ود حامد لم تعد هي ود حامد أيّام زمان. "ود حامد التي حملها في خياله كلّ هذه الأعوام، وعاد الآن يبحث عنها مثل جندي في جيش مهزوم، لم يعد لها وجود".
قال الطريفي ود بكرى، ابن أخت محجوب، في خطبته في اجتماع الجمعية العمومية الذي خُلع فيه محجوب وشلته: "محجوب وجماعته ظنّوا أنّ ليهم حق إلهي في السلطة. نسوا أن البلد تغيرت. حاجات كتيرة حصلت. ود حامد ما عادت ود حامد قبل تلاتين سنة. ظهرت أجيال جديدة، ومطالب جديدة. زمان كان لمّا الباخرة تظهر الناس يتلموا تحت الدومة ويتفرجوا عليها كأنها معجزة. دلوقت الوضع اتغير".
لقد تغيّر الوضع فعلاً. حتى أولاد محجوب صوّتوا ضدّه. البنات عملن مظاهرة في ود حامد هتفن بسقوط محجوب. والطريفي ود بكري هتف فيهن: يحيا الشعب.
قال سعيد القانوني وهو يحكي لمحيميد قصة ذلك الانقلاب الذي حدث في ود حامد: "أولادنا أصبحوا ضدّنا. المدارس فتحناها بالعرق والتعب والجري هنا وهنا، طلّعت أولاد بقوا يتفاصحوا علينا".
الدنيا قد تغيّرت ومجتمع القرية الذي ألفناه في دومة ود حامد، وعرس الزين وإلى حدٍّ ما في موسم الهجرة إلى الشمال؛ بدأ في التحول بعد أن دخلته مظاهر التحديث، وغيّرت في شبكة علاقاته الاجتماعيّة.
abusara21@gmail.com
//////////////////////////
"في عرس الزين، العالم متماسك. في موسم الهجرة يدخل عليه شخص غريب، يحمل طاقة عنف فتحدث المأساة في المكان، وتبدأ مظاهر التفكّك في المجتمع. الشخصيّات التي بدأت في عرس الزين مثل محجوب وسعيد عشا البايتات وعبدالحفيظ والطاهر ود الرواسي، عادت مرة أخرى في بندرشاه، بعد عشرين عامًا، يشكون آلام الظهر والمرض، وقد بدأت قبضتهم تضمحل على القرية وتتفكّك الروابط بينهم، بعد أن ظهرت أجيال جديدة أخذت بزمام الأمور وتغيّرت معالم الأشياء".
فلو نظرنا نجد المجتمع في قصة "دومة ود حامد" كان متوحداً مع بيئته ومع ذاته إلى درجة أنّ السكّان كانوا على استعداد تام للموت دفاعًا عن الدومة التي كانت تمثّل انتماءهم الروحي والعقائدي والمكاني.
وفي "عرس الزين" المجتمع هو امتداد لمجتمع "دومة ود حامد". كان متماسكاً ولم تظهر عليه أيّ تصدّعات أو حالة من حالات التفكّك الاجتماعي. كان الوعي الفردي شبه متطابق مع الوعي الجماعي رغم التناقضات الداخليّة التي تعيشها طبقات المجتمع. وكان الزين، رمز الحبّ الذي يوحِّد بين عوالم القرية المختلفة، منسجمًا مع محيطه الاجتماعي ومتوحّدًا مع سيمفونيّة الحياة في "ود حامد".
فقد جعل الطيب صالح، الزين شخصيّة كلّها قلب بلا عقل. فالعقل بذرة انقسام الوعي الإنساني بين الذات والوجود، أو قل بين الفرد والجماعة. وكلّما كان هذا الانقسام حادًّا كلّما أدّى ذلك إلى زيادة الإحساس بالتناقض بين الفرد والمجتمع، وبالتالي إلى الرفض والتمرّد.
وفي "موسم الهجرة إلى الشمال" تبدأ أوّل مظاهر التفكّك في البنية التقليديّة للمجتمع مع دخول المستعمر الإنجليزي وبداية التعليم على الطريقة الغربيّة. وبانتشار التعليم يبدأ الوعي الفردي على مستوى الطلائع في البروز والتمايز عن الوعي الجماعي المحافظ ممهّدًا الطريق لظهور أفكار جديدة.
عند عودة الراوي من أوروبا بعد غيبة امتدت سبع سنوات، يبدأ يستعيد علاقته بالمكان ويتحسّس شعوره بالانتماء إليه "واستيقظت ثاني يوم وصولي وأرخيت أذني للريح، وسمعت هديل القمري. ونظرت خلال النافذة إلى النخلة القائمة في فناء دارنا فعلمت أنّ الحياة لا تزال بخير. أنظر إلى جذعها القوي المعتدل وإلى عروقها الضاربة في الأرض وإلى الجريد الأخضر المنهدل فوق هامتها فأحس بالطمأنينة. أحسّ أنّني لست ريشة في مهب الريح، ولكن مثل تلك النخلة مخلوق له أصل، له جذور، له هدف".
"أسمع طائرًا يغرّد، أو كلبًا ينبح، أو صوت فأس في الحطب، وأحس بالاستقرار. أحسّ بأنّني مهم وأنّني مستمر ومتكامل. لا لست أنا الحجر يُلقى في الماء، ولكنّني البذرة تُبذر في الحقل. وأذهبُ إلى جدي فيحدّثني عن الحياة قبل أربعين عامًا، لا بل ثمانين عامًا، فيقوى إحساسي بالأمن".
"أحسّ بالطمأنينة"، "فيقوى إحساسي بالأمن"، إنّه الخوف من هبوب رياح التغيير. كان يسعى الرّاوي إلى نشدان الطمأنينة في استمرار الحياة واستقرارها من عناصر الطبيعة والتوحّد معها، في رسوخ النخلة ووشوشة الريح وهديل القمري وصوت الفأس في الحطب".
وكان ينشد الأمان كذلك في التعلق بالجد؛ رمز الماضي والثبات والرسوخ في الزمن والمكان. "نحن بمقاييس العالم الصناعي الأوروبي فلاحون فقراء، ولكن حين أعانق جدي أحس بالغنى. كأنني نغمة من دقات قلب الكون الكبير نفسه".
ولكن مع توالي الأحداث وتقدّم السرد من خلال علاقة الراوي بمصطفى سعيد واطلاعه على قصّة حياته في أوروبا، وانخراطه في الوظيفة الحكوميّة، ووقوع تلك الحادثة التي لم تشهد ود حامد نظيرًا لها في التاريخ؛ قتل أرملة مصطفى سعيد، لود الريس وقتلها لنفسها. لم يعد الراوي يحسّ بذلك التوازن والتناغم بينه وبين المكان ومجتمع القرية، فيبدأ الإحساس بضياع ذلك الفردوس، ويبدأ الراوي في التساؤل:
"أين إذن الجذور الضاربة في القدم؟ أين ذكريات الموت والحياة؟ ماذا حدث للقافلة والقبيلة؟ أين راحت زغاريد عشرات الأعراس وفيضانات النيل وهبوب الريح صيفًا وشتاءً من الشمال والجنوب؟".
ويكتمل الإحساس بالفقد في رواية (بندر شاه) بشقيها. حتى أن الطيّب صالح يصف هذه الرواية بأنها "تُصوِّر إلى حدٍّ ما عالمًا مُضَاعًا".
لذلك كان هذا البكاء في الرواية: "أمورنا كانت ماشية في خط مرسوم، ثم من حيث لا ندري لقينا أنفسنا في سكة ما نعلم تودي على وين. لقينا شيء وضاع مننا شيء، داك النهار. ونحن ما ندري البكاء ليش وعلى ايش، على ال لقيناه أو على الذي ضاع؟".
وهذه كما يقول الطيب صالح: "مشكلة التغيير والتقدّم، فنحن بالطبع نريد الأشياء المادّية التي تنتجها الحضارة، ولكنّنا أحيانًا ندفع أكثر ممّا يجب. ورواية ضو البيت - بندرشاه، تبحث عن الثمن الذي ندفعه وهل يستحق!".
حينما تقاعد "محيميد" عن العمل قبل الأوان وترك الخرطوم وعاد ليعيش في القرية، قال له الطاهر ود الرواسي: ماذا جاء بك إلى هذا البلد الفقر. لأنّ الطاهر ود الرواسي تعامل مع القرية كواقع يعايشه، ويرى أنّ تلك القرية تفتقر إلى الخدمات الأساسية التي توجد بالمدن. لذا فهي بالنسبة له بلد فقر. لكن الأمر يختلف مع محيميد الذي هاجر واغترب وزار بلادًا أخرى، وعاد إلى القرية ليكتشف مدى أهمّيتها.
ومحيميد هو قناع المؤلف باعتراف الطيّب صالح نفسه: "مصطفى سعيد له صلة بي، بقدر ما لمحيميد في ضو البيت، من صلة بي".
قال الطاهر ود الرواسي: "تعرفوا يا جماعة الدنيا دي ماشة بالعكس. أنت يا محيميد كنت عاوز تبقى مزارع بقيت أفندي. ومحجوب كان عاوز يبقى أفندي بقى مزارع.. الكلام انت يا محيميد ضيّعت عمرك في التعليم. لفّيت ورجعت لي ود حامد السجم دي بخفي حنين. كأنّك بقيت أفندي بالغلط. من زمان وأنت نفسك في زراعة الرماد دي".
تنهّد محيميد وقال بعد تفكير: "كلامك صحيح. محجوب كان حقّه يمشي في السكة دي، عنده الطموح. عاوز السلطة. أنا عاوز الحقيقة. وشتّان ما بين البحث عن السلطة والبحث عن الحقيقة".
ضحك ود الرواسي ساخرًا وقال: "يعني هسع جيت لي ود حامد المسجمة دي على شان فيها الحقيقة؟ والله حكاية".
ولكن ود حامد لم تعد هي ود حامد أيّام زمان. "ود حامد التي حملها في خياله كلّ هذه الأعوام، وعاد الآن يبحث عنها مثل جندي في جيش مهزوم، لم يعد لها وجود".
قال الطريفي ود بكرى، ابن أخت محجوب، في خطبته في اجتماع الجمعية العمومية الذي خُلع فيه محجوب وشلته: "محجوب وجماعته ظنّوا أنّ ليهم حق إلهي في السلطة. نسوا أن البلد تغيرت. حاجات كتيرة حصلت. ود حامد ما عادت ود حامد قبل تلاتين سنة. ظهرت أجيال جديدة، ومطالب جديدة. زمان كان لمّا الباخرة تظهر الناس يتلموا تحت الدومة ويتفرجوا عليها كأنها معجزة. دلوقت الوضع اتغير".
لقد تغيّر الوضع فعلاً. حتى أولاد محجوب صوّتوا ضدّه. البنات عملن مظاهرة في ود حامد هتفن بسقوط محجوب. والطريفي ود بكري هتف فيهن: يحيا الشعب.
قال سعيد القانوني وهو يحكي لمحيميد قصة ذلك الانقلاب الذي حدث في ود حامد: "أولادنا أصبحوا ضدّنا. المدارس فتحناها بالعرق والتعب والجري هنا وهنا، طلّعت أولاد بقوا يتفاصحوا علينا".
الدنيا قد تغيّرت ومجتمع القرية الذي ألفناه في دومة ود حامد، وعرس الزين وإلى حدٍّ ما في موسم الهجرة إلى الشمال؛ بدأ في التحول بعد أن دخلته مظاهر التحديث، وغيّرت في شبكة علاقاته الاجتماعيّة.
abusara21@gmail.com
//////////////////////////