قضايا مترجمة: عدم تسليم البضاعة خلال مدة معقولة يعطي المشتري حق إلغاء الصفقة

 


 

 

شركة مشاريع ابستوليو المحدودة/ مستأنف (مدعى عليهم)
ضد
محمد صالح قريش/مستأنف ضده (مدعي)

خلاصة أسباب الحكم:
(1) إذا كان عقد البيع يلزم البائع بأن يرسل للمشتري البضاعة ولم يتفق على موعد بعينه للتسليم يكون البائع ملزماً بإرسال البضاعة خلال مدة معقولة.
(2) المدة المعقولة مسألة وقائع تحكمها ظروف كل قضية على حدة. إرسال البضاعة في هذه الدعوى بعد خمسة أشهر لا يعد تسليماً خلال مدة معقولة.

الحكم
9 أكتوبر 1958
القاضي/ محمد إبراهيم النور:
بموجب عقد مكتوب ابرم بالخرطوم في 31 يوليو 1957 باع المستأنفون (المدعى عليهم) للمستأنف ضده (المدعي) عدد 440 شوالاً من الدقيق وصفت في العقد أنها "جاري شحنها من بورسودان" وتسلم بود مدني وذلك بسعر 2,600 جنيهاً للشوال. سدد المستأنف ضده (المشتري) مبلغ 132 جنيهاً عند التوقيع على العقد وتعهد بدفع الباقي عند استلام البضاعة.
في 21 ديسمبر 1957 أي بعد مضي خمسة أشهر من إبرام العقد وبعد أن هبطت الأسعار هبوطا كبيرا أخطر المستأنف عبر بنك باركليز بودمدني المستأنف ضده باستلام البضاعة مقابل سداد باقي الثمن.
رفض المشتري استلام البضاعة. وفي 29 ديسمبر رفع الدعوى الماثلة ضد البائع مطالباً باسترداد مبلغ 132 جنيهاً وهو المبلغ المدفوع مقدما من قيمة البضاعة زائد مبلغ 144,400 جنيها عبارة عن تعويض عن الإخلال بالعقد. جملة المطالبة 276,400 جنيهاً.
أقر المستأنفون (البائع) بصحة العقد واستلام المبلغ المدفوع مقدما من قيمة البضاعة وهو مبلغ 132 جنيها لكنهم أنكروا المطالبة الكلية ودفعوا بأن المستأنف ضده (المشتري) قد أخلَّ بالعقد عند رفضه استلام البضاعة حينما عرضت عليه للاستلام في 21 ديسمبر 1957 وانه يحق لهم بذلك مصادرة العربون earnest- money المبلغ المدفوع مقدماً والذي يعادل قيمة البضاعة في تاريخ إخلاله بالعقد.
ونحن نرى أنه عندما لا يحدد عقد البيع موعداً بعينه لتسليم البضاعة تكون المسألة المطروحة أمام المحكمة هي ما إذا كان يحق للمشتري (المستأنف ضده) رفض استلام البضاعة إذا لم تسلم له خلال (مدة معقولة) within a reasonable time.
وقد وجد القاضي الجزئي استنادا إلى البينة أن عرض استلام البضاعة من قبل المستأنفين بعد مضي خمسة أشهر من تاريخ العقد لا يعد تسليماً للبضاعة خلال مدة معقولة.
وبناء على ذلك خلص القاضي الجزئي إلى أن المدعى عليهم قد أخلوا بالتزاماتهم العقدية وأصدر حكمه في 12 أغسطس 1958 بأن يدفعوا إلى المدعي المبلغ المدفوع مقدماً (العربون) وقدره 132 جنيهاً، زائد مبلغ 132 جنيهاً أخرى تعويضا عن الإخلال بالعقد على أساس خسارة الربح بواقع 30 قرشا للشوال الواحد، زائد رسوم الدعوى 27,52 جنيهاً ليكون جملة المبلغ المحكوم به = 291,92 جنيهاً.
في 27 أغسطس تقدم المستأنفون بطلب مراجعة حكم القاضي الجزئي إلى قاضي المديرية والذي شطب الطلب إيجازيا في 8 سبتمبر 1958 مسبباً ذلك بأن المستأنفين قد أخلوا بالعقد عندما فشلوا في تسليم البضاعة خلال مدة معقولة. ومن ثم كان هذا الطلب إلى رئيس القضاء لمراجعة قرار قاضي المديرية.
أرى أن هذا الطلب لا أساس له في القانون واتفق تماماً مع كل من القاضي الجزئي وقاضي المديرية. فالمادة 29 (2) من قانون (بيع البضائع) تنص على أنه:
" إذا كان عقد البيع يلزم البائع بأن يرسل البضاعة إلى المشتري ولم يحدد موعداً بعينه للتسليم يكون البائع ملزما بأن يرسل البضاعة خلال مدة معقولة".
وفي تحديد المدة المعقولة تنص المادة (56) من القانون المذكور على أنه:
"عند الإحالة في هذا القانون إلى (مدة معقولة) فالمدة المعقولة مسألة وقائع".
سندا لهذه القاعدة القانونية أرى أن القاضي الجزئي كان مصيباً تماماً عندما قرر سماع بينة حول ما هي المدة المعقولة في ظروف هذه الدعوى. فقد أفاد أحد شهود المستأنف (البائع) في المحكمة أنه يرى أن التسليم بعد مضي خمسة أشهر لا يعد تسليما خلال "مدة معقولة".
وأما زعم المستأنفين أنه لم يكن في وسعهم تحديد موعد للتسليم بسبب ظروف الشحن الصعبة في تلك الأيام، فهذا ليس عذراً في رأيّ. إن التأخير لمدة خمسة أشهر هو تأخير غير معقول تحت كل الظروف. لذا أرى، إن وافق رئيس القضاء، شطب هذا الطلب إيجازيا لأنه لا أمل فيه.

القاضي محمد أحمد ابورنات/ رئيس القضاء:
11 اكتوبر 1958
يشطب الطلب إيجازياً.

الهوامش:
(1) نُشرت بمجلة الأحكام القضائية السودانية لسنة 1958 ص 69 وترجمناها من الإنجليزية إلى العربية.

abusara21@gmail.com
//////////////////

 

آراء