كيف يتعامل الإنقلابيون مع المطالب ؟؟

 


 

بشرى أحمد علي
6 September, 2022

 

التعامل مع الإحتجاجات المطلبية هو أحد فنون السياسة إذا في وضعنا في الإعتبار أنه لا توجد حكومة في العالم مهما إمتلكت من موارد بتغطية تكاليف كل المطالب التي يرفعها المواطنون ، فلا بد من حل وسط أو تسويات ، وهناك حلول مهدئة ، وهناك حلول يكون السلاح هو الحاسم ..
مثلاً بالنسبة لبنك السودان فقد نجحت سياسة الإحلال والإبدال في كبح أي إحتجاجات أو مطالب من قبل منسوبي بنك السودان ، فالرمي في الاطراف والحرمان من الترقية ثم التهميش كلها أصبحت أسلحة فعالة في وأد الإحتجاجات، فساد الصمت وعم الخوف ، وكشف التنقلات الأخير يهدف لإحكام السيطرة والهيمنة على البنك المركزي والذي أصبح الآن مثل حساب الصندوق في المحلات التجارية ، فهناك العديد من الاسرار التي لا يريد الإنقلابيون أن تخرج للعلن ..
شركة الموارد المعدنية ..
هذه الشركة هي نقطة ضعف الإنقلابيين لأنها تمثل المورد الأهم الذي يموّل حكومتهم ، ولا توجد إحتجاجات مطلبية داخل حيطان الشركة لأن التمكين والتخويف نجحا في وأد ذلك ، لكن الأزمة هي عندما يقوم المواطنون في الأطراف ومدن الأقاليم بحصار مقرات الشركة وهم يطالبون بفرص وظيفية أو تحسين الخدمات ..
أحد حلول الإنقلاب هو ندب مبارك أردول لعرض تسوية أو شراء الرؤوس التي تقوم بتنظيم الإحتجاج كما حدث في إعتصام العبيدية أو إعتصام شرق السودان ، ولا يميل الإنقلابيون إلى اللجوء إلى العنف خوفاً من ردة الفعل الإعلامية ومن تفاقم الأمور وخروجها عن السيطرة مثل التمرد أو إعلان الإنفصال من قبل المجموعات المحتجة ..
في شرق السودان إفتتح مبارك أردول مشروع محطة كهرباء كانت عبارة عن لوحة إعلانية كبيرة ظهر فيها وهو يلبس الزي الوطني لأهل الشرق ويشرب معهم الجبنة ويحمل السيف ، ولكن هذا المشروع على الواقع هو (صفر ) ولكن خمدت الإحتجاجات ، وهناك حديث عن تريلونات الجنيهات تم صرفها من أجل فض الإعتصام ، وقد نجح أردول في فك الحصار عن مقر شركة المعادن في شرق السودان عن طريق الرشاوي واطلاق الوعود الكاذبة ، لكن لا زالت الأزمة مثل اللغم الأرضي والذي يُمكن أن ينفجر في أي وقت حتى بعد مرور مئات السنين ، وبعد نفاذ أموال هذه الرشاوي سوف تعود حليمة لعادتها القديمة ، وربما تظهر مجموعة أخرى مناوئة تقوم برفع نفس هذه المطالب ..
وكذلك سلك الإنقلابيون نفس الطريق في فض إعتصام العبيدية ، فقد تم شراء الرؤوس الكبيرة وإطلاق الوعود البراقة مثل تحسين الخدمات وقبول ابنائهم في الجيش والإنتداب لحرب اليمن ، ولكن هذه السياسة هي سلاح ذو حدين ولها نتائج عكسية إن لم تتحقق الوعود ..
ولا يتعامل الإنقلابيون بجدية مع الإضرابات التي تضرب النشاطات الحيوية مثل قطاعات الصحة أو الكهرباء أو السدود ، والسبب لأن الضرر يقع على المواطنين مباشرة ولا يتحمل قادة الإنقلاب المسؤولية لأن هذه القطاعات هي مصدر تكلفة بالنسبة لهم ..
وتطورت الإحتجاجات ، وبعضها فيه رائحة من الإبتزاز مثل الدعوة لإنشاء نظارات أو حواكير مستقلة تعكس طموحات قادة الإدارة الأهلية ، والإستجابة لهذا النوع من المطالب هو الذي أشعل حريق النيل الأزرق ، وهناك أزمة حالياً في شرق دارفور وصراع محتمل بين دار حمر والمسيرية حول رسم الحدود ، وقد تم اللجوء لقطع الطريق وإغلاق المحليات كنوع من وسائل الضغط ، ثم نظارة المغاربة في منطقة شرق النيل والتي إحتوتها قوى الإنقلاب عن طريق الحل الأمني ..
فالإنقلابيون يتعرضون لحصار هائل وضغط شعبي في آن واحد ، وهم الآن عاجزين عن إطفاء كل الحرائق التي أشعلوها في كل أنحاء السودان .
وليست كل المطالب المرفوعة تمثل شعارات الثورة مع أنها تستخدم تكتيكات العمل الثوري . بعض هذه المطالب كما أسلفنا يميل إلى الإبتزاز ويستغل ورطة الإنقلابيين الحالية لتحقيق بعض المكاسب.

////////////////////////
///////////////////////////

 

آراء