لحل الأزمة المالية ..الغرب يدعو صراحة للتمسك بالقرآن … بقلم: محمّد خير عوض الله

 


 

 



هل الصيرفة الإسلامية هي الحل ؟
Mohkhair765@hotmail.com
قد تبدو واحدة من مفارقات الواقع المالي المتأزم عالمياً، أن يعلن فيه عن خسائر فادحة تعاني منها البنوك العالمية تصل 580 بليون دولار!! لتجد انتعاشاً وازدهاراً واضحاً في المصارف الإسلامية، ففي يونيو المقبل سيفتتح أكبر مصرف إسلامي برأس مال قدره 11 مليار دولار، مما يؤكد المفارقة الواضحة المشار إليها.. والمفارقة تؤكدها عدة شواهد، أهمها - غير لغة الأرقام - لغة التحول الأيدولوجي، فالغرب الذي لا يؤمن بالدين الإسلامي، أصبح أكثر إيماناً به في جانب المال والاقتصاد!! وهو ما تتناوله هذه المقالة بشيء من التوضيح.
يونيو المقبل أكبر مصرف إسلامي برأسمال 11 مليار دولار
في أقل من أسبوع، والعالم يعيش صدمة الأزمة المالية، أعلن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية أن البنك الإسلامي للتنمية ومستثمرين آخرين سيؤسسون أكبر بنك إسلامي في العالم بحلول يونيو المقبل وسيكون مقره مملكة البحرين برأسمال مدفوع 11 مليار دولار بهدف تنمية دول العالم الإسلامي. وقال رئيس اتحاد المصارف العربية والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عدنان يوسف إن البنك يهدف إلى تمويل المشروعات التنموية التي تخدم المجتمع وهو ما يميزه عن غيره من المصارف معتبراً أنها تجربة فريدة للبنوك الإسلامية. وتوقع يوسف أن تتراوح حصة البحرين في البنك بين 10 و15 فيما ستكون باقي الحصص للدول العربية والإسلامية المقرر تحديدها في الاجتماع التأسيسي للبنك. ولفت إلى أن الشركاء الأساسيين في المشروع هم دول منظمة المؤتمر الإسلامي إضافة إلى وجود حصص لصناديق استثمارية من دول الخليج والدول الإسلامية وأفراد. وأضاف أن هذا البنك يتميز عن غيره من المصارف بعدة أمور منها إصداره ثلاث فئات من الأسهم الأولى (أ) بقيمة ملياري دولار على أن تكون غير متداولة والثانية (ب) وتبلغ قيمتها 4 مليارات والثالثة (ج) بقيمة 5 مليارات دولار لافتاً إلى أن الفئتين الأخيرتين سيتم تداولها وفق نظام البنك الأساسي. وقال إن البنك سيحتضن العديد من البنوك الإسلامية التي سيقوم بتمويلها وإدارة المحافظ والسيولة التي اعتبرها من أكبر المشكلات لدى المصارف الإسلامية. ونوه إلى أن البنك لا يعطي قطاع العقار الأولوية كما هو الحال في كثير من المصارف معتبراً أن التوجه السابق إلى القطاعات سريعة الربحية من شأنه أن يتغير في ظل الأزمة المالية العالمية. وأكد أن الأزمة المالية التي أصابت الاقتصاد العالمي لن تكون معوقاً أمام هذا المشروع الضخم مبيناً أن الوقت الحالي هو الأنسب للمشروع وأن التخوف السائد لا يضر بمثل هذه المشروعات التي تقوم على الأخلاقيات والأسس والنظام المدروس إضافة إلى وجود العديد من القطاعات التي لم تتأثر بالأزمة كالاتصالات وقطاع الصحة.
580 بليون دولار خسائر البنوك العالمية و30 تريليون دولار خسائر رسملة الأسواق المالية
وفي الأسبوع الماضي وللتأكيد على المفارقة أيضاً، أكد البنك الأهلي التجاري في ندوة  بالرياض أن النظام المالي العالمي يتعرض لأزمة مالية بمقاييس استثنائية أدت الى انهيار قيم الأصول ودفعت العالم نحو حالة من الركود في النشاط الاقتصادي.
وأن أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة أدت الى تقويض الثقة في النظام المالي العالمي وامتدت لتطال النشاط الاقتصادي الحقيقي مما أسهم بركود اقتصادات الدول المتقدمة وتباطؤ في الأسواق الصاعدة, نتيجة انخفاض شديد في أسعار الأصول وتدمير كبير للثروات مما حد بتدخل حكومي غير مسبوق لمواجهة أزمة تراجع قيم الأصول.
وقدر البنك الأهلي خسائر البنوك حتى الآن جراء الأزمة المالية العالمية بنحو 580 بليون دولار، في حين أن إعادة الرسملة بلغت 430 بليون دولار،
وأن حجم الخسائر في رسملة السوق الى نحو 30 تريليون دولار حتى نهاية العام 2008 ليعكس حالة الذعر على مستوى العالم من كساد دولي وحجم الخسائر وتدني الرسملة في النظام البنكي.
الغرب يدعو لتطبيق الصيرفة الإسلاميّة والتمسك بالقرآن لحل الأزمة
كان مفكرو الرأسمالية، قبل هذه الأزمة، وكتاب الرأي في الغرب، ينظرون إلى مبادئ الاقتصاد الإسلامي على أنها مبادئ قديمة تعيق تقدم العالم مادياً، فهي تقتل رغبات الرفاهية، ولا تمتلك أدوات الصناعة المالية، لكن اليوم، بعد الأزمة، نجد إقرار كثير من المختصين، شرقيين وغربيين، بسلامة الأسس التي تقوم عليها مبادئ الاقتصاد الإسلامي، والصيرفة الإسلامية وقوة القوانين التي تحكمها. ثمّ ارتفعت أصواتهم عالية تنادي بالأخذ بها، كما تحمل العديد من افتتاحيات الصحف الأوربية، فقد كتب (بوفيس فانسون) في افتتاحية مجلة (تشالنجر): (أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلاً من الإنجيل لفهم ما يحدث لنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري، لأن النقود لا تلد النقود). ودعا مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضم النظام المصرفي الإسلامي للنظام المصرفي في فرنسا. وقالت لجنة الشؤون المالية بالمجلس إن النظام المصرفي الذي يعتمد على قواعد مستمدة من الشريعة الإسلامية مريح للجميع مسلمين وغير مسلمين. فهو يعيش ازدهاراً واضحاً وقابل للتطبيق في فرنسا. وأكد تقرير نشرته جريدة (برمنغهام بوست) تحول العديد من البريطانيين إلى التعامل مع المصارف الإسلامية. وكانت دراسة بريطانية قد أظهرت تزايد اهتمام المصارف البريطانية بالتمويل الإسلامي الذي ينمو بأكثر من 15% سنوياً في العالم، حيث تشهد بريطانيا نمواً في هذا التمويل يبلغ 25%، وتتنافس هذه المصارف لخدمة نحو مليوني مسلم في بريطانيا، بتطوير منتجات جديدة تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية. وأكدت دراسة قام بها بنك (لويدز تي إس بي) البريطاني أن ثلاثة أرباع المسلمين في بريطانيا يرغبون في التمويل الإسلامي, وتوقعت الدراسة أن يبلغ حجم التمويل الإسلامي نحو تريليون دولار بحلول 2010 مقارنة بـ500 مليار دولار حالياً. ويذكر أن مصرف (جيتهاوس) قد حصل على موافقة هيئة الخدمات المالية البريطانية لممارسة نشاطه كمصرف استثماري يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية ليصبح بذلك أحدث مصرف إسلامي مستقل ببريطانيا. وتقول مؤسسة سيلينت Celent، وهي مؤسسة للأبحاث والاستشارات المالية مقرها بوسطن، إنّ موجودات المصرفية الإسلامية في أنحاء العالم تقدر في حدود 600 مليار إلى 650 مليار دولار، وسجلت نسبة نمو سنوي مقدارها 10 إلى 15 في المائة خلال العقد السابق. وفي مؤتمر عقدته مجلة (يورومني) Euromoney في هونج كونج مؤخراً، قالت أليكسا لام، نائبة كبير الإداريين التنفيذيين لهيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة في هونج كونج، إن هذا النوع من النمو يعني أن الموجودات الإسلامية ستزيد على تريليون دولار بحلول عام 2010. وهو ما يؤكده بادلشاه عبد الغني، كبير الإداريين التنفيذيين لبنك CIMB Islamic، الذي يشكل الذراع الإسلامية لثاني أكبر بنك في ماليزيا.
وقد توقع تقرير صادر عن شركة (إيرنست آند يونج) بعنوان (الفرص المستقبلية لمصارف التجزئة المواكبة للشريعة في الخليج) أن تشهد أصول الصيرفة الإسلامية نمواً في العام 2010 بمعدل لا يقل عن 20 % سنوياً ليفوق حجمها حاجز الـ 1.5 تريليون دولار، مقارنة بـ900 مليار دولار خلال عام 2007. وأكد أن صناعة الخدمات المالية الإسلامية شهدت في العام الماضي نمواً كبيراً مما رفع من مستوى الوعي العالمي لها، حيث سارعت المؤسسات المالية إلى تقديم مدى واسع من الخدمات المصرفية. وأوضح التقرير أن ارتفاع عدد السكان ومستوى النشاط الاقتصادي في المنطقة ساهم في رفع السيولة لدى القطاع الخاص.
وقد أصبحت الصيرفة الإسلامية اليوم واحدة من مواعين الصناعة المالية تتبناها وتقدمها أبرز المؤسسات المالية الغربية من دويتشه بنك الى مجموعة اتش اس بي سي البريطانية ومجموعة ستي بنك الأمريكية وغيرها من المؤسسات المالية الغربية.
الآثار السلبية للأزمة المالية على الصيرفة الإسلامية
من المؤكد أن المصارف الإسلامية جزء من المنظومة المالية العالمية تؤثر وتتأثر بما يجري في العالم. وإن كان تأثرها لا ينتج من تعرضها للأزمة مباشرة. وتعتبر هذه التأثيرات محدودة للغاية بالنظر لما أصاب القطاع المالي التقليدي من أضرار بليغة ستؤدي إلى مراجعة المبادئ التي يقوم عليها الاقتصاد الرأسمالي.
ويمكن تلخيص الآثار السالبة للأزمة المالية على الصيرفة الإسلامية في الآتي:-
(1) انخفاض البورصات العالمية يؤثر على استثمارات المصارف كلها في هذه البورصات سواء كان استثماراً مباشراً أو عن طريق صناديقها الاستثمارية.
(2) هذه الأزمة قد تحد من قدرة هذه المصارف على منح الائتمان نتيجة أزمة الثقة التي يعاني منها القطاع المصرفي في العالم اليوم مما يضعف قدرتها على إدارة السيولة المتوفرة لديها.
(3) أجواء الأزمة تؤثر بلا شك في ثقة العملاء، وهذا بلا شك يؤثر في نمو أرباح هذه المصارف.
(4) لا شك أن الركود العالمي يؤثر سلباً حيث تعاني كثير من المصارف الإسلامية من تضخم في محافظها التمويلية الخاصة بالتمويل العقاري.
الآثار الإيجابية للأزمة المالية على الصيرفة الإسلامية
بالمقابل، فإنّ الآثار الايجابية للأزمة المالية على صناعة الصيرفة الإسلامية تتمثل في:
(1) الجاذبية الكبيرة التي اكتسبتها الصيرفة الإسلامية وهي تخرج متعافية من هذه الأزمة.
(2) منحت الأزمة المالية الصيرفة الإسلامية فرصة كبيرة لفتح أسواق جديدة لها وتوسيع قاعدة المتعاملين معها.
(3) منحت هذه الأزمة الصيرفة الإسلامية فرصة كبيرة لتقديم نموذج مصرفي معافى، وهي فرصة لتقديم تعاليم الإسلام في جانب من جوانب الحياة.
(4) من الإيجابيات الواضحة إقرار كثير من المختصين، شرقيين وغربيين، بسلامة الأسس التي تقوم عليها الصيرفة الإسلامية وقوة القوانين التي تحكمها.
(5) عجلت الأزمة المالية بفتح الكثير من الأسواق الأوربية التي كانت مغلقة أمام صناعة الصيرفة الإسلامية.
تحرير الخدمات المالية وأثره على الصيرفة الإسلامية
(1) مع تحرير تجارة الخدمات المالية تصبح أسواق الدول الإسلامية مفتوحة لجميع المؤسسات المالية العالمية لتقديم خدماتها وافتتاح فروعها، بعد أن كانت هذه الأسواق حكراً على المؤسسات المالية الوطنية أو الإقليمية.
(2) ومن إيجابيات ذلك، غير توفر المواعين المالية المتنوعة، إذكاء روح المنافسة، لأنّ هذه المؤسسات المالية العريقة ستقوم بنقل خبرتها الى هذه الدول الإسلامية، مما سيطور هذه الصناعة داخل الأقطار الإسلامية، لاجتذاب رؤس الأموال الراغبة في الاستثمار وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا سيجعل أدوات الاستثمار الإسلامي متطورة وتسعى بجد للتطور لاكتساب الميزة التنافسية. خصوصاًَ في الجانب الاستثماري، لأنها نشطت منذ نشأتها في ابتكار وتطوير أدوات التمويل، وكان الجانب الاستثماري أقل جوانب الصيرفة الإسلامية تطوراً ونمواً.
مشكلات وتحديات واجهت الصيرفة الإسلامية
(1) لم تجد الصيرفة الإسلامية الحديثة في بدايتها عام 1970 أي تجارب سابقة تبني عليها فقط وجدت كماً هائلاً من التراث الفقهي، فأخذت تجتهد في الوصول للأدوات المثلى في مجال التمويل والاستثمار.
(2) تعرضت بعض المصارف الإسلامية في بدايتها لبعض المشكلات المالية والهزات الإدارية ولكنها استطاعت تخطيها وذلك بفضل الله ثم بولاء عملائها الذين وقفوا إلى جانبها إيماناً منهم بصحة مبادئها.
(3) كانت أدوات الصيرفة الإسلامية في بدايتها بسيطة ابتعدت عن التعقيد والتركيب فخلت من الهندسة المالية فاستخدمت في جانب التمويل عقد المشاركة ثم أداة المرابحة للآمر بالشراء التي ظهرت في رسالة للدكتوراة عام 1976 وشكلت فيما بعد حوالي 90% من إجمالي التمويل في البنوك الإسلامية وذلك لسهولتها وقلة مخاطرها. أما في جانب الاستثمار فتم استخدام عقد المضاربة المطلقة والمقيدة للحسابات الاستثمارية.
(4) تعاظمت الحاجة لابتكار أدوات تمويل واستثمار تستجيب لحاجات العملاء، وتستجيب لدخول المصارف التقليدية مجال الصيرفة الإسلامية عبر النوافذ الإسلامية أو المنتجات الإسلامية.
(5) اشتداد المنافسة بين المصارف التقليدية والإسلامية، وهذا استدعى الحاجة إلى التميز والسبق للقدرة على الصمود في سوق سريع النمو.
(6) مقابلة التحدي في الإقبال الكبير على الصيرفة الإسلامية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) حيث عادت الأموال المهاجرة ودخلت معظمها في البنوك الإسلاميّة. وهذا أظهر قدرة الصيرفة الإسلامية على توليد الأدوات المواكبة، فظهرت أدوات التمويل المركبة مثل الاستصناع، والاستصناع الموازي، المشاركة التي تنتهي بالإجارة مع الوعد بالبيع، البيع مع استثناء المنفعة، السلم والسلم الموازي. وظهرت في مجال الاستثمار إلى جانب حسابات الاستثمار القائمة على المضاربة حسابات الاستثمار القائمة على المرابحة العكسية حيث يكون المصرف مشترياً والعميل بائعاً بالمرابحة فيكون مبلغ الاستثمار مع ربحه مضموناً على المصرف لأنه أصبح ديناً في ذمته، وظهرت الصكوك بأنواعها وصناديق التحوط والمشتقات الإسلامية.
ما يميز المصارف الإسلامية عن المصارف التقليدية
1- تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في كافة المعاملات المصرفية والاستثمارية.
2- تطبيق أسلوب المشاركة في الربح أو الخسارة في المعاملات.
3- الإلتزام بالصفات (التنموية, الاستثمارية، الإيجابية) في معاملاتها الاستثمارية والمصرفية.
4- تطبيق أسلوب الوساطة المالية القائم على المشاركة.
5- تطبيق القيم والأخلاق الإسلامية في العمل المصرفي.
6- كما تتميز المصارف الإسلامية بتقديم مجموعة من الأنشطة لا تقدمها المصارف التقليدية مثل نشاط القرض الحسن.
7- يلتزم المصرف الإسلامي بأداء الزكاة المفروضة على المال النام الذي حال عليه الحول, والمستحقة شرعاً على ملاك هذا المال (مساهمين أو مودعين) والذين يفوضون البنك أو يأذنون له بأداء ذلك نيابة عنهم, وتصرف الزكاة في مصارفها الشرعية, وكذلك الصدقات والتبرعات, وما قد يقرره ولي الأمر من إنفاق إضافي لصالح المجتمع المسلم.
ويمكن القول بأن الصيرفة الإسلامية تسجل بالفعل منذ سنوات معدلات نمو مرتفعة، في ضوء تنوع منتجاتها التي تلبي احتياجات العملاء، خصوصاً وأنها تمتلك عدداً كبيراً من المنتجات التي تستخدمها حسب ظروف الاقتصاد.
وثمة عامل آخر في الطلب المتنامي على البنوك الإسلامية، والذي يدفع حتى البنوك التقليدية لفتح فروع للمعاملات الإسلامية، يتمثل في أن البنوك الإسلامية نجحت في أن تعطي عوائد أكبر على عوائد العملاء مقارنة بما تعطيه البنوك التقليدية.
غايات الصيرفة الإسلامية
غاية الصيرفة الأساسية - بجانب إنزال تعاليم الإسلام وتطبيقها على أرض الواقع كجانب تعبدي - تقديم الخدمات المصرفية وممارسة أعمال التمويل والاستثمار القائمة على غير أساس الفائدة في جميع صورها وأشكالها، وتطوير وسائل اجتذاب الأموال والمدخرات وتوجيهها نحو المشاركة في الاستثمار المنتج بأساليب ووسائل مصرفية لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، والقيام خاصةً بالعمليات المصرفية التالية وذلك وفقاً للضوابط والحدود والشروط التي تضعها المؤسسات الرقابية.
قبول الودائع بأنواعها في حسابات ائتمان أو في حسابات استثمار مشترك أو حسابات استثمار مخصص ولآجال محددة أو غير محددة.
تقديم الخدمات المالية والمصرفية ومباشرة العمليات المصرفية المختلفة التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية سواء تمت هذه العمليات لحساب البنك أو لحساب الغير أو بالاشتراك معاً.
القيام بعمليات التمويل القائمة على غير أساس الفائدة لآجال مختلفة وفي المجالات الاقتصادية التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وذلك باستخدام صيغ العقود الشرعية كعقود المضاربة، وعقود المشاركة، والمشاركة المتناقصة وبيع المرابحة للأمر بالشراء وعقود الاستصناع وعقود بيع السلم وعقود الإجارة التشغيلية وعقود الإجارة التمليكية وغيرها من صيغ العقود التمويلية التي توافق عليها هيئة الرقابة الشرعية.
توظيف أموال العملاء الراغبين في حسابات استثمار مشترك مع موارد البنك وفق نظام المضاربة المشتركة أو توظيفها في حساب استثمار مخصص حسب اتفاق خاص مع العميل.
القيام بعمليات الاستثمار المباشر أو المالي لحسابها أو لحساب الغير، أو بالاشتراك معه بما في ذلك تملك القيم المنقولة وعقود المشاركة وتأسيس الشركات أو المساهمة في الشركات القائمة أو قيد التأسيس التي تزاول أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة.
تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة وبيعها واستثمارها وتأجيرها واستئجارها بما في ذلك استصلاح الأراضي المملوكة والمستأجرة وإعدادها للصناعة والسياحة والإسكان وكذلك تأسيس الشركات والمساهمة في مشروعات تحت التأسيس في مجالات تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية وذلك في معرض القيام بالعمليات المصرفية الإسلامية لصالح العملاء أو بالاشتراك معهم بما لا يتعارض مع الضوابط والحدود التي تصدر عن المؤسسات المنظمة.
أية أعمال مصرفية أخرى تقوم على غير أساس الفائدة توافق عليها أسس وقوانيين ولوائح العمل المصرفي.
كيف بدأت المصارف الإسلامية
بدأت المصارف الإسلامية في السودان ، ببنك فيصل الإسلامي ، وبجهد كبير بذله اقادة الحركة الإسلامية الحديثة ، وبشراكة سعودية ، وقد كان تسجيل البنك في أغسطس 1977م ، وبدأ البنك عمله فعليا في مايو 1978م ، ولكن بنظرة عامة بدأت نشأة المصارف بشكل عام في إيطاليا في مدينة البندقية في العام 1157م ثم توالى ظهور المصارف بعد ذلك، فظهر بنك امستردام عام 1609م وبنك إنجلترا عام 1694م وبنك فرنسا عام 1800م، وقد اشتقت كلمة بنك المستخدمة حالياً من كلمة بانكو الإيطالية والتي تعني المنضدة أو الطاولة، حيث كان الصيارفة في القرون الوسطى يجلسون في الموانئ والأمكنة العامة للمتاجرة بالنقود (الصرف) وأمامهم مكاتب خشبية يطلق اسم (بانكو) يضعون عليها النقود، ويمارسون عليها بيع وشراء العملات المختلفة.
لكن العالم عرف هذا النوع من التعامل بالائتمان منذ العصور القديمة ثم تطور تبعاً لاستعمال النقود وسيطاً للمبادلات، وذلك مع بدء الزراعة والصناعة والتجارة، حيث دلت الحفريات على أن السومرين في بلاد الرافدين قد عرفوا ألواناً من النشاط المصرفي كالتمويل شمل القطاع الزراعي. كذلك في منطقة بابل التي قامت فيها الحضارة على أنقاض الحضارة السومرية، ثم الإغريق كما تتلمذ الرومان على يد الإغريق وتعلموا العمل المصرفي وعن طريقهم نشر العمل المصرفي الإغريقي في معظم أرجاء العالم، نظراً لاتساع نفوذهم.
ظهرت أهمية إعادة النظر في الهياكل المالية والنقدية والأدوات التمويلية في الدول الإسلامية، فبدأ التفكير المنهجي في بعض دول العالم الإسلامي لإنشاء البنوك الإسلامية منذ الأربعينيات من القرن العشرين حيث أنشئت في ماليزيا صناديق الادخار من دون فائدة، وطبقت باكستان الفكرة في عام 1950 وذلك بإنشاء مؤسسة في الريف تقبل الودائع من الموسرين من دون عائد، ثم تعاود إقراضها إلى صغار المزارعين بلا فوائد، إلا أن التجربة المذكورة لم يكتب لها النجاح بسبب الافتقار إلى جهاز إداري ومالي كفء، وعدم إقبال المودعين على الإيداع لدى البنك، وعلى نفس النمط نشأت في الريف المصري - بنوك ادخار محلية- تعمل وفق مقتضيات الشريعة الإسلامية وبلا فوائد على الودائع لديها، ولم تستمر تلك التجربة أكثر من سنوات عدة، حيث تم إيقاف العمل في تلك البنوك بسبب عدم توافر الكوادر اللأزمة لأداء النشاط المصرفي الإسلامي.
ومن هنا جاءت نشأة المصارف الإسلامية تلبية لرغبة المجتمعات الإسلامية في إيجاد صيغة للتعامل المصرفي بعيداً عن شبهة الربا ودون استخدام سعر الفائدة.
ومن ثم تكررت المحاولة لإنشاء مصرف إسلامي عام 1963 حيث تم إنشاء ما يسمي ببنوك الإدخار المحلية والتي أقيمت بجمهورية مصر العربية والتي أسسها د. أحمد النجار - رئيس الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية الأسبق, وقد استمرت هذه التجربة حوالي ثلاث سنوات
ثم تم بعد ذلك إنشاء بنك ناصر الاجتماعي حيث يعد أول بنك ينص في قانون إنشائه على عدم التعامل بالفائدة المصرفية أخذاً أو إعطاء, وقد كانت طبيعة معاملات البنك النشاط الاجتماعي وليس المصرفي بالدرجة الأولى.
وقد جاء الاهتمام الحقيقي بإنشاء مصارف إسلامية تعمل طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ضمن توصيات مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية عام 1972، حيث ورد النص على ضرورة إنشاء بنك إسلامي دولي للدول الإسلامية.
وجاء نتاج ذلك إعداد إتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية والتي وقعت من وزراء مالية الدول الإسلامية عام 1974 وباشر البنك الإسلامي للتنمية نشاطه عام 1977 بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية, ويتميز هذا البنك بأنه بنك حكومات لا يتعامل مع الأفراد في النواحي المصرفية.
وجاء إنشاء أول مصرف إسلامي متكامل يتعامل طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية عام 1975 وهو بنك دبي الإسلامي، حيث يقدم البنك جميع الخدمات المصرفية والاستثمارية للأفراد طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
ثم توالى بعد ذلك إنشاء المصارف الإسلامية لتصل إلى 267 مصرفاً منتشرة في 48 دولة على مستوى العالم, بحجم أعمال يزيد عن 250 مليار دولار طبقاً لإحصائية المجلس العام للبنوك الإسلامية في سبتمبر 2003، هذا بخلاف فروع المعاملات الإسلامية للبنوك التقليدية على مستوى العالم.
* الأمين العام لرابطة الإعلاميين السودانيين بالمملكة العربية السعودية ـ الرياض

 

آراء