ما بين تقييم واقع الاقتتال ومحاكمة العقلية السودانية

 


 

 

بغض النظر عن حقيقة الادعاء بأن من هو سبب ما نحن فيه من محنة طالت الجميع ومعاناة لا قبل لنا بها فقد بينت الأحداث كتير من الكذب والتهويل , أن الأمر في جوهره تلفيق على الشعب من كلاهما، بما أن الطرح الإعلامي كان ملفقا وتلفيق لمصلحة خدمة الاجندة التي يعتقد الكل أنها الحقيقة ولكنها ليست أكثر من دعاية سياسية ساقط لا تخدم الامة السودانية بأي حال وهي استقطع من جزء هام من قيم وطنية من أجل الإيهام بأنها ليست دعوة للحرب, بل أصحاح لأوضاع ضبابية لا اريد العودة لمربع التبرير أو الحديث عن ماضي ليس غابر بل مضى والان نحن في واقع الحرب
نسمع في الخطاب المضاد للجيش أن القتال الآن من أجل إسقاط النخب التي تسيدت الحياة السياسية منذ الاستقلال إلى اليوم , وهي من اختطف القرار السياسي لشعوب السودان وجعل التهميش واقع على الجميع ماعدا أبناء الوسط والشمال بل يسعون بفصل السودان لما يسمى بمثلث حمدي البغيض, أن فعله الاسلاميين خلال حكمهم في الأعوام الثلاثين كان مخزي ولا يشرف الساسة الذين ينتمون للحركة الاسلامية السودانية التي انشقت وتمزقت إلى ثلاثة طوائف معروفة وهي الشعبي والإصلاح بالاضافة الاخوان غير المناصرين للمؤتمر الوطني وهؤلاء يشق عليهم الان بسبب خط قيادات المؤتمر الوطني في هذه الحرب والفتنة الان وكذلك ماهو في ذاكرة الامة السودانية من جرائم ضد الشعب والمعارضين
أنا لا أري غير هذه الممارسات التي تحاول ولادة وابتكار مصطلح جديد "المسلمون الديمقراطيون" أو "المسلم الديمقراطي"، مقابل مصطلح "الإسلام السياسي" الذي يقتضي أن هناك إسلاما غير سياسي، بينما يقتضي مصطلح "المسلمون الديمقراطيون" تمييزا داخل المسلمين في فضاء الإسلام في مقاربتهم لإدارة الشأن العام بين من يتبنى فكرة الديمقراطية ومن ينكرها، وبين من يمكن وصفه بالديمقراطي ومن يمكن وصفه بالمسلم المستبد وذلك بناءا على فعله وممارسته لا بناءا على عقيدته وأفكاره. ويقتضي هذا كسر الحاجز المصطنع الذي بني على رؤية ترى تناظرا بين الإسلام والمسيحية وبالتالي في الفصل بين الفضاء الاعتقادي والتعبدي، ولا أقول الديني، وبين الفضاء العلماني الدنيوي ومن هنا اعتبار أن الفضاء التعبدي الاعتقادي لا يتدخل في الفضاء العام وإدارة شؤونه التي تحاول
وتعتبر ما يحدث الان هو الجنون بعينه وغياب العقلية الواعية في الممارسة السياسية التي تتخيل البلاد ومن المؤلم أن تكون أحد مكوناتها هي الاسلام السياسي والدعوة لحرب أهلية وأن هذا يمثل إجراما، مؤكدا أن الذين احتفوا بانقلاب البرهان لا يمكن أن يكونوا ديمقراطيين، بل هم استئصاليون وإرهابيون ودعاة حرب, فماذا يعني أن تقول أن هذا الطرف غير موجود في حين أنه موجود ومشارك في هذا الاقتتال بالرغم من التعمية والتدليس الذي هو سائد في الخطاب الإعلامي
نحترم بقين راسخ ثقافة الكل بكل عناصرها المعرفية الدينية و العرقية لذلك، لا تجد في الحرب الدائرة بالعاصمة الآن ليس فيها انتفاء للعقلية العشائرية أو القبلية بل قل الجهوية و لن تولد من خلالها العقلية المدنية التي تنتج عنها قيم الدولة المدني في حالة واحدة ربما تُنتفى العقلية الرعوية و التي حكمت بالحديد و النار و القبضة الحديدية لثلاثة عقود أو قل أكثر منذ الاستقلال
ليس بينهم شخص محايد، يؤمن بنسبية الأشياء، ينشد بطبيعة الحال معرفة الحقيقة ويقر بها ؛ لا نجد من يستند إلى الموضوعية حين الحكم على الأشياء، إنها ليست قراءة عقلية معرفية، بل هي الانطباع والحديث العاطفي عن الكرامة و عزة النفس.
اعلم قلائل بيننا يبنوا رؤيتهم للاحداث على منهجية التفكير والعقل ، لا أحد يميل إلى التحليل والمراجعة بل كل المنطلقات من البعد الذاتي والخلفية الفكرية من اكون انا وما وضع قبيلتي واهلي من الصراع ، بمعنى أنهم عندما يكونا امام الحقيقة تحدث صمة الغفلة وأنكسار العاطفة الاجواف والبكاء علي ما كان بتربير غير عقلاني إن كنا نكره بقوة الحجة وهذا لا يلغي وجود عقلية متكلسة لا تعي غير ذاتيها المريضة، فالحقيقة هي ما نرفضه في العقل الباطن والواعي؛ ولذلك الرفض والقبول بحقيقة الأشياء يكشف عن أننا نعاني من علل كثار في جوف العقل السوداني ، فهل هي من شوائب موروثة ولها بعد وراثي فينا ؟ على الأرجح، والحقيقة تقول أننا أبعد ما نكون عن واقعنا المعاش الآن وفي هذه الخطة تحديدا من الحق والحقيقة و التأويل السليم لما يجري , ومن سخف ممارستنا اننا طلاب مناصب دون طرح معقول عنصريين عندما تهزمنا القبيلة نذهب إلى الطائفية والاتكاء علي الصوفية ذات الموائد التي تجمع الفقراء حولها لابد من أسلوب رخيص لكي نحقق ما نصبو اليه بكل وضاعة الأراذل من يجروء ان يقولها لهم ولكن الان انكشف المستور أضحوا جميعا عراة من فكر وسند لا أحد يحب الاقتتال ولكنها تجربة علينا أن نتعلم منها ونؤسس لدور وطني لكل فعل سياسي ,أعلنت أننا أحقر من خشاش الارض تجمعنا المصالح و تفرقنا الاجندة ونخدم الباطل ولا نعمر ولانبي غير جيوبنا ونعزز ثروات الطغاة , جاء الوقت الذي علينا أن نحاسب ساستنا وكل قبائل المثقفين والمتعلمين أين أنتم من قضايا الوطن لا يمكن للعقلية السائد بيننا الان من الانطلاق للإبداع والابتكار إلا بنقد ذاتها والاعتراف بأنها متخلفة بدون مكابرة، ونحن في هذه اللحظة نكون او لا نكون دعكم من الصلف والتكابر وعلينا البدء في إصلاح الخلل مرتهنين للحوار وقبول التعددية والاختلاف قد لا تسقط فئة لانها الباغية ولا تنتصر مجموعة لانها القوية ولكن علينا الانتصار علي الذاتية والمفاهيم الضيقة من أجل وطن يسع الجميع وحتي لا نساق لما لا نرضي للوطن وقد لا تعلمون أن أصحاب المشروع الكبير في السودان الوطن يعملون ليل نهار لكي يصبح بر السودان ثلاثة دويلات ونحكم بواسطة حلفاءهم الافارقة تحت مظلة الامم المتحدة علينا نعي خطورة تجربة الاقتتال والحرب أنها درس قاسي وقد يفضي لفناء الكل ولا عزاء للمنتحريين ساداتي .

zuhairosman9@gmail.com

 

آراء