ما بين رئيسة وزراء فنلندا وحكام السودان !!

 


 

 

بينما انا أقراء في خبر صحفي نشر بتاريخ أمس 20/08/2022م حول الجدل المثار عن "رقيص" رئيسة الوزراء الفنلندية "سانا مارين" في الاسبوع الماضي في مناسبة خاصة، اذ بكمبيوتري المجهز بقناة "يوتوب" في المدائح النبوية يطلق مدحة "الرسول الصافي" وهي من قصائد الشيخ ود احمد، ورغم ان ضربات الطار المصاحبة لها غير ظاهرة، ولكن اللحن وصوت المنشد والكورال المصاحب له يسحبك نحو عوالم علوية قبل أن تجد الفرصة للاستماع الجيد لتأمل كلمات المدحة لقبولها او انكارها!!! ثم تلتها مدحة "لالوبة" للمنشد اسماعيل محمد علي ، وقبل ان انهي قرأة الخبر الصحفي جاءت مدحة " يا نسيم ودي التحية" بصوت اولاد الغماراب وهذه ما بين صوت المنشد الشجي والضربات الخفيفة على الطار وصفقة الكورال والكلمات الصوفية يمكنها ان تجعلك تقفل باب الغرفة وتبدأ في "التمايل" طربا وانت في حالة اقرب الى اللاوعي وقد ترقص "وتكشف" عديل كدا!!!
ظهر في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فديو تظهر فيه رئيسة الوزراء وهي تغني وترقص مع مجموعة من اصدقائها في حفل خاص، انتقد البعض "رقص" رئيسة الوزراء وانه غير ملائم لمن هو في منصبها حيث يجب ان تتحلى بالرصانة، ووصل الامر للبعض للمطالبة بإستقالتها لانها شكلت خطراً على أمن البلاد وعدم قدرتها على اتخاذ القرارات في حالة حدوث أزمة مفاجئة!!!
دافعت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين وهي ايضا رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) البالغة من العمر 30 عاما عن نفسها في تاريخ 19/08/2022م بان لها الحق في شغل اوقات فراغها كما تشاء، وقالت: "لدي حياة أسرية ، وسيرة مهنية ، ولدي وقت فراغ أقضيه مع أصدقائي. تمامًا مثل العديد من الأشخاص في مثل سني".. ولكنها اعترفت بأنها تناولت الكحول ونفت انها استهلكت مواد مخدرة وأكدت انها لم تستهلك مخدرات أبداً في حياتها ووافقت على الخضوع لاختبار مكافحة المخدرات ، بناء على طلب بعض المسؤولين المنتخبين.
"رقيص" رئيسة الوزراء الفنلندية أعاد لذاكرتي مقطع الفيديو الذي يرقص فيه المخلوع البشير مع بنات زوجته وداد في حفل في مناسبة خاصة، ثم اعاد الى ذاكرتي ان البشير كان يقضي وقته في الرقص بإبتسامة بلهاء بينما الحروب الجهادية تدور في جنوب السودان وتتسبب في مقتل ونزوح قرابة 2 مليون من السودانيين، واستمر يرقص خلال عشرات السنوات والطائرات العسكرية تقصف جبال النوبة والمليشيات الحكومية تقتل عشرات الالاف في دارفور، حتى أنه لقب بالرئيس الراقص دون ان يطالبه احد يوما ما بالاستقالة أو أجراء فحص استهلاك مواد مخدرة، بل انتشرت كثير من الشائعات بأن النائب الاول للبشير أي بكري حسن صالح كان من مستهلكي المخدرات!!! وقديما قال الشاعر "اذا كان رب البيت للدفء ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص والطرب"، وهو أمر يؤكده العثور على عشرات الحاويات المليئة بالمخدرات دون القبض على مستورديها، وصولا لما أكده مسؤول احد الحركات المسلحة في الايام الماضية بأنهم يستوردون المخدرات لاستخدامها في تدريب جنودهم!!!
كذلك نشرت بعض وسائل التواصل الاجتماعي صورة لحاكم دارفور مني اركو مناوي البالغ من العمر حوالي 54 عاما وهو يطفيء الشموع و"أشيع" بأن المناسبة هي الاحتفال بعيد ميلاده في حين البلاد !!! هل لمناوي ان يحتفل وغالبية الشعب السوداني دخلت تحت خط الفقر!!! وهل للجيش السوداني ان يحتفل بعيده بميزانية بلغت 896 مليار جنيه لليوم الواحد!!! وهاهي الامطار والسيول تجرف وتغرق عدد كبير من قرى السودان، فماذا فعل هذا الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وكل جيوش الحركات المسلحة، هل شمروا عن أكمامهم وخاضوا في الطين والوحل لإغاثة هؤلاء المنكوبين السودانيين، وبعدها باشروا بناء كل تلك القرى من جديد. ام ان الجيش وقوات الدعم السريع كل تلك الحركات المسلحة لا يصلحون الا لقتل المواطنين السودانيين بالرصاص الحي او دهسا بالمدرعات المسلحة.
قبل ان نشجب وندين بدورنا رقص رئيسة الوزراء الفنلندية دعوني الخص بتصرف بعض ما وجدته من معلومات عن فنلندا( هي واحدة من الدول الاسكندنافية في شمال أوربا، استقلت عن روسيا في 6/12/ 1917م، مساحتها 338,440 كم²،-حوالي ثلثين مساحة دارفور- ، رغم صغر مساحتها يوجد (يوجد في فنلندا آلاف البحيرات والجزر) تغطي الغابات 86 ٪ من مساحة البلاد، ...هي أكبر منتج للخشب في أوروبا ومن بين الأكبر في العالم. وهي واحدة من البلدان القليلة في العالم التي لا تزال مساحتها تتسع. نظراً للتراجع الجليدي فإن مساحة البلاد تزداد بحوالي 7 كم2 سنوياً، درجة الحرارة ما بين الصيف والشتاء تبلغ من 30 درجة الى 20 درجة تحت الصفر، يدوم الشتاء حوالي 7 اشهر وقد يغطي الثلج الارض لمدة 6 اشهر...، عدد سكانها حوالي 5.5 مليون نسمة -اقل من سكان ام درمان- ،متوسط دخل الفرد 34.615 دولار، وهي جمهورية برلمانية ذات ديمقراطية تمثيلية بنظام برلماني نصف رئاسي، حالياً أقرب للجمهورية الرئاسة غير التنفيذية ذات المهام التشريفية فقط... )
بعد ايراد كل تلك المعلومات، يبقى السؤال قائما هل يحق لرئيسة هذه الجنة الارضية الفنلندية ذات الثلاثين عاما ان ترقص وتبتهج في وقت فراغها!!!! كذلك يبرز سؤال جانبي هل هناك علاقة بين صغر سن هذه الوزيرة وكون فنلندا ( دولة رفاه اجتماعي .... حيث تحتل المرتبة الرابعة في العالم في رفاه الطفل....كما تتزعم فنلندا قائمة أفضل بلد في العالم من حيث الصحة والدينامية الاقتصادية والتعليم والبيئة السياسية ونوعية الحياة. ..و تعدّ ثاني أكثر البدان استقراراً في العالم..).
سبب السؤال أعلاه، هو أننا اعتدنا في السودان على أن معظم السياسيين والعسكر الحاكمين تجاوزت اعمارهم الخمسين وأحيانا الستين والسبعين سنة، ومازالوا "يكنكشون" في الكرسي مثل البرهان وابراهيم جابر وياسر العطا ود. جبريل ابراهيم، واخرين يلهثون خلف السلطة مثل مبارك الفاضل وأحمد بلال عثمان والتوم هجو وغيرهم. اما الشباب في عمر الثلاثين مثل رئيسة الوزراء الفنلندية فإن لم يكونوا من أعوان الحاكم المستبد ومناصيره او الساكتين على ظلمه ، فهم عرضة للقتل والسجن أو هم عطالي لا يجدون عمل مناسب او بصدد الهجرة شرعية او غير شرعية.
دعوني اقترح كحل لمشكل السودان أن يتم الابعاد فورا لكل من هو فوق سن الخمسين وفي منصب سيادي الى المعاش، كما تجدني أشير الى ان مشكلة فنلندا الوحيدة التي تستحق الاهتمام من رئيسة الوزراء سانا مارين قبل ان تذهب للرقص هي مشكلة ضعف المواليد (...من المتوقع أن تعاني فنلندا من أزمة سكانية ... حيث يبلغ متوسط حجم الأسر 2.1 شخص ، و تتكون 40 ٪ من الأسر من شخص واحد و 32 ٪ من شخصين و 28 ٪ من ثلاثة أشخاص أو أكثر)، وذلك من خلال وضع سياسات اقتصادية واجتماعية تتيح مضاعفة عدد المواليد.
ايضا، بما أن نسبة الهجرة بفنلندا ضعيفة، و أن نسبة المواطنين الأجانب هي ( 2.5 ٪ وهي من بين أدنى المعدلات في الاتحاد الأوروبي ...و معظم المهاجرين من روسيا وإستونيا والسويد). ولربما ضعف نسبة المهاجرين يرجع لانه ( لا يمنح أبناء المهاجرين الجنسية الفنلندية تلقائياً) ، لذلك فأني اقترح فتح باب الهجرة المقننة لفنلندا ولا سيما للسودانيين ، وإن لم تفعل فسنطالب بإستقالة الوزيرة سانا مارين إن عادت للرقص مرة ثانية!!!
أنشد دكتور محمد حسن
"السيل يشيل.خلي اليشيل
***
المطرة خير
لكن فعالك والمعاك
ما فعايل ناس بتحمل للصعاب
السيل بفوت
وانت يا السويت خراب
حتما تموت
فطيسة تأباها الكلاب".
wadrawda@hotmail.fr

 

آراء