ما (فِضِل) لمركزية قحت سوى التنازل، صراحةً، عن الثورة بقضِّها وقضِيضِها!

 


 

 

* إن قحت، منْهَكَةٌ جداً، سياسياً، لذلك تهرول إلى التسوية هرولةَ المذعور، وفي ظنها أن الشارع العام منْهكٌ مثلها، وفي يقينها أنها لا تحتاج سوى لإقامة بعض المؤتمرات الصحفية ونشر بعض الرسائل المتخمة باليأس من الأزمات المتلاحقة، لإقناع الشارع بالتسوية، أياً تكُن التسوية، غير أنها لم تستطع إقناع ما يكفي من الأفراد والكيانات لركوب قطار التسوية الخالي من الركاب..

* لقد فشلت قحت في إقناع حتى أقرب الأقربين للجنرالات، وفي مقدمتهم الحزب الاتحادي الديمقراطي، فصيل جعفر الميرغني، وحركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح مناوي، والحركة الشعبية جناح مالك عقار.. فالحسابات داخل التسوية مختلفة عن حسابات ما قبل الانقلاب..

* ليس أقرب الأقربين للجنرالات الانقلابيين وحدهم الرافضين للتسوية، فهناك قوى الثورة التي لاتزال (حية!) وهناك أولياء الدم وهناك لا منتمون گُثر يرفضونها، ويتمسكون بوجوب تحقيق أهداف الثورة المجيدة، العدالة الانتقالية على رأس الأهداف؛ بل وهناك لجان المقاومة (الحية) التي تطالب، ليس بالعدالة الإنتقالية، فحسب، إنما بالعدالة (الثورية)، وترفض ما تسعى إليه قحت لمنح القتَلة حصانات مدسوسة بين الكلمات دسَّ السُّم في العسل..

* يضاف إلى فشل قحت الماحق للتسوية هنا، فشل فولكر في الحصول على ما كان يرتجيه من شمولية التسوية، عندما غادر الخرطوم ألى جوبا لإستكناه "مدى إستعداد الحركة الشعبية للتواصل مع الحكومة المدنية، المرتقبة، علاوة على محاولته جر الحركة للدخول في عملية التسوية التي قال بصددها، أثناء تواجده في جوبا:- "لا نريد أن نصل إلى إتفاق نوقِّع عليه لينتكس..."..

* إلا أن كل المؤشرات تقول أن الاتفاق على التسوية في طريقه لتوقيع (من حَضَر) من (التسوويين)، ومن ثم الإنتكاس الشامل!

* لم يُحظَ فولكر بمراده بعد لقائه الحركة الشعبية، جناح الحلو، في جوبا، وكان قد صرح، قبل اللقاء، بأن ما يهم الآلية الثلاثية هو "مخاطبة جذور المشكلة وتحقيق السلام الشامل، وليس تقسيم السلطة بين النخب السياسية..."

* والحركة الشعبية (جناح الحلو) تشاطر فولكر رأيه في مخاطبة تلك الجذور، وفي تحقيق السلام الشامل (بالواضح) لا ب"الموقف الضبابي للقوى السياسية حيال العديد من القضايا الجوهرية لمشكلة الصراع الدائر فى السودان"، أو كما صرح عبدالعزيز الحلو..

* والضبابية هي صفة ملازمة لممارسات قحت مذ بدأت تفاوضها مع الجنرالات، تفاوضاً يكتنفه (الغتغيت) و(الدسديس) المثير للشكوك.. وتتجسّد الضبابية، أشد ما تتجسّد، عندما تتناول موضوع العدالة، والعدالة الإنتقالية بالذات..

* ولا تدري قحت أن بمقدور كل مراقب حصيف رؤية تنازلاتها الضبابية بالعين المجردة، تنازلات وراء تنازلات، لشروط الجنرالات مقابل تسويةٍ لاٍ قيمة لها في حساب الثورة، ولا تقف على رجليها المرتعشة أمام دم الشهداء وإصابات المصابين..

* تنازلات تلد تنازلات.. وما فِضِل لقحت إلا أن تتنازل عن ثورة ديسمبر المجيدة بقضِّها وقضِيضِها..

* مسكينة هي قحت في هرولتها لإعادة التاريخ إلى عهد الشراكة مع جنرالات اللجنة الأمنية، ومسكينة هي في بعثها برسائل تبَشِّر الشارع فيها بقدرتها على قلع الحكومة المدنية من بين فك الذئاب الدموية الكاسرة.. ومسكينة هي في تهربها، لِواذاً، من العدالة الانتقالية بالالتفاف حول عدم مساءلة الجنرالات عن جرائمهم الغليظة..

* ونقرأ حيثيات منح الحصانات للجنرالات بين سطور بند الحصانات الإجرائية الذي تنص مسودته:- " على عدم جواز اتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة شاغلي المواقع القيادية العليا بالأجهزة النظامية عند صدور الدستور (التسوَوِي) بحكم مناصبهم الدستورية أو العسكرية، بشأن أي مخالفات قانونية تم ارتكابها قبل توقيع الدستور الانتقالي لسنة 2022...."

* وليس لأي مراقب حصيف أن يكون من القانونيين كي يدرك أن الحصانة قد تم منحها للجنرالات عن كل ما ارتكبوه من جرائم.. وأن مرؤوسيهم قد مُنحوا حصانات ب(اللفة) أيضاً، فالمسودة الإجرائية التي تقرأ:- " تمكين الأجهزة العدلية من الوصول إلى منسوبي الأجهزة العسكرية والأمنية الذين ارتكبوا جرائم مباشرة.. "، ما هي إلا للتمويه، حيث أن الجنرالات هم من يصدرون تعليمات القتل والإغتصابات والإختطافات لمرؤوسيهم، أي أن الجنرالات شركاء شراكة غير مباشرة في الجرائم المباشرة، لكن حصاناتهم تمنح مرؤوسيهم حصانات بالتبعية..!

* لن يوقِّع الجنرالات على الاتفاق الإطاري ما لم يتحصلوا على تأكيدات بالحصانة، من قحت ومن المجتمع الإقليمي والدولي عبر ممثليهما في الآليتين الثلاثية والرباعية..

* وسوف يوقِّع الچنرالات على الإتفاق الإتفاق الإطاري بإطمئنان، يوم الإثنين، بأقلام مِدادها دماء الشهداء!
_____________________________
حاشية.... حاشية.... حاشية.... حاشية..

- كانت زيارة الآلية الثلاثية إلى جوبا تستهدف جذب حركة تحرير السودان، جناح عبدالواحد، والحركة الشعبية، جناح الحلو، للتسوية الجارية في الخرطوم..
- تعمدتُ عدم إيراد رؤية حركة تحرير السودان، جناح عبدالواحد، في متن المقال، وذلك كي أوردها في الحاشية، لأنها أم مشاكل دارفور التي تتعامى عنها الحركات الدارفورية المهزومة جنجويدياً..
- وتقول الحركة أنها لن تدخل أي اتفاقية لا تخاطب:- "السلام العادل والشامل والمستدام الذى يخاطب جذور الأزمة التاريخية، ويقود إلى التغيير الجذري الشامل، الذي يبدأ بتوفير الأمن ووقف قتل المدنيين العزل، ويعمل على طرد (المستوطنين الجدد) من الحواكير التي استولوا عليها بقوة السلاح، وإعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية، وتعويضهم فردياً وجماعياً.... "!

- هل في ذلك قَسَمٌ لِذِي حِجْرِ (الفجر 5)

oh464701@gmail.com

 

آراء