ما لدرجة التكريم

 


 

كمال الهدي
11 October, 2022

 

تأمُلات
. نشرت بوستين قصيرين في الفيس بوك لم تُفهم فكرتي في الأول كما أردت لها واختلف معي البعض في الثاني والإختلاف في الآراء أمر طبيعي، لكن لزم توضيح وجهة نظري كاملة وبعد ذلك فلنتفق أو نختلف.

. تناولت في البوست المذكور فكرة تكريم إداري هلالي لمشجعة تنزانية آزرت الهلال هناك ليس حباً في الأزرق في الغالب وإنما كراهية في غريم ناديها " الشباب".

. رفضت الفكرة ودعوت الناس لتحسس وطنيتهم لكي يكتشفوا أن ما فعلته المشجعة ما كان يستحق التكريم من جانب الإداري الهلالي.

. وكل مافي الأمر أن تفكيري في الواقعة فرض علين طرح بعض الأسئلة التي تبحث عن إجابات.

. أول هذه الأسئلة هو: ما هو هدف الإداري من تكريم المشجعة التنزانية؟ هل فعل ذلك من أجل الترويج للهلال وبغرض أن يذيع صيت نادينا بأفريقيا، أم أنه أراد أن يحيط نفسه بهالة إعلامية ويصبح حديث الناس؟

. لو قلنا أنه أراد ان يذيع صيت الهلال ففي ذلك اعتراف بأن الهلال ليس زعيماً ولا كبيراً في قارتنا السمراء ويحتاج لبعض الضجيج والصخب الإعلامي حتى يعرفه الأفارقة الآخرون، وهذا ينافي الحقيقة من واقع مشاركات الهلال المتعددة ووصوله لمراحل متقدمة في البطولات الأفريقية بالرغم من عدم تتويجه بالألقاب.

. أما إذا أراد الإداري أن يحيط نفسه بهالة إعلامية ( هذا ما أرجحه) فهذا أمر آخر، وأفترض ذلك من واقع ضعف طرائق تفكير إداريينا الحاليين ورغبتهم الدائمة في الترويج لأنفسهم واستثمار الإسمين الكبيرين للغريمين التقليديين.

. لكن من حقنا كإعلاميين أن ننبه لما قد يفوت على المشجع العادي الذي تثلج صدره أي تصرفات أو كلام يمس النادي الغريم سواءً بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

. ولا أدري ماذا دهانا في هذا الزمان لنصل لمثل هذه الدرجة من التعصب.

. الإداري الهلالي الذي يكرم مشجعة وقفت مع الهلال ضد نادي من بلدها يبدو لي كمن يقول لجماهير الغريمين في السودان، بل ولإدارييهما " ليقف كل منكم ضد الآخر ولا يتمنى له الخير حتى لو تمثل هذا الخير في بطولة خارجية" ستحسب - لو تحققت- للسودان في نهاية الأمر وسترفع من قدرنا كروياً بعد أن وصلنا الحضيض.

. والبلد أصلاً ما ناقصة تعصب وانقسامات عشان كمان نخلق من الرياضة ساحة للمعارك ونشر الكراهية كما فعل بكم إعلاميين لا ضمائر لهم كان - ولا يزال- كل همهم أن يكتنزوا الأموال ويعززوا شهرتهم وسطكم حتى ولو أدى ذلك لأن تقتلوا بعضكم البعض من أجل لعبة.

. هذا وهم كبير ومسئوليتنا تفرض علينا أن نقف ضد هذا التوجه لا أن نساير بعض المتعصبين من أجل مكاسب آنية زائلة.

. وملعون أبو الشعبية والشهرة التي تتحقق على تجهيل الآخرين واستغلال عاطفة الناس تجاه أنديتهم.

. ولا تقولوا لي أن الكورة أصلاً كده وأن جماهير الأندية الغريمة في كل بلد تتصرف على هذا النحو.

. فما وصلناه من كراهية في هذا السودان لم يبلغه شعب قبلنا.

. كما أن وضعنا خاص جداً وهذا الكلام ظللت أقوله منذ سنوات طويلة حتى قبل أن نصل مرحلة أن نكون أو لا نكون كأمة وكوطن واحد.

. حتى لو تناكف غيرنا في بلدان أخرى فدرجة الأمية والجهل عندهم أقل منا بمستويات كبيرة، لهذا ظللت أدعو الزملاء دوماً للتعقل في تناول الشأن الرياضي، لكن لا حياة لمن تنادي لأن بعضهم وجدوا في التعصب وسيلة لتحقيق الثراء السريع.

. لهذا وصلنا لمستويات غير مسبوقة في الكراهية مع أن لاعبي الناديين ومنذ زمن بعيد ربطتهما علائق وشيجة ولم ينقلوا الصراع بينهم لخارج أرض الملعب في يوم.

. لكن عشنا وشفنا زمن الإداري الذي يتحدث عن غريم ناديه كما تحدث الجاكومي مؤخراً وشهدنا مثل تصرف تكريم المشجعة التنزانية من الإداري الهلالي.

. الكرة ليست ساحة معارك يا قوم والتنافس فيها داخل الملعب فقط.

. لكننا للأسف صرنا نكره الغريم أكثر مما نحب نادينا وهذه معضلة حقيقية تستوجب العلاج.

. ما شاهد أحدنا مباراة للنادي الغريم إلا ووجد ألف مبرر للتشكيك في فوزه، أو في أفضل الأحوال وصف المنافس ب (الحمام الميت).

. ركلات الترجيح لا تبدو جزءاً من اللعبة في حالة الهلال والمريخ.

. فإن مُنح أحدهما ركلة جزاء لابد أن يكون الحكم قد قبض من هذا الإداري أو ذاك.

. وإن لم تُحتسب مخالفة على أحدهما فالرشوة أيضاً حاضرة في أذهان جماهير الغريم، وكأننا لا نشاهد أخطاء تحكيمية أو سوء تقدير في مباريات غيرنا.

. تحمسنا ورغبتنا في أن (يطير) الغريم تنقص علينا فرحتنا بفوز نادينا لو تقدم غريمه معه في المنافسة.

. دي والله ما الكورة البنعرفها.

. ولو سألتم أي لاعب سابق حتى في هلال مريخ حا يقول ليكم ده شغل إعلاميين أرادوا مصلحتهم لا أكثر.

. فالرياضة تسامح ومحبة وتعزيز للعلاقات الإجتماعية.

. نعم نتناكف ونحب أنديتنا ونغيظ بعضنا عند الفوز، لكن ليس لدرجة الكراهية.

. وليسأل كل منا نفسه ماذا لو اختفى الغريم من الوجود تماماً.

. يعني هب أنك كهلالي استيقظت صباحاً ووجدت أن المريخ أو الهلال( اتشلع) كما يكتب ويتمنى بعض المتعصبين، فهل ستحس بحلاوة هلالك أو مريخك وقتها! ومع من ستتنافس حتى يقوى فريقك اكثر!

. لكل وجهة نظره وطريقة تفكيره، لكنني غير مقتنع إطلاقاً بفكرة تكريم المشجعة التنزانية لمثل هذا السبب، وأرى الواقعة ضمن سياق التحفيز على كراهية الآخر.

. أما البوست الأَول فقد أشدت فيه بدور ياسر مزمل والغربال في هدف التعادل ولم يكن القصد مسح مجهود اللاعبين الآخرين بجرة قلم كما فُهم من البوست المُختصر لكنني أردت فقط التذكير بتلك الحملات الجائرة ضد بعض لاعبينا الوطنيين عندما تعاقد المجلس مع العديد من المحترفين الأجانب.

. كما أردت تنبيه الناس لأرقام ياسر مزمل الذي يظل أقل لاعبي الهلال مشاركة وأكثرهم تأثيراً في المباريات، وبالطبع لا يعني ذلك أنه لاعب استثنائي أو أنه بلا نقاط ضعف.

. لكن الموضوعية تقتضي أن نحتكم للأرقام ونحسب لكل لاعب عدد دقائق مشاركاته ونقارنها بما يقدمه.

. ونفس الحال ينطبق على الشعلة الذي أتفق مع الكثيرين حول كسله، لكنه يظل لاعب صندوق مهمته أن يستغل الفرص التي تلوح أمام المرمي.

. وظني أنه ناجح جداً في هذا الأمر، وإن أشركه المدربون في مكان لايلائمه فتلك مشكلتهم لا مشكلته.

. أعود لموضوع التعصب لأعبر عن استغرابي من الشتائم التي طالت الإعلامي شمس الدين بعد تسجيله الأخير عن مباراة الهلال.

. فالموضوعية تفرض علينا أيضاً أن نشيد بتسجيله الأخير وإن اختلفنا معه في الكثير من المواقف.

. وأقولها بالفم المليان بالرغم من انتقادي كثيراً لشمس الدين منذ أيام استضافته لأستديو المباريات بقناة الملاعب.

. الآراء لا تؤسس انطلاقاً من حبنا أو عدم قبولنا لفلان أو علان، بل على موقفه المحدد.

. والرجل تكلم عن مباراة الهلال وأداء الأزرق بشكل طيب وهنا لا نملك إلا أن نشكره على حياده وموضوعيته في هذا الموقف، ونتمنى أن نشهد المزيد من مثل هذه المواقف الحيادية والطرح الموضوعي بعيداً عن الحب والكراهية فلهذه المشاعر مواقعها المختلفة.

kamalalhidai@hotmail.com
/////////////////////////

 

آراء