محجوب الشريف العفيف النظيف

 


 

 



أشكر كل من واساني وعزاني وفي مقدمتهم كريمتي مهيرة وشقيقي الأكبر محجوب ، ولجميعهم قلت"  الموت حق والحياة باطلة !" ولكن الشاعر الحقيقي لا يموت ،  أرجو أن تعذروني ألا أكتب عنه الآن ولكن لاحقا سأفعل ، و لأول مرة في تاريخ حياتي مع الكتابة ومع الحزن ومع الدموع والبكاء تغلبني الكتابة ، حاولت جاهدا السيطرة على مشاعري بعد غياب محجوب الشريف العفيف النظيف  ففشلت ، ليس هذا فقط بل فشلت حتى أن أفعل شيئا ، ويبدو أني لو كتبت فسيكون شيئا مصطنعا لا قيمة له ، لذا فمن الأفضل أن لا أكتب ، ماذا أكتب ؟ وكيف أكتب ؟ وهل يمكن للكتابة أن تداوي الجرح النازف في كل
مسامي ؟ بدا لي بعد غياب المحبوب الشريف النظيف العفيف كل شيء خواء وكلام فارغ وهتش ، ومع ذلك إكتفيت بقراءة ما يكتبه الأصدقاء الموجوعون حقيقة برحيله المؤلم ، قرأت وقرأت وقرأت ولكن كل ذلك لم ينفعني ، لأن الحزن والألم والبكاء وكل الكلمات التي يمكن أن تقال لا تعني شيء ، رحل عني أعز الناس ولكن رحيل  " أبو مي ومريم " شيء مختلف ، هاتفته قبل رحيله بيوم واحد وقال لي : أريد أن أسألك سؤالا واحدا : هل تذكر يوم فرحي من أميرة ؟
قلت له نعم أذكره وكان بدار المعلمين
وهل تذكر أنك كنت مقدم الحفلة ؟ قلت له نعم وكانت الحفلة بمحمد الأمين وأذكر عندما قدمته  بدأ بأغنية " حروف إسمك " ولكن قبل أن يبدأ الغناء قلت :
-حروف إسمك أ م ي ر ة جمال الفال
وهجعة م ح ج و ب بعد ترحال
-قال لي ما شاء الله ذاكرتك لسه قويه !!
-قلت له وأذكر أيضا أن " شيلتك " كانت مصحف
-وما هو لونه ؟
-قلت له : كان أحمر
-قال لي :ما شاء الله لسه ذاكرتك قوية
-قلت له : شوف يا اخوي لا إنت ولا أميرة ولا كمال الجزولي بتتنسو
بالأمس داهمتني قصيدته الأخيرة التي يقول فيها :
ﻣِﻦْ ﻭﺟْﺪﺍﻧﻲ
ﺻَﺤة ﻭ ﻋَﺎﻓﻴﺔ
ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ
ﺍﻟﻘَﺎﺻِﻲ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺍﻟﺪﺍﻧﻲ
ﺷُﻜﺮﺍً ﻟﻸ‌ﺭﺽ ﺍﻟﺠﺎﺑﺘﻨﻲ
ﻭﺍﻟﺪﺭﺏ ﺍﻟﻠﻴﻜﻢ ﻭﺩّاَﻧﻲ
ﻳﺎ ﻃﺎﺭﻑ ﻭﺗﺎﻟﺪ
ﻳﺎ ﻭﺍﻟﺪ
ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪ ﺷﺮَّﻓﻨﻲ
ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻧﺴﻠﻚ ﻋﺪَّﺍﻧﻲ
ﺇﻧﺖَ ﺍﻷ‌ﻭﻝ ﻭﻣﺎ ﺑﺘﺤﻮَّﻝ
ﻭﺗَﺐ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﻛﻼ‌ﻡ ﺑﺘﺄﻭَّﻝ
ﺃﻧﺖ ﺍﻷ‌ﻭﻝ
ﻭﻛﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺑﻌﺪﻙ ﺗﺎﻧﻲ
ﻳﺎ ﻣﺘﻌﺪِّﺩ ﻭﻣﺎ ﻣﺘﺸﺪِّﺩ
ﻣﺎ ﻣﺘﺮﺩِّﺩ … ﻣﺎ ﻣﺘﺮﺩِّﺩ
ﻣﻠﺊ ﺟﻔﻮﻧﻲ ﺑَﻨﻮﻡ ﻣُﺘﺄﻛِّﺪ
ﺑﻞ ﻣﺘﺠﺪِّﺩ .. ﺗﻨﻬﺾ ﺗﺎﻧﻲ
ﻭﻟﻤﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ .. ﺑَﻌﺎﻧﻲ ﻭﺍﻋﺎﻧﻲ
ﻭﻗﻠﺒﻲ ﻭﻋَﺎﻧﻲ ﺃﺣﺒﻚ ﺃﻛﺘﺮ
ﻭﻣﺎ ﻛﻔرت ََّ .. ﻭﻻ‌ ﻧﻔرت ََّ
ﻭﻟﻢ ﺗﺴﺘﻌﺼﻰ ﻋﻠﻴﻚَ ﻣَﻌَﺎﻧﻲ
ﻋﻠﻤﺘﻮﻧﺎ ﻧﺴِـﺪ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ
ﻭﺇﺗﻘﺎﺳﻤﻨﺎ ﺭﺣﻴﻖ ﺍﻟﻄَـﺮَﻗَـﺔ
ﻭﻛﻢ ﺷﻠﻨﺎﻫﻮ ﺛﺒﺎﺗﻚ ﺩَﺭَﻗﺔ
ﺑﻜﻞ ﺍﻟﺒَـﻲْ ﻭﻋَـﻠَـﻰْ ﻭﺣﻴﺎﺗﻚ
ﺃﺗﺤﺪَّﺍﻩ ﻛﻤﺎ ﺃﺗﺤﺪَّﺍﻧﻲ.
قريبا جدا سأزورك في أحمد شرفي حيث مقابر جميع أفراد أسرتي  وأضع  على
" قبرك  كسرة وملاح شرموط "
badreldinali@hotmail.com

 

آراء