مدلهمات العام السودانى القادم 2011 م، …. بقلم: د. أحمد سبيل

 


 

د. أحمد سبيل
28 September, 2010

 


ليس استشرافا ذكيا أن نقرر ان العام القادم السودانى هو نهاية دولة السودان بشكلها الذى حددته الخديوية فى عام 1921 م وتظل الاشكال الجديدة الناتجة عن تشرذم السودان القديم رهينة بتطور اشكال الصراع والمدافعة بين المركز والهامش ويشمل الهامش فى هذه مناطق واسعة من السودان القديم تتسع لتشمل حتى الهامش الآجتماعى والحضرى فى ولاية الخرطوم . و لا أتصور ان من وراء ذلك تدبير حاذق ولكنها قدرة القادر الجبار التى جمعت تدابير المتدابرين فى تكامل غريب لتفضى الى هذه النهايات ، لترى أصحاب التدابير فى شلل وذهول مابين اهداف صغيرة تحققت وفداحة التكلفة عند النظر الى المالآت الكلية للأشياء  ..... نحرناك أم انتحرنا ؟
نبدأ بتدابير المتدابرين فيما تبقى من السودان بعد انفصال الجنوب وهى تتمحور فى ثلاثة محاور هى الوضع الاقتصادى والمالى ، والمشاورة الشعبية واستفتاء أبيى فى المناطق الثلاث ، وسلآم دارفور . تتفاعل العوامل وتتلاقح وتكون أبشع صورها فى المراكز الحضرية خاصة ولاية الخرطوم والتى ترتفع فيها مساهمة ساكنيها من دارفور وشمال كردفان والمناطق الثلاث  الى أكثر من نصف السكان وأذا أضفت اليهم مواطنى دولة الجنوب الذين لم توفق أوضاعهم بعد فستكون  النسبة خطيرة ، يساهم الوضع المالى والاقتصادى سلبا اذ أن الشرائح المنتمية لهذه المجموعات السكانية ستكون الأكثر تعرضا للضغوطات المالية والأقتصادية وستكون مناطق سكنها فى الهامش الحضرى واعمالها فى شق الاقتصاد غير المنتظم والمهن الهامشية أكثر عرضة للتوترات والاحتقانات فى ظل قدرة حكومية وأمنية أقل بسبب شح الموارد المالية .
فى المحور الأول الوضع الأقتصادى والمالى معلوم تدنى الاحتياطات النقدية للبنك المركزى الى ربع ماكانت عليه فى العام 2006 بحيث صارت رقما لايصلح احتياطيا لشركة تأمين متواضعة فى دولة من دول العالم الثالث ، ستنخفض ايرادات الصادرات بأكثر من ثلاثة أرباعها فى حين يصعب تخفيض  تكلفة الواردات بأكثر من الربع فهناك سلع أساسية مثل الدقيق يستحيل التصرف فيها ، سيكون هناك جمود و انحسار فى التدفقات المالية الاستثمارية من الخارج يساهم فى زيادة التعقيدات ، سيتأثر قطاع الخدمات فى الخرطوم تأثرا بالغا لأنه سيفقد شريحة مهمة من المستهلكين وهى الأجانب من غير اللاجئين .
فى المحور الثانى تتم المشاورة الشعبية فى ولاية النيل الازرق والتى حظيت فيها الحركة الشعبية بحوالى خمسى مقاعد المجلس التشريعى وصار للحركة الشعبية وزن دستورى معقول بعد حصولها على مقعد الوالى ، بعد الانفصال ستكون الحركة الشعبية شريكا محليا للمؤتمر الوطنى لايمكن تجاوزه  وستحظى النيل الازرق باستقرار نسبى نتيجة لذلك ، ولكن  أفق المشاورة الشعبية فى النيل الأزرق أفق محدود بالقياس الى جنوب كردفان / جبال النوبة  وهناك مخاطر جمة أذا تمت نمذجة النيل الازرق فى جنوب كردفان فأختلافهما فى بعض القضايا الرئيسة واختلاف حجم القضايا المتشابهة فيهما رغم تطابق أو تشابه الاجراءات الفنية فى الحالين يمكن ان يحول النمذجة الى كارثة ، استفتاء أبيى هو الأخر سيفرز العديد من السلبيات فى حال انفصال الجنوب وستفقد المنطقة صفتها الاساسية التى وصفها بها البرتكول باعتبارها جسرا بين الشمال والجنوب وبذلك هى مرشحة لتكون مسرحا للنزاع الحدودى سواء اختارت الانضمام للشمال أم الجنوب وستظل آ خر منطقة على الحدود مع  الطرف الآخر فى الحالين . المشاورة الشعبية فى جنوب كردفان خرجت عن مواقيتها الاختيارية  واذا صرنا الى انفصال ستخرج عن مواقيتها الضرورية وربما تبطل اذا لم تؤدى قضاء" بنوايا حسنة فى الفترة من يناير الى يوليو من العام القادم ، اذا سبق الانفصال انتخابات جنوب كردفان فتلك كارثة  فالحركة الشعبية  ستتحول من شريك دستورى الى تيار سياسى أو قوة سياسية وعسكرية كبيرة بلآ التزامات محددة فى جنوب كردفان ويبدو واضحا ان توقعات الحركة فى الجبال بشأن الاستفتاء تشير الى انفصال وبالتالى تطور استراتيجيتها وفق معطيات مابعد الانفصال دون التورط فى قوالب والتزامات دستورية تنشأ من انتخابات ما قبل استفتاء الجنوب كما حدث فى النيل الازرق ، وسيكون من الخطورة بمكان اذا سمحت معطيات مابعد الانفصال بحدوث استقطاب حاد لاجندة سياسية لاعلاقة لها باتفاق السلام بسبب غياب الهيئات المنتخبة وانقضاء أجل اتفاق السلام .
فى المحور الثالث سلام دارفور لايتوقع الوصول لتسوية نهائية أو اتفاق سلام شامل وبذلك يكون أقصى مايمكن تحقيقه هو اتفاق أو اتفاقات مع بعض الحركات  ولن تستمر تلك الاتفاقات مادام مسرح الصراع مفتوحا ، لقد أثبتت تجربتى الخرطوم للسلام وابوجا ان مثل هذه الاتفاقات لن تصمد طويلا حتى ولو خاطبت كل القضايا موضوع النزاع .س لتربيبات مختلفة اختلاف الاطراف المشاركة فى منبر الدوحة تتباطأ وتائر حراكها ، تركز استراتيجية الولايات المتحدة على رعاية وحماية الدولة الوليدة بما يشمل العمل الاستباقى والامن الوقائى ضد المهددات الماثلة والمخاطر المحتملة ، أما فى الشمال فستعمل الولايات المتحدة على تعويض المفقود من نسبة حضورها  بدعم زيادة نفوذ المنظمات الدولية بما يشمل المحكمة الجنائية  وستدعم دور الاتحاد الافريقى وليبيا  وبقدر أقل منبر الدوحة فى قطر  - لأنها لاتتوقع تسوية نهائية عبره فى العام 2011 - . يصاب مشروع سلام الداخل بالوهن الوخيم بسبب التمويل وعدم وجود شركاء للحكومة فيه      .
سودان العام القادم يواجه  تحديات ضخمة بقدرات متواضعة واقصى ما تستطيعه هذه القدرات هو اطالة أمد الصراعات وتكون النهايات فى العام أو الاعوام التى تلى 2011 وهى اما مزيد من التقسيم والتشرذم او تغييرات جوهرية تبعد قوى المركز بكافة مسمياتها من مفاصل الدولة  .
 
ahamed ali [sabeel5588@yahoo.com]

 

آراء