مريم الصادق بين منزلتين

 


 

 

قالت مريم الصادق المهدي القيادية في حزب الأمة القومي و الحرية و التغيير المركزي في اللقاء الذي أجرته معها قناة ( السودان) قالت في ختام اللقاء أن " السايقة واصلة و المطرودة ملحوقه" مثل عبر بشكل عميق عن مضمون الحوار. لكن يصبح السؤال هل الذي طرحته مريم الصادق يعد منهجا جديدا في التعاطي مع الأزمة لإحداث أختراق في جدارها أم هي رؤية خاصة بمريم الصادق؟
قالت مريم الصادق أن الإتفاق الإطاري هو إنتاج سوداني خالص دون تدخل من المجتمع الدولي، و دور المجتمع الدولي مساعد لدعم مسار الديمقراطية في السودان. لا أحد يغالط في ذلك. إلا هناك حقيقة يجب أن تقال حفاظا لحقيقة التاريخ.. أي مجتمع عندما يواجه أزمة تعتقد نخبة المجتمع أنها أزمة مستعصية على الحل، سوف تتقبل النخبة أفكارا تأتي من الخارج تساعدها على الحل. الفرق بين الفكرة التي تنتج من النخبة الوطنية و ألأخرى التي تأتي من الخارج: أن الأولى سوف تطرح بصورة قوية على الملأ و على وضح النهار، لآن الفكرة تكون عند النخبة متكاملة و مفصلة و قادرة على فتح حوار حولها حتى مع خصومها غير الديمقراطيين، و تطرحها النخبة بالوضوح لكي تستقطب حولها قاعدة عريضة من المجتمع. أما الفكرة التي تأتي من الخارج تحتاج في بدايتها أن تكون وراء جدار، و الهدف أن تقتنع بها النخبة السياسية، و الفكرة لا تتكامل إلا بوجود الطرف الأخر في الأزمة. و معلوم أن الأجواء التي كانت قد صاحبت الانقلاب خلقت كثيف من الضباب الذي حجب الرؤى، لذلك شلت قدرة النخبة أن تكسر تابو الاءات. الأمر جعل الفكرة تأتي من مساعدة وزير الخارجية الأمريكي مولي في بعقد لقاء بين الحرية المركزي و العسكر في السفارة السعودية. و هي ليست سبة.. بل الهدف من توضيحها مهم الإشارة إليه في إدارة الأزمات... هي الخبرة في التعاطي مع القضايا المعقدة المرتبطة بالديمقراطية، المسألة الثانية أن الثقافة الديمقراطية تحتم على صاحبها أن يفتح حوارا مع خصمه لمعرفة كيف يفكر، و ما هو تصوره للحل، و ما هي التنازلات التي بمكن أن يقدمها لحل الأزمة. القضية الأخرى أن أي أزمة في مسار العمل السياسي المتعلق بالديمقراطية يتم بتسوية سياسية. و الجلوس و الحوار مع العسكر كان لابد منه. و هي التي جاءت بفكرة تقديم رؤية للحل ( الإتفاق الإطاري) لأنها تشكل الأرضية للحوار الوطني.
بعد أن فتح نفاجا للحل تعقدت المشكلة مرة أخرى، عندما أصرت قيادة الحرية المركزي أن تغلق الباب مرة أخرى من خلال ( المراحل الثلاث) و هي لا تتوافق مع الفكرة الأولى لمساعدة وزير الخارجية الأمريكي (مولي في) ذات التجربة الديمقراطية و العمق الثقافي الديمقراطي، أن التحول الديمقراطي يؤسس على الحوارات المفتوحة. لكن مشكلة الحرية المركزي تأثرت ببعض قيادتها ذات الثقافة الريديكالية غير المؤسسة على الثقافة الديمقراطية، أن تغلق الباب و فضلت هي التي تختار العناصر بالصورة التي تتوافق مع رؤيتها الضيقة. الأمر الذي أدى لتدخل مباشر من الرباعية و الاتحاد الأوروبي و الثلاثية بفتح أبواب الحوار لكل راغب للمشاركة في حوار الورش من كل التيارات الفكرية و السياسية. لكي تعيد الفكرة لمسارها الطبيعي الديمقراطي. فالفكرة مؤسسة على شروط الديمقراطية و ليست على فكرة ريديكالية تقود لمسار أخر. و هنا يأتي الخلاف مع مع قيادة الحرية المركزي أن الديمقراطية لا تؤسس على الجذرية و لا على الثورية تؤسس على الحوار الذي يؤسس على التسوية السياسية، لأنه يتطلب التوافق الوطني العريض للقوى المؤمنة بالديمقراطية، و هذا لا يحرم الحرية المركزي من أنها صاحبت الفضل في الأزمة السياسية و تعبيد طريق الديمقراطية.
أن حديث مريم الصادق لقناة ( السودان) يعد منهجا جديدا في المسار السياسي، يفتح أبواب الحوار بهدف تجميع أكبر قاعدة أجتماعية تساند عملية التحول الديمقراطي، عندما تقول مريم الصادق يجب على الجميع أن يقدموا تنازلات من أجل مصلحة الوطن و المواطن، و التنازلات لا تقدم عبر الحرب الكلامية و الإعلامية، و لكنها تتم عبر الحوار لأنه الأرضية الخصبة لنمو الثقة بين الفرقاء، و الوصول لتوافق وطني. أن حديثها يذكر بتمسك الإمام بمفردات الديمقراطية، باعتبارها رؤية تجسد مسيرة حزب الأمة التاريخية. لكن هل هذا المنهج يمثل مريم لوحدها أم هو خط جديد للقيادات التي تقمصت الثقافة الريديكالية المغايرة لتاريخية الحزب.
و في البيان الذي قدمته مساعدة وزير الخارجية الأمريكي أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي في فبراير 2022م قالت في بيانها " أعرب أصحاب المدنيون و العسكريون في خلال الزيارتين اللتين قمت بهما إلي السودان عن رغبة قوية في إيجاد مخرج من المشكلة التي أفسدت البلاد منذ الاستيلاء العسكري على السلطة في 25 أكتوبر. لقد تعهدوا بتقديم دعمهم للعملية السياسية التي تيسرها البعثة، و لكن ينبغي الوفاء بهذه التعهدات عن طريق العمل و لا سيما من جانب الدوائر الأمنية" و أضافت قائلة " مع تقدم الحوار الذي تيسره بعثة الأمم المتحدة ستقدم دعما ملموسا لتمكين الشعب السوداني و منظمات المجتمع المدني من توجيه عزمهم على إعادة تشكيل مسار جديد بقيادة مدنية للديمقراطية يتضمن إصلاحات سياسية و اقتصادية ضرورية لتحقيق أهداف الثورة المتمثلة بالحرية و السلام و العدل" و هي موقف المجتمع الدولى مع عملية التحول الديمقراطي. ثم تأكيد المبعوثين الدوليين للسودان أنهم يؤيدون (الاتفاق الإطاري) لكن مع توسيع قاعدة المشاركة للقوى غير الموقع عليه بهدف خلق التوافق الوطني المؤيد لعملية التحول الديمقراطي.
لذلك متوقعا أن يحدث تعديل في منهج قوى الحرية المركزي، لكي يتلاءم مع شعارات الديمقراطية المرفوعة، و أن العملية السياسية و خاصة الساعية لعملية التحول الديمقراطي تحتاج للشفافية و الوضوح الكامل و الاجتهادات الفكرية المطلوبة، و ليس خلط المصطلحات، هناك البعض الذين يحاولون تغبيش الوعي السياسي من خلال خلق وعي زائف وسط الجماهير. و نسأل الله حسن البصير’

zainsalih@hotmail.com

 

آراء